بدأت فى لبنان أمس المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية التى تشمل العاصمة بيروت ومحافظة البقاع (شرق) لانتخاب 156 مجلسا بلديا فى أجواء مشحونة سياسيا بعد انسحاب التيار الوطنى الحر وحزب الله من انتخابات العاصمة وهو ما يمهد لاستعادة اجواء التأزم بين الفرقاء بعدما انطلقت مدافع الانتقادات بينهم. وفى تصريح ل «الشروق» عبر الهاتف من بيروت قال النائب فى البرلمان اللبنانى والقيادى فى التيار الوطنى الحر (المسيحى) آلان عون إن «مقاطعة الانتخابات جاءت احتجاجا على قانون الانتخابات الذى لم يقسم بيروت وايضا بسبب الفشل فى الوصول لاتفاق حول لائحة التمثيل». وكان التيار الوطنى يطالب بتعديل قانون الانتخابات بحيث يتم تقسيم بيروت إلى ثلاث دوائر بدلا من دائرة واحدة طبقا للقانون الحالى، وعندما تعذر تعديل القانون لعدم كفاية الوقت، دخلت الاطراف السياسية فى مفاوضات من أجل الاتفاق على لائحة توافقية فى انتخابات لكن المفاوضات أيضا فشلت. ويعد الفوز محسوما للائحة «وحدة بيروت» المدعومة من رئيس الحكومة السنى سعد الحريرى وحلفائه المسيحيين فى قوى 14 آذار، وقد رعى تأليف لائحة مؤلفة مناصفة من المسيحيين والمسلمين لكن التيار الوطنى وحزب الله يقولان إنها لا تعكس التمثيل الحقيقى لمكونات بيروت. وانتقد آلان عون تصريحات الحريرى الاخيرة التى دعا فيها إلى التصويت الكثيف فى بيروت لتجنب الوقوع فى ما وصفه ب« الفخ» الذى يهدف إلى تفتيت العاصمة. وقال: «نأسف أن يكون الراعى الاكبر للتوافق يشترك مع حلفائه الذين لا ينظرون إلى أبعد من مناخيرهم من اجل تضييع هذا التوافق»، فى اشارة إلى حزبى القوات اللبنانية والكتائب المسيحية اللذين ينافسان التيار الوطنى بزعامة ميشيل عون. واعتبر القيادى فى التيار الوطنى ان « ما حصل يزيد من ازمة الثقة بين الفرقاء وهى خطوة إلى الوراء اساءت للتوافق». ومن جانبه، قال النائب عن حزب الله امين شرى فى تصريحات ل«الشروق» ان الحزب انسحب من انتخابات بيروت لعدم وجود توافق فى اللائحة، ولم يكن هناك تمثيل حقيقى لاحزاب المعارضة فى بيروت، وحتى لا يوظف دخول الانتخابات من قبل بعض المغرضين من اجل اذكاء نار الفتنة». واستبعد شرى حدوث ازمة سياسية نتيجة تلك المواقف، متوقعا اجواء هادئة فى تلك الانتخابات. لكن على الجانب الآخر، رأى فارس سعيد المنسق العام لقوى 14 آزار فى تصريح ل«الشروق» ان «الازمة ستحدث فقط اذا لم تحترم المواعيد الدستورية للانتخابات ومبدأ تداول السلطات»، وأضاف ان قوى 14 آذار مع اصلاح قانون الانتخابات لكن ليس على حساب موعد الانتخابات». وانتقد سعيد انسحاب حزب الله من انتخابات بيروت، قائلا: «كان يمكن لحزب الله ان يدير المعركة دون التقيد بالحساسيات الطائفية.. نحن نتفهم موقفه لكن الانسحاب ليس ايجابيا فى كل الاحوال». وحول وجود بوادر أزمة سياسية فى الأفق، قال سعيد: «ستحدث ازمة لكن لن تكون بسبب الانتخابات بل بسبب ظروف اقليمية خارجية» واضاف بالقول: «الازمة القادمة ستنشأ بعد الانتخابات بسبب تقدم المسار الفلسطينى على حساب المسار السورى والتوتر بين دمشق وواشنطن الحاصل أخيرا على خلفية ازمة صواريخ سكود بالاضافة إلى اصرار دمشق على عدم فك الارتباط بإيران.. كل ذلك يمكن أن يؤدى إلى إنتاج ازمة سياسية جديدة داخل لبنان.. لكن الانتخابات لن تكون سببا فى أى أزمة». وسترتدى انتخابات المخاتير فى بيروت اهمية استثنائية لا تسجل عادة، نتيجة اعلان حزب الله وعون خوضها والتأكيد على طابعها السياسى. وقال آلان عون ان «تلك الانتخابات نريدها سياسية حتى تكون استفتاء على رفض ابناء بيروت قانون الانتخاب البلدى». ومن جهة أخرى، تدور معركة بلدية حادة فى زحلة بمحافظة البقاع الجنوبية ذات الاغلبية المسيحية التى شهدت كذلك فى الانتخابات النيابية الاخيرة فى يونيو معركة انتهت بفوز قوى 14 آذار (الممثلة بالاكثرية النيابية) على قوى 8 آذار (الاقلية).