استضافت القاهرة أمس اجتماعاً إقليمياً للدول العربية المطلة على البحر الأحمر، ضم مسؤولين من مصر والسعودية واليمن والسودان والأردن، لمناقشة تنامى ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية وفى غرب المحيط الهندى، وهى الظاهرة التى تنامت مؤخرا وتسببت فى أزمة دولية جراء قيام القراصنة الصوماليين بخطف عدد كبير من السفن آخرها ناقلة نفط سعودية عملاقة. وركزت الدول المشاركة فى الاجتماع على كيفية جعل البحر الأحمر «نظيفاً» من هذه الظاهرة، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع وصول القراصنة الصوماليين لممارسة نشاطهم فى مياه البحر الأحمر، وهو الأمر الذى تعتبره هذه الدول مهددا للأمن القومى بها. كان من اللافت مشاركة الجامعة العربية فى الاجتماع، حيث مثلها السفير أحمد بن حلى، مساعد الأمين العام للجامعة العربية للشؤون السياسية، فى الوقت الذى غابت فيه إريتريا بالرغم مما تردد خلال الأيام القليلة الماضية عن مشاركتها فى الاجتماع، بينما شاركت فى الاجتماع السفيرة وفاء بسيم، مساعد وزير الخارجية المصرى، وعلى العياشى، نائب وزير خارجية اليمن، واللواء صالح الديس، من السعودية، والعميد بحرى عادل عبدالرحمن، عن السودان، والقائم بالأعمال الصومالى وسفير جيبوتى بالقاهرة فيما اعتذرت أريتريا عن عدم الحضور . أكد السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية، أن مصر «تدرس كل الخيارات» للتعامل مع أزمة القرصنة التى تصاعدت مؤخرا، مشددا على أن كل الخيارات «مفتوحة أمام الجانب المصرى». وقال زكى، فى تصريحات قبيل الاجتماع التشاورى العاجل، إن منظومة الأمن القومى المصرى تعمل فى مثل تلك الأمور «بشكل مكثف وتدرس جميع الاحتمالات وما يمكن اتخاذه من اجراءات، وما إذا كنا سنكتفى بالانضمام إلى الجانب السياسى والدبلوماسى أم نصعد ونستخدم إجراءات أخرى أو ندخل فى خيارات أخرى». وشدد على «أن كل الخيارات أمام مصر مفتوحة، وأن خياراتها لا تقتصر على أسلوب واحد فى معالجة هذه الأزمة، لأنها تؤثر على حركة الملاحة من وإلى البحر الأحمر، وهو ما تسبب فى خوف البعض من المرور فى هذه المنطقة واللجوء إلى طرق بحرية بديلة». وصف زكى الوضع المتعلق بالقرصنة بأنه «صعب جدا وغريب». وقال: «يبدو لنا من المعلومات المتاحة فيما يتعلق بعمليات القرصنة إن المسألة بدأت تأخذ أبعاداً كثيرة، فالكثير من القراصنة يحملون جنسيات أخرى فضلا عن وجود قراصنة من الصوماليين». وأشار إلى أن عمليات القرصنة فى البحر الأحمر تصيب الجميع بحالة من القلق على الملاحة من وإلى البحر الأحمر، لافتا إلى أن كل دولة ستطرح ما لديها من أفكار يمكن اتخاذها لتأمين الملاحة فى البحر الأحمر. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك مخاوف من عدم أخذ زمام المبادرة وترك دول أخرى سواء أفريقية أو أوروبية أو الولاياتالمتحدة لتنفيذ عمل عسكرى دون مشاركة مصر أو الدول المطلة على البحر الأحمر، قال السفير حسام زكى: «الدول الأفريقية ليست لديها القدرة للدخول فى مثل هذا الموضوع، والدول التى لديها القدرة هى أوروبا والولاياتالمتحدة وبعض الدول الآسيوية الكبرى، ولكن الهدف المصرى هو أن نصل إلى وسيلة نؤمن بها هذه المنطقة، وهذا يتطلب جهدًا مشتركًا بين كل الدول، وأولها دول المنطقة لأنها معنية بشكل مباشر بهذا الموضوع». من جانبها أكدت السفيرة وفاء بسيم، مساعد وزير الخارجية لشئون مكتب الوزير، رئيس وفد مصر فى المؤتمر، أهمية أن يظل البحر الأحمر نظيفا لمصر لاعتبارات كثيرة من بينها ارتباطه بقناة السويس والملاحة فيها باعتبارها الممر المائى الأهم دوليا حفاظا على سيادتنا الإقليمية والوطنية، وعلى مياهنا فى البحر الأحمر، وأيضا للنظر ومتابعة الإجراءات الدولية التى تتم خارج البحر الأحمر لمواجهة هذه الظاهرة. وشددت على أن الهدف من جانب مصر هو مناقشة هذه الظاهرة قبالة السواحل الصومالية والجهود الدولية والإقليمية لمكافحة القرصنة للتوصل إلى رؤية مشتركة حول أسباب تنامى الظاهرة وجوانبها وأبعادها وتنسيق مواقفنا بشأن كيفية التعامل والحد من آثارها والحيلولة دون امتدادها إلى البحر الأحمر ليظل نظيفًا، وأوضحت أن الاجتماع يعقد برئاسة مصرية يمنية مشتركة لأن اليمن تبذل جهودا منذ فترة فى البحث عن وسائل وإجراءات لمواجهة هذه الظاهرة. من جانبه اعتبر السفير أحمد بن حلى، الأمين العام المساعد للجامعة العربية تمت فى تصريحات على هامش الاجتماع أن تنامى موجة القرصنة يدفع للتساؤل والاستغراب، مشيرا إلى أن «هناك مبادرات من خارج المنطقة ولكن تمت بلورتها بدون مشاورة الدول المعنية بالقضية». وقال بن حلى: «إن اجتماع القاهرة لابد أن يأخذ عدداً من التوصيات والإجراءات العملية من الجانبين السياسى والقانونى، إضافة الى الجانب الأمنى، وكذلك التنسيق العربى الأفريقى بين الدول المطلة»، مشيراً إلى ضرورة إيجاد رؤية وموقف عربى يتم بعده التشاور والتنسيق مع الأطراف الدولية. وحول تفسيره لاتساع قوة القراصنة فى هذه المنطقة قال بن حلى: «توجد علامة استغراب كبيرة للقوة التى ظهر بها القراصنة فى هذا الوقت»، مشيرا إلى أنه لا يجب إغفال وجود الجريمة العابرة للحدود كما أن هناك مجرمين على مستوى عالمى يستطيعون الاستفادة من أى فراغ أو ظاهرة مثل القرصنة لمزيد من الكسب.