اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    اعرف أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم... البلاميطا ب100 جنيه    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    مروان موسى عن ألبومه: مستوحى من حزني بعد فقدان والدتي والحرب في غزة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    الأهلي يقترب من الإتفاق مع جوميز.. تفاصيل التعاقد وموعد الحسم    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أسامة الغزالى حرب يكتب: سياسة‏ داخلية‏ بديلة‏!
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 11 - 2008

فى‏ الرد‏ على‏ المقولة‏ التى‏ كررها‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ (‏القدامى‏ والجدد‏) حول‏ أن‏ أحزاب‏ وقوى‏ المعارضة‏ لا‏ تملك‏ «‏سياسات‏ بديلة‏» وتكتفى‏ فقط‏ بالموقف‏ السلبى‏ الناقد‏ دوما‏ لسياسات‏ الحزب‏ الوطنى‏ الحالية، ذكرت‏ وأكدت‏ فى‏ مقالى‏ السابق‏ (‏المصرى‏ اليوم‏ 18/11) أن‏ تلك‏ الأحزاب‏ والقوى‏ لديها،
‏ومنذ‏ فترة‏ طويلة،‏ سياسات‏ بديلة‏ فى‏ كافة‏ الميادين، معظمها‏ موجود‏ ومنشور‏.. وتم‏ - ويتم‏ - تجاهلها‏ عمدا‏. وسوف‏ أبدا‏ هنا‏ بطرح‏ ما‏ تراه‏ قوى‏ المعارضة‏ بشكل‏ عام، وحزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ بشكل‏ خاص، من‏ سياسة‏ داخلية‏ بديلة، وأقصد‏ تحديدا‏ ما‏ يتعلق‏ بالتطوير‏ أو‏ الإصلاح‏ السياسى‏ الداخلى، وهو‏ ما‏ ورد‏ فى‏ مؤتمر‏ الحزب‏ الوطنى‏ الأخير‏ فى‏ ورقة‏ «‏حقوق‏ المواطنة‏ والديمقراطية‏» ضمن‏ «‏أوراق‏ السياسات‏».
 (‏وبالمناسبة، هل‏ هو‏ المؤتمر‏ «‏الخامس‏» -‏كما‏ أعلن‏ حينها‏ فعلا- أم‏ أنه‏ المؤتمر‏ «‏التاسع‏» كما‏ يعلن‏ الآن‏؟‏! على‏ أية‏ حال،‏ هذا‏ أفضل‏ من‏ أن‏ يقال‏ إنه‏ كان‏ المؤتمر‏ الأول؟‏!).
 ‏وقد‏ ذكرت‏ الورقة‏ المشار‏ إليها‏ أن‏ «‏الأولويات‏ الاستراتيجية‏» التى‏ تندرج‏ تحت‏ حقوق‏ المواطنة‏ والديمقراطية‏ تشمل:‏ دعم‏ الأسس‏ الدستورية‏ للنظام‏ السياسى‏ المصرى،‏ وتفعيل‏ دور‏ الأحزاب‏ ومؤسسات‏ المجتمع‏ المدنى، وتحقيق‏ العدالة‏ الناجزة، وتمكين‏ المرأة، ودعم‏ اللامركزية، وتنمية‏ ثقافة‏ الديمقراطية‏.
 ‏حسنا، فى‏ مواجهة‏ هذه‏ السياسة‏ العامة‏ المعلنة‏ من‏ الحزب‏ الحاكم‏ بشأن‏ حقوق‏ المواطنة‏ والديمقراطية،‏ أى‏ بشأن‏ الأوضاع‏ السياسية‏ الداخلية، أقول‏ وأؤكد‏ وأكرر‏ أن‏ هناك‏ سياسة‏ أخرى‏ مطروحة‏ بديلة‏ تتبناها‏ قوى‏ المعارضة‏ المصرية‏ منذ‏ ما‏ يقرب‏ من‏ عقدين‏ من‏ الزمان،
 ‏تجسدت‏ فى‏ أكثر‏ من‏ وثيقة‏ منشورة‏ ومعلنة‏ ويعرفها‏ ويتجاهلها‏ الحزب‏ الحاكم‏ (‏وقد‏ سبق‏ أن أشرت‏ إليها‏ فى‏ مقال‏ سابق‏ بالمصرى‏ اليوم‏ 7 أكتوبر‏ 2007) وكان‏ آخرها‏ وثيقة‏ الائتلاف‏ الديمقراطى‏ التى‏ وضعتها‏ أحزاب‏ المعارضة‏ الرئيسية‏ (‏الوفد، والتجمع، والناصرى، والجبهة‏ الديمقراطية‏) التى‏ دعت‏ إلى‏ وضع‏ دستور‏ جديد‏ لمصر،
 ‏وحددت‏ عناصر‏ برنامج‏ للإصلاح‏ أو‏ التغيير‏ بهدف‏ إنشاء‏ نظام‏ سياسى‏ ديمقراطى‏ كامل‏ فى‏ مصر.
