لمدة 3 أيام.. بدء سريان هدنة فلاديمير بوتين بين روسيا وأوكرانيا    مصادر عسكرية سودانية: مسيرة تستهدف مقر الكلية الجوية شمال بورتسودان    100 شهيد خلال 24 ساعة.. الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة    الغندور حكما لمباراة الأهي والمصري البورسعيدي بالدوري    رئيس "القومي للمرأة" تبحث التعاون مع وزيرة الأسرة التونسية    هيونداي إليكسيو الرياضية.. سيارة كهربائية جديدة متعددة الاستخدامات في الصين    نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    رسميًا.. انطلاق سيارات Lynk & Co لأول مرة في مصر - أسعار وتفاصيل    الرئيس السوري يكشف لأول مرة عن محادثات غير مباشرة مع إسرائيل    إعلام حكومة غزة: نرفض مخططات الاحتلال إنشاء مخيمات عزل قسري    مصر ترحب ب«وقف إطلاق النار في اليمن مع واشنطن»: دفعة لجهود الأمن بالمنطقة    ارتفاع حصيلة ضحايا الضربات الهندية على باكستان إلى 31 قتيلا    قاض أمريكي يمنع ترحيل مهاجرين إلى ليبيا    طلب إحاطة بالبرلمان لمحاكمة مافيا سماسرة وشركات الحج    «نصيحة أعادت زيزو إلى الزمالك».. ميدو يكشف تطورات أزمة نجم الأبيض    ميدو: سيتم رفع إيقاف قيد الزمالك خلال الأسبوع المقبل    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    إكرامي: «شريف عمل إنجازات كبيرة.. ولو استمر في الملاعب هيتخطى الحضري»    مدرب منتخب تونس للشباب: نشعر بخيبة أمل كبيرة بعد ثلاثية المغرب    تحويلات مرورية بدائري السلام بعد تصادم عدد من السيارات ووقوع إصابات (فيديو وصور)    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    الرابع.. بلاغ بتعرض طفل جديد لهتك عرضه على يد "بعرور كفر الدوار"    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    بعد انخفاضه في 8 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 8 مايو 2025    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم والأرصاد تُحذر من ظاهرة جوية «مؤثرة»    خريطة العام الدراسى المقبل: يبدأ 20 سبتمبر وينتهي 11 يونيو 2026    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    "أولياء الأمور" يشكون من جداول امتحانات الترم الثاني: تؤثر على نفسية الطلاب    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    سعر الذهب اليوم الخميس 8 مايو محليًا وعالميًا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    «فستانك الأبيض» تحتفظ بصدارة يوتيوب.. ومروان موسى يطيح ب«ويجز» بسبب «الرجل الذي فقد قلبه»    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    قبل الإعلان الرسمي.. لجنة الاستئناف تكتفي باعتبار الأهلي مهزوم أمام الزمالك فقط (خاص)    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    بعد تداولها على مواقع التواصل، مصدر يرد على جدل قائمة مصروفات جامعة القاهرة الأهلية    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أسامة الغزالى حرب يكتب: نعم‏ لدينا‏ سياسات‏ بديلة
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 11 - 2008

إحدى‏ المقولات‏ التى‏ ترددت‏ مؤخرا‏ على‏ لسان‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ فى‏ مؤتمره‏ الأخير‏ هى‏ أن‏ المعارضة‏ تعارض‏ فقط‏، «‏ولكنها‏ لا‏ تقدم‏ سياسات‏ بديلة‏ محددة‏» واشترك‏ فى‏ ترديد‏ هذه‏ المقولة‏، بصياغات‏ مختلفة،‏ قادة‏ الحزب‏ القدامى‏ والجدد‏.
 ‏حسنا‏! من‏ المفترض‏ فعلا‏ أن‏ أحزاب‏ المعارضة‏ فى‏ البلاد‏ الديمقراطية‏ تكون‏ لها‏ سياساتها‏ العامة‏ البديلة‏، وبرامجها‏ المفصلة‏، التى‏ تكون‏ على‏ استعداد‏ لتطبيقها‏ لحظة‏ توليها‏ الحكم‏، بل‏ غالبا‏ ما‏ يكون‏ لديها‏ أيضا‏ «‏حكومة‏ ظل‏» تشمل‏ أسماء‏ الشخصيات‏ القيادية‏ من‏ الحزب‏ المرشحة‏ لتولى‏ المناصب‏ الوزارية‏ والرئيسية‏ فى‏ الدولة‏.
