وكأن الحديث فى السياسة أهم من الحديث عن السينما

من ناحيته لم تربط إدارة مهرجان القاهرة بين التكريم وعرض فيلم من أفلام الشخصية المكرمة إلا مع 2 فقط من المكرمين ال13، وهما تشارلز ثيرون وأرتورو ريبستين. وحتى مع هذين لم يكن المؤتمر الصحفى بعد العرض، وإنما كان مؤتمراً عاماً مثل المؤتمرات الأخرى.
 وعندما يقام مؤتمر صحفى مع أى شخصية من دون أن يرتبط بعرض فيلم يصبح موضوعه تلقائياً عن حياة وأفلام هذه الشخصية، وهذا يتطلب إعداداً مسبقاً، بل اتفاقاً مع عدد من النقاد والخبراء الذين يعرفون أفلام وحياة الشخصية المكرمة للحضور وتوجيه أسئلة تؤدى إلى نجاح المؤتمر..
 ومن ناحيتهم تهتم الغالبية من الصحفيين المصريين الذين يتابعون المؤتمرات الصحفية بتوجيه أسئلة سياسية إلى الشخصيات المكرمة، وهذا ليس عيباً بالطبع، ولكن العيب أن يأخذ حجماً كبيراً، وأن يبدو الأمر وكأن الحديث فى السياسة أهم من الحديث عن السينما.
كما أننى لاحظت من خلال متابعة ما نشر عن المؤتمرات الصحفية فى الصحف أن الغالبية من الصحفيين المصريين يسألون، وكأن هناك حقيقة لا تقبل الجدل وهى أن أمريكا قامت بغزو الخليج ثم العراق، متغافلين أن حرب الكويت كانت بطلب من الكويت، فهى عند البعض كانت غزواً وعند آخرين كانت تحريراً للكويت من الاحتلال الصدامى، ومتغافلين عن أن حرب العراق كانت بطلب من المعارضة العراقية فى الخارج، وهى بدورها عند بعض العراقيين غزو، وعند آخرين من العراقيين أيضا:ً كانت تحريراً للعراق من الاحتلال الصدامى بدورها..
 وهناك حقيقة أخرى تبدو وكأنها لا تقبل الجدل فى خطاب الصحفيين السائد، وهى أن صورة الإسلام والمسلمين فى السينما الغربية صورة غير موضوعية، وسيئة. وأنها جزء من مؤامرة «غربية» لتبرير الغزو والنهب.
 والدين الإسلامى بالطبع برىء من قتل الأبرياء بدعوى أنهم كفرة لأنهم غير مسلمين، أو أن كل من ليس مسلماً هو ضد الإسلام ويحاربه. تماماً كما أن الدين المسيحى برىء من الدماء التى سالت فى الحروب باسم الصليب وفى إبادة سكان العالم «الجديد» بعد «اكتشافه» وما أطلق عليه الغرب الأمريكتين وأستراليا، كما أن الدين اليهودى برىء من الدماء التى تسيل فى فلسطين، ولكن ليس معنى هذا أن من يقومون بالتفجيرات فى كل الدنيا منذ 11 سبتمبر ليسوا مسلمين، ولا يبررون جرائمهم بآيات من القرآن الكريم..
ويبدو أن سوزان ساراندون، وهى مسيسة بامتياز، أصبحت تدرك هذا الوعى الأحادى السائد بعد أن حضرت مهرجان مراكش العام الماضى ومهرجان أبوظبى العام الحالى، ولذلك قالت رداً على سؤال لماذا تصورون العرب بشكل سيئ فى السينما الأمريكية؟ «أنا لا أعرف كيف تصورون الأمريكيين فى السينما العربية، ومن الممكن أنكم تصورونهم بشكل سيئ أيضاً، وعليكم كعرب تقديم الصورة الصحيحة عن أنفسكم».
samirmfarid@hotmail.com