«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمدالغندور:النظام لن يستجيب لمطالب البرادعي بتوفير ضمانات إجراء انتخابات ديمقراطية
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 09 - 2010

قبل أكثر من ثلاث سنوات أجرينا حوارًا مطولا مع الدكتور أحمد الغندور - الخبير الاقتصادي الكبير، وعميد عمداء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - في السياسة والناس والأرقام وارتفاع الأسعار ومعدلات الفقر والبطالة، وتصاعد احتجاجات الناس ويأسهم من قادم أفضل. تحدث «الغندور» معنا بصراحة عن نظام مبارك والحزب الوطني، وتلاميذه الذين أفسدتهم السياسة، وقال إن شلة الأمراء الإقطاعيين نهبت كل شيء، وحذر من غضب المصريين وقال إننا بانتظار انتفاضة أكبر كثيرا من انتفاضة 18 و19 يناير 1977، خاتما كلامه بقلق شديد علي مصر من قادم السياسات والأيام. وهاهي الأيام مرت وتفاقمت الأوضاع فعلا وزاد قهر النظام للناس.
« الدستور» قررت أن تحاوره فطرحنا عليه أسئلة في السياسة والاقتصاد والمستقبل، فبدا قلقا أكثر مما كان عليه من قبل. أدلي بشهادته لكنه بدا راغبا أكثر في عدم الإجابة عن كثير من الأسئلة مبررا ذلك بقوله: «أنا وصلت لقناعة أننا نعيش الآن عصر البكوات المماليك. النظام الذي نعيش فيه هو نظام شمولي. السلطة تتركز في يد شخص واحد. كل شيء يقرره هو وأي شيء...، لا أعرف ماذا سيحدث غدا؟! الوضع ضبابي كيف أستطيع أن أتنبأ علميا بشيء؟، وجداول الانتخاب نصفها أموات يصوتون، والنصف الآخر هو الأحياء، وهم أحياء لا يصوتون؟».!

الدستور: أنت عميد عمداء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لذلك دعنا نطرح عليك سؤالا قد لا يعجبك: لماذا تحولت هذه الكلية لمصنع لإنتاج كوادر ترتمي في أحضان النظام الحاكم: محمود محيي الدين، يوسف بطرس غالي، علي الدين هلال، محمد كمال، وكثيرون غيرهم؟.
- الغندور: كلية الاقتصاد هي مدرسة لتعليم الاقتصاد والسياسة. هذا في التحليل الأخير. هي كلية تسعي لتخريج الاقتصادي العلمي القوي النظيف بركائزه العلمية القوية. وكذلك السياسي. لكن هذه المدرسة تعطي أدوات. وهذا ليس هو من يحدد مسار الخريج أو الأستاذ في الحاضر والمستقبل، بل يشترك فيه التربية، والتعلم الذاتي والتثقيف. التربية في مصر كانت قبل يوليو تربية خاصة ووطنية، تعلموها في بيوتهم لكن في ظل النظام الشمولي ليست هناك تربية وطنية. وإذا أضفت إلي ذلك أن اختيارات أي حاكم وأي نظام هي اختيارات قائمة علي الانتهازية والعملية، فالأمر يفسر نفسه. نحن نكون أسس الشخص السياسي والاقتصادي أما ضميره فهذا أمر يخصه هو.
الدستور: قبل أكثر من ثلاث سنوات أجرينا معك حوارا مطولا عن السياسة والاقتصاد والناس وأدليت برأيك في كل هذا وغيره، وقلت إنك قلق علي مصر جدا بسبب غياب الديمقراطية وتفشي الفساد. ولنا أن نلتقي بك مجددا يا دكتور. فهل تغير شيء؟. هل ما زلت قلقا كما كنت؟.
- الغندور: نعم. أنا أتذكر. وأنا قلق جدا بدرجة أكبر مما كنت عليها. دعني أقول لك، أنا وصلت لقناعة أننا نعيش الآن عصر البكوات المماليك. النظام الذي نعيش فيه هو نظام شمولي. السلطة تتركز في يد شخص واحد. كل شيء يقرره هو وأي شيء. نحن نعيش نهايات نظام يوليو الشمولي. الرئيس في أي نظام شمولي لا يقبل النقد. وهذا منذ بداية نظام يوليو عام 1952. والنظام الحالي هو امتداد لنظام يوليو الذي لم يكن ديمقراطيا أبدا.
