الرئيس يشهد اختبارات كشف الهيئة لحاملى الدكتوراة من دعاة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية    محافظ الإسكندرية: انطلاقة جديدة بملفات البنية التحتية والمشروعات الخدمية خلال 2026    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025    وزير دفاع السودان: الوضع الأمني بالخرطوم تحسن والمؤسسات والسفارات تعود تدريجيا    دفء وإيواء.. إمدادات شتوية لأهالى غزة    قوات الاحتلال الإسرائيلية تفجر منزلا في بلدة مروحين في جنوب لبنان    تشكيل زد لمواجهة حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    أشرف صبحي يناقش استعدادات مصر لاستضافة جولة كأس العالم    مصرع شخص سقط في بير السلم بشبرا مصر    خبراء: تغليظ عقوبات المرور لحماية الأرواح.. والتوعية هى الحل    لحظة بكاء عمرو مصطفى بسبب حالته الصحية (فيديو)    ضبط عامل أطلق أعيرة نارية احتفالًا بفوز مرشح فى انتخابات قنا    مصر لا تعرف مذاهب أو طوائف    مصطفى عمار ل الستات: صحف ومواقع المتحدة تلتزم بالأكواد الأخلاقية والمهنية    كاريكاتير اليوم السابع يحيى ذكرى ميلاد كوكب الشرق أم كلثوم    قمار النت فى الأرياف    صلاح يواصل استعداداته لمواجهة بنين في ثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    خالد الجندي: الله يُكلم كل عبد بلغته يوم القيامة.. فيديو    الإفتاء: إن التهنئة بالعام الجديد جائزة شرعًا    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة    تشكيل أمم إفريقيا - 9 تبديلات على الجزائر.. ونسوي يقود هجوم غينيا الاستوائية    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    محافظ القليوبية يبحث إجراءات تحويل قرية القلج وتوابعها بمركز الخانكة إلى مدينة مستقلة    الحكم على 60 معلمًا بمدرسة بالقليوبية بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية    حملات مستمرة لإعادة الإنضباط للشارع الشرقاوي    إنجازات التجديف في 2025، ميدالية عالمية ومناصب دولية وإنجازات قارية    بيت الزكاة والصدقات يعلن دخول القافلة الإغاثية 13 لغزة عبر منفذ رفح فجر اليوم    رئيس جامعة المنوفية يتابع امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية العلوم    محافظ المنيا يتابع تقرير قطاع مديرية الطرق والنقل لعام 2025    مستشفى إبشواي المركزي بالفيوم يطلق مبادرة "المضاد الحيوي ليس حلا"    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    عاجل- مجلس الوزراء يوافق على تخصيص قطع أراضٍ للبيع بالدولار لشركات محلية وأجنبية    دفاع متهم «أطفال فيصل» يطعن في الاعترافات ويطالب بالبراءة    تعرف على سعر الدولار مقابل الجنيه فى البنوك    مجلس الوزراء: تراجع ديون شركات النفط الدولية تدريجيا 2025 بفضل الخطة المالية    اجتماع مفاجئ بين الرئيس السيسي والقائد العام للقوات المسلحة    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    الرقابة المالية تقر تجديد وقيد 4 وكلاء مؤسسين بالأنشطة المالية غير المصرفية    «حافظ على نفسك»    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة 2026.. عام الفنانين المعاصرين    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    وزارة التعليم الفلسطينية: استشهاد 7488 طالبا جراء العدوان الإسرائيلي منذ بداية 2025    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    القنوات المجانية الناقلة لمباراة الجزائر وغينيا الاستوائية في أمم أفريقيا    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    استهدف أمريكيين أصليين وخط مياه.. تفاصيل فيتو ترامب الأول بالولاية الثانية    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    تشكيل اتحاد جدة ونيوم المتوقع بالدوري السعودي.. حجازي ضد بنزيما    أمم أفريقيا 2025| منتخب الجزائر في مواجهة تحصيل حاصل أمام غينيا الاستوائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصانة ضد التغيير

يبدو أن إحدى الخصائص الأساسية للأنظمة العربية أن لديها حصانة ومناعة ضد التغيير، بل يبدو أيضاً أن هذه الحصانة ضد التغيير هى أيضاً خاصية من خواص هذه الأمة التى تنتمى إليها: أمة العرب.
