المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    إسرائيل تواصل قتل الغزيين.. 65208 شهداء منذ 7 أكتوبر 2023    فتح: خطوات ملموسة في الأيام المقبلة على طريق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    مبابي يقود هجوم ريال مدريد أمام إسبانيول في الليجا    ضبط المتهم بالتجرد من ملابسة والتعدي بالسب على أشخاص بالغربية    مصدر أمني يكشف حقيقة مشاجرة بين سيدتين وتعدي ضابط على إحداهن بالشرقية    تأجيل محاكمة المتهم بقتل صديقه وإلقاء جثته داخل مصرف في الشرقية لجلسة 26 أكتوبر    دليل مواقيت الصلاة اليومية اليوم السبت 20 سبتمبر 2025 في المنيا    رئيس الجالية المصرية بجدة: زيارة وزير الخارجية للمملكة تعكس متانة العلاقات    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً    إعلام إسرائيلى: الفرقة 36 ستنضم إلى القوات في مدينة غزة خلال الأيام المقبلة    ليفربول ضد إيفرتون.. محمد صلاح يقود هجوم الريدز فى ديربي الميرسيسايد    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    لاعب الزمالك السابق: الروح والحب انعكسا على أداء لاعبي الأبيض    رئيس جامعة مطروح: الطلاب هم قادة الغد وبناة المستقبل    اليوم.. منتخب شباب الطائرة يواجه الكاميرون في نهائي البطولة الأفريقية بالقاهرة    الدمرداش: عمومية الزهور شهدت أول تجربة للتصويت الإلكتروني في مصر    بيكهام يخضع لفحوصات طبية بعد الإصابة في مباراة سيراميكا    غدا.. 150 معهدا أزهريا تستقبل الطلاب في الوادي الجديد    الزراعة: تجديد الاعتماد الدولي للمعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني بالشرقية    رئيس جامعة بنها يهنئ الطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    المؤبد لعامل قتل مسنة وسرق مشغولاتها الذهبية بالقاهرة    "مذبحة نبروه".. أب يقتل أطفاله الثلاثة وزوجته ثم ينتحر على قضبان القطار    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع 156 بلاغًا خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر    الأردن يفوز بعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    محافظ المنوفية: 88 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة في شبين الكوم    فى يومهم العالمي.. «الصحة العالمية» تشيد بجهود مصر في سلامة المرضى    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    جامعة القاهرة تعلن تفاصيل الأنشطة الطلابية خلال الأسبوع الأول من الدراسة    تعرف على مواعيد أقساط سداد قيمة المصروفات الدراسية لعام 2026    «الداخلية»: ضبط 14 طن دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    مصرع تاجري مخدرات في حملة أمنية بقنا    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    فقدت كل شيء وكان لازم أكمل المشوار.. أحمد السقا بعد تكريمه في دير جيست    يمثل إسرائيل ويحرجها.. ما قصة فيلم «البحر» المتهم بتشويه صورة الاحتلال؟    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يحتفي بالسينما الروسية.. والأميرة الضفدع يفتتح أفلام دورته الثالثة    حسام حبيب عن شيرين: «معرفش حاجة عنها»    موعد مباراة اتحاد جدة والنجمة في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    موعد مباراة بيراميدز ضد الأهلي السعودي في كأس إنتركونتيننتال 2025    زيلينسكي: روسيا أطلقت 40 صاروخا و580 مسيرة على أوكرانيا موقعة 3 قتلى    جولة تفقدية موسعة لرئيس «الرعاية الصحية» للوقوف على جاهزية مستشفيات ووحدات المنيا    للكشف وإجراء جراحات مجانية.. دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل مستشفى العريش العام    وزيرة التضامن تبحث مع سفير إيطاليا تعزيز التعاون بمجالات التمكين الاقتصادي    بالحلوى والبالونات.. استقبال مميز لطلاب ابتدائي في كفر الشيخ (صور)    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة للعام الدراسي 2025-2026    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    طب الإسكندرية يتصدر نتيجة تنسيق الشهادة اليونانية 2025    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقبيل الأيادى المصرية والإسبانية

تقبيل الأيدى عادة مصرية قديمة ومعروفة، وهى مرتبطة بالتبجيل والحب والاحترام لشخص ما يشترط أن يكون متقدمًا فى العمر. وأذكر جيدًا أننى مع أولاد عمومتى ونحن أطفال كنا نقبل يد جدى رحمه الله، وكنت كطفل قاهرى لا أعرف ولم أسمع عن هذه العادة، ولكننى رأيتها ومارستها وأنا طفل أثناء زيارتى للموطن الأصلى للأسرة فى شبين الكوم، وكان عمرى عشر سنوات وكان جدى قد تجاوز السبعين.