الدستور: ما مظاهر شمولية نظام مبارك التي تعتبرها امتدادا لشمولية نظام يوليو؟.
- الغندور: أول مظهر هو أن هناك رئيسًا واحدًا يملك كل شيء. وثانيا هو وقوف النظام كله ضد أي رأي أو جماعة تنتقد أو تعارض الرئيس. الرئيس لا يقبل النقد في كل المراحل، الناصرية والساداتية والمباركية. ومن هنا تنبع كل مساوئ النظام وكل خطاياه. أنت لا تعرف وجه الحق فيما يقوله الرئيس، لأن الآلة الإعلامية الجهنمية الضخمة، الحكومية، تصور لنا قرارات الرئيس وكأنها نابعة من الغيب والوحي. ولذلك فنحن حتي الآن لا نعرف مثلا الأسباب الحقيقية لهزيمة يونيو 1967 وغيرها من الهزائم السياسية التي نعانيها. كما أنه تبدو للناس منطقية ونتيجة للنظام الفردي.
الدستور: هل كنت تتوقع أن يتحول الرئيس مبارك، الذي استبشرت به النخب السياسية في بداية الثمانينيات، وكنت جزءًا منها، إلي قائد لنظام شمولي؟.
- الغندور: لا. لم يتوقع أحد ذلك. وهذا هو سبب استمراره. كنا نأمل خيرًا مع مجيء مبارك وسمعته النظيفة، ولكن مباشرة السلطة الشمولية أدت لغير ما نتوقع. وهو عندما يمارسها. لا يمارس سلطة مزاجية، فما يريده الرئيس ضئيل جدا بالمقارنه بما يريده النظام، وما يريده النظام تريده وتحركه قوي سياسية انتهازية ضاغطة، وهنا نقابل البيروقراطية والطبقة البرجوازية الشمولية. ليس صحيحا أن الطبقة البيروقراطية هي التي تمارس الحكم وحدها، لكن النظام الشمولي، ونظام يوليو ، ينشئ إلي جانب هذه السلطة مجموعة من الانتهازيين الذين يقومون بدور الطبقة البرجوازية في النظام الرأسمالي، لكن حتي إذا كانت الطبقة البرجوازية في النظام الرأسمالي قد أدت للبناء، فإن نظيرتها البرجوازية الشمولية في النظام المصري أدت إلي الهدم.
الدستور: لماذا؟. هل لأنه لدينا رأسمالية مشوهة أو هل لنا أن نسميها رأسمالية مدرسية؟!.
- الغندور: ولا حتي رأسمالية مدرسية!. نحن لم يكن لدينا في يوم من الأيام رأسمالية.! وهذا واضح في الخصخصة. في المفهوم المصري الخصخصة هي حملة تسريقية. يظهر هذا في قانون الخصخصة ذاته. قارنه مثلا بين قانون الخصخصة الفرنسي. في سلطة المجلس النيابي هنا وهناك. والأمر الإيجابي لمحمود محيي الدين، وزير الاستثمار، الذي راح البنك الدولي لثلاث سنوات. لم يذهب للتوفيق بين قرارات الحكومة وقرارات البنك الدولي. ذهب بسبب قدراته وخبرته في: كيف تفسد السياسة كل شيء؟ ومحمود محيي الدين نظيف ماديا لكنه خضع ونفذ أوامر الطبقة الانتهازية الضاغطة والمسيطرة في النظام الحاكم.
الدستور: هل هذه الطبقة الانتهازية هي التي حولت نظام مبارك لنظام يستبد بالجماهير دفاعا عن مصالحها الشخصية؟ ولو أن هذا صحيح: أليست هناك مسئولية تلقي علي عاتق مبارك؟.