هل هذا صحيح؟
وإذا كان ذلك صحيحاً فما أسبابه؟
أما عن الأنظمة العربية وحصانتها ضد التغيير ورفضها كل أنواعه فحدث ولا حرج فى الغالبية العظمى من البلاد العربية يصل الحاكم إلى سدة الحكم بالمصادفة المحضة ولا دخل لإرادة الشعب فى وصوله، بل لا دخل لإرادته هو فى هذا الوصول، ومتى وصل إلى الحكم وبمجرد وصوله إليه فإنه يصبح ملهماً ومعلماً وحكيماً وفيلسوفاً ولا يمكن الاستغناء عنه، ولا يستطيع أحد أن يحل محله ومن ثم يصبح بقاؤه فى منصبه إلى أن يقبضه الله إليه أمراً ضرورياً لمصلحة الشعب والأمة، ومن ثم فإن بقاء الأمور على حالها وثباتها لا يعد من قبيل الركود أو الاستبداد وإنما يعد من قبيل الاستقرار.
فى آخر زيارة لى إلى الجزائر شاءت المصادفات أن يأتى العيد الوطنى للجزائر أثناء تلك الزيارة، وفوجئت عندما التقيت السيد رئيس الجمهورية للتهنئة أن هناك فى الجزائر ثلاثة رؤساء جمهورية سابقين على قيد الحياة ظهروا مع الرئيس الحالى فى العيد القومى.
هذه ظاهرة فريدة فى بلاد العرب ومع ذلك فإن هؤلاء الرؤساء الثلاثة وأولهم الرئيس التاريخى أحمد بن بيلا لم يتركوا الحكم فى ظروف طبيعية، وقد رأى الرئيس الحالى أن يعدل الدستور حتى يتيح له أن يتقدم لترشيح نفسه لمنصب الرئاسة مرات قادمة يعلم الله وحده مداها ومنتهاها.
وهكذا تدخل الجزائر فى السرب العربى من باب الحفاظ على وحدة الوسائل والأهداف.
ولا يقتصر الأمر على ثبات شخص الرئيس حفظهم الله جميعاً وإنما يمتد الثبات،وتسرى حصانة عدم التغيير إلى كل شىء بنسب متفاوتة. أزعم أنه لا يوجد فى العالم وزراء بقوا فى مناصبهم أكثر من ربع قرن إلا فى بلادنا العربية.
نحن لا نؤمن بفكرة تداول السلطة، وإنما نرى أن الذى نعرفه أفضل من الذى لا نعرفه. ولذلك فنحن نرفض وجود أحزاب سياسية حقيقية تتنافس على كسب الرأى العام وتناضل من أجل أن تنتقل من موقع الأقلية إلى موقع الأغلبية، ذلك لأن الأحزاب الحاكمة فى الغالبية العظمى من البلاد العربية تؤمن بأن من حقها أن تستأثر بكل شىء وأن تحجب غيرها عن كل شىء، وبذلك يتحقق الاستمرار والاستقرار، وتتأكد الحصانة ضد التغيير.
وقد اخترع النظام العربى شكلاً جديداً من أشكال رئاسة الدولة كنا نعرف بلاداً ملكية وبلاداً جمهورية، أما عندنا معشر العرب فهناك بلاد ملكية ملكية، وبلاد جمهورية ملكية. والمعنى المقصود من هذه الأخيرة أن شكلها جمهورى وحقيقتها وباطنها ملكى.
ولا أريد أن أضرب أمثالاً فالأمثلة كثيرة لا تخطئها العين. منها القريب ومنها البعيد، ومنها من هو فى الشمال ومن هو فى الجنوب، ومن هو فى الشرق، ومن هو فى الغرب، حيث وجهت نظرك وجدت الجمهوريات الملكية، وأدركت أننا أمة قادرة على الإبداع.
وإذا كانت الحكمة السياسية تقول: «كما تكونوا يول عليكم» فهل معنى هذا أن هذا النتاج من أنظمة الحكم هو نتاج طبيعى للبيئة والأوضاع السائدة فى الشعوب العربية.
