عادت ظاهرة التعصب تطل بوجهها القبيح من خلال المدرجات من جديد، وعادت الألفاظ البذيئة مرة أخرى، ولكن هذه المرة بصورة أفظع وبطريقة جماعية، لتصدم أسماعنا وتقلق حياتنا من عدد لا بأس به من الجماهير، تهتف وتغنى وتسب جميع من يختلف معهم، وبكل أسف لم يتصد لهم أحد، بل بالعكس، أشعر بأن هناك حالة من السعادة لدى البعض لهذا السلوك المشين، بل إن بعض قيادات الأمن نفسها لا تشغل بالها بما يحدث من خروج عن الآداب والاحترام، لأن كل ما تأمله أن تخرج المباراة إلى بر الأمان دون إصابات أو حوادث، أما السباب والقذف وتناول الآباء والأمهات فى المدرجات فهو أمر أصبح عادياً فى المدرجات بحراسة أمنية محترمة، ويبدو أن البعض قد فهم أن إشعال الصواريخ هو فقط ما يعنى الخروج عن القواعد والأصول والتقاليد، أما دون ذلك فمصرح للجميع بفعل أى شىء. والحقيقة أننى لم أعد مندهشاً مما يحدث، لأننا سمحنا منذ فترة ليست بالبعيدة بأن يسيطر علينا سلوك الألتراس فى كل المجالات، فشاهدنا إعلاميين لا يمكن أن نطلق عليهم سوى هذا اللفظ، وبكل أسف أصبح لهم مريدون وأشياع بل ودراويش يدافعون عنهم ويجرون خلفهم لا لشىء إلا لمجرد أنهم أصبحوا قدوة ومثلاً لهم، لأن كلاً منهم له رسالة يؤديها على أكمل وجه ما بين إفساد المدرجات، ويقوم بها الفريق الأول على أكمل وجه، فشاهدنا لأول مرة فى التاريخ خطف وحرق مشجعين، وزاد الطين بلة تحطيم السيارات والأتوبيسات على مسمع ومرأى من الجميع، ولكن الأمور تحدث خارج الملعب فلا توجد مشكلة لأنها كما يقولون مستخبية ولن يأخذ أحد بها خبراً، وبالتالى مش مهم وشاهدنا لأول مرة منذ سنوات ظاهرة القبض على المشجعين وبقائهم أياماً وليالى داخل الحجز، ولكن بعد ذلك يخرجون ليزدادوا قوة وتعصباً، بل إنهم الآن يفتخرون بعدد الليالى التى قضوها داخل الحجز، والأكثر من ذلك أنهم يصورون هذه اللحظات الخالدة على تليفوناتهم المحمولة، ثم يخرجون ليعقدوا اجتماعات فى أماكن تجمعات معروفة، ليتبادلوا التهانى والقبلات بقدرتهم على النجاح فى هذا الاختبار الصعب، وبالتالى يعودون إلى المدرجات أكثر عنفاً وشراسة. وكنت قد أشرت فى مقال سابق إلى أن تونس التى استوردنا منها هذه الظاهرة المقيتة -ظاهرة الألتراس- قد أغلقت ومنعت تماماً أى وجود لهؤلاء الخارجين عن الأصول والقواعد، بل الأكثر من ذلك أن بعضهم يقضى الآن عقوبات بالحبس داخل السجون التونسية، ولم يعد أحد هناك يستطيع أن يفتح فمه ويقول إنه من الألتراس التابع للترجى أو الأفريقى، بل العكس هو الصحيح، فقد عاد الجميع إلى رشدهم وعاد للتشجيع احترامه فى الملاعب التونسية، أما نحن فنشجع دون أن ندرى هذه الظاهرة، وسنظل نشجعها حتى نفيق على قتلى وجرحى فى المدرجات وخارجها، وهو ما أحذر منه منذ فترة طويلة، وسأظل أحذر منه دائماً، وكما قلت إن هناك أكثر من فريق، ولعل الأخطر من وجهة نظرى