- الغندور: هذه الطبقات نشأت نتيجة لمناخ النظام. ويؤخذ علي الرئيس مبارك. وأي رئيس. أنه لم يحاول أن يغير المناخ. فلا حرية لأحد. وغياب الحرية يولد الفساد. الاقتصادي منه والسياسي. وأبرز مظاهر هذا المناخ هو استيلاء الطبقة الشمولية علي السلطة الاقتصادية. وهذا عمل من أعمال النظام. فالنظام يستولي علي كل شيء. يعطي لمن يريد ويحجب عن لا يريد. هناك حصص تذهب لرجال الأعمال، هذه الحصص تذهب في النهاية للسوق السوداء، ليجني صاحب العطية، الفرق بين ثمنها المنخفض الحكومي، وثمن السوق السوداء المرتفع. وهذا وضح في أيام عبد الناصر، وزاد الأمر بعد الانفتاح الاقتصادي أيام السادات، وخلقت طبقة طفيلية، زادت شراستها أيام مبارك، مع بدء تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي، وكل إجراءات هذا الإصلاح صيغت وطبقت لصالح هذه المجموعات الانتهازية.
الدستور: ما الذي يستفيد منه النظام الحاكم بحماية مصالح هذه المجموعات الانتهازية بينما يهدر حقوق ملايين المواطنين؟.
- الغندور: هذه الطبقة البرجوازية دورها هو احتكار السياسة والاقتصاد وجميع مؤسسات الدولة، ودعم كل مؤسسة، تحمي بقاء هذا النظام، بما في ذلك الصحافة الحكومية، بل والصحافة الخاصة، لأن في بقاء هذا النظام استمرار لمصالحها، وتراكم لأرباحها.
الدستور: الفاشية سقطت والنازية سقطت، وهناك أنظمة شمولية كثيرة في أوروبا وغيرها سقطت، لأنها كانت مستبدة، لماذا هنا المعادلة معكوسة، النظام يستخدم الشمولية والاستبداد في مصر ليطيل من عمره؟!.
- الغندور: النظام الشمولي يدمر نفسه بنفسه. التاريخ صادق في هذا الخصوص. وهو صادق بالنسبة لمصر. فنحن نعيش نهايات النظام الشمولي. وهذا يبين الثمن الضخم الذي دفعناه نتيجة استمرار النظام الشمولي طيلة 60 عاما. انظر إلي ما وصلنا إليه من تدهور وتدمير في المجتمع. وهذا هو الحاجز الرئيسي ضد مشروع التوريث مثلا. وهذا يؤكد قولي بنهاية هذا النظام الشمولي.
الدستور: لكن من الذي سيحدد نهاية هذا النظام الشمولي، النظام نفسه، بممارساته، أم المعارضة والجماهير؟.
- الغندور: القوي السياسية الداخلية أولا والدولية ثانيا. وكل له دور. بدليل ظهور محمد البرادعي - المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية - في نهاية الستين عاما، وما أحاط به من تأييد شعبي.
الدستور: ويؤكد كلامك أن هناك أصواتًا داخل النظام الحاكم نفسه، مجموعات اقتصادية وسياسية تؤيد مطالب البرادعي، وتري أن ترشح البرادعي هو تجديد لدماء النظام الحاكم؟.
- الغندور: لا. أنا لا أصدق هذا الكلام. من قال هذا؟. هذا يتناقض مع مواقفهم المؤيدة للنظام الحاكم. لم يخرج علينا واحد منهم، من الحزب الوطني ونادي بذلك.!
الدستور: هي أصوات غير مسموعة حسب ما يقول مراقبون؟.
- الغندور: لا. ولو كانت مسموعة أو غير مسموعة، هي في النهاية أصوات انتهازية وخائفة.
الدستور: قلت قبل سنوات إن شعور الناس بالظلم زاد، وإن القادم أسوأ، وإن هذا سيجعل الناس تثور علي الأوضاع بما هو أكبر من انتفاضة 18 و19 يناير 1977، وفعلا وقع ويقع الأسوأ، وتفاقم شعور الناس بالظلم، ولم تحدث انتفاضة شعبية. تري لماذا؟.
