أسعار الدواجن بكفر الشيخ اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    N Developments تطلق عروضًا حصرية على مشروع Nest خلال سيتي سكيب مصر 2025    القوات الروسية تسيطر على بلدة بيرييزدنويه فى دونيتسك شرق أوكرانيا    استعراض خطير فى زفاف ينتهى بضبط تروسيكل ومتهمين بالشرقية    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    التأمين الصحى بالغربية: إجراء 988 عملية زراعة قوقعة ناجحة بمستشفى مبرة طنطا    فان دايك: كأس كاراباو لها مكانة مميزة فى قلبى    مشاهدة مباراة ريال مدريد وليفانتي.. بث مباشر اليوم في الدوري الإسباني    «الزمالك مش عزبة».. أول تعليق من تامر عبدالحميد على أنباء شطبه من القلعة البيضاء    النائب مجدي البري يتسلم كارنيه عضوية مجلس الشيوخ: "بداية لمسئولية وطنية أتشرف بها"    تحية العلم تزين انطلاقة العام الجامعي الجديد بجامعة بني سويف    ينتج عنها رذاذ خفيف.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المنيب    تنويه خاص ل ياسمينا العبد عن فيلم «إلى ريما» من مهرجان بورسعيد    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    "فوزي" يبحث مع "صبحي" مبادرات مشتركة تستهدف توعية وتأهيل النشء والشباب    إنجاز جديد للأزهر.. مراكز متقدمة لطلاب المعاهد والجامعات في مسابقة القراءة    إنجاز عالمي جديد.. ميناء شرق بورسعيد يحصل على المركز الثالث عالميًا في مؤشر أداء الموانئ للحاويات لعام 2024    إزالة 44 حالة تعدي واسترداد 66 فدانًا خلال حملات ب 6 مراكز فى أسيوط    القومي لذوي الإعاقة يشارك بفعاليات مهرجان بورسعيد السينمائي    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    لعبة الحوت الأزرق القاتلة تعود للواجهة: انتحار طفل جديد يثير الذعر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الاحتلال يدمر المركز الطبي الرئيسي للإغاثة الطبية بمدينة غزة    نقابة التشكيليين تندد بالعبث بتمثال محمد علي وتعلن مقاضاة الجهة المعتدية    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    اليوم في التاسعة مساءً تبدأ احتفالات اليوم الوطني السعودي 95    مطروح : تستعد لمواجهة طوارئ السيول وتداعيات سقوط الامطار    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    وزيرة التضامن تتابع سير العمل في مستشفى عبلة الكحلاوي ل«ألزهايمر وكبار السن» استعدادًا لافتتاحه قريبًا    الأحد المقبل.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة 33 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الحكومة الإيرانية: اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % تحت الأنقاض ولا يمكن الوصول إليه    إجراءات مشددة لتأمين مباراة الزمالك والجونة في استاد القاهرة الليلة    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    هيئة الاستثمار: تقرير "جاهزية الأعمال" يعتمد على ثلاث ركائز رئيسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    "جاب الطالبات من الشارع".. محافظ بورسعيد يُحيل مديرة مدرسة إلى النيابة العامة    وزير التعليم ومحافظ الشرقية يفتتح مدرسة فوزي السيد الدهشوري بأنشاص الرمل    وزير الصحة يتابع معدلات تنفيذ 29 مشروعًا في 12 محافظة    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    أسعار البيض اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر    مصادر طبية: 5 شهداء بينهم 3 أطفال بغارة إسرائيلية على منزل بمخيم الشاطئ غربي غزة    تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بمستشفى أسوان التخصصي    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 23-9-2025 بالصاغة (آخر تحديث رسمي)    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية ضرورة اقتصادية لمصر
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 03 - 2011

الديمقراطية بالنسبة لمصر بالذات، وفى هذه المرحلة بعينها، وبعد النجاح العظيم لثورة شباب 25 يناير، ضرورة يتعين بذل كل الجهود لتحقيقها والحفاظ عليها. وترجع ضرورتها ليس إلى أسباب سياسية وحسب، ولكن أيضاً لأسباب اقتصادية مهمة، وفى مقدمة هذه الأسباب:
أولاً: الحق الطبيعى، الذى كفلته جميع مواثيق حقوق الإنسان، والذى أقرته جميع الدساتير الحديثة، الذى يتمثل فى حق المواطن أن يتمتع بحرية الرأى والعقيدة، وحقه فى أن يختار حكامه وأن تتحقق العدالة والمساواة بين الجميع، والتأكيد على مبدأ تداول السلطة، وعلى ضرورة احترام وسيادة القانون إلى آخره من الحقوق السياسية. هذا الحق الطبيعى يدعى جميع الحكام التمسك به، إلا أن الطغاة منهم يحاولون دائماً الالتفاف حوله، بحجج لم تعد مقبولة، مثل الادعاء بحماية الأمن القومى ضد المتطرفين ودعاة الفتنة والإرهاب، أو الادعاء بعدم نضوج الشعب بعد لممارسة الحرية والديمقراطية، أو الادعاء بالخشية من وقوع الفوضى والاضطراب، مما قد يؤثر على الاستقرار وإلحاق الضرر بمناخ الاستثمار والتنمية... إلخ، من الحجج التى يسوقها ويروج لها المستبدون من الحكام مستعينين بأصحاب المصالح المحيطين بهم، والمنتفعين بما يجودون به عليهم من رجال الأعمال والإعلام ومثقفى السلطة.
