حصلت «المصرى اليوم» على كواليس 9 ساعات من الاجتماعات التى قضاها المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، ووزير داخليته اللواء محمد إبراهيم، واللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، مع قبائل بنى هلال والدبوادية ومشايخ وقوى شعبية فى أسوان؛ لاحتواء أزمة السيل الريفى، حيث انتهت الاجتماعات إلى 3 قرارات مهمة، هى: تشكيل لجنة مصالحة لعقد جلسة صلح فى أسرع وقت، وتشكيل لجنة لحصر التلفيات والمضارين وتعويضهم وتقديم كل المتهمين والمتورطين فى الأحداث إلى المحاكمة العاجلة، وتشكيل لجنة لتقصى الحقائق حول الأحداث التى أسفرت عن مقتل 24 مواطنًا وإصابة 32 آخرين. وقطع شباب بنى هلال الطريق فى وجه موكب رئيس الوزراء، ومنعوه هو ووزراؤه من تفقد مكان الاشتباكات فى ناحية خور عواضة، وهو ما دفع قوات التأمين إلى تغيير خط السير والعودة إلى الاستراحة، ومنها إلى المطار. وقالت مصادر مطلعة إن رئيس الوزراء طلب من وزير الداخلية سرعة احتواء الموقف، فكان رد الأخير أن الأجهزة الأمنية موجودة، ولكن المعدات والمدرعات غير كافية للفصل بين الطرفين، وهو ما يستلزم تحرك الجيش والدفع بمعدات ومدرعات أخرى. وأضافت المصادر ل«المصرى اليوم» أن محلب تحدث إلى الفريق أول صدقى صبحى، القائد العام للقوات المسلحة، بمجرد اطلاعه على التقرير الأمنى المبدئى حول الاشتباكات، مطالبا بتوفير مروحية عسكرية صغيرة الحجم، تنطلق من مطار ألماظة إلى أسوان لاحتواء الأزمة قبل اشتعالها، وبالفعل وصل الوفد الوزارى إلى أسوان، وبمجرد وصوله، توجه محلب وإبراهيم ولبيب إلى مبنى ديوان عام المحافظة، وحرص إبراهيم على لقاء اللواء حسن السوهاجى، مدير الأمن، ليتلقى منه آخر التقارير الأمنية حول الحادث، وكذلك تقرير مدير الأمن العام حول تحركات القوات وجهود البحث الجنائى فى احتواء الأزمة، ومناقشة 3 متهمين تم ضبطهم فى الأحداث. وتابعت المصادر أن محلب عقد 3 اجتماعات مغلقة مع ممثلين من العائلتين وممثلى القوى الشعبية، لبحث وقف إطلاق النار بين العائلتين، وفرض هدنة بين الطرفين، وانتهى إلى الاتفاق على بعض الشروط التى لم يتم الإفصاح عنها لوقف أعمال العنف، بجانب بعض البنود التى تم الإعلان عنها، منها تشكيل لجنة تقصى حقائق عاجلة من رئاسة الوزراء للوقوف على أسباب الفتنة التى اندلعت بين الطرفين، بالإضافة إلى حصر التلفيات من الجانبين لمحاسبة الجناة والمتسببين فى إشعال هذه الفتنة. وأكدت المصادر أن الاجتماعات المغلقة لرئيس الوزراء ووزيرى الداخلية والتنمية المحلية مع قيادات القبيلتين، بجانب عواقل القبائل العربية، واللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان، كانت بهدف وقف الاشتباكات، وأن رئيس الوزراء تحدث فيها عن ضرورة تحقيق القصاص وضبط المتهمين والمحرضين وتقديمهم إلى المحاكمة العاجلة. وأضافت أن الوفد الوزارى استمع إلى مطالب النوبيين بفرض حظر تجوال بمنطقة «السيل الريفى»، شرق مدينة