- الغندور: أنا أتكلم عن شعب. وكلامي هذا منذ ثلاث سنوات أو أكثر، وهذه المدة قصيرة جدا في حياة الشعوب. لكن قارن الوضع السياسي حاليا والوضع السياسي منذ أربع سنوات. لقد زاد انعزال القيادات السياسية للنظام عن الناس. والناس تتربص بهم الدوائر. هذا يحدث فعلا.
الدستور: كنت عضوا في هيئة مستشاري السادات ونائبا لوزير الاقتصاد في عهده، وشغلت مناصب عدة، أكاديمية وسياسية، لو فرضنا أن النظام طلب منك الآن أن تقول رأيا حاسما في الخصخصة. ماذا ستقول؟.
- الديمقراطية. الديمقراطية. تحل كل المشاكل، وتصفي كوارث الخصخصة، ومساوئها، الديمقراطية هي الحل. والخصخصة ليست سيئة في ذاتها. لكن من يديرونها هم من أوصلوها لذلك. من يسيطرون علي الاقتصاد القومي هم الطبقة البيروقراطية والبرجوازية. ليس أمامك إلا أن تتبع الديمقراطية. والديمقراطية كفيلة بالقضاء علي الطبقة الانتهازية وظهور الطبقة البرجوازية النظيفة التي تبني ولا تهدم. الديمقراطية نفسها تحل مشاكل السياسة وترفع عن الحاكم أهوال مواجهة الوضع الراهن. ليس هناك حل في ظل النظام السياسي الحالي إلا أن ينظر إلي ما وصلنا إليه وأن يعترف بأن هناك معاناة. وإلا سيصبح في واد والشعب في واد آخر.
الدستور: لو خيرت بأن تعطي صوتك إما لجمال مبارك، نجل الرئيس، وأنت تربطك به مودة منذ أن رشحته لعضوية مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي الدولي، وإما محمد البرادعي، في انتخابات رئاسية، نفترض مثلا أنها المقبلة، فلمن تعطي صوتك وبصراحة؟.
- الغندور: السؤال نفسه خاطئ.!
الدستور: لماذا؟.
- الغندور: لأنه واضح إلي الآن أن ما يطالب به البرادعي من مطالب خاصة بتوفير ضمانات لإجراء انتخابات ديمقراطية سليمة، لن يأخذ به النظام، لأنه لو فعل ذلك ستأتي بيده نهايته، وليس بيد عمرو، لذلك ليس أمام النظام إلا أن يصر علي الوضع الحالي وأن يناور وأن يخادع وأن يخرج كل ما في جعبته. لذلك فإن تصور وجود بطاقة انتخابية، تحمل جمال مبارك في يمينها، وتحمل البرادعي في يسارها، هو أمر أقرب إلي الخيال ولا أقول الهلوسة.
الدستور: لكن هناك ضغوط من الخارج لضرورة توفير ضمانات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟.
- الغندور: نعم. ليس من مصلحة أي دولة، وخصوصا الولايات المتحدة أن تساند نظاما غير مستقر. لأنها بذلك تعرض مصالحها للخطر. لذلك لا يمكن تصور أن الولايات المتحدة تساند مشروع التوريث. فالتوريث بالشكل الذي يريده النظام الحاكم معناه بقاء الأوضاع علي ما هي عليه في مصر. وبقاء هذه الأوضاع كذلك، يهدد مصالح الولايات المتحدة. وهذا يفسر لماذا اعتذر الرئيس الأمريكي بوش عن الستين عاما الماضية التي هيمنت فيها الولايات المتحدة علي منطقة الشرق الأوسط ودعمت فيها أنظمة لم تحترم القانون. وبوش اعتذر لأنه يعرف أن النظام الديمقراطي المستقر هو الذي يحفظ مصالح بلاده أكثر من النظام الشمولي. وانظر لتركيا مثلا. دولة ديمقراطية. والولايات المتحدة لديها مصالح قوية وثابتة معها، وعندما رفض البرلمان التركي عبور الطائرات الأمريكية لضرب العراق، فإن واشنطن لم تنطق بكلمة واحدة، وتركيا حتي الآن منسجمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ولها دور مهم في حلف الأطلسي.
الدستور: هل تعتقد أن النظام يلقي بالا بالاحتجاجات الجماهيرية، فئوية أم سياسية، التي تتصاعد الآن في الشارع؟.
