انتظام امتحانات الدور الثاني بالغربية الأزهرية ورئيس المنطقة يطمئن على لجان السنطة    تجديد الثقة في المهندس خالد محمد مديرًا لتموين أسيوط    مصادر مصرية: اتصالات مكثفة لحث إسرائيل على التعامل بصورة إيجابية مع مقترح التهدئة بغزة    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في الدوري له طعم مختلف لهذا السبب    إزالة 21 حالة تعدي على أملاك الدولة بأسيوط    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    الإسكان: الانتهاء من القرعة رقم 16 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    كاتب فلسطينى: مقترح مصر ضرورى لوقف الحرب على غزة وإنقاذ شعبنا    نيابة عن الرئيس السيسي.. رئيس الوزراء يلقي كلمه مصر في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد9»    يديعوت أحرونوت: إصابة 3 جنود إسرائيليين في الهجوم على موقع عسكري جنوب غزة    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    كلية التمريض بجامعة قناة السويس تعلن فتح باب التسجيل لبرامج الدراسات العليا    أهالى بيلا ينتظرون جثمان والد محمد الشناوى حارس الأهلى لأداء صلاة الجنازة.. فيديو    "ميستاهلش كل ده".. أحمد ياسر يفجر مفاجأة حول راتب زيزو مع الأهلي    " التعليم" تعلن مواعيد المقابلات الشخصية بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    إصابة 16 شخصا إثر حادث تصادم بين سيارتين ميكروباص بطريق سفاجا - قنا    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    انهيار منزل في شارع مولد النبي بالزقازيق.. وإصابة عدد من المواطنين    القبض على طرفي مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالسلام    مقتل شاب في مشاجرة بدار السلام بسبب خلافات الجيرة    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى في محافظات القاهرة والجيزة والغربية والدقهلية    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    اليوم.. قصور الثقافة تفتتح معرض «وفاء النيل» بمركز الهناجر    رئيس مياه البحر الأحمر يتفقد مشروعات رأس غارب ويبحث تحسين الخدمات    وزير التعليم ل أعضاء البرلمان الياباني: حريصون على فتح آفاق أوسع للتعاون المشترك لتبادل الخبرات وبناء القدرات    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    وكيل الصحة بالوادي الجديد: استمرار رفع درجة الاستعداد والالتزام بالإجراءات الطبية القياسية لخدمة المرضى    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    إيلون ماسك يتراجع عن خططه السياسية ويدعم "فانس" للرئاسة في 2028    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    ضبط 111 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    مديرية أمن الوادى الجديد تنظم حملة للتبرع بالدم    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    اليوم.. إعادة قرعة دوري الكرة النسائية بعد اعتذار الجونة    حبس سائق أتوبيس بتهمة تعاطي المخدرات والقيادة تحت تأثيرها بالمطرية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    وسام أبو علي يكشف رقم قميصه مع كولومبوس كرو الأمريكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أذن من طين وأخرى من عجين

ربما يحسد المرء على سلطانه أو ماله أو عياله أو حسبه أو نسبه أو مكانته الاجتماعية، ربما يحسد على حظه أو علمه أو سلامة رأيه أو قوة بنيانه، ربما يحسد على طغيان حضوره أو خفة ظله أو سرعة قفشاته أو جمال شكله، أما أن يحسد على نوع إعاقته فهذا هو العجب العجاب وآخر صيحة من صيحات موضة النظام الحالى، وإذا أردت عزيزى القارئ أن تضحك مع شر البلية فاقرأ معى هذه الرسالة التى وصلتنى من شاب كفيف يعرض خلالها أسوأ نموذج لتطبيق القانون، وأغرب حالات التمييز الساذج بين أنواع الإعاقة المختلفة، يقول صاحب الرسالة:
كلما ادخرت مبلغًا من المال لشراء سيارة، ارتفعت أسعار السيارات بسرعة جنونية، فأحاول مرة أخرى، وأزيد على المبلغ المدخر مبالغ أخرى، فتعاود أسعار السيارات ارتفاعها، ثم أحاول ثالثة ورابعة حتى وصلت إلى الحد الذى جعل إيمانى بالمثل القائل: الإيد قصيرة والعين بصيرة، إيمان غير قابل للزعزعة، وكيفت نفسى على رائحة الزحام والزنقة، والجرى والقفز خلف كل وسائل النقل العام والخاص، وظللت على هذه الحال مدة طويلة،
