كعادتك يا فصل الصيف زائر لا يرغب فى الرحيل.. وكعادتى أكون صبورا معك .. أعلم أنك يوما ما سترحل وتترك وراءك نسماتك الباردة لتعلن عن قدوم فصل الشتاء. ولكنى أيها الصيف لم أعد صغيرا.. وتغيرت مشاعرى نحوك ونحو نسماتك الباردة.. لا، لقد ماتت مشاعرى ولا يوجد لدى أمل فى أن تبعث تلك المشاعر من جديد .. أنا وانت ما زلنا هنا ولكن المسافات بيننا تطول وتطول .. أيها الصيف لا تسألنى لماذا ؟ماتت مشاعرى ؟ فانت تعرف جيدا لماذا ؟! لا تحاول إقناعى بمبررات زائفة .. كيف؟ وقد أصبحت نسماتك تحمل رائحة كرائحة الحريق تملأ بها شرايين مدينتى حتى تكاد تختنق. ألم تر انها بالفعل تحتضر.. ألم تر فى ملامحها علامات الموت. ألم تر جسدها الواهن وقد التف من حوله أهلها يمتصون دماءها وتعلو وجوههم سمات النفاق فى انتظار لحظة الفراق والميراث. أيها الصيف اعرف ان نسماتك الباردة كانت مجرد وسيلة فى ايديهم، واننى لا يجب أن أوجه إليك كل اللوم .. ولكننا جميعا مذنبون. . بعض منا بسلبيته والآخر بأفعاله . . يا قاهرتى، يا مدينة تحتضر.. لقد فشلت فى التعرف على اعدائك .. تشاهدين الشياطين على عتبة بابك منذ زمن بعيد .. وانا لم اعتقد يوما انك سترحلين .. اعتقدت انك ستظلين هنا للابد.. تستنفد أنفاسك الأخيرة الطاقة بداخلى .. ولكن يجرى بعروقى نهر يدفعنى دفعا لاكتب تلك السطور لأسجل أسفى ووداعى الأخير فانا لا أقوى الآن على النظر فى عينيك الزائغتين، ولكنى على امل انه فى حياة قادمة ربما تبعث فيك الروح من جديد.. ويجد أحد أبنائك هذه السطور!! كلمة أخيرة : تظلل السحابة السوداء سماء القاهرة الكبرى للعام العاشر متحدية كل تلك التصريحات، وكاشفة عن مدى العجز فى التنسيق بين الجهات المختصة لمواجهتها!! محمود البسيونى القاهرة [email protected]