ثانيهما: قد يرى البعض أن التنمية بمفهومها الاقتصادى قد تحققت فى عدد من الدول فى ظل نظم يصعب وصفها بالديمقراطية بمفهومها الصحيح، والمثال على ذلك سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية حتى الثمانينيات، بل قد يذهب بعض المغالين إلى القول بأن الديمقراطية والتنمية الاقتصادية حقيقتان يصعب تعايشهما خاصة فى المراحل الأولى للتنمية الاقتصادية.. ومع تقديرى لهذا الرأى إلا أنه يتجاهل ما انتهت إليه الدراسات العديدة، التى قامت ببحث العلاقة بين الديمقراطية والتنمية فى العديد من الدول، والتى انتهت إلى تأكيد أن غالبية النظم السلطوية قد فشلت فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وأن الاستثناء هو ما حدث فى سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية، وأن الحاجة ملحة فى الكثير من الدول، لتبنى الديمقراطية لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وبالنسبة لمصر بالذات فإن حاجتها لتحقيق الديمقراطية تصبح أكثر إلحاحاً منها فى الكثير من الدول الأخرى، فبالنسبة لمصر الديمقراطية ليست ضرورة سياسية وحسب، ولكنها أيضاً ضرورة اقتصادية لما يلى:
1- أن مصر تتمتع بقوة بشرية متميزة إذا ما قورنت بغيرها من الدول النامية، شأنها فى ذلك شأن الهند وأن هذه الميزة النسبية تعد مصدراً مهماً من مصادر قوة الاقتصاد المصرى إذا أتيحت لهذا المورد الفرصة لكى يبدع وينتج بكفاءة، فالفكر الاقتصادى الحديث يعتبر أن المصدر الأساسى لتحقيق التنمية هو الإنسان وليس المال، وحتى يبدع الإنسان المصرى وينتج بكفاءة عالية لابد أن تتاح له الفرصة للمشاركة فى اتخاذ القرار والتمتع بحريته وحقوقه كإنسان، وهذا لن يأتى إلا من خلال سيادة الديمقراطية.
2- أن المتتبع لتاريخ مصر منذ القرن العاشر الميلادى، يجد أن المواطن المصرى لم ير من السلطة غير وجهها الكئيب، لقد رأى الملتزم يأتى ليضربه بالسياط ويأخذ منه الخراج دون أن يقدم له أى خدمة.. وإلى وقت قريب عرف نظام البحر والسخرة، حيث يساق ليفحر القنوات والترع فى مقابل كسرة من الخبز وقطعة من الجبن.. وبلا أجر، ولقد أدى ذلك إلى قيام جدار عال من الشك وعدم الثقة بين المواطن وحكامه، يرهب حاكمه ولكن يسعد عندما يراه يسقط من فوق الحصان.. هذه العلاقة المليئة بالشك وعدم الثقة من شأنها أن تؤدى إلى سلبية المواطن وحرصه على عدم التجاوب مع السلطة. ولن يتحول المواطن إلى تبنى موقف إيجابى متجاوب مع السلطة، إلا إذا تيقن أنه القادر وبحرية، على اختيار هذه السلطة وأن يشاركها فى اتخاذ القرار، وأنه القادر على تغييرها.. وهذا لن يتم مرة أخرى إلا من خلال سيادة الديمقراطية.
3- أن الأمن القوى المصرى الاقتصادى والسياسى، وتحقيق ما نصبوا إليه من تنمية وعدالة، يرتبط إلى حد كبير بقوة الدور الذى تقوم به مصر فى المنطقة العربية، وقدرتها على جذب الفائض البترولى فى الكثير من دول الخليج والمملكة العربية السعودية، ليساهم فى تحقيق معدلات أعلى من النمو والرفاهية، وهذا كله يتوقف إلى حد كبير على قدرة مصر، على أن تكون مركز جذب للقوى الاقتصادية والسياسية والثقافية فى العالم العربى.
أى بعبارة أخرى وحتى تحتل مصر مركزاً قيادياً جاذباً فى المنطقة العربية، فإن الطريق إلى ذلك هو العمل لتكون منارا للفكر والثقافة والحرية، وهذا لن يتحقق إلا إذا كان نظامها السياسى نموذجا يحتذى به فينجذب إليه كل عربى. ولن تكون مصر مناراً ومركز جذب للفائض البترولى العربى، إلا إذا تمسكت بالديمقراطية بكل ما تعنيه من حرية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.. إلخ.