وبعد أن دخلت المدرسة الثانوية توقفت هذه العادة تلقائيًا، ولم يحدث أن أولادى قبلوا يد أبى وهو جدهم، وهذه العادة التى أعتقد أنها انقرضت تدريجيًا فى العائلات المصرية الريفية لم تكن تعنى أو ترمز إلى عبودية من يقبل يد جده، وإنما هى تقليد قديم منبعه الحب والاحترام، وهو شىء مشابه لتقبيل الأقباط المصريين لأيادى الآباء فى الكنيسة.
وفى العصر الحديث كان أول ما لفت نظرى إلى فكرة العبودية فى هذه العادة هو الصورة التى ظهر فيها عضو مجلس الشعب المصرى عن الإخوان المسلمين، وقد تجاوز الخمسين من عمره، وهو يطبع قبلة على يد الأستاذ عاكف، مرشد الإخوان المسلمين، وهو جالس مادًا يده فى انتظار القبلة، لقد هالنى هذا المنظر، وشعرت بوخزة فى قلبى لأن هذه الصورة أعطتنى انطباعًا بأن عضو مجلس الشعب الممثل لكل أهل دائرته، من إخوان أو غير إخوان ومن مسلمين وأقباط، يقبل يد رئيس حزب دينى وهذا أعطانى الإحساس بأن الموضوع ليس تعبيرًا عن الاحترام أو حتى الولاء، وإنما هو نوع من التقديس لزعيم سياسى قد يخطئ وقد يصيب.
وأعتقد أن المشهد تكرر بصور مختلفة من أعضاء فى أحزاب سياسية أخرى، وربما لم يصل الأمر إلى تقبيل الأيدى وإنما يحدث ما يشير إلى العبودية عن طريق الكلام والاستجداء والمديح الزائف المبالغ فيه بطريقة فجة إلى جميع القيادات السياسية والتنفيذية من أعلى المستويات إلى أدناها، وتمارس القيادات نفسها هذه العادة الرذيلة المهينة حين يتحدث كل منهم عن المرؤوس الأعلى، وتحلق كلمات المديح الزائف الممجوج فى عنان السماء حين يطال المديح رئيس الجمهورية.
وما حدث هذا الأسبوع من حادثة تقبيل عجوز مصرية يد نائبة رئيس وزراء إسبانيا فى زيارة لدهشور أمر يثير الاشمئزاز والغثيان، والصورة تشير بوضوح إلى سيدة أنيقة لها منصب سياسى رفيع تمد يدها حين انحنت الفلاحة المصرية الفقيرة فى ذل شديد وهى تقبل يد المسؤولة الإسبانية التى منحتها قرضًا صغيرًا.
المشهد المؤلم يعبر عن مواقف ومعان كثيرة، أولها أننا شعب ذليل تعود على تقبيل أيادى من يمنحه أى شىء، وأن ما حدث هو أمر روتينى.. وثانيها أن هذه السيدة الفقيرة تعبر عن امتنانها لمن أنقذتها بحفنة جنيهات قليلة وثالثها أن إصرار السيدة الإسبانية على مقابلة الذين تلقوا المنح شخصيًا هو لعدم ثقتها فى أن الحكومة المصرية سوف تعطى هذه المنح لمستحقيها، وأدى ذلك إلى منع العرض المسرحى الحكومى الروتينى الذى يستدعى بعض الفلاحين، ويعطيهم حمامًا ساخنًا وجلبابًا جديدًا قبل مقابلة المسؤول الأجنبى، وهكذا رأت الإسبانية الوضع على حقيقته.
ورابعًا أن هذه الفلاحة المصرية قد تربت وترعرعت فى عهد ثقافة تقبيل أيادى مَنْ فى السلطة، والجملة السائدة فى الأفلام المصرية «أبوس رجلك يا بيه» تعبر عن ثقافة الفلاحة المصرية تجاه الشرطة أو العمدة حين يحضر للقبض على ابنها.
وأخيرًا فإن النقد الموجه للحكومة لغيابها أثناء المقابلة لا أهمية له، لأن وجود الحكومة كان يعنى تزييف واقع المقابلة وتغيير معالم القرية، وهذا يذكرنى بحادثة كنت شاهد عيان عليها حين حضرت السيدة لورا بوش بصحبة السيدة سوزان مبارك لافتتاح فصل لمدرسة محو الأمية فى قرية فى منطقة سقارة، حين قامت السلطات بعمل ساتر بطول كيلومتر على الترعة المجاورة للمدرسة، واستوردت سيدات مصريات غير محجبات فى منتصف العمر وأجلستهن على كراسى الفصل.
وانتقت الدولة مدرسة من الإسكندرية تجيد الإنجليزية بطلاقة وبلكنة أمريكية، ورأت السيدة لورا نتائج برنامج محو الأمية المصرى على الطبيعة، الذى قفز من تعليم العربية إلى تعليم الإنجليزية مرة واحدة. وقد شاهدت الساتر على الترعة يزال فور انتهاء الزيارة، واختفت المدرسة والتلاميذ وأغلق الفصل إلى يومنا هذا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.