كذلك،‏ فإن‏ الأحزاب‏ السياسية‏ المصرية، بل‏ كذلك‏ العديد‏ من‏ القوى‏ والحركات‏ السياسية‏ غير‏ الحزبية،‏ لها‏ أيضا‏ رؤاها‏ البديلة‏ والمتكاملة‏ للسياسة‏ الداخلية‏ أو‏ لما‏ يطرحه‏ الحزب‏ الوطنى‏ تحت‏ عنوان‏ «‏حقوق‏ المواطنة‏ والديمقراطية‏»، وهى‏ رؤى‏ معظمها‏ واضح‏ ومفصل‏ ويتم‏ تجاهلها‏ عمدا‏.
 ‏وسوف‏ يكون‏ من‏ المفيد‏ -‏فى‏ هذا‏ السياق‏- أن‏ أطرح‏ على‏ الرأى‏ العام‏ عناوين‏ «‏السياسة‏ الداخلية‏ البديلة‏» التى‏ يتبناها‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ فى‏ برنامجه‏ السياسى‏ المعلن، وكما‏ فصلها‏ بعد‏ ذلك‏ فى‏ مؤتمراته‏ وبياناته‏ وأنشطته‏ السياسية‏.‏
هذه‏ السياسة‏ البديلة‏ المطروحة‏ تندرج‏ تحت‏ عنوانين‏ كبيرين، أولهما‏: «‏التحول‏ السريع‏ والجذرى‏ والشامل‏ نحو‏ نظام‏ ديمقراطى‏ حقيقى‏ فى‏ مصر‏»، وثانيهما: «‏المواجهة‏ الحادة‏ والحاسمة‏ لكافة‏ صور‏ الفساد‏ التى‏ استشرت‏ مؤخرا‏ فى‏ مصر‏».‏
‏* سياسة‏ بديلة‏:‏
فيما‏ يتعلق‏ بالعنصر‏ الأول،‏ فإن‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ حدد‏ سياسته‏ البديلة‏ المعلنة‏ فى‏ الإجراءات‏ والخطوات‏ الآتية‏ :‏
‏- وضع‏ دستور‏ جديد‏ لمصر‏ على‏ أسس‏ ومبادئ‏ ديمقراطية‏ ليبرالية، وتلك‏ مهمة‏ يمكن‏ إنجازها‏ فى‏ ثلاثة‏ أشهر‏ على‏ أكثر‏ تقدير.