4- بالإضافة إلى ما تقدم، فإن جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية لن يتحقق إلا إذا ساد الاستقرار بمفهومه الشامل ربوع مصر، وشعر المستثمر بأن هذا الاستقرار وجد ليستمر، عندئذ تتأكد الثقة ويتحقق الازدهار والتكامل بين أرجاء الوطن العربى، ويتحقق اندماج الاقتصاد المصرى مع الاقتصاد العالمى على أسس عادلة.. وهذا مرة أخرى يتطلب تحقيق الديمقراطية بمفهومها الشامل.
ثالثهما: ما يحدث من تطورات عالمية وإقليمية مدعمة لحقوق الإنسان وضاغطة من أجل تحقيق الديمقراطية بمفهومها الشامل. فعلى المستوى الدولى نجد تزايد قوة وتأثير منظمات المجتمع المدنى التى تدافع عن حقوق الإنسان، وتدعو إلى ضرورة التمسك بالمواثيق الدولية المتعلقة بهذه الحقوق، والتى يمتد نشاطها إلى جميع دول العالم. كما نجد أن الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، وفى مقدمتها منظمات حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الدول الكبرى فى الغرب، تسمح لنفسها بالتدخل ضد ممارسات بعض الدول التى تعتدى على حقوق الإنسان وتحكم بأساليب غير ديمقراطية، ولعل ما حدث من تدخلات وتصريحات دولية حول أحداث ثورة شباب 25 يناير ما يؤكد هذه الحقيقة. ولقد وجدت هذه التطورات طريقها إلى إقليمنا العربى، وما حدث فى تونس ثم فى مصر، لابد أن يقرأه بعناية وجدية كل من بيده القرار فى الدول العربية الأخرى.
حقيقة أن لكل بلد عربى خصوصياته التاريخية والجغرافية والاجتماعية، وما يتميز به مواطنوه من صفات أخلاقية ونفسية، وما يتمسكون به من قيم.. إلخ، إلا أنه لا يجوز تجاهل أن أبناء كل بلد عربى يؤمنون بأن من حقهم، بل من واجبهم، أن يسعوا لتحقيق ما حققه الشعبان التونسى والمصرى، وأن يتمتعوا بما تهدف الثورتان التونسية والمصرية إلى تحقيقه من حرية وديمقراطية.
هذه التطورات العالمية والإقليمية المدعمة لحقوق الإنسان، والضاغطة من أجل الديمقراطية تزداد قوة من يوم إلى آخر، فثورة الاتصالات وما أدت إليه من تحول العالم إلى قرية صغيرة، والقدرة على التواصل، وعلى اختراق أسرار العلاقات بين الدول، بل وأسرار الأجهزة الحاكمة والأمنية داخل الدول، من شأنها أن توفر قدرا متزايدا من المعلومات لدى شعوب العالم، خاصة ما يتعلق منها بفساد النظم الاستبدادية، مما يدعم الرغبة والعزم لدى جماهير الأمة إلى تغيير ما هو قائم وصولاً إلى الديمقراطية، وما تدعو إليها من قيم،
كما أن من شأن ثورة الاتصالات أن تزيد من تقارب شعوب المناطق الإقليمية المرتبطة جغرافياً وتاريخياً وثقافياً كالبلاد العربية، وأن تدعو إلى تعاطفهم وتعاونهم لدفع هذه التطورات العالمية والإقليمية لتحقيق الهدف النهائى من ديمقراطية وحرية، فضلاً عما تقدم فإن ثورة الاتصالات، وما صاحبها من نمو متزايد فى العلاقات الاقتصادية الدولية من تجارة وسياحة وحركات رؤوس الأموال...إلخ، قد أدت إلى تزايد نسبة ما يمثله عائد العلاقات الاقتصادية الدولية من الدخل القومى،
هذا التزايد جعل الدول المختلفة أكثر حرصاً على أن تتوافر سيادة القانون وسرعة البت فى المنازعات فى الدول التى تدخل معها فى علاقات اقتصادية، حتى يتحقق أكبر قدر من العائد نتيجة هذه العلاقات، بعبارة أخرى فإن الديمقراطية بمعناها الشامل من شأنها أن تؤدى إلى زيادة حجم العلاقات الاقتصادية الدولية وأن تدعم نموها، والآن، وحيث يتضح، وللأسباب السابق ذكرها، إن الديمقراطية بالنسبة لمصر ضرورة اقتصادية إلى جانب كونها ضرورة سياسية، وإن التطورات العالمية الإقليمية المرتبطة بثورة الاتصالات ونمو وتشابك العلاقات الاقتصادية الدولية تفرض ضرورتها، فإن السؤال المهم: ما السبيل إلى تحقيقها فى مصر؟
لقد أنهى شباب ثورة «25 يناير» من خلال تظاهرهم واحتجاجاتهم نظاماً فردياً يضع سلطات واسعة فى يد الرئيس، ونادوا بضرورة إقامة نظام ديمقراطى حقيقى.. وتحقق الأمل، ولكن بقى أمامنا الكثير من التحديات لإرساء القيم والمؤسسات الديمقراطية الضرورية، لجنى، ليس فقط، الثمار السياسية، ولكن أيضاً الثمار الاقتصادية المهمة التى تحققها الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.