التموين: توفير اللحوم والسلع الأساسية استعدادا لعيد الأضحى.. والأسعار تبدأ من 210 جنيهات    الشرطة البريطانية: 50 شخصا يتلقون العلاج بعد حادث الدهس في ليفربول    «إغاثة غزة»: الإقبال الكبير على المساعدات دفعنا لاتخاذ إجراءات    ردًا على تهديدات ترامب.. الملك تشارلز: من حق كندا تقرير مصيرها    الجيش اللبناني يفكك جهاز تجسس ويزيل ساترَين ترابيّين للجيش الإسرائيلي جنوبي البلاد    «مبروك الحق حق».. تعليق مثير من عمرو أديب على رفض دعوى بيراميدز ضد الأهلي    محمد عزت: الزمالك قلعة رياضية مليئة بالنجوم.. وجئت لتحقيق طموحات النادي    غدا الحكم على المتهمين ب «داعش العمرانية»    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلا    مشيرة إسماعيل ترفض اعتذار آية سماحة وتوجه لها رسالة قاسية    السعودية تعلن غدًا أول أيام شهر ذي الحجة.. وعيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    «فرحات» يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية    المفوضية الأوروبية: ملتزمون بتنفيذ حل الدولتين ونطالب برفع الحصار    نتائج أعمال بنك القاهرة للربع الأول من عام 2025.. نمو إيرادات التشغيل بنسبة 26%    تفاصيل جديدة بشأن فيديو تعرض عامل للتعنيف من «الكفيل» بالسعودية    وزير العمل يُسلم شهادات دولية للخريجين من مسؤولي التشغيل بالمديريات بالصعيد    وزير الصحة يترأس إحدى لجان اختبارات القبول لبرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التربية الرياضية    تكريم الصحفية حنان الصاوي في مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي    بعد دخوله غرفة العمليات..تامر عاشور يعتذر عن حفلاته خلال الفترة المقبلة    الإصلاح والنهضة: دفعنا بشباب فى الانتخابات قادر على الأداء البرلمانى    الإفتاء توضح أعمال العشرة أيام الأولى من ذي الحجة    «الإفتاء» تكشف عن آخر موعد لقص الشعر والأظافر ل«المُضحي»    وكيل صحة البحيرة يتفقد العمل بوحدة صحة الأسرة بالجرادات بأبو حمص    محافظ الغربية يوجه برفع كفاءة الخدمات الصحية وتوفير احتياجات المواطنين    مصرع شخص بطلق ناري في الصدر بسبب خلافات في الدقهلية    "دون رجيم".. 3 مشروبات فريش تساعد في إنقاص الوزن دون مجهود    موعد نهاية امتحانات الصف الخامس الابتدائي وبداية الإجازة بالقاهرة    قطاع الناشئين بالأهلي يرفض يانكون    ذكرى ميلاد فاتن حمامة فى كاريكاتير اليوم السابع    حواس يخرج عن صمته... مستشار زاهي يرد على جو روجان    كارولين عزمي تتألق في أحدث ظهور.. والجمهور يعلق:"راوية البطل"    "ملكة جمال الكون" تضع تامر حسني والشامي في قوائم المحتوى الأكثر رواجا    تشابي ألونسو يسعى لخطف "جوهرة باريس"    ميار شريف تخسر منافسات الزوجي وتودع رولان جاروس من الدور الأول    غياب ثلاثي الأهلي وبيراميدز.. قائمة منتخب المغرب لفترة التوقف الدولي المقبلة    6 أدعية مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. أيام لا تُعوض    بيان هام من تنظيم الاتصالات حول مؤشرات جودة خدمات الصوت لشركات المحمول    رئيس مجلس النواب مهنئا بعيد الأضحى: ندعو أن يتحقق ما يصبو إليه شعب مصر    محافظ دمياط يفتتح وحدتي السكتة الدماغية