تقديرى والمرارة تعتصر قلبى - أن هذا صحيح.
إننا، أو أغلبيتنا الكبرى على الأقل تعيش فى ماض تظن أنه أفضل ما كان وأحسن ما كان، وتحلم بصورته دون أن تحاول تحليل هذا الماضى وتدرك أنه حتى إذا كان صالحاً فى وقته فإنه لا يصلح الآن.
وأن ذلك الماضى كان جزءاً من عالم كان يعيش كله فى صور مختلفة من صور الاستبداد والطغيان وأنظمة الحكم الفردية وقمع وتغييب إرادة الشعوب وتأليه الحكام. كان الحاكم هو الإله أو ابن الله،
وعندما أصبح مثل هذا القول منافياً لأديان السماء فإن الحاكم نزل من السماء إلى الأرض لكى يصبح هو الدولة، ألم يقل لويس الرابع عشر «أنا الدولة» قالها وكان يعنيها وكان صادقاً، وكان كل الحكام آنذاك فى الشرق وفى الغرب كذلك كانوا هم دولهم.
واختلفت الأمور بعد ذلك فى مناطق عن مناطق وفى بلاد عن بلاد.
وكانت الثورة الفرنسية الكبرى فى الغرب هى المعلم الأساسى والحاسم والذى غير شكل العالم من حيث أنظمة الحكم ونقلها من نظم استبدادية قمعية إلى نظم تحددها إرادة الشعوب وسيادتها.
حدث هذا فى كثير من دول الغرب أما عندنا فقد بقى الحال على ما كان عليه، جاء الاستعمار الغربى ورحل الاستعمار الغربى، وبقى الاستبداد هو الاستبداد إن لم يكن قد زاد.
صحيح حدثت انتفاضات شعبية هنا أو هناك وبشرت هذه الانتفاضات بنزوع حداثى، وأمل فى الديمقراطية وسيادة الشعوب ولكن هذه الانتفاضات كانت سرعان ما تنتكس، إما لصالح القصور الملكية من ناحية أو لصالح الانقلابات العسكرية من ناحية أخرى، وانتهى بنا أو بأغلب أقطارنا الأمر إلى تلك الصورة البائسة: ملكيات ملكية وجمهوريات ملكية، وغياب شبه كامل للديمقراطية هنا وهناك.
والسؤال الآن: هل سيبقى الحال على ما هو عليه، وستستمر تلك الحصانة ضد كل صور التغيير، هى التى تسود الأنظمة وتكبل الشعوب، أم أن هناك بصيص أمل تحمله ظروف العالم فى القرن الحادى والعشرين.
هذا السؤال يرتبط بسؤال آخر جاد: هل رياح التغيير التى تهب على العالم كله شرقه وغربه وتعصف به وتهزه هزاً عنيفاً لن تصل إلى عالمنا ودولنا، أم أن ذلك مخالف لطبيعة الأمور وطبيعة أن العالم الآن تحول إلى ما يقال له «القرية الصغيرة»؟
تقديرى أنه رغم المقاومة الشديدة لكل قوى الحداثة والتنوير والتغيير فإن الرياح عاتية لن تستطيع قلاع الاستبداد والتخلف والسلفية مهما تكاتفت قواها من أنظمة وتيارات أن تقف فى وجهها.
لم يعد من الممكن أن تعيش الشعوب فى أسوار تحيط بها، وتحول بينها وبين معرفة ما يجرى فى العالم حولها إن وسائل الاتصال من راديو وتليفزيون وإنترنت حطمت كل الأسوار العالية التى كانت تحول بين الشعوب ومعرفة ما يجرى فى العالم.
ورغم أن الغالبية من الأنظمة الحاكمة تدرك خطورة العلم والتعليم عليها، وتنفق على قوى الأمن أضعاف ما تنفقه على التعليم والبحث العلمى ولا تتجه «بوصلتها» إلى التعليم والبحث العلمى إلا على خجل شديد وتردد أشد فإن سبل التعلم والتعليم لم تعد مقصورة على المدرسة والجامعة وإنما اتسعت دائرتها اتساعاً متسارعاً. تقديرى أنه سيهدم كل حصون الجهل والتخلف والفساد والاستبداد.
والله غالب على أمر*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.