تقليل الاغتراب 2025.. رابط تسجيل رغبات تنسيق المرحلتين الأولى والثانية المعتمد    رئيس «القومي للطفولة» تزور محافظة الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة والمبادرات    تراجع سعر الريال السعودي أمام الجنيه في 7 بنوك الآن    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس في أسواق مطروح    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار    الصفقة تمت.. بإيرن ميونخ يوافق على انتقال كومان إلى النصر    لليوم الثانى .. إغلاق حركة الملاحة النهرية في أسوان وأبوسمبل لسوء الأحوال الجوية    «تعليم مطروح» تعلن الانتهاء من تجهيزات امتحان الدور الثاني للثانوية العامة    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    بعروض فنية.. انطلاق فعاليات المسرح المتنقل ل «قصور الثقافة» (صور)    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    وزير الصحة يستقبل رئيس هيئة الشراء الموحد لبحث تعزيز التعاون وتوطين صناعة مشتقات البلازما    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سلفيت والقدس    قرار جمهوري بإنشاء حساب المشروعات ب10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي.. تفاصيل    ريبيرو يستقر على بديل ياسر إبراهيم أمام فاركو    خوان جارسيا: لم أتردد لحظة في التوقيع لبرشلونة    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    فراعنة اليد في مواجهة نارية أمام إسبانيا بربع نهائي مونديال للشباب    "بالم هيلز" تستهدف إطلاق مشروعها الجديد في أبو ظبي بمبيعات متوقعة 300 مليار جنيه    إجراء 3 قرعات علنية للتسكين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة.. الإثنين المقبل    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    "بعد فيديو ال 3 سيارات".. التحقيق مع المتهمين بمطاردة فتاتين بطريق الواحات    اليوم.. جنايات القاهرة تنظر محاكمة عاطلين لحيازتهما الآيس بالوايلي    النيابة تحقق فى مطاردة 3 طلاب سيارة فتيات بطريق الواحات    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    فيديو.. أحمد سلامة ينتقد تصريحات بدرية طلبة الأخيرة: النقابة بتعرف تاخد أوي حق الممثل والعضو    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    تطورات الحالة الصحية ل«أنغام»    غدًا .. انطلاق أولى فعاليات مهرجان القلعة فى دورته الجديدة    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    "عربية النواب" تدين تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" وتثمن الموقف المصري    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    وزير العمل يعيد الإنتاج بالعامرية للغزل والنسيج بعد مفاوضات ناجحة    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    بسبب أمم أفريقيا.. الأهلي السعودي يسعى للتعاقد مع حارس مرمى جديد    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات القضاة والساكت عن الحق..

فى الدول المتخلفة والمسماة تأدباً، بالدول النامية، تسعى دائماً السلطة التنفيذية للتغول على السلطة القضائية، ولا تفتأ تحاول دائماً التهرب من سلطة القانون والأحكام القضائية، ومظاهر ذلك أكثر من أن تعد، انظر مثلاً إلى محاولة إهدار الحصانة القضائية ومصادرتها لحساب وزير العدل كما حدث فى مشروع قانون المجلس الأعلى للهيئات القضائية، والانتقاص من سلطة القضاء كما ورد بمشروع قانون الإرهاب الذى أطلق يد السلطة فى القبض والتفتيش دون رقابة سابقة من النيابة العامة وقد تم سحب المشروعين بسبب جمعيات القضاة العمومية ووقفة ناديهم ضد هذا العدوان،
والإصرار على أن يكون الإشراف القضائى على الانتخابات منقوصاً حتى يتمكنوا من تزوير نتائجها ونسبتها للقضاء والإبقاء على قواعد الندب للوزارات والهيئات الحكومية وإطلاق مدة الإعارة والامتناع عن تنفيذ الأحكام والاستشكال فى تنفيذها أمام محاكم غير مختصة كما يفعل عتاة المجرمين وتجار المخدرات.. إلخ.
هذا هو شأن السلطة التنفيذية دائماً مع القضاء ولذلك فإن مجلس الشعب - والذى قررت محكمة النقض بطلان عضوية العشرات من أعضائه - لم يوافق على نقل تبعية التفتيش القضائى من وزير العدل - ممثل السلطة التنفيذية - إلى مجلس القضاء الأعلى، كما لم يوافق على اختصاص مجلس القضاء بتعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، كما لم يوافق على إدارج نص فى قانون السلطة القضائية بشأن نادى القضاة واعتباره شأناً من شؤونهم لا يخضع سوى للجمعية العمومية للقضاة.
