السينما هى أكثر مجال يقبل الأفكار غير المنطقية، بل ويحولها إلى أفلام تقدم منطقة أو شخصيات أو أحداثاً جديدة يمكن أن تصل إلى درجة الغرابة، وهنا يكمن سحر السينما. مجرد حلم متكرر بفتاتين إحداهما تعزف «كمان» والثانية تعزف تشيللو، ومقطوعة موسيقية واحدة، جعل المنتج والمخرج مجدى الهوارى يفكر فى تقديم فيلم عن العازفتين. حلم آخر بفتاتين فى الإسكندرية، إحداهما تجرى على الشاطئ تحت مطر غزير، والثانية تقود سيارة سوداء صغيرة، تكرر مع المؤلف محمد ناير. وفى مقابلة بالصدفة بين ناير والهوارى، ورواية الحلمين، تكونت فكرة فيلم «الوتر». يقول «الهوارى»: قررت تنفيذ حلمى الصعب بشكل موسيقى أوروبى، فهو أول فيلم فى السينما المصرية يقدم الجريمة بشكل موسيقى بحت، وكتبت القصة وأعطيتها لناير، وكنت متخوفا من أن يخفق فى تنفيذ خيالى، لكنه بعد ستة أشهر جاءنى بنسخة سيناريو دمج فيها حلمه مع حلمى، وكتب الجريمة بشكل موسيقى، وبعد إعادة الكتابة أربع مرات، حصلنا على سيناريو مشاهدة مكتوبة مثل الأبيات الشعرية، وتدعمها موسيقى ولوحات تشكيلية. اختار الهوارى غادة عادل وأروى جودة فى دور الفتاتين، ومصطفى شعبان فى دور الضابط، غادة تجسد فتاة تتعرض لحادث فى طفولتها يجعلها معقدة أو مريضة، فهى دائما متبلدة الإحساس وباردة الانفعال، لذلك ذهبت إلى طبيب نفسى ليصف بشكل علمى شكل وصفات فتاة تعرضت لهذا الحادث القاسى، فمثلت الدور وفق «روشتة الطبيب»، وتقمصت الشخصية، لدرجة أنها صرخت «أنا إيه اللى خلانى أعمل الشخصية دى.. أنا تعبانة نفسياً وابتديت اتدمر». مصطفى يجسد شخصية ضابط متوتر ومهزوم ويعانى من الأرق، وطلب منه الهوارى قبل التصوير ألا ينام حتى ينعكس الشحوب والإرهاق على وجهه، ونفذ مصطفى، حتى أصيب فعلاً بأعراض مريض الأرق، وبدأ التصوير عندما أصبح مطابقا للشخصية المرسومة «متلعثمة ومجهدة بسبب الأرق الناتج عن حالة الانهزام». استغرق التصوير 18 شهراً لأسباب تتعلق بالطقس، فنسبة 60% من المشاهد خارجية على شواطئ الإسكندرية فى طقس ممطر وشديد البرودة، فبدأ التصوير فى مارس 2009 خلال آخر نوة شتوية، واستكمل فى آخر نوة عام 2010، وكان فى مسرح سيد درويش وشواطئ أبوقير والعجمى وأبوتلات والنادى اليونانى ومناطق بوسط البلد القديمة فى الإسكندرية، لكن بعض المشاهد صورت باستخدام المطر الصناعى. ربما تكون المرة الأولى فى السينما المصرية، أن تكون آخر ربع ساعة فى فيلم مشاهد صامتة تخلو من أى جملة حوار، وتعتمد على الموسيقى وتكوين الصورة والمونتاج. الهوارى يقول إن الفيلم سيعرض فى إجازة نصف العام، وقد عرض فى دورة مهرجان دمشق السينمائى الأخيرة وحظى بإعجاب كبير.