ختام امتحانات النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    سكرتير شعبة الذهب: تراجع أسعار الذهب والفضة    محافظ القليوبية: إزالة 3190 حالة تعد على الأراضي الزراعية وتحرير 1558 محضر مخالفة    18.4 مليار جنيه حصيلة جمع العملات من شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    مجرم في كهرباء الجيزة!    بايدن: لن يهدأ بالي حتى يعود جميع الرهائن عند حماس إلى أحبائهم    رئيسة «الخير» المعارضة لأردوغان تستقيل من منصبها    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    الجودو، منتخب مصر يتربع ملكا على عرش البطولة الأفريقية (صور)    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب | النسخة العاشرة    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    تسبب في حالة تسمم، إغلاق مطعم شهير بالسعودية    تجديد حبس المتهمين بسرقة السيارات في العجوزة    كواليس لقاء ياسمين عبد العزيز مع إسعاد يونس في صاحبة السعادة    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أول لقاء بعبد الناصر قال لي "اللي تغلب بيه العب بيه" .. الإذاعي أحمد سعيد مؤسس صوت العرب ل"مصر الجديدة": تخلي الحكام العرب عن دعم الإذاعات الوطنية "غباء سياسي"
نشر في مصر الجديدة يوم 16 - 11 - 2009


الإذاعي أحمد سعيد
• هناك حكام ورجال أعمال وقنوات فضائية وصحف "خونة" • وسائل الإعلام "مكبلة" بسياسات التطبيع وتجميل صورة أمريكا وإذلال شعوبها! • مصر في النكسة لم تعترف بإسرائيل وفي 73 اعترفت بها! احتل الإعلامى أحمد سعيد مكانة كبيرة فى جهاز الرئيس عبد الناصر الدعائى الموجه لتحرير شعوب العالم الثالث من سطوة الاحتلال , وذلك من خلال إذاعة "صوت العرب" التى شكلت وجدان المواطن العربى نحو الوحدة .. "مصر الجديدة" التقت أحمد سعيد فى حوارعن لقاءاته الأولى بعبد الناصر , وملابسات الوحدة مع سوريا , وأكد أن للإذاعة قوتها رغم تخلي الحكام العرب عن دعمها, وأضاف أن الإعلام العربي المعاصر رغم ما به من حرية إلا أن الحكومات العربية مازالت تمارس دور الوصاية عليه، وأن صحف المعارضة لا تستطيع الخروج عن الدور المرسوم لها من قبل الحكومة، وأنه علي الدكتاتوريات الحاكمة في دول العالم الثالث أن تتعلم من عبد الناصر.. وإلى الحوار: • كيف يرى أحمد سعيد عبد الناصر؟ وما هى ذكرياتك معه؟ = الكلام يطول فى هذا , وستجد كثيرين ممن يؤكدون لك على صلابة " ناصر " وطريقة تعامله مع رجاله وأسلوبه فى اختياره لمعاونيه وثقافته وتقشفه وطهارة يده وتواضعه. • هل تتذكر أول لقاء لك معه؟  نعم كان فى الفترة التى ألغى فيها الوفد معاهدة 1936م وكنت أنا مراسل الإذاعة مع الفدائيين وقد عرف الإنجليز اسمى وعرفوا من أكون، فأخذنى مدير التليفونات في بور سعيد وهربنا إلى القنطره شرق ثم العريش، وذهبنا إلى معسكر القوات المسلحة واستقبلنا وجيه أباظه ودخل بنا "ميز" الضباط، وكان يوجد بينهم صلاح سالم وأنور السادات ودار حوار بينى وبين أحد هؤلاء الضباط وكان جمال عبد الناصر ومازلت أذكر أنهم حينما كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض نادى السادات على جمال قائلا "يا جمال" فنظر له جمال بغيظ وكأنه لم يكن يريد لأحد أن يعرف اسمه أو أنه يزور هذا المعسكر, ثم قال لى : أنت بتعمل برنامج تسجل فيه عملية فدائية و ترسل بالتهنئة إذاعيًا للملك بمناسبة ميلاد ولى العهد". فقلت له : "لأن الإذاعة وحكومة الوفد بدأت تمنع الرسائل الصوتية للفدائيين، وأنا لقيت النحاس والعالم كله يهنئ الملك بولي العهد". فقال لى :"اللى تغلب بيه العب بيه". • ولكن ماذا عن لقائك الثانى بعبد الناصر؟  