عزيزي الكاتب الكبير ابراهيم عيسى: احب أعرفك بنفسي ...... أنا واحد من الناس اللي شاء قدرهم أن يولدوا في فترة (عجيبة) وليست (عصيبة) من تاريخ مصر... فترة (مبهمة) من تاريخ مصر... حقبة زمنية بلا هوية حقيقية ...! أنا أعتبر نفسي أحد أفراد جيل ومن بعده أجيال متعاقبة ولدت وعاشت وكبرت بلا (قضية)..!! فلقد ولدت في زمن ولت فيه (القضايا ) الكبرى....فبعد حرب أكتوبر 1973 (أخر الحروب) أعلن رسمياً نهاية عصر (القضايا الكبرى) وبداية عصر (التنمية والإستقرار) اللي تحول فيما بعد لعصر (الإستمرار) واللي أصبح حالياً هو عصر (الركود والكساد)! أجيال متعاقبة منذ نهاية السبعينات وحتى الآن بلا أي (قضية)... أجيال بلا هدف ولا قيمة... أجيال من الشباب أصبح كل حلمها و (قضية) عمرها هي فوز الأهلي على الزمالك أو العكس... أجيال متعاقبة قضية حياتها هي فوز فريقها المفضل ببطولة الدوري العام وهزيمة منافسها التقليدي هزيمة منكرة يندى لها الجبين...شباب لا يشعر بالزهو إلا وهو يرى مشجعي الفريق المنافس يبكي كمدا و قهراً وحزنا... هذا هو (الهدف) بالنسبة لهم....هذه هي قضية حياتهم التي يكرسوا جهدهم وطاقاتهم وإبداعاتهم و تفكيرهم لتحقيقها ! أجيال متعاقبة تختلف حياتها تماما عن حياة آباءها وأجدادها الذين كانت حياتهم مليئة بالقضايا من مقاومة الإحتلال لمكافحة الظلم للكفاح الثوري لمعركة تحرير الأرض... إلخ أجيال ورا أجيال نجح هذا النظام (المبارك) وأجهزته الإعلامية والسياسية والأمنية في تفريغ (عقولهم) تماماً من أي (قضية) جادة.. من أى بادرة أمل في خلق أجيال قادرة على صنع واقع أفضل ومستقبل أجمل مما نعيشه فعلياً . أجيال - لا أستطيع أن أقول أنها فاسدة - بقدر أنها (فارغة).. شباب بلا مضمون ومعنى حقيقي... شباب كل همه كرة القدم (بوجهها القبيح حيث التعصب الأعمى) وبرامج مسابقات تليفزيونية تافهة كل هدفها الربح المادي بلا أي إضافات حقيقية للعقل أو الروح وأفلام سينمائية غارقة في السطحية والتفاهة والإسفاف وغير ذلك من مظاهر وأدوات (تفريغ العقول) و ما أكثرها في هذا العصر... !! كان ظهور الإصدار الأول من جريدة الدستور عام 1995 بمثابة (نقطة التحول) في تاريخ عدد كبير من أبناء هذا الجيل الذي لم يكن يعرف عن الصحافة إلا أنها (منشور) هدفه الأساسي بل الوحيد متابعة نشاط السيد رئيس الجمهورية وحرمه .. لم نكن نعرف عن الصحافة إلا الصحافة الحكومية التي كانت ولا تزال تتحدث عن بلد أخر لانعرفه ولا نعيش فيه بلد لا يعاني من أي مشكلات أو أزمات فقط إنجازات .. إنجازات . ظهرت الدستور كظهور (الواحة) وسط صحراء قاحلة لا بداية لها ولا نهاية ... ظهور الدستور آنذاك كان بمثابة (النجدة) الإلهية لأجيال من الشباب الواعد أوشكت عقولهم على (الصدأ) وكادوا يلحقوا بأجيال كثيرة سبقتهم وذهبت ضحية لإعلام مركزي غارق في السطحية والتضليل . ظهور الإصدار الأول من الدستور كل يوم أربعاء جعل ليوم الأربعاء (مذاق) خاص يختلف عن غيره من أيام الأسبوع، مذاق بطعم الثقافة والمعرفة والمتعة والإحترافية وإحترام القارىء..... صدور (الدستور) صباح كل أربعاء جعل يوم الأربعاء من كل أسبوع هو (يوم الدستور) وكالعادة إختفت الدستور كما تختفي جميع الأشياء الجميلة من حياتنا نحن الشعب البائس، و (قصف) قلم الدستور في عصر (لم يقصف فيه قلم) و لكن هل أنتهت الأغنية ؟ هل لم تعد الأغاني ممكنة ؟ يمكن لأي نظام قمعي بوليسي أن يحجب الحقيقة لحقبة من الزمن...طالت أم قصرت ولكنه لن يستطيع أن يمحوها إلى الأبد..!! صوت الحق دائماً عال ولو سكت حينا من الدهر فلن يصمت إلى الأبد عادت الدستور مرة أخرى...عادت قوية، عادت لتكمل رسالتها، عادت لتحارب الفساد في كل الإتجاهات، عادت لتتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى، نقص موارد.. تضييق خناق.. منع الإعلانات.. سبق محموم مع صحف المفترض أنها (زميلة) تحارب معها في نفس الخندق إلا أنها المنافسة من أجل (سرقة) أي موهبة صحفية أو فنية تتألق من خلال صفحات هذه الجريدة المدرسة. عادت لتتفرد بجرأتها... بحماس شبابها وثقافة وفكر كتابها، عادت لتؤرق مضاجعهم يومياً وليس أسبوعيا، لم يعد يوم الأربعاء هو يوم (الكابوس) على كل الفاسدين بل أصبح كل يوم بمثابة (كابوس) يؤرق مضجع كل فاسد ومنحرف ومرتشي ! هذه المرة لم يلجأ (طيور الظلام) إلى وسيلة تقليدية لقصف القلم مثلما فعلوا المرة السابقة، ف(عضمة) الدستور كبرت، ولن يستطيع قلمها أن (يُقصف) بسهولة ... حيلة (شيطانية) و لكنها كانت مكشوفة منذ اللحظة الأولى، هنا كان (قصف القلم)، أجتمعت عدة أسلحة فتاكة في سلاح واحد، ترهيب وترغيب ترهيب من أجل (مصالح اقتصادية) لمجموعة من رجال أعمال ستصبح مصالحهم الإقتصادية في خبر كان . وترغيب في مكاسب سياسية ضيقة ومفضوحة من أجل عدة (مقاعد) لتجميل وجه مكشوف قبيح يزداد بشاعة و قبحاً يوما بعد يوم للأسف...نجحت الخطة و(قُصف) القلم، نجح طيور الظلام ثانية في كتم صوت الحق.... ولكن صوت الحق من الممكن أن (يكتم) لحين ولكنه لن يموت . عزيزي إبراهيم عيسى: يا من أستطعت بإبداعاتك أنت وكتيبتك المقاتلة أن تعيد لجيلنا الثقة في صحافة حرة نزيهة أبية تتحدث عن بلدنا كما نعيشها وكما نعشقها بمشاكلها وكوارثها لا بلدهم التي يتحدثون عنها و التي لا توجد الا في خيالهم المريض فقط . كلنا نثق تماما أنك ستعود وبإذن الله أقوى مما كنت، ستعود بكتيبتك المقاتلة دفاعاً عن قيم الحق والحرية والخير لهذا البلد وهذا الشعب العظيم. حقا لقد نجحوا في تكميم فم (الدستور) ولكن ثق ايها الكاتب العظيم، يا فارس الكلمة... ثق أنهم لن يستطيعوا مهما حاولوا ومهما أنفقوا من مال وجهد في أن يكتموا صوت الحق... صوت هذا الشعب. ستعود أيها الكاتب العظيم يوماً ما بعد زمن، طال أم قصر...ستعود إلى مقالاتك وإلى قرائك وإلى محبيك الذين يثقوا في كل حرف تكتبه أو تنطقه محارباً به الفساد ومدافعاً عن كرامة هذا الشعب وهذه الأمة العريقة . قد تكون تجربة (الدستور) قد قتلت عمداً وبفعل فاعل ولكن منذ متى وأنت تستسلم لجراحك وأحزانك..؟!! أجهضوا من قبل الدستور في إصدارها الأول، و ها هم يقتلوها ويشوهوا إصدارها الثاني، ولكن الكبار لا يموتون، الكبير يمرض ولكن لا يموت .... في إنتظارك مرة أخرى، في (تجربة) جديدة حتما ستكون ناجحة كسابقاتها، ننتظرك مناضلاً قوياً لا يعرف اليأس أو الإستسلام. أستاذنا إبراهيم عيسى ....... لسه الأغاني ممكنة مدونة الأغلبية الصامتة http://theegyptiansilentmajority.blogspot.com/2010/10/blog-post_14.html