هو ما يحدث فى الإعلام الآن، الذى تحول جزء منه هو الآخر إلى ألتراس سيئ ينشر التعصب ويساعد على الخروج عن كل القواعد والاحترام، ولم يعد أحد يعرف ماذا يقول أو ماذا يقدم، بل إنى أشعر بأن بعضهم لا يدرى ما الذى يقدمه، فهو يجلس أمام الشاشة دون عنوان لحلقة أو شىء، كل ما فى الأمر أنهم قرروا أن يهاجموا فلاناً أو «يعملوا قعدة على علان» دون أدنى فائدة للمشاهد، وللأسف الشديد تجد من يروج لهم، وبالتالى نظل نعيش فى دوامة من التعصب لا تنتهى، وأعتقد أنها لن تختفى لأننا أصبحنا نعيش فى دوامة من التعصب والخروج عن المألوف بل والقانون، وأصبح لصاحب الصوت العالى والخارج عن كل قواعد الاحترام مكان داخل الساحة الرياضية، حيث وصل فى بعض الأحيان إلى منصب رئيس النادى وعضوية مجالس الإدارات، لذلك لا تندهش عزيزى القارئ عندما ترى الألتراس وهم يحكمون ويتحكمون فى مصائر بعض الأندية، وأيضاً لا تندهش عندما تجدهم وهم يبثون سمومهم عبر الإعلام بكل أنواعه، أيضاً لا تغضب عندما تجدهم يحكمون الأندية فيهدمونها على رؤوس أعضائها لأنهم بكل أسف يجدون من يشجعهم بل ويحميهم أيضاً ويعينهم على ذلك. * أشم رائحة انقسام بين أعضاء مجلس إدارة الزمالك بسبب المدرب الفرنسى هنرى ميشيل، وسأكون واضحاً وصريحاً، فلا يخفى على أحد أن هناك تيارين داخل مجلس إدارة الزمالك، الأول يقوده ممدوح عباس، رئيس النادى، وأهم أفراده حازم إمام، وبالتأكيد عمرو الجناينى، وهم يؤيدون بقاء ميشيل رغم اعترافهم الضمنى بأن الرجل لم يقدم ما كانوا يأملون فيه، إلا أنهم مضطرون للإبقاء على الرجل، خصوصاً أن الزمالك غير 6 مدربين فى غضون ثلاث سنوات فقط لا غير، معظمهم من الأجانب مثل كاجودا و<دى كاستال وكرول وهنرى ميشيل، وغيرهم من المدربين، لذلك فإن وجهة نظرهم هى الإبقاء على ميشيل حتى نهاية الموسم وإعطاؤه الفرصة كاملة بدلاً من الدخول فى دوامة من التغيير لن تنتهى، أما الفريق الآخر فيتزعمه نائب الرئيس رؤوف جاسر ومعه صبرى سراج، وقد ينضم إليهما أحمد جلال، وهم ينادون بضرورة رحيل ميشيل من الآن، لأنه -وعلى حد قول جاسر- لا يصلح إطلاقاً لقيادة فريق كبير مثل الزمالك، ويؤكد جاسر أنه فقد الثقة تماماً بالرجل، بعد أن اقترب منه فى معسكر الفريق الطويل بالإمارات، ويصمم جاسر على رحيل الرجل اليوم قبل الغد، والاعتماد على مدرب من أبناء الزمالك الذين خدموه لفترة طويلة، أو إعادة فينجادا مرة أخرى. وسيكون لى وقفة فى موضوع فينجادا بالتحديد، ولأننا شعب ضعيف الذاكرة أسترجع معكم بعضاً مما كتبته قبل أن يقرر الزمالك الاستغناء عن الفرنسى أو السويسرى دى كاستال، فقد ناشدت الزمالك أن يصبر على الرجل لأنه عرف كل صغيرة وكبيرة فى الفريق، وأعاد للزمالك جزءاً من هيبته فى نهاية الموسم الماضى فأحسن ختام الموسم الكروى السابق، وكانت بدايته لا بأس بها بالفوز على إنبى ويومها