ثمة عادة فكرية خاطئة لدى دوائر فى الفكر السياسى المصرى، تقوم تلك العادة على أن اليسار والإخوان هما القوتان الأساسيتان المناهضتان للتطبيع مع إسرائيل، وأن التيار الليبرالى المصرى هو القوة الأساسية فى قبول ودعم وترسيخ علاقات التطبيع بين مصر وإسرائيل. وقد استندت تلك العادة الفكرية الخاطئة إلى كون اليسار والإخوان هما الأكثر انتقاداً لإسرائيل.. وأن رموز اليسار والإخوان يمثلون أساساً قوياً لحركات مناهضة التطبيع، كما أن منابرهم الورقية والصوتية تحمل هجوماً منتظماً على سياسات العدو الصهيونى. كما استندت تلك العادة إلى كون عدد واضح من الليبراليين المصريين يتخذون موقفاً مؤيداً للتطبيع.. إما بتأسيس تحالف كوبنهاجن وحركة القاهرة للسلام، أو بقيام بعضهم بزيارة إسرائيل، أو زيارة السفارة الإسرائيلية أو استقبال السفير الإسرائيلى أو الدفاع المفرط عن أى تقارب مصرى إسرائيلى كاتفاقية الكويز أو توسيع نطاق التعاون الزراعى.. أو جنوح البعض إلى تأسيس جمعية للصداقة المصرية الإسرائيلية. من سوء حظ التيار الليبرالى أن مجمل النماذج الأخيرة تزعم انتماءها له، وتكرر باستمرار أنها تمارس ذلك فى إطار النظرية الليبرالية. وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من ليبراليى التطبيع يفتقدون المعرفة السياسية العلمية الرصينة، وأن كثيراً منهم يحتل مناصب شبه علمية أكثر مما يحوز قيمة فكرية ثمينة.. كما أن كثيراً منهم يكرر مقولات بليدة عن ضرورة الانتخابات النزيهة ودعم المرأة وحماية الأقليات.. معتبرين أنفسهم بما يملكون من حفنة عبارات وبضع مفردات يحوزون أفكاراً كبرى وأطروحات خالدة! على الرغم من أن هذا هو حال الأغلبية من ليبراليى التطبيع.. نقص فى العلم، ومحدودية فى المعرفة، وضيق فى الرؤية، فإنهم نجحوا فى اختطاف الليبرالية المصرية لسنوات طويلة. لقد أضحت الليبرالية المصرية فى محنة على إثر اختطافها من قبل مجموعة ليبراليى التطبيع محدودى الموهبة. وهنا بالضبط تولدت تلك العادة الفكرية الخاطئة.. يسار وإخوان ضد التطبيع، وليبراليون مع التطبيع. هذه سطور فى تحرير الليبرالية المصرية من مختطفيها.. وفى دعوة التيار الليبرالى الوطنى إلى فصل المقال فيما بين الليبرالية والتطبيع من اتصال.. (إلى الاثنين المقبل). [email protected]