‏- إلغاء‏ قانون‏ الطوارئ، وإعادة‏ النظر‏ فى‏ الشروط‏ التى‏ توجب‏ فرض‏ حالة‏ الطوارئ، بما‏ يقيدها‏ من‏ حيث‏ الأسباب‏ والمدة‏ التى‏ تفرض‏ فيها‏.‏
‏- إلغاء‏ كافة‏ القوانين‏ الاستثنائية‏ المقيدة‏ للحريات‏.‏
‏- إلغاء‏ كافة‏ أنواع‏ المحاكم‏ الاستثنائية‏.‏
‏- إطلاق‏ حرية‏ تكوين‏ الأحزاب، فيما‏ عدا‏ الأحزاب‏ التى‏ تتناقض‏ صراحة‏ (‏بحكم‏ مبادئها‏ أو‏ تنظيمها‏) مع‏ النظام‏ الديمقراطى‏.‏
‏- إلغاء‏ كافة‏ القيود‏ على‏ تكوين‏ ونشاط‏ منظمات‏ المجتمع‏ المدنى‏ من‏ جمعيات‏ أهلية، ونقابات، واتحادات‏ ... إلخ، بما‏ فى‏ ذلك‏ تعديل‏ القوانين‏ المنظمة‏ لها‏.‏
‏- تحرير‏ الصحافة‏ القومية، والإنهاء‏ الكامل‏ للقبضة‏ الحكومية‏ والأمنية‏ عليها، وإعادة‏ تنظيم‏ أوضاعها‏ بما‏ يضمن‏ استقلاليتها‏ والاختيار‏ الذاتى‏ لقياداتها‏ وفق‏ المعايير‏ المهنية، وحسن‏ إدارتها‏ على‏ أسس‏ اقتصادية‏ سليمة‏ وشفافة‏.‏
‏- تحرير‏ الإعلام‏ المرئى‏ والمسموع‏ (‏التليفزيون‏ والإذاعة‏) من‏ السيطرة‏ الحكومية‏ والأمنية، ووضع‏ القواعد‏ التى‏ تضمن‏ استقلاليته‏ وإدارته‏ لعمله، وفق‏ المعايير‏ المهنية، وإلغاء‏ كافة‏ التشريعات‏ واللوائح‏ التى‏ تتناقض‏ مع‏ مقتضيات‏ تحرره‏ واستقلاليته‏.‏
‏- إلغاء‏ جهاز‏ مباحث‏ أمن‏ الدولة‏.‏
‏- التحول‏ الجاد‏ والحاسم‏ والمدروس‏ نحو‏ اللامركزية‏ فى‏ إدارة‏ الدولة، وإطلاق‏ العنان‏ لكافة‏ الأفكار‏ والتصورات‏ لنقل‏ كثير‏ من‏ القرارات‏ والتشريعات‏ والإجراءات‏ التنفيذية‏ إلى‏ المستوى‏ المحلى،‏ ويتكامل‏ مع‏ هذا‏ إعادة‏ صياغة‏ التشريعات‏ والقوانين‏ واللوائح‏ التى‏ تنظم‏ العملية‏ الديمقراطية‏ على‏ المستويات‏ المحلية،‏ بدءا‏ من‏ المحافظات‏ وإلى‏ مستوى‏ المدن‏ والقرى‏ والأحياء،
 ‏وبما‏ فى‏ ذلك‏ انتخاب‏ المحافظين‏ والمسؤولين‏ الأدنى‏ للحكم‏ المحلى، وضمان‏ حسن‏ تسييرهم‏ لعملهم، والمراقبة‏ الفعلية‏ لأدائهم‏.‏
أما‏ فيما‏ يتعلق‏ بمواجهة‏ الفساد، فإن‏ السياسة‏ البديلة‏ المقترحة‏ من‏ جانب‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ تتضمن‏ الخطوات‏ الآتية‏ :‏
‏- التحقيق‏ الفورى‏ فى‏ كافة‏ أنواع‏ الوقائع‏ والأقوال‏ أو‏ الشائعات‏ بصرف‏ النظر‏ عن‏ مكانة‏ أو‏ منصب‏ الشخص‏ موضع‏ الاتهام، وتوفير الشفافية‏ والعلانية‏ الكاملة‏ لتلك‏ التحقيقات‏.‏
