يبدو لى الأمر وكأنه سيرك كبير.. فأى دولة هذه التى يصدر فيها القرار وعكسه، وأى قواعد هذه التى تسمح لك بشىء ثم تأخذه منك فجأة.. وأى حكومة هذه التى لا تستطيع أن تلتزم بما أقرته الحكومات السابقة. والحكاية هنا ليست حكاية مدينتى.. بل هى حكاية مصداقية دولة ومصالح مواطنين ومستقبل اقتصاد. ماذا سيحدث لمئات الآلاف من المواطنين الذين حصلوا على قطع أراض من الدولة سواء للزراعة أو السكن بنظام التخصيص.. كل ذلك باطل؟ ماذا سيحدث لكل المشروعات السياحية التى أقيمت بنظام التخصيص، باطل؟ ماذا سيحدث لكل المشروعات الصناعية والزراعية التى منحت بالتخصيص، باطل؟! من المسؤول عن كل هذه الفوضى؟ هل وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان؟! لكن النائب العام حفظ التحقيق الجنائى ضده وأغلق الملف. هل المستشارون القانونيون للحكومة، هل الهيئات الرقابية التى لا تصحو إلا عندما تحصل على توجيه «بتعقب شخص ما»؟! من المسؤول عن هذا التخبط؟! الحكومة تقول إنه خطأ إدارى.. ومن أدراها ونحن فى هذا المناخ الملبد بالغيوم أنه خطأ إدارى، وأن كل ما سبق لم تكن به شبهة فساد؟! تحدث لى وزير الإسكان عن وجوب توفر «حسن النية» ومن سيكشف عن نوايا الناس؟! هل ستبحث الدولة أيضاً فى نوايا البشر ويكون المقياس لو كنت حسن النية فى الشراء فأنت ناجح ولو كنت سيئ النية فى الشراء فأنت ساقط ساقط وسنسحب منك الأرض؟ هل هناك دول تدار بالنوايا؟! أم أن كل التعاقدات ستقدم للنائب العام للفصل فى شقها الجنائى.. وهنا سيتفرغ النائب العام لمشاكل الأراضى؟! وإذا كانت مجموعة طلعت مصطفى قد حصلت على أرض مدينتى بشبهة فساد أو بطريق غير قانونى لأنها بالتخصيص وليست بالمزايدة.. فهل يعنى ذلك أن كل من حصل على أرض بالتخصيص هو بالتبعية فاسد وغير قانونى؟! إذا ثبت بالقطع أن نظام التخصيص هو نظام فاشل فلماذا يتم استخدامه فى دول أخرى؟! من حق المواطن أن يسأل كيف يحصل البعض على الآلاف من الأفدنة ولا يحصل مواطن عادى على 200 م لإقامة منزل يعيش فيه؟! من حق المواطن أن يسأل كيف تخصص الأفدنة لسكن الأغنياء وقصورهم ولا توجد مساكن ولو شعبية تأوى ملايين المصريين؟ من حق المواطن أن يسأل أين تذهب أرضه ولمن؟ ولكن من حق المستثمر أيضاً أن يعرف مصير أمواله واستثماراته ومصير آلاف العمال الذين يشغِّلهم فى هذا البلد.. من حق المستثمر الأجنبى والمصرى معاً أن يعرفا أنهما يضعان أموالهما فى دوله لها قانون واضح وشفاف وقواعد قضائية متسقة ومتوازنة وعدالة ناجزة. أما فى غيبة كل ذلك فسلم لى على الاستثمار، والتشغيل والتنمية وبالتالى التعليم والصحة وسلم لى على العدل والعدالة... ومن قبلها جميعا المصداقية. إننا نعيش فى سيرك عظيم.. لكن حتى فى السيرك يلعب المحترفون.. أما فى حالتنا فقد سقط الجميع من أعلى «الترابيز».