فى مثل هذه الأيام، تهل علينا ذكرى أمير الشعراء العرب أحمد شوقى، الذى توفى فى 1 أكتوبر 1932، وبصدد هذه الذكرى لنا كلمة لابد أن نقولها وإن كان يتجاهلها الكثيرون، ويغفل عنها أدباؤنا المعاصرون، وهى عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 محت الكثير من آثار العهد الملكى! وأول ما محت وشوهت كان ديوان أمير الشعراء أحمد شوقى، فقامت بحذف 206 أبيات من قصائد الديوان الأصلى، وقامت بنشر طبعة جديدة خالية من هذه الأبيات.. وذلك بحجة أنها تمدح فى أسرة محمد على والملك!! ولكن للأسف ليست كلها تمدح فى العصر الذى سموه بالبائد وإنما كلها أو أغلبها تمدح وتمجد الحريات وحرية الرأى وخاصة حرية الصحافة والدستور مما اعتبر هذه القصائد والأبيات تغرد خارج السرب، وقد ظل الديوان مشوهًا إلى أن قيض الله لهذا الديوان رجلاً أديبًا وطبيبًا يعشق الشعر وهو الطبيب مصطفى أمين الرفاعى، أستاذ طب المسالك البولية بجامعة الإسكندرية فاستقصى الطبعات المختلفة من الشوقيات فى سنوات 1943، 1950، 1956، 1970، واستطاع أن يحصر ما تشوه من الديوان من الحذف، وخرج بجماع كل هذا بطبع ديوان جديد سماه (الشوقيات الصحيحة) وأضاف إليه المحذوف والمجهول من شعر شوقى.. لقد تحدث أحد أدباء مصر بهذا الصدد قبل أعوام قليلة من أفول القرن المنصرم تحت عنوان «أشياء مخجلة» وذلك فى جريدة «الأهرام» فقال: إن الثروة الأدبية التى تركها شوقى ليست ملكًا لعصر ما أو للاتحاد الاشتراكى وإنما هى ملك للتاريخ.. هى عهدة فى رقبة وزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم والجامعات المصرية ووزارة الإعلام، واتحاد الناشرين العرب ثم أردف قائلاً: يجب أن تسحب النسخ المشوهة، ويعاد ديوان شوقى الحقيقى كما كان عام 1950، يتساءل فى مقاله: هل فعلت إنجلترا مثل ذلك ل«شكسبير»؟ أو فرنسا ل«موليير»؟ أو ألمانيا ل«جوته»؟ أو إيطاليا ل«دانتى»؟ أو إسبانيا ل«اسرفانتس»؟ إنهم على العكس كانوا ينقبون عن كل سطر مفقود، وعن كل مسودة مهملة لهؤلاء ليضموها إلى متاحفهم، إنهم يقولون لك على هذا السرير رقد بيتهوفن.. وعلى هذا المكتب كتب سيمفونياته.. وبهذا القلم الرصاص كان يخط مسوداته.. مازال هذا الكلام للأديب المعاصر الذى أنهى كلامه بقوله: ماذا بقى لنا من اشتراكية ستالين واشتراكية ناصر؟ لقد أصبحت جميعها سياسات بائدة تحاول شعوبها أن تتخلص منها.. أما شوقى فهو أغنية خالدة تظل مسافرة عبر الحدود لتغزل كل الآذان فى كل وطن يتكلم العربية وسوف تترجم بعد ذلك لتخاطب كل العقول.. انتهى كلام الأديب المعاصر عن شوقى.. ختامًا علينا أن نتوجه بالشكر للدكتور مصطفى الرفاعى الذى بذل جهدًا فائقًا فى إعادة الديوان إلى أصله. صابر محمد عبدالواحد موجه صحافة بسوهاج