قال الجميع إن الدورى للزمالك لا محالة، ولكن جاءت الهزيمة أمام بتروجيت ثم التعادل بعدها مع المقاولون ليطيحا بالرجل، فى إعادة لمشهد سيئ وهو إقالة بوكير بعد مباراة واحدة فى الدورى العام، ويومها لم نغضب كثيراً لأننا كنا نعرف من هو صاحب القرار. ولكن -وبكل أسف- عاد المجلس الحالى ليتخذ نفس القرارات الانفعالية ويقيل دى كاستال ضارباً عرض الحائط بكل ما كُتب فى وسائل الإعلام من بعض العقلاء مناشدين المجلس الصبر على الرجل وإعطاءه الفرصة كاملة، ولكن الآن -وبكل أسف- وجد أن من أجمعوا على إقالة دى كاستال والتعاقد مع هنرى هم أنفسهم من يسعون لإقالة ميشيل وإعادة فينجادا وهو توجه أكثر غرابة، لأن فينجادا مع اعترافى الكامل به كمدرب قدير لا يمكن أن أثق به مرة أخرى، فالرجل تعاقد مع الأهلى وعقد مؤتمراً صحفياً عبر فيه عن سعادته بتولى تدريب هذا الاسم الكبير وعاد إلى بلاده فى إجازة قصيرة ليفاجأ مسؤولى الأهلى بخطاب اعتذار من الرجل بدعوى تعرضه لظروف عائلية!! والآن ها هو اسم فينجادا يطل علينا من جديد، ولا أعرف أبداً على أى أساس يطرحون اسم الرجل، ولهذا أعود فأقول لمسؤولى الزمالك إن عليهم أن يفكروا جيداً هذه المرة، وألا يسمحوا للخلافات أن تدخل بينهم، لأن المتربصين بهم والحاقدين عليهم لا حصر لهم، لذلك أطلب منهم أن ينتبهوا، فالسرطان فى الانتظار ويأمل أن يختلفوا ليطل من جديد بوجهه القبيح ودائه المزمن فهو مرض عُضال ينخر كالسوس ويدمر كل شىء فانتبهوا يا رجال الزمالك. * أكتب هذه السطور والمفروض أن أكون الآن فى الجزائر الشقيقة لتنقية الأجواء، كما يقول البعض، فالأجواء ليست معبأة أو سيئة، ولكن فقط أحمل رسالة واضحة للجميع، وهى أن ما يدور الآن فى الساحة الإعلامية من البعض لا يعبر سوى عن وجهة نظر أصحابه، أما العلاقات المصرية الجزائرية فستظل كما هى فى أفضل حالاتها ولن يقترب منها أحد بأى سوء.. نعم نحلم بالفوز ونحلم بالصعود لكأس العالم ونحلم بأن نرى أبوتريكة والحضرى وأحمد حسن وبركات وزملاءهم فى كأس العالم 2010، ونحلم بأن نخرج فى مظاهرات فى القاهرة والإسكندرية وطنطا وكل مدن الجمهورية للاحتفال بصعود مصر لكأس العالم، نحلم بأن يحقق حسن شحاتة حلمه بالصعود لكأس العالم ليكلل مجهوداته مع المنتخب الوطنى بهذا الإنجاز ليضمه إلى سلسلة إنجازاته على مستوى الأندية والمنتخبات ومعه باقى زملائه غريب وصدقى وسليمان وعدلى وماجد وباقى الزملاء، نحلم بأن نسافر جميعاً إلى جنوب أفريقيا نشجع ونساند منتخبنا الوطنى هناك مثلما حدث فى كأس القارات.. نحلم بأن تعود مصر إلى الساحة العالمية وأن تحقق المفاجآت مثلما فعلتها فى كأس القارات عندما فازت على بطل العالم إيطاليا، ولكننا لم نمت أبداً، لذلك سنظل نحلم لأننا «لو بطلنا نحلم نموت».. وأستأذنكم أن أحكى لكم عقب العودة كل تفاصيل الرحلة بمنتهى الصراحة والوضوح.