كل ذلك لمحاولة النيل من استقلال القضاة والتمكن من محاسبتهم كما حدث أخيراً من إحالة المستشارين محمود مكى وهشام البسطويسى نائبى رئيس محكمة النقض لمجلس الصلاحية بقرار من وزير العدل آن ذاك لأنهما استعملا حقهما المشروع فى إبداء آرائهما حول تزوير الانتخابات.
ولولا إرادة الله أولاً ثم وقفة القضاة اعتراضاً على السعى لتقييد حقهم فى التعبير عن آرائهم وإدراكهم أن هذه مقدمة لتصفية العديد من شيوخ القضاة، ثم التفاف الشعب بطوائفه المختلفة حول القضاة إدراكاً منهم بحسهم وذكائهم الفطرى أن المسألة تستهدف ملاذهم الأخير لما انتهت المسألة عند هذا الحد.
ولأهمية نادى القضاة فإن انتخاباته تحظى دائماً باهتمام السلطة التنفيذية فتسعى إلى تأييد مجموعة من المرشحين الذين تأنس فيهم تحقيق أهدافها، انظر مثلاً إلى حرص الزملاء الذين اختارهم وزير العدل لشغل مناصب إدارية وموقفهم من الانتخابات - قيام موظفى المحاكم بتوزيع قائمة معينة دون غيرها على السادة القضاة - تضييق وزير العدل على الفريق الآخر من المرشحين.
ولكأن التاريخ يعيد نفسه ففى عام 2002، وقعت محاولة لإقصاء المستشار زكريا عبدالعزيز عن رئاسة مجلس الإدارة بإجراء انتخابات شاملة - خلافاً للائحة - لتمكين فريق معين من المنافسة اعتقاداً بنجاح هذا الفريق. وكانت غضبة القضاة ووقفتهم فى وجه من حاول الالتفاف على الشرعية وإهدار أحكام اللائحة ونجحت قائمة المستشار زكريا عبدالعزيز كاملة نجاحاً ساحقاً.
ثم تكرر الموقف ذاته بنفس النجاح الكاسح عام 2005، لما قدمه مجلس الإدارة الحالى من خدمات، ولما كان له من مواقف مشرفة فى قضاية الأمة.
ونعود للوراء قليلاً فى انتخابات 1979، كانت رغبة السلطة التنفيذية إسقاط المستشارين الجليلين وجدى عبدالصمد ويحيى الرفاعى، وتأييد قائمة المستشار أحمد سمير سامى، وقد طاف وزير العدل آنذاك محاكم الجمهورية والتقى بالقضاة للدعوة - من طرف خفى - وبالتلميح دون التصريح - بتأييد قائمة المستشار أحمد سمير سامى والعلة دائماً أننا لا نريد الصدام مع الحكومة،
وأن الدولة تقدر القضاة وتحرص على تلبية مطالبهم - وقد وعد ساعتها القضاة بمشروع عند الإحالة للمعاش سيخصص لكل قاض مساحة عشرة أفدنة مستصلحة من مشروعات الدولة وعدداً من رؤوس البهائم - ليس هذا سخرية منى - وإنما هى مسخرة من السيد الوزير ومن شاء أن يتحقق من صحة هذا الوعد فليرجع إلى صحف هذه الفترة.
وكما هو الشأن دائماً كانت غضبة القضاة ووقفتهم ضد قائمة معالى الوزير عاصفة ونجحت قائمة المستشارين وجدى عبدالصمد ويحيى الرفاعى كاملة وقد حصد المستشار يحيى الرفاعى أعلى الأصوات.
وما إن أعلنت النتيجة حتى تمت إقالة الوزير أنور أبوسحلى وكان فى طريقه للإسكندرية للقاء رئيس الجمهورية فتم إلغاء اللقاء وأعيد للقاهرة بمجرد وصوله فى طائرة عسكرية، أليس ذلك إعلاناً صارخاً من السلطة التنفيذية عن رغبتها المحمومة فى السيطرة على نادينا.
وتعبيراً عن شدة الغضب تم اختيار المستشار أحمد سمير سامى وزيراً للعدل ولكنها لم تدم طويلاً فما إن انقضى العام حتى تم عزله.. وانتهى الوزير وبقى القضاء وسيظل شامخاً بإذن الله.
كلما ارتفع صوت القضاة دفاعاً عن حصانتهم واختصاصهم وعدم الانتقاص منهما بإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية مثلاً وذوداً عن كرامتهم بتمكينهم من الإشراف الحقيقى على الانتخابات أو الإعفاء الكامل منها ظهر فريق يدعى أن هذا اشتغال بالسياسة.
