دستور يا وزارة الداخلية

شاب من عروس البحر المتوسط لا يريد من مصر إلا أن تكون دولة قانون تحترم مواطنيها، شارك في كل فعاليات الثورة في الميدان والاستفتاءات والعمل الحزبي، شغوف بالتاريخ وتفرغ لإعادة كتابته، له من المؤلفات كتابان بعنوان «تاريخ شكل تاني» و«تاريخ في الظل»، إنه وليد فكري.
في ذكرى الثورة تم إلقاء القبض على وليد وزميله محمد غنيم جبر من مقهى على هامش مسيرة في الإسكندرية كانا يتابعان أحداثها، لن نقف أمام حق الضبط للمشبته فيهم! لكن لابد من الوقوف طويلًا أمام تعامل الضباط أثناء عملية القبض والترحيل.
لابد أن نقف طويلًا أمام التعدي البدني والسب بألفاظ نابية بالأم وإصدار أصوات وإشارات الأيدي إذا طلب المقبوض عليه إجراء اتصال بأهله، كما حدث مع وليد وصاحبه، وكذا محمد حسني وسامح مشالي وأحمد أمين ومحمود نصر وأحمد صالح.
فالكرامة حق لكل إنسان وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، وكل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيا أو معنويا، كما يجب أن يُبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة ويُمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورا. طبقا للمواد 51 و55 و54 بالدستور المصري يا وزارة داخلية مصر.
لا يجب أن يهان وأمه مهما كانت جريمته، ولا أن يتم تقطيع شعره بالمطواة كما حدث لمحمود عبدالباري لأن شعره منسدل ومن 6 إبريل!! فانتماء الشخص ليس جريمة وإنما مخالفته للقانون هو ما يستوجب العقاب وطبقًا للدستور والقانون، وإهانة الإنسان لن تجعله يمتنع عن النزول بقدر ما تخلق ثأرًا شخصيًا في غير محله بينه وبين الداخلية، وإن أفرج عنه لاحقًا كما حدث مع الشباب المذكورين.
نعم تتعرض الداخلية لحرب تستنزف قيادتها وجنودها بهدف إسقاطها، نعم هناك ثأر للإخوان الذين ظنوا أنهم أحكموا سيطرتهم على الوزارة وهم في السلطة، وفاجأهم من فيها بأنهم ملك الشعب لا النظام، نعم فقدت الداخلية أكثر من 190 شهيدًا في أربعة أشهر من قيادات وضباط وجنود، لكن على الشرطة أن تحافظ على نفسها من السقوط الأخلاقي كما تحافظ على جهازها ورجالها.
فالشرطة عادت للشعب عندما انحازت له، عادت للشعب عندما التزم كل ضباطها بأداء واجبهم في ميدان المواجهة مضحين بأرواحهم، وتعود أكثر مع كل ضابط يحترم المواطن ويتغلب على ثقافة حبيب العادلي في إهدار كرامة المصريين.
ويتبقى التدريب للوصول لدرجة الاحتراف هو كلمة السر، فالاحتراف سيقضي على سلبيات الأداء التي تتسبب في سقوط شهداء الداخلية وفي السقوط الأخلاقي لبعض رجالها، فالاحتراف يجب أن يكون الخطوة الأولى والأساس لهيكلة حقيقية لوزارة الداخلية التي تليق بمصر.