 ‏ولذلك‏ فإن من‏ حق‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏، ومن‏ حق‏ الرأى‏ العام‏ كله‏ أن‏ يتساءل‏ فعلا‏ عن‏ السياسات‏ البديلة‏ التى‏ تطرحها‏ الأحزاب‏ السياسية‏ الأخرى‏. غير‏ أننى‏ -‏قبل‏ أن‏ أعرض‏ للحديث‏ عن‏ تلك‏ السياسات‏ البديلة‏- أود‏ أن‏ أطرح‏ بعض‏ الملاحظات‏، فهذا‏ التوجه‏ المتناسق‏ من‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏ مؤخرا‏ يعكس‏ -‏أولاً‏- إحساسا‏ مثيرا‏ للدهشة‏ بأن‏ السياسات‏ العامة‏ الحالية‏ للحزب‏ هى‏ إنجاز‏ كبير‏، وأنه‏ ليس‏ بالإمكان‏ أبدع‏ مما‏ كان‏! مع‏ أن‏ إخفاق‏ هذه‏ السياسات‏ هو‏ حقيقة‏ يلمسها‏ ويعيشها‏ الغالبية‏ الساحقة‏ من‏ المواطنين‏ المصريين‏: فى‏ المدارس‏ والجامعات‏ والمستشفيات‏ .. فى‏ المساكن‏ والطرقات‏، فى‏ داخل‏ مصر‏ وخارجها‏!
‏والملاحظة‏ الثانية‏، أنه‏ مع‏ ضرورة‏ أن‏ يكون‏ لدى‏ المعارضة‏ سياساتها‏ ورؤاها‏ البديلة‏، فإن‏ وظيفتها‏ الأساسية‏ تظل‏ -‏طالما‏ هى‏ خارج‏ الحكم‏- أن‏ تراقب‏ أعمال‏ الحكومة‏، وتكشف‏ نواحى‏ نقصها‏ وقصورها‏! -‏ثالثا‏- أنه يفترض من‏ الأحزاب‏ السياسية‏ جميعها‏ (‏سواء‏ كانت‏ معارضة‏ أو‏ حاكمة‏) أن‏ تسهم‏ بفعالية‏ -‏وبشكل‏ متكافئ‏!- فى‏ العملية‏ السياسية‏ فى‏ المجتمع‏، وأن‏ تتيح‏ المشاركة‏ السياسية‏ للمواطن‏، وأن‏ تكون‏ مدارس‏ للتربية‏ السياسية‏ والتثقيف‏ السياسى‏ للمواطنين، وكذلك‏ لتربية‏ الكوادر‏ والقيادات‏ السياسية‏.
فهل‏ أثار‏ أحد‏ من‏ الحزب‏ الوطنى‏ الدور‏ المقارن‏ الذى‏ تلعبه‏ الأحزاب‏ المصرية‏ فى‏ هذا‏ المجال؟‏ وهل‏ يقوم‏ الحزب‏ الوطنى‏ -‏مثلا‏- بتلك‏ الوظائف‏ على‏ نحو‏ بناء‏ ويخدم‏ التطور‏ السياسى‏ والديمقراطى‏ فى‏ مصر؟‏! إننى‏ أطرح‏ هنا‏ -‏بالمناسبة‏- هذا‏ السؤال‏، وأتمنى‏ أن‏ أسمع‏ إجابة‏ عنه‏!
‏الملحوظة‏ الرابعة‏، أن‏ قدرة‏ أحزاب‏ المعارضة‏ على‏ تقديم‏ «‏سياسات‏ بديلة‏» ترتبط‏ بتوافر‏ العقول‏ والخبرات‏ المتميزة‏ فى‏ المجالات‏ المختلفة‏ لديها‏، بل‏ وكذلك‏ قدرتها‏ على‏ جذب‏ تلك‏ العقول‏ والخبرات،‏ وأعتقد‏ أن‏ أحزاب‏ المعارضة‏ تمتلك‏ بالفعل‏ من‏ العقول‏ والخبرات‏ المصرية‏، ما‏ يمكنها‏ من‏ وضع‏ سياسات‏ بديلة‏ متميزة‏، بل‏ وأن‏ تجتذب‏ إليها‏ من‏ تستفيد‏ من‏ خبراتهم‏ من‏ العناصر‏ المستقلة‏.
