انتقلت إشارات تأليف الحكومة اللبنانية من دائرة التشاؤم إلى دائرة التفاؤل بعد تصريحات وتحركات للفرقاء اللبنانيين تبشر بظهور الحكومة المنتظرة خلال أيام قليلة بعد الحصول على كلمة السر من دمشق، بحسب قيادى فى الأكثرية. ويترافق ذلك مع حالة من الجدل يعيشها لبنان حول مراجعة اتفاق الطائف فى ذكراه العشرين والذى أنهى الحرب الأهلية لكنه لم يستطع إنهاء الطائفية السياسية فى هذا البلد. وقال فارس سعيد القيادى البارز بقوى الأكثرية النيابية « 14 آزار» فى تصريحات ل«الشروق»: إن «حالة التفاؤل دخلت مرحلة الجدية وذلك بعد إعطاء سوريا الضوء الأخضر للجنرال عون من أجل تشهيل تشكيل الحكومة وهو ما أنتج عنه هذه المساحة من التفاؤل بأن التشكيل أصبح فى انتظار الإعلان». وأضاف سعيد أن السوريين أبلغوا جبران باسيل صهر عون وهو الوجه الأبرز فى أزمة تشكيل الحكومة التى يصر فيها عون على توليه حقيبة الاتصالات خلال زيارته إلى دمشق أمس الأول بحرص «القيادة السورية على أن يشهد لبنان ولادة «قريبة جدا» لحكومة وحدة وطنية». وقال سعيد إن دمشق اتخذت هذا الموقف لتثبيت المكاسب التى حصلت عليها من انفتاحها على الولاياتالمتحدة وقوى الاعتدال العربى، وهى تريد أن تثبت بأنها جادة فى حل الأزمة اللبنانية، على حد تعبيره. ونقل تليفزيون «OTV» اللبنانى عن زعيم تكتل «التغيير والإصلاح» اللبنانى العماد ميشال قوله إن ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة نهاية الأسبوع المقبل «إذا لم يحصل أى طارئ». وأضاف: «إننا أصبحنا فى المراحل النهائية ونحن على وشك التأليف». وكان من المقرر حتى كتابة هذه السطور أن يلتقى عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى للانتهاء من المسائل العالقة ووضع اللمسات الاخيرة على تشكيل الحكومة. من جانبه، كشف وزير السياحة فى حكومة تصريف الأعمال إيلى مارونى (من تيار الاكثرية) عن أن «الحكومة قد تولد قبل الأحد المقبل». وفى الوقت الذى حلت فيه الذكرى العشرون لتوقيع اتفاق الطائف عام 1989 برعاية سعودية لإنهاء الحرب الأهلية التى اندلعت عام 1975 فى لبنان، يرى ساسة ومحللون أن عدم تنفيذ بنود الاتفاق بشكل كامل هو السبب وراء الأزمة السياسية المزمنة فى هذا البلد. وقال النائب بطرس حرب (من الأكثرية) خلال ندوة فى بيروت أمس الأول إن «الطائف ليس اتفاقا كاملا وإنما اتفاق فرضته الضرورة وأن منتقدى اتفاق الطائف من السياسيين هم أجمالا من عطلوا تنفيذه». وفى تصريح ل«الشروق»، قال المحلل السياسى سركيس أبوزيد إنه بالرغم من نجاح الاتفاق فى وقف الحرب والانتقال بلبنان إلى مرحلة السلم الأهلى فإن اختلاف قراءته بين فريق وآخر على الساحة اللبنانية هو ما عطل تنفيذ بنوده. ومن أهم تلك البنود المعطلة بحسب أبوزيد: العمل على إنهاء الطائفية السياسية وتشكيل مجلس نواب خارج الإطار الطائفى وتشكيل مجلس للشيوخ. ورأى أن من أكثر الثغرات تأثيرا على الموقف الراهن هو عدوم وجود سقف محدد لمهلة تشكيل الحكومة اللبنانية وهو ما يتمثل حاليا فى عدم التوصل إلى حكومة على مدار خمسة أشهر بعد تكليف رئيس الوزراء بها. ولفت أبوزيد إلى ان الاتفاق أضعف من قوة النخبة المسيحية فى البلاد عندما نقل صلاحيات من موقع رئاسة الجمهورية المارونية إلى رئاسة الوزراء السنية، وهو ما يلزم الآن إعادة النظر فيه لأن الرئيس هو الضامن الحقيقى للسلم الأهلى وبالتالى لابد أن تكون لديه صلاحيات على قدر المسئوليات المنوطة به. ودعا أبوزيد إلى عقد مؤتمر وطنى من أجل التوافق على قراءة واحدة لاتفاق الطائف وعقد ورشة عمل لاستكمال وتعديل بعض البنود حتى تتوافق مع التطورات الدولية والداخلية الجديدة، مشيرا إلى أنه «على الرغم مما شابه من ثغرات فإنه ضرورة لا يمكن إنتاج بديل لها فى الظروف الراهنة».