(هذه المقال تم كتابته قبل تفجيرات الإسكندرية و تونس و تخوفت من نشرة حتى لا نتهم باشعال الفتنة ) يظن كثيراً من المتابعين للحالة العربية الراهنة و المصرية منها خاصة أن موجة العنف التي بدأت في مطلع التسعينات في بعض الدول العربية قد انتهت تماماً علي خلفية المراجعات التي قام بها عدد من هذه الحركات الإسلامية التي تبنت العمل المسلح , و كان علي رأسها الجماعة الإسلامية المصرية , ثم مبادرة جماعة الجهاد , و تبعتها بعض مبادرات وقف العنف في بعض الدول العربية مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا و بعض الأفراد من الجماعة السلفية للدعوة و القتال إضافة إلي الضعف الذي طرأ علي بعض الجماعات المسلحة نتيجة للقبض علي عدد من كوادرها سواء علي مستوي القيادات أو الأفراد أ أو لقتلهم . كل هذا و غيره شكل قناعة لدي كثير من الباحثين أن العنف قد بات أمراً من الماضي , هذا باستثناء حالتي اليمن و الصومال و ذلك نظراً لضعف الحكومة المركزية في الصومال , و في اليمن لغلبة الطابع القبلي علي البلاد مع ضعف الحكومة المركزية و تشتت جهودها في أكثر من صراع سواء مع الحوثيين أو مع الحراك الجنوبي و غير هذا من المعارضة الحزبية في البلاد . و يختلف الأمر في باكستان نظراً لتأجيج أمريكا الحرب الدائرة بين حركة طالبان باكستان و الحكومة للقضاء علي فلول تنظيم القاعدة الهاربة في جبال أفغانستان و للحد من المساعدة التي تقدمها طلبان باكستان لشقيقتها الأفغانية , لكي يتوقف النشاط الطالباني ضد قوات الناتو . و يبدو أن هذه المراجعات قد فقدت أهميتها لدي أنصار الجهاد العالمي بل و في جانب كبير من الشارع العربي و الإسلامي و ذلك للإستمرار الشروط الموضوعية التي أنجبت هذه الظاهرة . و في مقدمة هذا الأمر هو فقدان الكثير من الإسلاميين و غير الإسلاميين أي أمل موجود في التغيير . نظراً لإحتكار السلطة الذي تمارسة الأحزاب الحاكمة في العالم العربي , و لا يوجد أي بارقة لوجود أي إصلاح سياسي قد يؤدي إلي التغيير في البنية الأساسية للنظم السياسة . بل و تعدي الأمر إلي عدم تلبية المتطلبات الأساسية للمواطن العادي من مسكن و مأكل و تفشي البطالة خاصة في قطاعات الشباب الذي يؤدي به إلي البحث عن مخرج لهذه الأسباب الذي سوف يكون مقدمتها الالتحاق بصفوف الجماعات المسلحة و الذي تغير شكلها القديم من جماعات كبيرة مثل الإخوان المسلمين و الجماعة الإسلامية إلي مجموعات صغيرة . يضاف الوضع الدولي المتأزم و سيطرة أمريكا علي الوضع الدولي و إنحيازها الكامل لإسرائيل و إستمرار الإحتلال الغربي لأفغانستان مع إستمرار الإحتلال الأمريكي للعراق و تواجد عدد كبير من القواعد العسكرية داخل العالم العربي و الإسلامي , كل هذا قد يدفع عدد كبير من الشباب للإنضمام إلي فكرة الجهاد العالمي و التي تبنتها القاعدة كفكرة محورية و يتم تجنيد الشباب إليها فكرياً و ليس تنظيماً . قد لا أخطيء في الكلام حين أقول إننا الآن أو في خلال السنوات القليله القادمة مع موعد مع عنف من طراز خاص قد يكون أشد من السابق و من الصعب السيطرة عليه , نظراً لعدم وجود جماعات كبيرة نستطيع معها تحديد مسار و أهداف هذه المجموعات الصغيرة , و التي ستنطلق من باب التمرد العقائدي علي الأوضاع المتردية في العالم الإسلامي . إن إحتكار السلطة من قبل الأحزاب الحاكمة , بالإضافة إلي سيطرة عدد من الأسر علي السلطة و إمتلكها جزء كبير من ثروات البلاد , في حين أنها لم تحقق للشعوب ما كانت تتطلع إليه يجعل من العنف خياراً مؤكداً , و قد تشترك في العنف في هذه الجولة من الصراع المستمر بين الأنظمة و الشعوب الحركات العلمانية و اليسارية , مما يعيدنا مرة أخري إلي حالة أمريكا اللاتينية في أوساط القرن الماضي , و أيضاً لن يكون هناك أدني شك في إحتمالية تدخل الجيوش لإنقاذ البلاد من حالة الفوضي التي سوف تعم سواء إستمرار الحالة البائسة التي تمر بها البلاد العربية , أو بدأت موجه من العنف لا يعلم مداها إلا الله , تتطلب التدخلي الجراحي من قبل الجيوش . أيا كان إتجاه الرياح في الفترة المقبلة فمن الصعب الإستمرار في هذه الأوضاع المتردية سواء على المستوي السياسي أو الإجتماعي أو حتي علي مستوي إهمال قضايا الأمة المصيرية , إلا أن يشاء ربي شيئاً و تتحرك الأنظمة العربية و الإسلامية لتغيير الأوضاع الحقيقية علي الآرض بعيداً التصريحات البراقه و الوعود المزيفة , و التي لا تجني منها الشعوب سوي مزيد من الإحباط و الإندفاع في طرق لن تصب أبداً في مصلحة الأنظمة أو الشعوب .