والواقع‏، أن‏ النظام‏ السياسى‏ المصرى‏ فى‏ عقوده‏ الخمسة‏ الأخيرة‏ .. أفلح‏ فى‏ استبعاد‏ وتهميش‏ العديد‏ من‏ العقول‏ والخبرات‏ المصرية‏ فى‏ مجالات‏ الاقتصاد‏ والعلوم‏ الاجتماعية‏ والطب‏ والهندسة‏ والعلوم‏ الطبيعية‏ لأسباب‏ كثيرة‏ لا‏ محل‏ للإفاضة‏ فيها‏ هنا‏، وبالتالى‏ حرم‏ الشعب‏ المصرى‏ من‏ أفكار‏ وإسهامات‏ العديدين‏ من‏ أبنائه‏ النوابغ‏ الذين‏ اختاروا‏ الهجرة‏ للخارج‏ أو‏ العزلة‏ بالداخل‏!‏
وأخيرا‏ً.. علينا‏ أن‏ نلاحظ‏ أن‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ عندما‏ هاجموا‏ «‏المعارضة‏» وافتقادها‏ لسياسات‏ بديلة‏، إنما‏ كان‏ واضحا‏ أنهم‏ يقصدون‏ كل‏ من‏ يعارض‏ الحزب‏ الوطنى‏، ويعبر‏ علنا‏ عن‏ تلك‏ المعارضة‏، وهو‏ ما‏ يشمل‏ ليس‏ فقط‏ الأحزاب‏ السياسية‏ «‏الشرعية‏»، وإنما‏ أيضا‏ القوى‏ والحركات‏ السياسية الأخرى‏ ومنظمات‏ المجتمع‏ المدنى‏ والصحف‏ المستقلة‏ والشخصيات‏ العامة‏ .. وبداهة‏، فإن المطلوب‏ منهم‏ أن‏ يقدموا‏ السياسات‏ العامة‏ البديلة‏ هم‏ فقط‏ الأحزاب‏ السياسية‏، التى‏ كانت‏ -‏فى‏ الواقع‏- الأقل‏ قسوة‏ فى‏ نقدها‏ للحكومة‏ ولسياساتها‏ ورموزها‏!‏
فإذا‏ عدنا‏ إلى‏ سؤال‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ هل‏ تملك‏ أحزاب‏ المعارضة‏ سياسات‏ بديلة‏ (‏إيجابية‏) تتجاوز‏ النقد‏ (‏السلبى‏) لسياسات‏ الحكومة؟‏! أقول‏ على‏ الفور‏ نعم‏ تمتلك‏! فهناك‏ ابتداء‏ برامج‏ هذه‏ الأحزاب‏ التى‏ تتضمن‏ -‏بداهة‏- رؤيتها‏ للمشاكل‏ الأساسية‏ ولسياسات‏ المناهج‏ الكفيلة‏ كلها‏.
 ‏وفيما‏ يتعلق‏ بحزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ -‏تحديدا‏- فإن‏ برنامجه‏ المعلن‏ (‏فى‏ حوالى‏ 160 صفحة‏) يتضمن‏ -‏بالإضافة‏ إلى‏ مبادئ‏ وأهداف‏ الحزب‏- سياسات‏ بديلة‏ تتعلق‏ بكل‏ من‏: السياسة‏ الداخلية، والاقتصاد‏، والتعليم‏ والبحث‏ العلمى، والصحة‏ والإسكان‏ والثقافة‏ والصحافة‏ والإعلام‏ والبيئة‏ والرياضة‏ والأمن‏ القومى‏ والسياسة‏ الخارجية‏، فضلا‏ عن‏ ملاحق‏ إضافية‏ عن‏ الإصلاح‏ الدستورى‏، وإحياء‏ مشروع‏ توشكى‏، ومواجهة‏ المشكلات‏ الصحية‏ الخطيرة‏ والعاجلة‏ فى‏ مصر‏ ورعاية‏ ذوى‏ الاحتياجات‏ الخاصة‏.