‏- ملاحقة‏ الهاربين‏ خارج‏ البلاد‏ من الفاسدين، والمتهمين‏ فى‏ قضايا‏ النصب‏ وتبديد‏ المال‏ العام‏ والإهمال‏ وغيرها‏.. والسعى‏ لدى‏ الجهات‏ الخارجية‏ لاستعادتهم‏ لمحاكمتهم‏ فى‏ مصر، ومحاسبة‏ كل‏ الذين‏ ساعدوهم‏ فى‏ الهرب‏ أو‏ التسلل‏ خارج‏ البلاد‏.‏
‏- تقنين‏ وتنظيم‏ العلاقة‏ بين‏ المسؤولين‏ التنفيذيين‏ على‏ كافة‏ المستويات، وبين‏ الأثرياء‏ ورجال‏ الأعمال، وتحقيق‏ الشفافية‏ الكاملة‏ فى‏ تلك‏ العلاقات‏ بما‏ يمنع‏ التداخل‏ بينهما، وبما‏ يضمن‏ ألا‏ تكون‏ تلك‏ العلاقة‏ مدخلا‏ لفساد‏ التنفيذيين، أو‏ للممارسة‏ المستغلة‏ غير‏ المشروعة‏ للأثرياء‏ ورجال‏ الأعمال‏.‏
‏- إعادة‏ النظر‏ في‏ أجور‏ ودخول‏ الموظفين‏ الصغار و‏موظفى‏ الحكم‏ المحلى، و‏‏فى‏ أسعار‏ ورسوم‏ الخدمات‏ وتعريفات‏ النقل، بما‏ يقلل‏ احتمالات‏ الرشوة‏ والفساد، ومخالفة‏ القوانين‏ واللوائح‏.‏
‏- إعادة‏ تنظيم‏ أجهزة‏ الرقابة، بما‏ يضمن‏ سلامة‏ عملها‏ وفقا‏ للقانون،‏ وبما‏ يؤدى‏ إلى‏ فاعليتها هذا‏ الأداء‏ فى‏ مواجهة‏ الفساد‏ وانتهاك‏ القوانين، والأخذ‏ الجاد‏ بملاحظاتها‏ وتحقيقاتها‏.‏
‏- دعوة‏ وتشجيع‏ المواطنين‏ على‏ الإبلاغ‏ عن‏ حالات‏ الفساد‏ التى‏ يصادفونها، ويعلمون‏ بها‏.‏
هذه‏ إذن‏ ملامح‏ «‏سياسة‏ بديلة‏» لحزب‏ سياسى‏ معارض‏ قائم‏ وشرعى، فى‏ مجال‏ «‏السياسة‏ الداخلية‏» أو‏ «‏المواطنة‏ والديمقراطية‏»! وهى‏ بالمناسبة‏ تشترك‏ فى‏ معظمها‏ مع‏ ما‏ تطرحه‏ أحزاب‏ المعارضة‏ الأخرى.
المشكلة‏ إذن ليست‏ فى‏ عدم‏ وجود‏ «‏السياسة‏ البديلة‏»، وإنما‏ هى‏ -‏تحديدا-‏ فى‏ التجاهل‏ العمدى‏ من‏ الحزب‏ الوطنى‏ الحاكم‏ لتلك‏ البدائل، لأن‏ تبنيها‏ -‏بداهة - سوف‏ يؤثر‏ مباشرة‏ على‏ احتكاره‏ القسرى‏ للسلطة‏ فى‏ مصر.‏
 ‏غير‏ أن‏ الحقيقة‏ المرة، والمؤكدة، أن‏ سياسة‏ التجاهل‏ تلك، من‏ جانب‏ الحزب‏ الحاكم، قد‏ تفلح‏ فى‏ مد‏ أجل‏ احتكاره‏ للسلطة‏ فى‏ مصر، ولكن‏ ثمن‏ هذا‏ سوف‏ يكون‏ باهظا‏ وسوف‏ تدفعه‏ مصر‏ كلها.
ولكن‏ قبل‏ أن‏ أوضح‏ هذا‏ الثمن‏ الباهظ، يهمنى‏ أن‏ أؤكد حقيقة‏ لا‏ يمكن‏ تجاهلها، وهى‏ أن‏ هذا‏ النقد‏ الحاد‏ للحزب‏ الوطنى، وحكومته، وأداءهما،‏ لا‏ ينفى‏ على‏ الإطلاق‏ وجود‏ «‏كوادر‏» و‏«قيادات‏» تنفيذية‏ حالية‏ على‏ أعلى‏ مستوى‏ من‏ الكفاءة‏ المهنية‏ والالتزام‏ الوطنى، لا‏ ينبغى‏ على‏ الإطلاق‏ التقليل‏ من‏ شأنها‏ وأدوارها‏.
