يبدو الاقتصاد اللبنانى مرهوناً بمسار عملية تشكيل الحكومة التى يتولاها رئيس الغالبية النيابية سعد الحريرى. ففى الوقت الذى يزداد فيه الوضع الداخلى اللبنانى تأزماً، يخشى بعض المحللين من أن مواجهة ممتدة بشأن الحكومة يمكن أن تذكى التوترات الطائفية فى البلاد، مما يبعد المستثمرين ويعرقل قطاع السياحة الرئيسى. وعلى الرغم من أن قطاع العقارات الحيوى فى لبنان تمكن من تجاوز الأزمة المالية العالمية ولايزال يشهد حركة قوية، حذر تقرير حديث أعدته مجموعة «اكسفورد بيزنس جروب»- وهى مؤسسة بريطانية متخصصة فى مجال الأبحاث والخدمات الاستشارية- من أن تأخير تشكيل الحكومة بعد نحو 4 أشهر على الانتخابات النيابية، يمكن أن يعرض القطاع لخطر الركود، بسبب عزوف المستثمرين الأجانب. وأوضح تقرير «اكسفورد بيزنس جروب» أن القطاع العقارى اللبنانى أظهر قوة واضحة لفترة طويلة نسبياً، رغم انخفاض المبيعات بنسبة 10.6% بنهاية يونيو، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضى، وأشار التقرير إلى أن وجود حكومة قوية من شأنه أن يوفر الاطمئنان للمستثمرين بشأن إجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة وتمرير القوانين التى تسهل عمل المستثمر. وتعد الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، ولذلك لا يمكنها اتخاذ أى قرارات اقتصادية أو مالية أو سياسية. لذا، فإن كل شىء متوقف فى الوقت الراهن، سواء التعامل مع الخصخصة أوالقضايا الاجتماعية الملحة الأخرى. وفى حين أكد تقرير صادر عن الأممالمتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» أن نسبة الاستثمارات الاجنبية المباشرة ارتفعت فى لبنان 32% عام 2008، تركزت خصوصاً فى قطاع العقارات، أبدى خبراء ومسؤولون خشيتهم من استمرار الخلاف السياسى بين الأكثرية النيابية والأقلية، وهو ما سيكون لها أثره على نمو الدين العام وتفويت فرص الاستثمار. وأشار جبريل، كبير الاقتصاديين ومدير قسم البحوث والدراسات الاقتصادية فى مجموعة بنك بيبلوس، إلى أن التأخير فى تأليف الحكومة سيؤدى إلى حذر فى أوساط المستثمرين وإلى تراجع التحويلات وتجميد مشاريع الاستثمار، موضحاً أنه عند كل استحقاق لتداول السلطات كالانتخابات الرئاسية أو تشكيل الحكومة تدخل الساحة الداخلية فى نفق مظلم مما يدفع المستثمرين إلى رسم علامات استفهام حول مصير المشاريع الاستثمارية على المدى الطويل وهو ما يعنى مزيداً من الفرص الضائعة أمام الاقتصاد اللبنانى. من جهته، يرى الخبير الاقتصادى اللبنانى، لويس حبيقة، إن تكليف الحريرى بتشكيل الحكومة الأولى أشاع أجواء من الارتياح ترجمت بشكل فورى فى الارتفاع القوى للأسهم والسندات اللبنانية فى بورصة بيروت، مؤكداً أن أى عرقلة سياسية ستعرض هذه المكاسب للأخطار.