‏والتربية‏ المدنية‏ للمواطن‏ المصرى‏، وأخيراً‏ رؤية‏ خاصة‏ عن‏ السياسة‏ المصرية‏ تجاه‏ السودان‏! وسوف‏ أكون‏ سعيدا‏ للغاية‏ لو‏ علمت‏ أن‏ أحدا‏ من‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏ اهتم‏ بالاطلاع‏ على‏ هذا‏ البرنامج‏ والتعليق‏ عليه‏!
وفى‏ نوفمبر‏ من‏ العام‏ الماضى‏ 2007 أصدر‏ حزب‏ الجبهة‏ تقييما‏ موضوعيا‏ شاملا‏ لما‏ تحقق‏ وما‏ لم‏ يتحقق‏ من‏ برنامج‏ الرئيس‏ مبارك‏ الانتخابى‏ الذى‏ أعلنه‏ عام‏ 2005 أعده أحد القيادات البارزة وطبع‏ منه‏ ألفا‏ نسخة‏ وزعت‏ على‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏، وعلى‏ كافة‏ الشخصيات‏ العامة تتزامن‏ مع‏ المؤتمر‏ العام‏ الرابع‏ للحزب‏ فى‏ 2007 ولم‏ يلتفت‏ أحد‏ من‏ الحزب‏ الوطنى‏ على‏ الإطلاق‏ لهذا‏ الجهد‏ العلمى‏ المتميز‏!
‏وبداهة‏، فإن‏ رد‏ الفعل‏ هذا‏ جعلنا‏ نحجم‏ عن‏ تكرار‏ التجربة‏ ونتشكك‏ تماما‏ فى‏ أى‏ توجه‏ من‏ الحزب‏ الحاكم‏ للتفاعل‏ الجاد‏ مع‏ المعارضة‏ الموضوعية‏!. ومازالت‏ لدينا‏ نسخ‏ من‏ هذا‏ التقرير‏ على‏ استعداد‏ لإرسالها‏ لمن‏ يهمه‏ الأمر‏!
وفى‏ هذا‏ العام‏ وتحديدا‏ فى‏ 15 أبريل‏ -‏أى‏ بعد‏ الانتخابات‏ العامة‏ العادية‏ الأولى‏ للحزب‏ فى‏ 29 مارس‏ 2008 بخمسة‏ عشر‏ يوما‏ فقط-‏ عقد‏ الحزب‏ ندوة‏ عن‏ «‏الاقتصاد‏ المصرى‏ فى‏ مواجهة‏ التحديات‏»، شارك‏ فيها‏ -‏إلى‏ جانب‏ د‏. سلوى‏ سليمان‏ «‏أستاذة‏ الاقتصاد‏ بجامعة‏ القاهرة‏ وعضو‏ المكتب‏ التنفيذى‏ للحزب‏» كل‏ من‏ د‏. أحمد‏ جلال‏، وعبدالخالق‏ فاروق‏، ود‏. محمد‏ السيد‏ سعيد‏، ود‏. محمد‏ عبدالسلام‏، ومحمود‏ عبدالعزيز‏، ود‏. هبة‏ حندوسة‏، ووزعت‏ أعمال‏ ومناقشات‏ تلك‏ الندوة‏ على‏ كل‏ من‏ يهمه‏ الأمر‏ فى‏ الحزب‏ والحكومة‏!
‏وإذا‏ تركنا‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ وتلفتنا‏ إلى‏ ما‏ يجرى‏ على‏ الساحة‏ العامة‏ فى‏ مصر‏، فقد‏ كان‏ آخر‏ الجهود‏ فى‏ ذلك‏ الشأن‏ المؤتمر‏ الذى‏ عقده‏ مجموعة‏ من‏ الشخصيات‏ العامة‏ فى‏ مصر‏ والتى‏ ينشط‏ معظمها‏ فى‏ حركات‏ احتجاجية‏ (‏مثل‏ كفاية‏ و‏9 مارس‏ ... إلخ‏) فى‏ نقابة‏ الصحفيين‏ يوم‏ السبت‏ الماضى‏، ثم‏ فى‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ يومى‏ الأحد‏ والإثنين‏ 9 و‏10 نوفمبر‏ تحت‏ عنوان‏ «‏نحو‏ سياسات‏ بديلة‏»
 ‏وناقش‏ المؤتمرون‏ سياسات‏ عامة‏ بديلة‏ مقترحة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الوطنى‏ فى‏ مجالات‏: التعليم‏ والتشغيل‏ والفقر‏ والعدالة‏ الاجتماعية‏، والاستثمار‏ والخصخصة‏ والصناعة‏، وفى‏ مجالات‏ المواطنة‏ والديمقراطية‏، والسياسة‏ الصحية‏، وسياسة‏ الإسكان‏ والمرافق‏، والسياسة‏ الزراعية‏.. شارك‏ فيها‏ جميعا‏ بعض‏ من‏ أفضل‏ عقول‏ مصر‏ على‏ الإطلاق‏ فى‏ كل‏ المجالات‏!
