وا مصراه علمتنا المدارس الحكومية فى صغرنا .. الموسيقى و الرسم و الدين .. بل علمتنا أيضاً .. الطبخ و الكروشية فى حصة التدبير المنزلى .. علمتنا كيف يقشعر بدننا عند تحية العلم كل صباح .. و كيف نحترم المُعلم .. و الفصل و المدرسة .. علمتنا الإنتماء لكل ما هو مصرى .. أشبعتنا زهواً بدراسة تاريخنا .. و زرعت فى نفوسنا أهمية موقعنا الجغرافى .. قلب العالم كله .. و كيف كانت مصر مستهدفة على مر التاريخ .. من كل القوى الإستعمارية .. بسبب ذلك .. علمتنا كيف قاوم الشعب المصرى غزاة الشمال و الغرب .. و إنتصر عليهم .. و كان سبباً فى إنهيار إمبراطوريات عديدة .. حاولت إمتلاك الأرض و الزرع و الماء .. قطٌعت الأطراف قبل مهاجمة القلب .. أرسلت من يحاول تفتيت وحدة الصف المصرى .. حتى يسهل عليهم إمتلاكنا .. يعيد التاريخ نفسه .. أُغتصبت فلسطين إغتصاباً .. تمزقت لبنان الجميلة فى حرب طائفية .. تم تصديرها إلينا جميعاً .. إنغمست إيران و العراق فى حرب أتت على قدراتهم الهائلة .. ثم وقعت العراق فى فخ الكويت .. و ها هى الآن فى طريقها للتقسيم إلى ثلاث دويلات .. و إيران فى طريقها أيضاً للوقوع فى الفخ النووى .. أما اليمن السعيد .. فقد غرق فى مستنقع الإنفصال و قلاقل القاعدة .. الصومال .. باب مصر الجنوبى .. يحترق بحرب أهلية .. و ترتع أراضيه بالقراصنة السودان .. سوداننا .. إنقسم لدولتين .. و إلى ثلاثة فى الغد القريب .. حتى السعودية لم تسلم .. فأغرقوها فى صفقات أسلحة تستنزف مواردها .. و أشاعوا بها صراعاً على خلافة ملكها المريض .. أما بلادنا الحبيبة مصر .. فهى تتمزق بصراعات دفينة بين عنصريها .. و قهر السلطة لشعبها كله .. و فساد إدارتها .. و ضياع هيبتها بين الأمم .. فماذا فعلنا ؟ .. نحن دوماً ننتظر حتى تتحتم المواجهه .. و رغم ثقتى فى قدرتنا دوماً على الإنتصار .. فعلينا أن نتذكر الثمن المدفوع فى كل مرة .. من دمائنا و مواردنا .. و تخلفنا عن الحضارة المعاصرة .. لقد خلقنا الله فى تلك الأرض و أعطانا ما يجعلنا نقود العالم كله .. داخل كل منا تراكمات حضارية .. و معرفة فطرية إمتدت لألاف السنين .. و قدرة على الخلق و الإبداع .. لن تجدها بهذه الوفرة فى أكثر شعوب العالم تقدماً .. نعم نحن قلب هذه الأمة .. نعم .. نحن مستهدفون .. نعم .. سيصيبنا الدور قريباً .. نعم .. نحن الهدف النهائى لكل التمهيدات حولنا .. و لا يسعنى اليوم إلا أن أسير فى شوارع بلادى بعصا و جلباب .. أتقمص شخصية الراحل العظيم ( حسين رياض ) .. و أنادى فى جموع الشعب كله .. التتار قادمون .. و امصراه .. وامصراه .