أطلق الدكتور محمد السيد سعيد مقولة شهيرة عن نفسه بقوله: «أنا يسارى بين الليبراليين وليبرالى عن اليساريين».. ويعتبره العديد من المنتمين إلى فكر اليسار نموذجاً فريدا فى الفكر الاشتراكى مما ساعده فى تكوين علاقات مع جميع ممثلى القوى السياسية بداية من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى أقصى اليسار ليؤكد ذلك الحب والتقدير الذى يكنه له الجميع وهو ما جعله يؤسس ومجموعة من اليساريين تيار اليسار الديمقراطى. وصف عبدالغفار شكر، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، الدكتور محمد السيد سعيد بأنه من الكتاب القلائل الذين يستحقون لقب مفكر، مشيراً إلى أنه قادر على إبداع الافكار والصياغات الجديدة للتغيرات المحلية والدولية وهو مابرز خلال كتابه: «النظام الإقليمى العربى الجديد» والذى دعا فيه إلى تطوير الجامعة العربية فى ظل الكيانات الكبرى. وقال إن سعيد أولى قضية الديمقراطية اهتمامه، مشيراً إلى أن آخر كتابته فى هذا المجال ورقة بحثية بعنوان «نحو مفهوم مصرى للديمقراطية» تمت مناقشتها فى فعالية شارك فيها ممثلون لجميع القوى السياسية وأجمعوا أنها ذات صياغة راقية وعالجت الورقة قضية الدين والدولة. أوضح شكر أن المفكر الراحل ارتبط باليسار منذ ولعه بالسياسة، مشيراً إلى مشاركته فى عضوية أحد التنظيمات الماركسية السرية، خلال دراسته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منذ بداية السبعينيات الا أنه آثر العمل بشكل مستقل ولم يتخل عن ولائه للماركسية، لم يتخل عنه حتى وفاته، وظل مدافعا عن قيم العدالة والديمقراطية. وأكد الدكتور مجدى عبدالحميد، رئيس الجمعية المصرية للمشاركة المجتمعية أن الدكتور سعيد أحد المفكرين فى تيار اليسار الذى سعى جاهداً عقب انهيار الاتحاد السوفيتى للعمل على إحياء فكر اليسار الذى يؤمن بالديمقراطية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية واحترام الإنسان من منظور الحقوق والواجبات. وأوضح عبدالحميد أن سعيد حاول تجاوز الفكر الجامد للماركسية لتعبر بشكل فعال عن طموحات الناس، مشيرا إلى أنه نجح فى أن يكون هناك تيار بين اليسار المصرى يعتنق فكرة اليسار الديمقراطى. وقال: المفكر الراحل لعب دور المبشر والمنظر لتيار اليسار الديمقراطى، لافتا إلى أنه لم يكن فى نيته يوما أن يكون مشاركا فعليا، كان لا يسعى للمناصب، وظل يتغاضى عن المناصب حتى مات، بينما كان يسعى تجاه كل ما هو إنسانى. وأشار خالد على، مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن محمد السيد سعيد يمثل قيمة كبيرة للعديد من اليساريين والمهتمين بالعمل السياسى، وقال: افتقدته الساحة المصرية وإن كانت أعماله وأفكاره باقية تؤكد دوره فى إثراء الفكر السياسى. وأشار إلى أن سعيد لم يكن يساريا تقليديا وإنما كان متجدداً ومتوهجاً بالأفكار، التى تؤمن بالعدالة الاجتماعية مع قبوله تدخل الدولة فى بعض الانشطة ودور القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام بشرط عدم سيطرة الدولة والقطاع الخاص، وجعلها ركنا من أركان الحكم. وأضاف خالد على: نجح المفكر الكبير فى كسر ديكتاتورية «البروليتاريا» التى كان العمال يحكمون بها حال وصولهم إلى السلطة، ولفت إلى أن سعيد لاقى اعتراضات من أقصى اليسار، وتم اتهامه بأن من يردد تلك الأفكار ليس من اليسار.