‏والمثير أن‏ هذا‏ المؤتمر المهم‏،‏ وما‏ طرحه‏ من‏ سياسات‏ وأفكار‏، لم‏ يحظ إلا‏ بالقدر‏ اليسير‏ من‏ التغطية‏ الإعلامية‏ فى‏ بعض‏ الصحف‏ المستقلة‏! أما‏ الصحف‏ «‏القومية‏» (!) على‏ ما‏ أعلم‏ فلم‏ تنشر‏ عنه‏ شيئا‏ على‏ الإطلاق‏.‏
على‏ أى‏ حال‏، لست‏ هنا‏ فى‏ معرض‏ استعراض‏ ما‏ تقدمه‏ الأحزاب‏ المصرية‏، والقوى‏ والحركات‏ السياسية‏ المصرية‏ من‏ سياسات‏ بديلة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الوطنى‏ الراهنة‏، ولكن‏ ما‏ يستحق‏ التأكيد‏ عليه‏ هو‏ أن‏ تلك‏ الأحزاب‏، استنادا‏ إلى‏ خلفياتها‏ الأيديولوجية‏ الفكرية‏ المختلفة‏ إنما‏ يسهم‏ كل‏ منها‏ فى‏ تسليط‏ الضوء‏ على‏ جانب‏ أو‏ آخر‏ من‏ القضايا‏ العامة‏، وبالتالى‏ فإن‏ قيامها‏ من‏ مواقع‏ مختلفة‏ بنقد‏ السياسات‏ العامة‏ يسهم‏ بلا شك‏ فى‏ إعادة‏ التوازن‏ لتلك‏ السياسات‏ وتلافى‏ أوجه‏ القصور‏ فيها‏ وبدون‏ الحاجة‏ إلى‏ تقديم‏ بديل‏ كامل‏!
وعلى‏ سبيل‏ المثال‏ فإن‏ تركيز‏ حزب‏ معين على‏ فكرة‏ الحق‏ فى‏ السكن‏ للمواطن‏ من‏ خلال‏ إلقاء‏ الضوء‏ على التوسع السرطانى‏ فى‏ العشوائيات‏، يختلف‏ عن‏ تركيز‏ حزب‏ آخر‏ على‏ البعد‏ الاجتماعى‏ الواجب‏ مراعاته‏ عن‏ مواجهة‏ مشكلة‏ الإسكان‏، أو‏ عن‏ تركيز‏ حزب‏ ثالث‏ على‏ ضرورة‏ إتاحة‏ الفرصة‏ للمواطن‏ العادى‏ لبناء‏ مسكنه‏ بطريقة‏ اقتصادية‏ سليمة‏ من‏ خلال‏ قروض‏ ميسرة وشروط‏ سهلة‏ ... إلخ‏.
‏وبعبارة‏ أخرى‏ فإن‏ تلك‏ التوجهات‏ المختلفة‏ للأحزاب‏ السياسية‏ تسهم‏ -‏بشكل‏ غير‏ مباشر‏- فى‏ ترشيد‏ وتقويم‏ السياسات‏ التى‏ يطرحها‏ الحزب‏ الحاكم‏.‏
غير‏ أنه‏ -‏ بدون‏ أى‏ محاولة‏ لتقديم‏ المبرر‏ لتقاعس‏ أحزاب‏ سياسية‏ عن‏ القيام‏ بدورها‏- لابد‏ أن‏ نأخذ‏ فى‏ الاعتبار‏ -‏مرة‏ أخرى‏- الظروف‏ غير‏ المواتية‏ التى‏ تعمل‏ فيها‏ أحزاب‏ المعارضة‏ فى‏ مصر‏، والتى‏ تعوقها‏ دون‏ أداء‏ وظائفها‏ المفترض‏ قيامها‏ بها‏، ومن‏ بينها‏ اقتراح‏ السياسات‏ العامة‏ البديلة‏.
