غدًا.. انطلاق امتحانات الدور الثاني بالقاهرة 2025    سعر الذهب يتراجع بحلول التعاملات المسائية اليوم الجمعة    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    إيران: المحادثات النووية مع القوى الأوروبية في إسطنبول انتهت دون نتائج    كيف انهارت محادثات وقف إطلاق النار في غزة؟    "نادي طفولتي".. أول تعليق من عضو الجهاز الفني الجديد للزمالك بعد انضمامه    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    "أنس".. حكاية طفل نُسي في فوضى حادث والده ليغرق في ترعة مليج -صور    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح وتضليل للناس    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    5 مصادر بروتين غير صحية يجب تجنبها    وليد توفيق يعلق على شائعة وفاته: «شكرا لكل اللي سألوا عني» | فيديو    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    الرَّزْقُ    كيف أحقق الثقة في الله؟.. يسري جبر يجيب    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    دراسة: النوم لأكثر من 9 ساعات يوميا قد يرتبط بمخاطر صحية    فيديو يثير الجدل لنقيب الموسيقيين.. رواد التواصل الاجتماعي يطالبون بمحاسبة واستقالة مصطفى كامل بسبب واقعة مشابهة لمشهد راغب علامة    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال (صور)    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    زيلينسكي: يجب إجراء محادثات على مستوى القادة لإنهاء الحرب مع روسيا    مؤتمر جماهيري ل"مستقبل وطن" في دمياط    الإسماعيلي يجدد عقد إبراهيم عبد العال حتى 2029    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    قبل إنطلاق المرحلة الأولى.. قواعد يجب مراعاتها في تنسيق الجامعات 2025    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقبيل الأيادى المصرية والإسبانية

تقبيل الأيدى عادة مصرية قديمة ومعروفة، وهى مرتبطة بالتبجيل والحب والاحترام لشخص ما يشترط أن يكون متقدمًا فى العمر. وأذكر جيدًا أننى مع أولاد عمومتى ونحن أطفال كنا نقبل يد جدى رحمه الله، وكنت كطفل قاهرى لا أعرف ولم أسمع عن هذه العادة، ولكننى رأيتها ومارستها وأنا طفل أثناء زيارتى للموطن الأصلى للأسرة فى شبين الكوم، وكان عمرى عشر سنوات وكان جدى قد تجاوز السبعين.
وبعد أن دخلت المدرسة الثانوية توقفت هذه العادة تلقائيًا، ولم يحدث أن أولادى قبلوا يد أبى وهو جدهم، وهذه العادة التى أعتقد أنها انقرضت تدريجيًا فى العائلات المصرية الريفية لم تكن تعنى أو ترمز إلى عبودية من يقبل يد جده، وإنما هى تقليد قديم منبعه الحب والاحترام، وهو شىء مشابه لتقبيل الأقباط المصريين لأيادى الآباء فى الكنيسة.
وفى العصر الحديث كان أول ما لفت نظرى إلى فكرة العبودية فى هذه العادة هو الصورة التى ظهر فيها عضو مجلس الشعب المصرى عن الإخوان المسلمين، وقد تجاوز الخمسين من عمره، وهو يطبع قبلة على يد الأستاذ عاكف، مرشد الإخوان المسلمين، وهو جالس مادًا يده فى انتظار القبلة، لقد هالنى هذا المنظر، وشعرت بوخزة فى قلبى لأن هذه الصورة أعطتنى انطباعًا بأن عضو مجلس الشعب الممثل لكل أهل دائرته، من إخوان أو غير إخوان ومن مسلمين وأقباط، يقبل يد رئيس حزب دينى وهذا أعطانى الإحساس بأن الموضوع ليس تعبيرًا عن الاحترام أو حتى الولاء، وإنما هو نوع من التقديس لزعيم سياسى قد يخطئ وقد يصيب.
وأعتقد أن المشهد تكرر بصور مختلفة من أعضاء فى أحزاب سياسية أخرى، وربما لم يصل الأمر إلى تقبيل الأيدى وإنما يحدث ما يشير إلى العبودية عن طريق الكلام والاستجداء والمديح الزائف المبالغ فيه بطريقة فجة إلى جميع القيادات السياسية والتنفيذية من أعلى المستويات إلى أدناها، وتمارس القيادات نفسها هذه العادة الرذيلة المهينة حين يتحدث كل منهم عن المرؤوس الأعلى، وتحلق كلمات المديح الزائف الممجوج فى عنان السماء حين يطال المديح رئيس الجمهورية.
وما حدث هذا الأسبوع من حادثة تقبيل عجوز مصرية يد نائبة رئيس وزراء إسبانيا فى زيارة لدهشور أمر يثير الاشمئزاز والغثيان، والصورة تشير بوضوح إلى سيدة أنيقة لها منصب سياسى رفيع تمد يدها حين انحنت الفلاحة المصرية الفقيرة فى ذل شديد وهى تقبل يد المسؤولة الإسبانية التى منحتها قرضًا صغيرًا.
المشهد المؤلم يعبر عن مواقف ومعان كثيرة، أولها أننا شعب ذليل تعود على تقبيل أيادى من يمنحه أى شىء، وأن ما حدث هو أمر روتينى.. وثانيها أن هذه السيدة الفقيرة تعبر عن امتنانها لمن أنقذتها بحفنة جنيهات قليلة وثالثها أن إصرار السيدة الإسبانية على مقابلة الذين تلقوا المنح شخصيًا هو لعدم ثقتها فى أن الحكومة المصرية سوف تعطى هذه المنح لمستحقيها، وأدى ذلك إلى منع العرض المسرحى الحكومى الروتينى الذى يستدعى بعض الفلاحين، ويعطيهم حمامًا ساخنًا وجلبابًا جديدًا قبل مقابلة المسؤول الأجنبى، وهكذا رأت الإسبانية الوضع على حقيقته.
ورابعًا أن هذه الفلاحة المصرية قد تربت وترعرعت فى عهد ثقافة تقبيل أيادى مَنْ فى السلطة، والجملة السائدة فى الأفلام المصرية «أبوس رجلك يا بيه» تعبر عن ثقافة الفلاحة المصرية تجاه الشرطة أو العمدة حين يحضر للقبض على ابنها.
وأخيرًا فإن النقد الموجه للحكومة لغيابها أثناء المقابلة لا أهمية له، لأن وجود الحكومة كان يعنى تزييف واقع المقابلة وتغيير معالم القرية، وهذا يذكرنى بحادثة كنت شاهد عيان عليها حين حضرت السيدة لورا بوش بصحبة السيدة سوزان مبارك لافتتاح فصل لمدرسة محو الأمية فى قرية فى منطقة سقارة، حين قامت السلطات بعمل ساتر بطول كيلومتر على الترعة المجاورة للمدرسة، واستوردت سيدات مصريات غير محجبات فى منتصف العمر وأجلستهن على كراسى الفصل.
وانتقت الدولة مدرسة من الإسكندرية تجيد الإنجليزية بطلاقة وبلكنة أمريكية، ورأت السيدة لورا نتائج برنامج محو الأمية المصرى على الطبيعة، الذى قفز من تعليم العربية إلى تعليم الإنجليزية مرة واحدة. وقد شاهدت الساتر على الترعة يزال فور انتهاء الزيارة، واختفت المدرسة والتلاميذ وأغلق الفصل إلى يومنا هذا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.