واصلت عجلة التشنج السياسى دورانها فى لبنان مع تزايد حدة الاتهامات بين الفرقاء بالاستعداد لمواجهة فى الشارع، فيما حذر محللون لبنانيون من ذهاب البلد لحرب أهلية على الطراز العراقى أو على الأقل فوضى أمنية إذا لم تتدخل القوى الإقليمية. فمن جهته، اتهم عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» (من قوى الأكثرية النيابية) النائب ايلى مارونى الجنرال ميشال عون رئيس التيار الوطنى الحر بالمسئولية عن الوضع الحالى فى البلاد لأنه يدعم السلاح غير الشرعى لحزب الله. وأضاف فى حديث لموقع «لبنان الآن» أن لديه معلومات عن تسليح عناصر من التيار الوطنى الحر (بزعامة ميشال عون) بالإضافة إلى توزيع الأسلحة على جمهور هذا التيار فى مختلف المناطق اللبنانية». ويعيش لبنان أزمة سياسية حادة جديدة تحت عنوان القرار الظنى الذى من المنتظر أن تصدره المحكمة الدولية التى تنظر فى جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى، وسط تسريبات قوية بأن القرار سيتهم أعضاء فى حزب الله فى الضلوع بالجريمة وهو ما استدعى حملة شرسة من الحزب لتعطيل صدور القرار ورفض تمويل الحكومة اللبنانية للمحكمة. وفى هذا السياق، قال وزير الزراعة حسين الحاج حسن (من حزب الله) فى تصريحات صحفية: «نحن لن نسلّم أحدا من عندنا للمحكمة وهذه محسومة لدينا، وإذا صدر قرار ظنّى سنرفضه كليا بكل ما يحتويه، ولا يمكن أن نوافق على تمويل محكمة تريد أن تتهمنا.. إذا دعونا نجنّب لبنان الفتنة برفض المحكمة الدولية». وفى اتصال هاتفى مع «الشروق» من بيروت قال المحلل السياسى اللبنانى جورج علم إن الهدف من الحملة التى تشنها المعارضة هو إسقاط الحكومة الحالية، وهى قادرة على ذلك. وحذر من أن «الحرب الأهلية إذا اندلعت فلن تنتهى بسيطرة الحزب على البلد بل سيتحول لبنان إلى ساحة عراقية مليئة بعمليات التفجير والقتل ورأى أنه إذا بدأت الحرب سنية شيعية، ستدور الدائرة على المسيحيين مما سيدفعهم إلى التهجير، وعندها سنشهد تصفية للوجود المسيحى فى البلاد»، مشيرا إلى أن المسيحيين فى تضاؤل بالفعل حتى وصلت نسبتهم إلى قرابة 27% من السكان وهو ما يهدد التوازن الديمغرافى والسياسى فى البلاد. وبدوره، قال المحلل السياسى نصرى الصايغ إن لبنان «فى خطر شديد على جميع المستويات بما له علاقة بمؤسساته الدستورية: الحكومة والمجلس النيابى والمؤسسات الأمنية والقضائية، فالمحكمة الدولية والقرار الظنى يقسم اللبنانيين بين معسكرين لا تصالح بينهما على مستوى ما ستنتجه المحكمة». ورأى أن الأمور تتجه إلى مسارين: «إما إيجاد تسوية داخلية برعاية سعودية سورية أو استمرار الضغط الإعلامى والسياسى على رئيس الوزراء سعد الحريرى للتخلى عما سيصدر من المحكمة من مفاعيل .واستبعد الصايغ نزول حزب الله للشارع كما حدث فى 7 مايو 2008، لكن «يخشى أن يصبح البلد فالتا على المستوى الأمنى مما يجعل مناطق التماس (السنى الشيعى) مثل طرابلس والبقاع حساسة جدا فتجرى فيها بعض العمليات الأمنية التى قد تتسع رقعتها أو تضيق وفق المساومات السياسية التى تجرى يوميا. وعلى صعيد متصل، زار الرئيس السورى بشار الأسد طهران أمس للتباحث مع نظيره الإيرانى محمود أحمدى نجاد حول الأوضاع فى لبنان والمنطقة قبل زيارة مثيرة للجدل والاحتقان يقوم بها الرئيس الإيرانى إلى لبنان فى الثالث عشر من الشهر الجارى. واستبعد القائد العام للقوات الدولية العاملة فى جنوب لبنان الجنرال البيرتو أسارتا أن تتسبب زيارة الرئيس الإيرانىلجنوب لبنان، بأى تصعيد أو مواجهة بين لبنان وإسرائيل، مبديا استعداد قواته لمساعدة الجيش فى تأمين الأمن والحماية للزيارة. ورأى علم أن زيارة الأسد تهدف إلى محاولة «وضع التحرك الإيرانى تحت السقف السورى لأن دمشق لا تريد تخطى دورها هناك»، بينما قال الصايغ إن «هناك تنسيقا تاما بين إيران وسوريا وحزب الله وما يجرى هو توزيع للأدوار فقط».