إن هذه الدعوة الخبيثة لا تقصد إلى عدم انضمام القضاة للأحزاب باعتبارها المقصود من حظر الاشتغال بالسياسة، وإنما تقصد إلى عدم جواز إبداء الآراء التى لا ترضى عنها الدولة - إذ ليس الأمر على إطلاقه - فالمقصود لديهم هو حظر الآراء المخلصة التى تستهدف وجه الله ثم مصلحة الوطن والتى لا تأتى على هوى الحكومة ومن ثم يكون الحديث عن تزوير الانتخابات حديثاً فى السياسة أما إن كانت الآراء نفياً لتزوير الانتخابات أو تأييداً لإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية فليس ذلك من السياسة فى شىء.
فى عام 1977 قام أحد قضاة محكمة مركز المنيا بإجراء محاكمة صورية لمعارضى مبادرة السلام التى أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات وأثبت ذلك فى محضر الجلسة وانتهى إلى حكم قضى منطوقه بحكم المحكمة بتأييد مبادرة السلام وإدانة الخارجين عليها.
ولأن الحكم - رغم ما فيه من هزل - كان بتأييد السلطة فيما ارتأته من خطوات سياسية لم تتخذ ضده أى إجراءات.
بينما المستشاران محمود مكى وهشام البسطويسى عندما فضحا تزوير الانتخابات المسند للقضاة الإشراف عليها أحيلا تمهيداً لفصلهما.
إذن مفهوم الحظر هو عدم الإدلاء بالآراء التى لا ترضى السلطة بل تعريها.
فالسلطة لا ترغب فى مساءلتها عن ثروات الأمة التى تهديها لأعدائها ولا سؤالها عن تمكين أصحاب الحظوة من المتهمين من الإفلات من يد العدالة، ولا الاعتراض على تقييد حريات الناس وحقوقهم وإهدار ضمانات التقاضى، أما الحديث فى أى مجال كان على نحو يرضى السلطة فموضع ترحيب، مثل الادعاء بنزاهة الانتخابات وأن القضاة سيشرفون عليها دون قيد أو شرط.
إن الهدف من هذه الدعوة ليس إلا إسكات القضاة.
فإذا تمكنت السلطة من إسكات القضاة بدعوى حظر اشتغالهم بالسياسة، وإسكات رجال الدين بمقولة لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة، وإذا تمكنت من إسكات أساتذة الجامعات بدعوى أن الجامعة مكان لتلقى العلم فقط، والسعى لإسكات أجهزة الإعلام بدعوى الحرص على استقرار الجبهة الداخلية وعدم تعريض الأمن العام والسلم الاجتماعى للخطر.
إذا تمكنت من ذلك فقل على الدنيا السلام.
الساكت عن الحق - إيها السادة - شيطان أخرس كما قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
ومن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
الادعاء بحظر الإدلاء بالآراء السياسية على القضاة ليس الهدف منه الحرص على مكانة القضاة، فمكانة القضاة تتأصل بدفاعهم عن الحق ونصرتهم للمظلوم ووقوفهم فى وجه الظالم، والحفاظ على مستقبل أمتهم وثرواتها والتنبيه إلى ما يحدق بها من أخطار وما يتهدد مستقبلها من مؤامرات.
إن هذه الدعوة للصمت ليس لها من نتيجة إلا تمكين السلطة من التستر على من هرب بما هرب، والتمكين لمن نهب مما نهب وحماية الفاسدين والمفسدين.
وهى أمور يأباها كل قاض يستشعر بين جنباته كرامة القاضى ومسؤوليته، كما يأباها كل إنسان حر شريف وما أكثرهم فى بلادنا.
وإننى لعلى ثقة بفضل الله عز وجل أن قضاة مصر سيجعلون من يوم انتخابات ناديهم عيداً يلقنون فيه كل من يحاول إخضاع ناديهم لإرادة السلطة التنفيذية درساً تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل كما فعل أسلافهم العظام.
وفى النهاية هذا هو الحق الذى نعتقده وندين به.
ونسأل الله عز وجل النجاح والتوفيق لقائمة تيار الاستقلال التى يمثلها المستشار هشام جنينة وزملاؤه، الذين يعملون لصالح القضاة فى إخلاص وتفان، ولا يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة.
«ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب»
رئيس الهيئة العلمية بمعهد التدريب والدراسات القضائية بالإمارات العربية المتحدة.
المستشار أحمد محمد سليمان
■ رئيس الاستئناف رئيس الهيئة العلمية بمعهد الدراسات القضائية بالامارات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.