نشر ما يقال على المقاهى لدوافع صغيرة، ونفيه بالقول إنه مجرد ثرثرة، لا يعفى الناشر من المسؤولية عن نشره، فطالما أنه ثرثرة وليس معلومات، لماذا ينشره مَنْ ينشره إذن على الناس فى كلمات مطبوعة. أقول ذلك بمناسبة ما نُشر عن أن جابر عصفور كان وراء منح جائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية للكاتب الليبى إبراهيم الكونى، نتيجة فوز «عصفور» بجائزة القذافى للأدب، وهذا بالطبع يشوّه لجنة تحكيم الجائزة، الذى كان مثالياً على نحو يندر فى المسابقات العربية، فضلاً عن استحقاق الكونى لجائزة نوبل ذاتها، أرفع جوائز الأدب فى العالم، وليس فقط جائزة ملتقى القاهرة. وفى مقال بمجلة «المصور» عدد 22 ديسمبر الماضى نشر محمد يوسف القعيد: «لا أستطيع إغفال المسكوت عنه فى الحكاية، فقد تردد فى أروقة المؤتمر أن القذافى اتصل بالدكتور جابر عصفور طالباً منه أن تذهب الجائزة للكونى، لكن بعض الآخرين أكدوا وأقسموا أن الاتصال تم، ولكن ليس مع جابر عصفور، إنما مع الوزير الفنان فاروق حسنى». والسؤال: لماذا لم يستطع القعيد «إغفال» هذه النمائم، وكيف يعتبرها ضمن المسكوت عنه، فمن المستحيل تماماً أن يطلب عصفور من لجنة كهذه أو من غيرها منح الجائزة لهذا الكاتب أو ذاك، ومن المستحيل تماماً أن يطلب منها الوزير هذا الطلب، بل من المستحيل أن يطلب القذافى ذلك من عصفور أو الوزير، ف«الكونى» ليس من كتاب سلطة القذافى، وهو يعيش فى سويسرا، واسمعوا كلمته بعد فوزه بالجائزة، ومحورها الأساسى الحرية، وليس فيها أى إشارة إلى القذافى أو حتى إلى ليبيا، التى تفتقد تماماً الحرية، كما هو معروف للدنيا كلها، بمن فى ذلك القذافى نفسه، الذى يقول ويكتب بوضوح أنه لا يؤمن بالديمقراطية. لقد تألمت شخصياً لقبول عصفور جائزة القذافى، ولم أستطع أن أقدم له التهنئة رغم أنه صديق عزيز، له مكانة كبيرة فى قلبى وعقلى، خاصة أنه قبلها بعد أن رفضها الكاتب الإسبانى خوان جوتيسلو دفاعاً عن الحرية، ولكن هذا لا يعنى أن يقبل عصفور تعليمات بمنح الجائزة من القذافى. وجوائز الأدب والفكر عموماً يجب ألا تسمى بأسماء سياسيين، خاصة إذا كانوا من الحكام، وأثناء ممارستهم الحكم، وإنما تسمى بأسماء الأدباء والمفكرين الكبار فى كل ثقافة مثل جوائز سيرفانتس فى إسبانيا وجوته فى ألمانيا ونجيب محفوظ فى مصر، وبالنسبة لجوائز مبارك فمعلوماتى المؤكدة أن الرئيس لم يطلب أن تسمى باسمه، ولم يسلمها لأحد منذ أن سميت باسمه! [email protected]