حتى بشرنى أحد أصدقائى - سامحه الله - بأن الدولة قد أعطت أمثالى من المعاقين حق الحصول على سيارة تتمتع بقدر كبير من الإعفاء الجمركى يصل إلى 20 ألف جنيه، تشككت فى بادئ الأمر، ليقينى بأن الحداية ما بترميش كتاكيت، لكن مع تأكيد صاحبى على صحة الرواية، وسؤالى لبعض العارفين بمثل هذه الأمور، تيقنت من وجود القانون، وتيقنت كذلك بأن الحظ قد صالحنى وأنه قد آن الأوان لإنقاذ ما تبقى لى من حطام التحويش وأشترى سيارة على ما قسم، لم أكذب خبرًا، وحزمت حقيبة أوراقى،
واتخذت أولى الخطوات الواجبة فى طريق الإعفاء الجمركى، وكانت ذهابى للمجالس الطبية المتخصصة بشارع قصر العينى، للحصول على تقرير طبى يحدد طبيعة الإعاقة ونسبتها، وبعد طول صبر على عذاب الانتظار، وصلت للموظف المسؤول والذى لم يعرنى أى اهتمام، وأمام إلحاحى فى سؤالى عن التقرير الطبى، أجابنى بقرف شديد، وبلهجة الناقم، إنت كفيف، تصورت أنه يسألنى، فقلت له نعم، لكنه كررها بصوت عال، وكأنه هو الذى سيدفع لى ثمن الإعفاء،
ففهمت أنه لا حق لى فى الإعفاء، لم أفهم سببًا للرفض، وكل ما فهمته أن هذا الرجل مضروب من زوجته، ولا يريد سوى عكننتى، على الفور قررت الانتقام لنفسى ولوقتى الذى ضاع، وأخذت مرافقى وانطلقت به إلى أكبر رأس فى المكان، - المدير العام - فمن المؤكد أن عنده الخصومات للموظف المسىء إلى الناس، ومن المؤكد أن عنده الإجابة على طلبى، وما إن بلغت مكتب سيادته، حتى وجدت هذا المكتب أشبه بصالة صغيرة تمارس أمامها لعبة المصارعة الحرة، واشتباكات بين الناس على مستوى جميع الأطوال والأحجام والأوزان والمقاسات،
أيد تتطاير وأرجل عمياء تضرب فى كل الأماكن والاتجاهات، الكل يصارع من أجل الظفر برؤية سحنة سيادته، ورغم هذه الظروف الصعبة، ورغم كثافة الجثث المتراصة، دفعنى مرافقى دفعًا إلى داخل مكتب المدير، الذى قابلنى هو الآخر بوجه عابس يائس غاضب قال لى بصوت أجش، اختصر عاوز إيه؟ استجمعت نفسى بصعوبة بعد فترة من التلعثم، وسألته عن مدى حقى فى الحصول على سيارة تتمتع بقدر من الإعفاء؟
وقبل أن أكمل له حكاية الموظف وما أخبرنى به، ومدى سوء معاملته لى، قاطعنى سيادته قائلاً: إن هذه السيارة للمعاقين حركيًا، وليست للمكفوفين، لأنها مجهزة طبيًا، ويقودها مالكها بنفسه، وعندما لمح إمارات الغضب بادية على وجهى استطرد متسائلاً: هل ستقودها بنفسك؟ لم أعره اهتمامًا وأنا أدير له ظهرى وأقول: ولم لا؟ فلعلى أنقذ الناس ممن عجز المصرون عن إنقاذنا منهم.
انتهت رسالة الرجل لكن لم تنته مأساته ومأساة غيره من رفقاء المحنة، ولا تزال العقول المتحجرة تتوهم أن القانون 186 لعام 1986 أعفى السيارات المجهزة ولم يعف المعاقين وسمح لمن فقد ساقه بامتلاك سيارة، وحرم من فقد عينه من هذه الميزة لمجرد أن العلم قد توصل لأجهزة تعويضية قد تعين المعاقين حركيًا على قيادة سياراتهم بأنفسهم،
ولم يخترع عيونًا صناعية تعين الكفيف على قيادة سيارته بنفسه، منطق غريب وعجز سخيف عن فهم روح القانون، وقصور فى إدراك الأبعاد الحقيقية للمآسى، ولا أعرف بالضبط، من يحاسب من؟ وإلى متى تظل القضايا والمشكلات بعيدة كل البعد عن الآذان الصاغية؟ ولا أعرف كذلك، ما هو الفرق بين معاق حركيًا أو بصريًا أو سمعيًا أو ذهنيًا؟ فهمهم واحد ومعاناتهم واحدة، وجميعهم فى حاجة لجميع أشكال الدعم والمساندة، لتعويض النقص واستثمار الطاقات،
وتفعيل المشاركة المجتمعية، ومن المؤكد أن المشرع عندما استثنى المعاق وأعطاه حق الحصول على سيارة معفاة من الجمارك لم يكن يقصد التمييز بين نوع إعاقة عادة ونوع آخر لوكس، لم يكن يقصد إقناع غير المعاقين حركيًا باستبدال إعاقتهم التى لا جدوى منها، بإعاقة أخرى سوف تجلب لهم السعد والوعد، وتجعلهم من أرباب السيارات الفارهة.
وقبل أن أنهى هذا المقال أطالب وزير المالية الذى سبق أن وصفته بأنه آخر الرجال المحترمين، بإعادة النظر فى تفسير هذا القانون، وتغليب العقل فى التعامل مع هذا النوع من القضايا الشائكة، وأذكر سيادته أيضًا أننى قد كتبت عن نفس هذا الموضوع منذ ثلاث سنوات، وها أنا ذا أكتب عنه اليوم، وأخشى أن أعاود الكتابة عنه بعد ثلاث سنوات أخرى قادمة، ونتأكد أننا نكتب لمن لا يقرأ، ونضع مجرد أحبار على أوراق، ولم يعد يبقى لنا من مسؤولينا سوى أذن من طين وأخرى من عجين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.