كان لقاؤنا الثانى فى نفس "الميز" فى العريش وكنا نقوم بتسجيل للقوات المصرية فى غزة ، وكان معنا صلاح سالم الذى كان مسئولا عن بعثة الإذاعة فى غزة وهناك تحركنا للعريش وقابلت عبد الناصر ودار بيننا كلام عام وعادى جدًا . وأذكر أن مسجد خالد بن الوليد فى إمبابه القائم على أنقاض "كباريه الكيت كات" وهذا الكباريه كان قائمًا بعد الثورة وتم هدمه وإقامة المسجد عليه حيث ألقى فيه كلمة بعد إعلان فلسفة الثوره وبدأ يخطب، وقد جلسنا معه قبل بدء المؤتمر، وكان هذا اللقاء هو الإرهاصة الأولى لتأسيس صوت العرب. • لاتزال شخصية عبد الناصر تثير جدلا بين مؤيد ومعارض – فما هو تقييمك لهذه الشخصية؟ • يجب أن تعرف أن عبدالناصر تلقى تعليمًا صارمًا فى الكلية الحربية جعله يواجه بكل قوة من يعترض الثورة أو يعيق مشروع وحدة الأمة ولذلك كانت أيامه كلها لم تخلُ من مواجهات كثيرها مستتر وغير معلوم وعندما نضع الأمور فى نصابها الصحيح يتضح سر الصرامة التى واجه بها عبد الناصر خصوم الثورة ، ويتضح أيضا أنها لا تقارن بالدكتاتوريات العسكرية التى ارتكبت فظائع ضد الشعوب فى العالم الثالث الذى كانت مصر جزءًا منه. • هل كانت ديكتاتورية عبد الناصر سببًا فيما حدث من إذاعة صوت العرب إبان نكسة يونيه 1967؟  إطلاقا وقد كتبت وتحدثت كثيرًا عن مواصفات " إعلام الحرب " إذ لابد أن يلعب دورًا مماثلاً للحرب النفسية ولنتذكر البيان الذى ألقيته بعد النكسة بسبعة أيام وتحديدًا يوم 31 يونيو حينما قلت: علينا أن نثق فى الشعوب لا الحكام . وقد أحدث ضجة وأجريت تحقيقات وكانت أزمه وهددت بالاستقالة, فأنا لا أروج لعنتريات زائفة ولم أخُنْ وطنيتى، وما قمت به فى إذاعة صوت العرب هو المحافظة على معنويات الشعب والجنود الذين كانوا يجرون فى عراء سيناء وكان بحوزة كل منهم راديو ترانزستور. • وهل كنت مصدقا لما تذيعه؟  كان بداخلى إيمان قوي بأن ما أفعله هو مهمه أكثر قداسة من تحقيق النصر نفسه فقد كنت أحافظ على الروح المعنوية وأحافظ على تماسك الجبهة الداخلية , فحين يندلع حريق ما فى بناية ما يجب أن تكون مهمتك الأولى هى إنقاذ الأرواح , وأن تغرس بداخلها أملا في النجاة ثم تنقذ الممتلكات بعد ذلك. • معنى هذا أنك كنت الطبيب الذى يقوم بطمأنة المريض وهو يعلم أن مرضه ميئوس من شفائه؟ - لا ... البلاغات العسكرية أمر مختلف ولا علاقة لنا بذلك، فالبلاغ أمر يجب تنفيذه لكن ما نحاسب عليه هو التوجيه، وهناك فارق بين التوجيه والبيانات العسكرية والإذاعة كانت جزءًا من تكتيك عسكري وقتها. • كيف كان ذلك؟ - كنا نقوم بإذاعة رسائل فى شكل شفرات خاصة أن جيشنا آنذاك فَقَدَ كل وسائل الاتصال بقيادته المركزية، فكنا نحن وسيلة الاتصال والتواصل الوحيدة، كأن نذيع مطلع أغنية وبعده نذيع مطلع أغنية أخرى، وكنا نقوم بهذا دون أن نعرف مفاد الرسالة، فهو سر عسكري. • هل النكسة كانت آخر مطاف عبد الناصر؟ - عبد الناصر إذا كان قد هُزم عسكريًا فى 1956 فلقد انتصر سياسيًا وشعبيًا وعربيًا وعالميًا وبعد 1967 وفي خطاب التنحى تجد وكالات الأنباء العالمية والمجلات الأجنبية تطبع صورته على غلافها مع تعليق يقول "انتصار المهزوم" أو "مازال زعيمًا" لأن تراثه النضالى الضخم أهّله لهذا، مما يعنى أن هذه النكسة لم تكن آخر المطاف خاصة أنه ظل رافعًا لشعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" فهو لم يرضخ ولم يهرول باتجاه "كامب ديفيد" ، وهذه هى المفارقة أنه رغم انتصار 1973 إلا أن مصر هرولت باتجاه "كامب ديفيد"، وهذا مضحك فحين انهزمنا لم نعترف بإسرائيل وحين انتصرنا اعترفنا بها. • نريد أن نقف على تصوُّرك وذكرياتك إزاء فكرة ومرجعية الوحدة العربية؟ - علينا أولاً أن نتأمل المسار التاريخي لفكرة الوحدة فنجد أن أول ما يلفت الانتباه ذلك الفارق الضخم بين ما كان في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، بل وما قبل الخمسينات وبين الحادث الآن في المنطقة العربية، لكن دعنا نتوقف عند فترة ما قبل 1925 حيث إرهاصات الفكر العربي قد بدأت في القرن التاسع عشر حتى إن أحمد عرابي بكل محليته أثار ما سماه ب "المسألة الشرقية" ومع دخولنا إلى القرن العشرين نجد أن ملامح هذه الوحدة إبداعيا تتبدى في قصائد شعراء مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهما بل وقد شهدنا نزوحًا عربيًا شاميًا بالأخص تجاه مصر ليؤدي رسالته المرسومة والمقدرة في الصحافة والأدب والمسرح وغيرها. • وكيف نشأت الإرهاصات الأولى المبكرة للمشروع القومي؟ - مع بداية عام 1915وحتي عام 1918 عقدت عدة مؤتمرات كان منها ما عقد في باريس حيث النخب اللبنانية والسورية المهاجرة وقرروا حتمية استقلال الوطن العربي من الاستعمار وتبنوا فكرة "القومية" والمشروع القومي إلى أن نهض تنظيم القوميين العرب ومن بعده حزب البعث العربي الاشتراكي كتجسيد للقومية العربية رغم أن معظم الدول العربية كانت ترضخ تحت وطأة الاستعمار، وقد فرضت الفكرة نفسها رغم التخلف وغياب الآليات إلا أنه كان هناك إيمان سائد وعميق بالفكرة وتعرض البعض للاعتقال والآخر للنفي، لكننا نجد حينما تندلع مظاهرة في مصر حين يضرب الفرنسيون سوريا عام1925 ونجد بطلاً مثل عبد الكريم الخطابي يتعرض للاعتقال فيهب بطلا مصريًا مثل أحمد عبد العزيز وصلاح الدسوقي لتهريبه من المعتقل وتجد بطلاً مثل عدنان الفاسيحين يتعرض للاعتقال يهرب قاصدًا مصر وتجد أن جيوشاً عربية مثل سوريا ومصر وليبيا والسعودية تشارك في حرب فلسطين, كل هذا يعني أن المشاعر القومية هي بمثابة مخزون وطني عربي لأبناء هذه الأمة بل إن هناك دستوراً سورياً قديماً نص على أن سوريا جزء من الأمة العربية وهذا يعد إشارة قانونية أولى. • وكيف كان الطموح الثوري بعد ثورة يوليو للوحدة قولا وفعلا؟ - الكثير منا يعلم أن من بين ما تضمنه البيان الأول للثورة هو الإشارة إلى هزيمة الجيش في حرب 1948 وهذه الإشارة كانت أشبه بالتقريع لكن قد يكون المعنى هو الجيش المصري آنذاك أو الجيوش العربية ككل لكن ما نذكره أن القيادة السياسية بعد الثورة قامت ببعض التحركات السياسة في المنطقة العربية وفي الخارج في محاولة لتأمين حدود مصر، وهذا لن يتأتى إلا بتنسيق وترابط عربي وقومي مما ينطوي على نظرية أمن قومي مثل الذي تفعله أمريكا حاليًا ، وبعد ثمانية أشهر من قيام الثورة وتحديدًا في عام 1953 نجد واحدًا من قيادات الصورة البارزة وهو جمال عبد الناصر يكتب ثلاثة مقالات في مجلة "آخر ساعة" تم جمعها فيما بعد في كتاب يحمل عنوان "فلسفة الثورة" والذي أقر بين ما أقره ضرورة التحرك في ثلاثة نطاقات وهي: النطاق العربي والأفريقي والإسلامي وها نحن نرى كاتبًا أجنبيًا كان موضوعي النظرة وهو "ستيفنسو" كان من أفضل من كتبوا عن عبد الناصر وحللوا شخصيته، وقد رأى هذا الكاتب أن رؤية عبد الناصر وشخصيته كانت نتاج تاريخ وواقع ورؤية مستقبلية. • وماذا عن جهود "ناصر" في النطاق العربي فيما يتعلق بمشروع الوحدة؟ - لقد بدأت عبارات عبد الناصر في البداية وكأنها تطرح الهمّ العربي من منطلقات تاريخية ومعاصرة ومستقبلية إلى أن وجدنا المخابرات تنشئ قسمًا بها هو قسم الشئون العربية وقد كتب المسئول عن هذا القسم مذكرة عن فلسفة العمل في النطاق العربي وكان من بينها ضرورة تأسيس برنامج موجه يتحدث للعرب. • أنت تنقلنا إلى ملابسات تأسيس إذاعة صوت العرب، فلنستدعي هذه الملابسات؟ - ولدت فكرة صوت العرب كضرورة قومية منذ البداية ولقد تحدث أكثر من مؤرخ أجنبي في هذه النقطة بما في ذلك كتاب "توني شو" الذي أيّد هذه الفكرة وأثنى على أجهزة عبد الناصر ، ولقد كانت الفكرة "لفتحي الديب" وقد جاءت نتيجة لسياسة وتوجّه عام لنظام عبد الناصرحيث كان المقصود من تأسيس هذه الإذاعة هو التعبير عن التوجهات العربية ، كما أن الإذاعة أداة أكثر سهولة في عبور الحدود أكثر من الصحيفة ، وأتصور أن الإذاعة قد لعبت دورا مهما في التأكيد على زعامة مصر وزعامة عبد الناصر، ولكن عبد الناصر ببصيرته قام بجهد موازٍ بالتحرك في المنطقة العربية وقد أيقظ في الجماهير العربية قدرتها على الفعل وهذا ملمح من مقومات الزعامة. • ولكن ما هي ملابسات وأسباب الانفصال بين مصر وسوريا بعد مشروع الوحدة؟ - سبب الانفصال هو القرار الفوقي في حين أن الوحدة قرار فرضته إرادة الشعب ولكنني أذكر أن النحلاوي مدير مكتب عبد الحكيم عامر هو الذي أحدث الانقلاب وفق إغراءات مالية تعرض لها، وهذه الأحداث مذكورة تاريخياً في بعض الوثائق ومذكرات القادة ولم أقولها من خيالي. • ماذا حققت إقليمياً صوت العرب؟ وهل ترى أن هناك وسيلة إعلام عربية تستطيع تحقيق ما حققته صوت العرب؟ - لا توجد أى وسيلة تحاكي صوت العرب لأن وسائل الإعلام في العالم العربي بكافة أشكالها محكومة بسياسات المُلاّك وهي سياسات التطبيع والصلح مع إسرائيل وتجميل صورة الولايات المتحدة الأمريكية وتجويع وإذلال الدول العربية وعلى رأسها مصر، فصوت العرب كانت تتبنى سياسة عبد الناصر، فهي تعطي المستمع العربي معلومة يتحرك بها الشارع العربي بقوة وحماسة غير مسبوقة , وكانت تخرج الجماهير إلى الشارع وتدعوهم إلى التعبئة الجماهيرية وحشد المظاهرات والثورات وكانت بمثابة القِبلة التي توحّد العالم العربي بأكمله