- الغندور: نعم يلقي لها بالا، بل ويخشاها رغم أنها صغيرة. فهذه الاحتجاجات تعبر عن أزمة النظام الحاكم وعدم استقراره. ويزيد من عدم الاستقرار أن الحلول التي يقدمها النظام للقضاء علي هذه النقاط الاحتجاجية، هو أنه يزيدها سخونة والتهابا، يزيد من معدل عجز الموازنة، ويزيد من البطالة والفقر، وهذه هي الدولة الفاشلة التي تفجر أزمات ولا تستطيع حلها. ويمكن القول إننا نعاني أعراض عصر ما قبل الدولة، لأن الدولة الحديثة بالتعريف السياسي، هي دولة قانون. فالقانون يصدر بموافقة المجتمع ورقابته. لذلك فإن أزمات النظام المصري ليست مثل أزمات النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة لكنها أزمات النظام الشمولي الذي لا يعرف القانون. وحل هذه المشكلات لن يتحقق لأن تحققه يتنافي مع مصالح الطبقة المستفيدة من استمرار هذه المشكلات.
الدستور: كيف تري الأحزاب السياسية المسماة بأحزاب المعارضة؟.
- الغندور: أن أري أن هذه الأحزاب هي جزء من النظام الشمولي نفسه. أنا أسميها أحزاب النظام. ورؤساؤها هم أبطال أفلام كارتون. نحن أمام وضع غير حقيقي. وأنا حذرت البرادعي من أن يتعامل مع هذه الأحزاب كشيء مستقل عن النظام ذاته. هذه الأحزاب لا يمكن إصلاحها كما لا يمكن إصلاح النظام الشمولي.
الدستور: هل تعتقد أن الفترة المقبلة، وهي ستشهد انتخابات برلمانية و رئاسية، هل تتوقع أن يبادر النظام بضمانات أو أنه سيسمح لمرشحين مستقلين بالترشح؟
- الغندور: أنا لا أري أي مؤشر بأن النظام سيعدل عن الخط الحالي الذي ينتهجه. وأي انتخابات ستحدث سيكون التزوير هو رائدها. والدستور بتعديلاته الحالية لا يسمح بتعددية في الترشح للرئاسة، لذلك أصبح الإنسان السياسي في حيرة لأنه لا يملك من الأدوات ما يجعله يتنبأ بما سيحدث غدا. ولا أتكلم عن التنبؤ بالمستقبل لأن أدوات الاستشراف والتنبؤ ليس معمولا بها في النظام الشمولي. التنبؤ يقوم علي الواقع. والواقع ضبابي. والتنبؤ الآن بشيء هو نوع من المضاربة السياسية. أنا قلق جدا علي مصر. لا أعرف ماذا سيحدث غدا. الوضع ضبابي.. كيف أستطيع أن أتنبأ علميا بشيء، وجداول الانتخاب نصفها أموات يصوتون، والنصف الآخر هو الأحياء، وهم أحياء لا يصوتون؟.
الدستور: لو قارنا بين أوضاع حقوق الإنسان في مصر في العقود الستة الأخيرة، ما صحة مقولة إنها تدهورت أكثر في عهد النظام الحالي من أي عهد مضي؟.
- الغندور: بالطبع. هذا صحيح. وهناك تدهور كبير جدا في حقوق الناس علي كل المستويات.
الدستور: هل تعتقد أن المصريين سيكون في الفترة المقبلة لديهم استعداد لأن يقدموا تضحيات تقربهم من نقطة تحديد مصيرهم دون انتظار لما سيسقط من شجرة النظام؟
- الغندور: أعتقد. وهم بدءوا فعلا. هناك مظاهر احتجاجية فعلا. قد تكون احتجاجات من فئات محدودة. هي تضحيات من مجموعة صغيرة لكنها معبرة عن ما وصل إلية الحال. وهذه عينة عشوائية معبرة عن المجموعات المكونة للشعب المصري. المصريون قرروا تحديد مصيرهم. وأول خطوة هي أنهم نفضوا أيديهم عن النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.