والرعاية المركزة بمستشفى كفر سعد    مصدر أمني ينفي تعدي قوة أمنية على شخص بالإسكندرية مما أدى إلى وفاته    5 فوائد صحية مذهلة للعنب.. (تعرف عليها)    السجن 15 سنة لمتهمين باستعراض القوة وإحراز سلاح نارى فى سوهاج    مؤتمر الأعمال العُماني الشرق أفريقي يبحث الفرص الاستثمارية في 7 قطاعات واعدة    وزير خارجية ألمانيا ل إسرائيل: لن نتضامن معكم بالإجبار    شيخ الأزهر: صور إعلامية مضلِّلة تسللت لبلادنا عبر إعلاميين صدروا ثقافة زائفة    كلوب "مصدوم" من حادث احتفالات ليفربول    لأول مرة منذ 34 عاما.. اليابان تفقد لقب "أكبر دائن عالمي" لصالح ألمانيا    نشاط للرياح وارتفاع أمواج البحر على سواحل البحر المتوسط بالإسكندرية.. فيديو    الإدارة العامة للمرور تبدأ تجربة «الرادار الروبوت» المتحرك لضبط المخالفات على الطرق السريعة    قرار رئاسي بإنشاء جامعة أهلية في الغربية    زينة تروي تفاصيل مرعبة عن هجوم كلب شرس على طفليها    قراءة فى نصوص اتفاقية مكافحة الأوبئة    خلال 24 ساعة.. ضبط 146 متهمًا بحوزتهم 168 قطعة سلاح ناري    تؤكد قوة الاقتصاد الوطني، تفاصيل تقرير برلماني عن العلاوة الدورية    حكم صيام العشر الأوائل كاملة وهل يجوز بنية القضاء.. أمين الفتوى يوضح    اليوم| إقامة ثاني مباريات نهائي دوري السوبر لكرة السلة بين الاتحاد والأهلي    في إطار التعاون الثنائي وتعزيز الأمن الصحي الإقليمي.. «الصحة»: اختتام أعمال قافلتين طبيتين بجيبوتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطلوب رائد فضاء
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 11 - 2008

«مطلوب طيارين للعمل بصيدلية فى مدينة نصر خبرة أربع سنوات، والفسبا متوفرة».. عندما قرأت هذا الإعلان فى بعض صحف القاهرة، رحت أفرك عينى، يا ترى ماذا ستفعل صيدلية فى مدينة نصر بالطيارين؟ وما هذه الفسبا التى يقول الإعلان إنها متوفرة؟.. ثم قرأت أن مطعماً آخر فى المهندسين يطلب طيارين أيضاً، ولم أفهم الحكاية.
لم أر أى قاسم مشترك بين المطعم والصيدلية والطيران. والحقيقى أننى كنت أستحى من أن أستفسر عن هذا اللغز وأنا فى القاهرة، لأننى، كمعظم الصعايدة، لا نريد أن نؤكد للقاهريين الصورة النمطية الجاهزة عن الصعيدى الذى يجهل «حداقة» الشمال.
 ولأن إخوتى هم الذين سيسترون على جهلى ويقبلوننى على علاتى، رفعت السماعة وسألت أحدهم قائلا له: «ماتآخذنيش فى جهلى، بس اليوم قرأت إعلانين فى صحيفة أذهلانى، إعلاناً عن وظيفة طيار للعمل فى صيدلية، وآخر عن وظيفة طيار للعمل بمطعم، هو إيه علاقة الطيران بالمطاعم والصيدليات؟» انفجر فى الضحك، ولما التقط أنفاسه، هذا بعد أن نادى على جميع إخوتى للاستماع إلى هذه الخربطة، فسر لى قائلا «الطيار عندنا هو الرجل الذى يركب الموتوسيكل ويجرى به فى زحام القاهرة، مرة يسير على الرصيف ومرة بين السيارات لتوصيل البيتزا الساخنة إلى المنازل. وبعضهم يوصل طلبات الأدوية من وإلى الصيدليات، هذا هو الطيار فى التعريف الجديد»..
أدركت وقتئذ أننى قد غبت عن مصر كثيراً، وفى غيبتى تسلقت جدران البلد لغة جديدة، كنبات طفيلى سريع النمو، هى لغة الروشنة والطحن والناس المشفرة. لكن فكرة الطيار هذه لفتت نظرى إلى عالم رواد الفضاء.