ضد الاستعمار والطغيان، ويكفي الإعلام في الحقبة الناصرية أن يذكر شهادة من أحد أعداء العرب وقتها وهو الجنرال الفرنسي "جاك سوسنيل" حاكم الجزائر وقائد القوات الفرنسية أثناء الثورة الجزائرية الذي أصدر قرارًا بإعدام أي شخص يضبط وهو يستمع إلى إذاعة صوت العرب، والمؤبد لمن يشترك في الاستماع معه، ولا يبلغ عن صاحب الراديو، أما الإعلام العربي الآن فهو مهما كانت درجة حريته إلا أنه تحكمه مصالح وحسابات سياسية ومعادية ليست في صالح المشروع العربي والقضايا العربية وإنما لصالح سياسات الاستعمار وذلك لارتباط الأنظمة العربية وأصحاب رءوس الأموال بالمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، كما كانت هناك وسائل إعلامية تبدو جرأتها
واضحة إلا أنها تلتزم بسقف من الحرية يحدد لها في تناول القضايا وعرضها, فقد أصبح الإعلام العربي الآن يدعم الأنظمة السياسية التي يرتبط وجوده بوجودها تاركًا القضايا السياسية العربية والإقليمية دون أن يُعيرها أي اهتمام، وبالتالي فهو موجه في الطريق الخطأ للأسف. • اتسمت فترة الخمسينيات والستينيات بتعاظم فكرة الإذاعات السرية، كيف نشأت الفكرة؟ وكيف تحول الأمر إلى حرب فيما بينها؟ - الإذاعة السرية لا تكشف عن هويتها وتخفي مكان صدورها، وكانت أول إذاعة سرية في العالم في زمن الحرب العالمية الثانية وأنشأتها "انجلترا" ضد "هتلر" وبأصوات ألمانية، وكأنها إذاعة سرية حرة تصدر عن الألمان المعارضين لهتلر. وأول إذاعة سرية في الوطن العربي كانت فرنسية والمضحك في الأمر أنها حملت اسم صوت العرب للرد علينا لأننا بدأنا نهاجم فرنسا في أغسطس 1953 بعد نفي محمد الخامس من المغرب واشتد الهجوم عليهم بعد نجاح الثورة الجزائرية واستقرارها في نوفمبر 1954 وقد وقفت مصر وقفة مشرفة مع الجزائر وأرسلت دعمًا ماديًا ومعنويًا كثيرًا إليها، ولمعاقبة لمصر وعبد الناصر أنشأت فرنسا اذاعتها السرية ضد مصر باسم صوت العرب وعلى نفس موجة صوت العرب المصرية ، وكان المهندسون المصريون يغيروا موقعنا أثناء بث الإرسال، ولذلك فشلت الإذاعة الفرنسية وأغلقوها ثم أنشئوا إذاعة مصرية أخرى واسمها صوت مصر الحرة وأشرف عليها مصريون من عائلة أبو الفتح صاحب جريدة المصري، وكانوا من كبار الوفديين ولكن اختلفوا مع الثورة وكانت هذه الإذاعة تبث من فرنسا، ولهذا كان لابد أن نرد على الفرنسيين وأول رد فعل كان لنا أننا ذهبنا إلى الجزائر وساعدنا أهلها في عمل إذاعة ضد فرنسا وتبث من داخل الجزائر، ونحن دعمنا هذه الإذاعة بالأجهزة والمعدات والعمل الفني، وكانت الأجهزة كلها قديمة وقتها لأن الدول العظمى رفضت تصدير أجهزة إرسال للدول العربية وأولهم مصر، لذلك أجبرنا على شراء الأجهزة من الاتحاد السوفيتي، وبعد ذلك فوجئنا بإذاعة سرية أخرى تأتي من عمان واسمها صوت العرب وجاءوا بشخص يقلد صوتي ويقول تعليقاتي ولكنها فشلت، وبعد تولى عبد الكريم قاسم حكم العراق وإجهاض ثورة يوليو 1958 أنشأ إذاعة ضد مصر إلى أن قامت ثورة اليمن واشتدت حرب الإذاعات, فالسعودية أنشأت إذاعة في جبال جيزان جنوب غرب المملكة متاخمة للحدود اليمنية ، وردّت مصر عليها بإذاعة سرية، وبسبب هذه الإذاعة حدثت هوجة حرب بين الطيارين السعوديين وانضموا لعبد الناصر ومنهم الأمير طلال المعني بالطفولة الآن في العالم العربي. وكانت الإذاعة السرية غير معروفة وسرية في المسمى الدولى وأنشأت إيران إذاعة سرية ضد عبد الناصر، والإذاعات السرية أنشئت خصيصا لتهاجم أحد الأشخاص أما الإذاعة الرسمية فلها ميثاق إعلامي تلتزم به. • هل ترى أن هناك اختراقا للإعلام العربي المعاصر؟ نحن لا نستطيع أن نقول إنها اخترقت أم لا؛ لأن ذلك يحتاج إلى قياسات رأى بشكل علمي ، لكن نستطيع أن نقول إن الشارع في المنطقة العربية تحديداً معادٍ لأمريكا، ولو أن هناك انتخابات حرة ونزيهة في العالم العربي لما جسر حاكم عربي واحد أن يؤيد السياسة الأمريكية كما يتم تأييدها اليوم، فأمريكا تقوم بالتربيط بواسطة "خونة عملاء" من خلال حكام ورجال أعمال وقنوات فضائية ومجلات. • كيف تري موقع حرية الإعلام في خارطة الأداء الإعلامي العربي؟ وما مدى الحرية المتاحة للإعلامي في الخطاب العربي المعاصر؟ - تسود حالة من الخطاب الإعلامي العربي المعاصر تتمثل في ممارسة الإعلاميين لدورهم الإعلامي تحت إشراف الدولة غير المباشر وفق نظرية الدولة المكافحة غير التسلطية ، فالمسئولون عن الإعلام العربي يرون أن أمر الإعلام يجب أن لا يترك للإعلاميين وحدهم ولذلك تفترض هذه النظرية حق الدولة المعنية في الدعاية السياسية ولكن يجب ألا يكون ذلك بالإكراه أو الضغط، وإنما بالإقناع لذا تسعى هذه النظرية إلى إقامة الحدود ووضع القيود على حق الدولة في الدعاية السياسية لكي لا تتعسف في استعمال هذا الحق، كما أنها تُشرِك المعارضة في العملية الإعلامية وفي القضايا الرئيسية التي تهم البلاد. ولكن رغم الممارسات الديموقراطية والانفتاح على الحريات العامة ورعاية حقوق الإنسان إلا أن هناك ما يشبه الوصاية من الدولة علي الإعلام بكل أشكاله, حيث تقوم القيادة السياسية والقائمون بأمر الإعلام بدور الأب المستبد برأيه في التوجيه والتوعية وتحديد ما يمكن تقديمه إلى الجمهور من خلال وسائل الإعلام، دون إعطاء الأهمية لإشباع رغبات الجمهور بالإضافة إلى الاهتمام بجوانب التربية والتثقيف والإعلام في برامج متوازنة خوفًا من الحرية المتاحة لتلك الجماهير. • هناك تحديات تواجه الإذاعة تتمثل في تخلى المواطن عنها مقابل وسائل الإعلام الأخرى؟ - المواطن لم يتخلَّ عن الإذاعة ولكنه يفاضل بين الوسائل الإعلامية وبعضها, والإذاعة مازال لها دور ولها جمهورها الذي لن تفقده رغم ظهور وسائل إعلامية متعددة بدليل قوة موجه ال "FM" الإذاعية وكثرة القنوات، أما التحدي الحقيقي الذي يواجه الإذاعة فهو تخلي الحكام العرب عن فكرة إنشاء إذاعة قوية الاتجاه فقط نحو الفضائيات والصحف المقروءة، أما في الغرب تحديدًا فإن الدعم لا حدود له بدليل تدعيم ملكة بريطانيا لإذاعة ٍال"بي بي سي" ودعم إذاعة "مونت كارلو" الحكومي و"صوت أمريكا" التي تدعم من قبل المخابرات، ومن المعلوم قوة الإذاعات وخاصة السرية منها وقت الحروب، وما يحدث من تخلي الحكام عن دعم الإذاعات هو غباء سياسي والإذاعة أكثر الوسائل الإعلامية قوة وتأثيرًا، لأنها تفرض نفسها على المستمع وهو في أي وضع سواء على استعداد أم لا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.