 ‏ولكن‏ وجود‏ هؤلاء‏ داخل‏ إطار‏ «‏سياسى‏» و«‏تنفيذى‏» غير‏ سليم‏ ومتحجر يضع‏ حدودا‏ صارمة‏ على‏ إمكانياتهم، وعلى‏ قدراتهم‏ للدفع‏ بالمجتمع‏ والدولة‏ إلى‏ الأمام‏. إنها‏ قضية‏ مناخ‏ عام‏ غير‏ صالح‏ وغير‏ موات‏ يعملون‏ فيه.
‏ ولو‏ تصورنا‏ أننا‏ استوردنا‏ أفضل‏ كوادر‏ العالم‏ فى‏ الاقتصاد‏ أو‏ الإدارة‏ أو‏ السياسات‏ العامة‏ ووضعناهم‏ فى‏ ذلك‏ النظام،‏ فلن‏ يفعلوا‏ شيئا‏! إنها‏ أزمة‏ نظام‏ بأكمله، أى‏ أزمة‏ هيكلية‏ متجذرة، وليست‏ عرضا‏ سطحيا.
‏* حياة‏ أو‏ موت!‏
غير‏ أنه‏ ينبغى‏ أن‏ نشدد‏ ونؤكد،‏ هنا، أن‏ قضية‏ التحول‏ السياسى‏ فى‏ مصر، نحو‏ الديمقراطية، هى‏ الآن‏ أكبر‏ بكثير‏ من‏ مجرد‏ خيار‏ سياسى‏ لقوى‏ سياسية‏ معينة، بل‏ إنها‏ أصبحت‏ قضية‏ قومية‏ مصيرية‏ تحدد‏ أن‏ نكون‏ أو‏ لا‏ نكون.
إن‏ مصر‏ الآن‏ -‏ ولن‏ نقلل‏ من‏ أى‏ جهود‏ إيجابية‏ تبذل‏ هنا‏ أو هناك‏- فى‏ وضع‏ لا‏ تحسد‏ عليه، خاصة‏ بالنسبة‏ للتفاوت‏ الهائل‏ بين‏ أغنيائها‏ وفقرائها، وعشرات‏ الملايين‏ الذين‏ يعيشون‏ فى‏ العشوائيات‏ وتحت‏ خط‏ الفقر، والتدنى‏ الذى‏ لا‏ يحتمل‏ المكابرة‏ فى‏ ميادين‏ التعليم، والرعاية‏ الصحية، والإسكان، والبيئة‏ ...إلخ،
 ‏فضلا‏ عن‏ التدهور‏ الثقافى‏ والسلوكى‏ اللافت‏ للانتباه‏ والمثير‏ للقلق‏. مصر‏ الآن‏ فى‏ حاجة‏ إلى‏ تجاوز‏ المماحكات‏ الحزبية‏ الصغيرة‏ والتافهة، والتى‏ يغرقنا‏ فيها‏ المتسلقون‏ والصبية،‏ لكى‏ ننظر‏ بجدية‏ ومسؤولية فى‏ الهموم‏ والمشاكل‏ المصيرية‏. فمصر‏ باقية، والأفراد‏ -‏أيا‏ كانوا‏- زائلون‏ ولو‏ بعد‏ حين‏!‏
وأخيرا، تأتى‏ -‏ فوق‏ هذا‏ كله‏ - حالة‏ الترقب‏ وعدم‏ اليقين‏ التى‏ تخيم‏ الآن‏ على‏ المجتمع‏ المصرى‏ بشأن‏ المستقبل القريب، وانتظار‏ المجهول، وانشغال‏ النخبة‏ المصرية‏ بتخميناتها‏ حول‏ السيناريوهات‏ المتوقعة، وترقب‏ القوى‏ الخارجية‏ -‏كل‏ من‏ زاويتها- لتداعيات تلك التطورات عليها!
 ألا‏ يدعونا‏ ذلك‏ -‏جميعا وبلا‏ استثناء‏- إلى أن‏ نتكاتف‏ بوعى‏ ومسؤولية‏ للمضى‏ قدما‏ فى‏ إنجاز‏ الحل‏ الوحيد‏ الآمن، أى بناء‏ نظام‏ ديمقراطى‏ حقيقى‏ كامل‏ فى‏ مصر،‏ بلا‏ تلكؤ‏ أو‏ إبطاء؟‏!!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.