‏وربما‏ يكفى‏ هنا‏ أن‏ نعيد‏ التذكير‏ بحقيقتين‏ أولاهما‏: التدخل‏ المباشر‏ وغير‏ المباشر‏ من‏ بعض‏ أجهزة‏ الدولة‏ فى‏ شؤون‏ الأحزاب،‏ وزرع‏ أشخاص‏ بعينهم‏ أو‏ تشجيعهم‏، أو‏ على‏ الأقل‏ السكوت‏ عن‏ أعمالهم‏، لتخريب‏ الأحزاب‏ من‏ الداخل‏! والممارسات‏ فى‏ هذا‏ المجال‏ واضحة‏ كالشمس‏، وليست‏ أحداث‏ «‏حزب‏ الغد‏» الأخيرة‏، إلا‏ آخر‏ الأمثلة‏!
‏وفى‏ هذا‏ المناخ‏ فإن‏ قدرة‏ الحزب‏ على‏ تقديم‏ سياسات‏ عامة‏ بديلة‏ تكاد‏ تقترب‏ من‏ الصفر‏، فى‏ وقت‏ ينشغل فيه بقضية وجوده‏ على‏ قيد‏ الحياة‏ أصلا‏!‏
الحقيقة‏ الثانية‏ هى‏ المعالجة‏ الإعلامية‏ الحكومية،‏ المنهجية‏ والمنظمة،‏ والرامية‏ دوما‏ إلى‏ تجاهل‏ أى‏ نشاط‏ بناء‏ للأحزاب‏ المعارضة‏، وتضخيم‏ مشاكلها‏.
 ‏وعلى‏ سبيل‏ المثال‏، فإن‏ المؤتمر‏ السابق‏ الإشارة‏ إليه‏ عن‏ السياسات‏ البديلة‏ والذى‏ عقد‏ بمقر‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ يومى‏ 9 و 10 نوفمبر‏ الماضيين‏ لم‏ يجد‏ أى‏ تغطية‏ إعلامية‏ من‏ الصحف‏ الحكومية‏ على‏ الإطلاق‏، فى‏ حين‏ حظى‏ نبأ‏ استقالة‏ أحد‏ القيادات بأمانة‏ حزب‏ الجبهة‏ بالقاهرة‏ بالنشر‏ الفورى‏ فى‏ صفحة‏ الدولة‏ بجريدة‏ الأهرام‏!
هذا‏ النهج‏ جعل‏ المواطن‏ المصرى‏ لا‏ يطالع‏ فى‏ الصحف‏ إلا‏ الأخبار‏ السلبية‏ والمحبطة‏ عن‏ الأحزاب‏ من‏ انشقاقات‏، واستقالات‏، وخلافات‏ .. ويواكبها‏ زرع‏ لمقولة‏ يتم‏ الإلحاح‏ عليها‏ صباحا‏ ومساء‏، وهى‏ أن‏ الأحزاب‏ ضعيفة‏ ولا‏ أمل‏ فيها‏!
 ‏وفى‏ واقع‏ الأمر‏ فإن‏ أى‏ نظام‏ مستبد‏ غير‏ ديمقراطى‏، لا‏ يحلم‏ بأكثر‏ من‏ هذا‏، أى‏ أن‏ يؤمن‏ الشعب‏ أنه‏ لا‏ أمل‏ فى‏ الأحزاب‏ السياسية‏! لأن‏ ذلك‏ معناه‏ - فقط‏ - أنه‏ لا‏ جدوى‏ ولا‏ أى‏ أمل‏ فى‏ ديمقراطية‏ ولا‏ يحزنون‏! أما‏ بقية‏ الإجابة‏ عن‏ السؤال‏: هل‏ هناك‏ سياسات‏ بديلة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الحاكم؟‏ فهى‏ فى‏ المقال‏ القادم‏ بإذن‏ الله‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.