أسوان التى وقعت فى نطاقها الأحداث، والتصدى لبؤر المخدرات وجمع السلاح من الأهالى، وتأمين عمليات دفن الجثث، وإمداد الأهالى المحاصرين داخل مساكنهم بالمواد الغذائية والخبز، نظراً لصعوبة الانتقال. وأوضحت المصادر أن ممثلى قبائل النوبة أكدوا أنهم لم يعتدوا على الدماء، وأنه لو كان هناك تدخل أمنى فى الوقت المطلوب، لما وصل أعداد القتلى لهذا العدد الكبير، وقال إن هناك احتجازا لأفراد لدى كل عائلة من العائلة الأخرى، وكان هناك تفاوض بين العائلتين، وأنهم طلبوا أن يكثف الأمن وجوده حتى لا يتفاقم الوضع، وأن الخلاف بدأ يوم الأربعاء وتم التصالح، وأن العبارات السياسية التى كتبت على الحوائط هى التى زادت الأمور حدة. وأشارت المصادر إلى أن الشيخ محمد عبدالعزيز، وكيل وزارة الأوقاف بأسوان، أكد أن الشخص الذى كتب العبارات المسيئة لقبيلتى «الهلايل» و«الدابودية» مدرس ينتمى لجماعة الإخوان «الإرهابية»، ويجرى البحث عنه من جانب القيادات الأمنية، مشددا على أن ما حدث يعد فتنة متعمدة من الجماعة، متابعاً أن هدف الإخوان بشكل عام نشر العداوة والبغضاء بين الشعب المصرى بأكمله، وأعرب وكيل وزارة الأوقاف عن تمنيه أن تمر الأوضاع بأسوان بخير وسلام على أيدى الوزراء والمسؤولين، إضافة إلى رجال الشرطة والقوات المسلحة. واستطردت المصادر أن ممثلى قبائل بنى هلال أكدوا أن هناك تقصيرًا أمنيًّا واضحًا، وطالبوا بتدخل سريع للأمن، وحملوه المسؤولية الأولى بعد سحب القوات منتصف الليل من منطقة الأحداث، وهو ما أدى لاشتعال الموقف ووقوع عدد كبير من الضحايا فى الاشتباكات، وطالبوا بضرورة وجود دوريات مشتركة بين قوات الجيش والشرطة للفصل بين القبيلتين. دفعت الأجهزة الأمنية بقوات من الأمن المركزى ووحدات فض الشغب من قوات الأمن المركزى بالأقصر، لكون جميع القوات بأسوان مكلفة بأعمال تأمين المنشآت والمناطق الحيوية، كما حددت التحريات التى قام بها جهاز الأمن الوطنى بالتنسيق مع مباحث أسوان هوية المتهمين فى مجزرة أسوان التى راح ضحيتها 24 قتيلا و32 مصابا، إثر اندلاع اشتباكات بين عائلتين. وبدأت الأجهزة الأمنية فى تنفيذ خطط أمنية مشتركة مع القوات المسلحة ستبدأ عقب الانتهاء من تشييع الجثامين، فيما أشارت التحريات إلى تورط جماعة الإخوان الإرهابية، ولاسيما أن مدرسا إخوانيا كان العنوان الرئيسى فى المذبحة، بعدما أكد الأهالى أنه وراء الأزمة بكتاباته المسيئة للعائلتين بنفس الخط، وهو ما يؤكد أن هناك احتمالا أن يكون ذلك مقصودا بسحب أعمال العنف من القاهرة إلى الجنوب. من جانبه، قرر محافظ أسوان تعليق الدراسة لمدة يومين ب25 مدرسة ومعهدا أزهريا تقع فى محيط الأحداث بين القبيلتين، ومنها 9 مدارس ابتدائية و11 مدرسة إعدادية و3 مدارس ثانوى وفنى، بالإضافة إلى معهدين أزهريين، مشيراً إلى أن ذلك يأتى كإجراء احترازى للحفاظ على سلامة الطلاب والعاملين بهذه المدارس والمعاهد، ومنع حدوث أى مناوشات أو احتكاكات بين الطرفين.