تفاصيل تحركات سعر الذهب اليوم فى مصر والبورصة العالمية    قطع الكهرباء عن 15 منطقة في بنها للصيانة (الموعد والمناطق المتأثرة)    "الناتو" يدرس مطلبًا أمريكيًا بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي    الحوثيون يعلنون فرض حظر الملاحة الجوية على مطار بن جوريون    تشويش إلكتروني وعاصفة جيو مغناطيسية.. خبير يحذر من تداعيات الانفجارات الشمسية بهذا الموعد    إسبانيول ضد برشلونة.. شوط أول سلبى فى موقعة حسم لقب الليجا    رسميًا.. الاتحاد بطلًا للدوري السعودي موسم 2024-2025    "كنت مستعجل".. اعترافات سائق أتوبيس سار عكس الاتجاه في التجمع الأول    سباك يحتجز ابنته ويعتدي عليها جنسيًا لمدة 10 أيام في الحوامدية    مكتبة الإسكندرية تعرض الفيلم الأسباني "النجم الأزرق" ضمن شهر السينما الأوروبي - صور    أسامة كمال فى ذكرى "النكبة": "كل سنة والعالم ناسى" مساء dmc    تامر حسنى يطرح أغنية المقص مع رضا البحراوي من فيلم ريستارت.. فيديو    «الحمل Tiktok» و«الأسد YouTube».. اعرف إنت أبليكيشن إيه على حسب برجك    توجيه مهم من السياحة للشركات قبل الحج 2025 -(تفاصيل)    وفد اللجنة الأولمبية يشيد بتنظيم بطولة إفريقيا للمضمار    النائب عاطف مغاوري يطالب بإسقاط مشروع قانون الإيجار القديم وتدخل الرئيس السيسي    وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    "ملف اليوم" يسلط الضوء على غياب بوتين عن مباحثات السلام مع أوكرانيا بتركيا    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    يحاكي تفاعلات البشر.. خبير تكنولوجي يكشف الفارق بين الذكاء الاصطناعي التقليدي    خبير دولي: روسيا لن تتراجع عن مطالبها في أوكرانيا.. والموارد تلعب دورًا خفيًا    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    شكرًا للرئيس السيسي.. حسام البدري يروي تفاصيل عودته من ليبيا    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    ضبط أحد الأشخاص بالقاهرة لقيامه بالنصب والاحتيال على مالكة إحدى الشركات    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلةُ غفران
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 12 - 2008

«لم أبكِها، ولن أبكيها، لأنها الآن فى عالم أفضل!» لو قرأتُ هذه الجملة فى رواية، ما صدقت أنْ هكذا تنعى أمٌّ ثكلى ابنتَها المغدورة! لكننى شاهدتُ ليلى غفران تقولها.
وصدقتها! أيُّ شيء موغل البشاعة واللاإنسانية يجعل أبًا مكلوما، وأمًّا مصدوعةَ الروح، يقفان بجَلَد، لا ليبكيا صغيرتيهما، بل يكاد يحدوهما شعورٌ بالزهو؟! لابد أن ما يجعلهما فرحيْن، بما يزلزل النفسَ حَزَنا وغما، هو شىءَّ أكبرُ من الموت.
 وأىُّ شىء أكبرُ من الموت؟ الشعورُ برِخص الحياة وسطَ بشر ملوثين بالشرّ والخَوْض فى الأعراض للتسلية وتزكية الوقت. وربما لتبرئة النفس من دَنَسها.
 فالملوَثُ يفرحُ بوجود ملوثين مثله. كيلا يكون الخيطَ الأسودَ الأوحدَ فى ثوبٍ أبيضَ،. كيلا يظلَّ فريدا فى دنسه. تماما مثل جمهور المسرح الأرسطيِّ حين يخرج متطهرا من خطاياه بعدما يَلقى البطلُ حتفَه فى نهاية العرض.
ادخلوا مواقعَ الإنترنت التى نسجتْ أكاذيبَ حول المغدورتين، نادين وهبة، لتعرفوا كمَّ الميكروبات التى ترعى فى صدور المُعلّقين! مدهشةٌ حقًّا لُزُوجةُ التشفّى المريض التى تقطرُ من ألسنٍ تستمرئ لَوْكَ جثث لا حول لها، لا تعرفُ كيف تردُّ السهمَ عن النحر!
هنا نفهم جدا كيف تتحول المحنةُ منحةً! فلا تبكى أمٌّ ابنتها! لأنها غادرت عالما موبوءا بالقيح والقبح. وكيف يقفُ والدٌ ليتلقى التهانى لأن ابنته تركت هذا العالم الملوَّث. لم تقل غفران تلك العبارة الفاتنة من منطلق كهنوتىّ، كما نعزى أنفسنا عن موتانا بأنهم انتقلوا إلى عالم أجمل جوار الرب، بل نطقت عبارةً لا مجازَ فيها. لأنها ضنّت بابنتها على عالم ردىء. وأنا، لا علمَ لى بالعالم الآخر وكيف يكون، لكنه دون شك أفضلُ من عالمنا الذى تحول فيه البشرُ إلى ضوار جوعى تنهش لحوم المَيْتة.
هؤلاء، الذين تفننوا فى الشماتة بموت فتاتين كل ذنبهما أنهما تنتميان إلى طبقة لا يعرفها معظم المصريين؛ إحداهما تحيا ثراء فادحا؛ والأخرى ابنةُ فنانة مشهورة، ما بالهم! هل يكفى أن نكون شعبا فقيرا حتى نكره ونحقدَ ونضحك من عذابات الغير؟ حدادٌ فقير قتل لحفنة جنيهات، ومئاتٌ فقراءُ الروح مثّلوا بالجثث مجانا وهم يحتسون الشاى أمام الحواسيب!
أسألُ نفسى الآن: لو أن حادثا كهذا مرَّ بمصرَ قبل نصف قرن، أكنا سنصدمُ بمثل أولئك؟ أسألُ: هل تلك الوحشيةُ أصيلةٌ فى المواطن المصرى أم طارئة عابرة؟ ألم يعد المصريُّ قادرا على الحب حقا؟ أيفرحُ لمصائب سواه؟! بظنى أن المصرى، فى جوهره العميق، أرقى من ذلك، لكنه القمعَ والتجويعَ والترويعَ أفقرَ أرواحَنا وأزرى بوعينا، فوصلنا لتلك الحال الشائخة!
والآن، هل بليلةِ غفرانٍ سامحتِ الأمُّ الثكلى زاهقَ روح ابنتها لأنه حرّر روحَها من جسدها فطارت إلى حيث عالم أجمل؟ وهل أقلبُ الطاولةَ وأقول إن الشامتين هؤلاء قد قدموا مَكرُمةً لأمّ وأبٍ يقطرُ قلباهما دمًا؟ من عجبٍ، نعم! فلولا النهش فى اللحم الذبيح ما برأ الثاكلون من أوجاعهم! وما زفّت الأمُّ ابنتَها بفرح إلى عالم أكثرَ نقاءً من عالمنا، ناظرةً يوما تلحقُ بها فيه! وما ابتسم الأبُ بفخر بعدما أخرسَ تقريرُ الطبيب الشرعيّ الألسنَ الوقحة فيما يثبت أن ابنته غادرت هذا العالم بريئةً من أدرانه، عروسا عذراء!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.