وهنا لا أعنى برواد الفضاء من هم مثل الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزير، أول رائد فضاء عربى، ربما هذا ما يتبادر إلى ذهن القارئ، فرائد الفضاء الذى عنيته ليس ذاك الذى يذهب إلى القمر فى مركبة فضائية، أو حتى عن طريق المسبار الهندى.
 رائد الفضاء الذى أقصده هنا، مثله مثل الطيار فى إعلانى الصحيفتين المصريتين اتخذ منحى آخر، فاليوم هناك مجموعة ممن يرتادون المحطات الفضائية بشكل يومى، وهم كعمال توصيل البيتزا يركبون موتوسيكلاً ليتنقلوا بسرعة وسط الزحام من مكتب فضائية فى ماسبيرو إلى أخرى فى الدقى أو فى مدينة الإعلام بالهرم، إلخ.. إلخ.
ظاهرة رواد الفضاء تسهم فيما سميته سابقاً الحضارة الشفوية، أناس يتحدثون بما يعرفون ولا يعرفون على الهواء مباشرة، هؤلاء النوعية من البشر لا ينفع معهم قانون «البث» الإعلامى، الذى تقدم به وزراء الإعلام العرب مؤخراً، المطلوب هنا هو ال «بس» الإعلامى، أى أن يقول أحد لهم «بس كفاية كده». فى الغرب لايزال الكثيرون يستحون من أن يقولوا إنهم تلقوا الأخبار عن طريق التليفزيون، لأن ذلك يضع المتحدث فى عداد الشفويين، الذين لا طاقة لهم بالبحث عن المعلومة.
 الأخبار فى الغرب تؤخذ عادة من الصحف، وحتى الصحف فلها تراتبية معينة، والثقافة من الكتب والسينما والمسرح. أما عندنا فأصبحنا اليوم نتلقى كل شىء عن طريق الشاشات، لم نعد شفويين فقط، بل أصبحنا قوماً فضائيين، وفى ذلك معنى الفضائيات والكلام الفاضى أيضاً.
لدينا اليوم أكثر من أربعمائة قناة تليفزيونية عربية، هذا الثابت منها، أما ما يظهر ويختفى فى إطار البث التجريبى فيصل إلى أكثر من مائة. لكل هذه القنوات مطلوب رواد فضاء، يتحدثون فى الدين وفى السياسة وفى الطبيخ وفى الاقتصاد وفى كرة القدم وكرة السلة وكرة المضرب وفى الكرة الأرضية أيضاً. وجوه لا تعرف من اختارها لملء هذا الفراغ العشوائى فى حياتنا.
القنوات اليوم تتخذ أسماء غريبة عجيبة، بعضها عائلى وبعضها رمزى، مثل الساعة والولاعة، وخليفة، الشرقية والغربية، والحرة «اللى مش حرة قوى»، والمستقلة «اللى مش مستقلة قوى برضه»، إلخ.. إلخ.
 هناك قناة تديرها وتعمل فيها عائلة واحدة، منها المذيعون والمعلقون لمدة أربع وعشرين ساعة، يظهر فيها الرجل وأولاده فقط، يقدمون النشرات ويجيبون عن أسئلة المشاهدين، ويقدمون الفتاوى الدينية والسياسية، ولا ينقصهم إلا أن يقوموا بتمثيل فيديو كليب.
فى هذا الجو الفضائى الذى يتيح لكل واحد وأخيه وابن عمه أن تكون لهم قناة، لا تعجب إذا قرأت بعد قليل إعلانا فى الصحيفة يقول: «مطلوب رائد فضاء»، فهذا لا يعنى أن الإعلان يطلب رائد فضاء يعمل فى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أو الفضائية الروسية، إنما قد يكون إعلاناً لرائد فضاء فى قناة «الحرة» أو «روسيا اليوم» أو قناة «خليفة» أو قناة «الحلفاء» أو حتى قناة «المحور»، أو قناة السويس. و«الفسبا متوفرة»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.