غالبا ما تضحكنا المهازل التى نقرؤها فى عمل فنى، ولكن الأكيد أننا نبكى عندما نعيش المهزلة كما يحدث لنا الآن بصدد ما يسمى عملية السلام! فإسرائيل انتابتها حمى غير مسبوقة فى استعمار ما تبقى من أرض فلسطين تحت سمع العالم وبصره لأن «الشعب» الإسرائيلى اختار «ديمقراطياً؟» حكومة تزدرى القوانين وما درج على وصفه بالشرعية الدولية وتعلن أن إرادة منتخبيها لا تعلوها أى إرادة أخرى ولا تهتم بحقوق أى شعب آخر.. فوزير الدفاع، وهو بالمناسبة زعيم حزب العمل، قد أعلنها على الملأ ووضع بنفسه حجر الأساس لمستعمرة استيطانية جديدة فى القدس العربية المحتلة، وأعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعدد من أعضاء حكومته أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، يقول ما يشاء ولكن لتل أبيب قول آخر مشفوع بالفعل الإجرامى.. باستمرار السرقة واغتصاب الأراضى التى تحتلها.. ووجه المهزلة أن واشنطن أعربت عن «أسفها!!» وتبارى المعلقون والمحللون فى استخدام عبارة بالغة الاستفزاز للعقل العربى تقول إن إسرائيل تتحدى!! الولاياتالمتحدةالأمريكية؟! وكأن إسرائيل هى القوة العظمى الوحيدة فى العالم، التى تؤمن لنفسها اكتفاء ذاتياً وتمتلك قدرة عسكرية تعمل لها واشنطن ألف حساب فتسرب «أسفها» على استحياء، خشية العواقب الوخيمة التى قد تهبط على رأسها!.. وأتقدم باقتراح بسيط للإدارة الأمريكية قد يكون فيه الحل السحرى للأزمة وإنقاذ «هيبتها» من البهدلة الإسرائيلية، وهو أى الاقتراح أن تقفل «الحنفية» بأن توقف التمويل لبناء المستعمرات الاستيطانية، وأن تتوقف عن تزويد إسرائيل بأشد الأسلحة فتكاً وتدميراً من قنابل الدايم إلى القذائف الفوسفورية الحارقة، إلى طائرات الأباتشى إلى التنسيق «الاستراتيجى» العسكرى والسياسى مع تل أبيب إلى فيتو مجلس الأمن، وأن تطلب من «شيوخها» بالكونجرس الكف عن دمغ العرب بكل نقيصة واعتبار الفلسطينى الذى يشرد من داره ويطرد من أرضه، إرهابياً! إذا ما تجاسر وذرف دمعة أو أكثر.. ووصمم العرب خاصة والمسلمين بصفة عامة باللا سامية، لأنهم يعلنون شفاهة تمسكهم بالقدس العربية، حيث المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى الرسول الكريم نبى الله محمد بن عبدالله، وكذلك فهم يتبجحون- العرب طبعاً، ويعلنون أن كنيسة القيامة وكنيسة المهد ليستا أملاكاً يهودية! المفجع فى المهزلة الديمقراطية جدا أن الإدارة الأمريكية تضغط على الطرف العربى للدخول فى مفاوضات «سلام؟!» مع العصابة الصهيونية وأن يبادروا إلى إثبات حسن نواياهم بإقامة علاقات «طبيعية؟!» مع الدولة التى تسرق حقوقهم جهاراً نهاراً.. وتطلق قطعان المستعمرين اليهود، تحت حماية الجيش والشرطة، لإحالة حياة الفلسطينيين إلى جحيم مقيم، وثالثة الأثافى أن وزراء ونواباً فى حكومة نتنياهو ينفخون ريشهم أمام كاميرات التليفزيونات العالمية، وهم يصرحون بأن «العرب لا مكان لهم على أرض إسرائيل التى وهبها!!» الله للشعب اليهودى! ولسان حالهم يقول «اللى معاه القمر أى أمريكا إيش على باله من النجوم» أى بقية العالم، فلم يعد طفل صغير يصدق بأن أمريكا التى غزت دولتين، أكبر كثيراً من إسرائيل، التى تهدد إيران الدولة الكبرى بالويل والثبور وعظائم الأمور، لا تملك حيال إسرائيل سوى الإعراب عن أسفها.. أقسى ما فى هذه المهزلة المأساة، أن القادة العرب، ورغم كل ما يجرى الآن فى فلسطين، الذى هو فى رأيى مرحلة من مراحل المشروع الصهيونى الكبير يكررون العبارات العبثية عن «جهود السلام».. ونوايا السلام.. وينتظرون مكتوفى الأيادى ومشلولى الإرادة، أن «تثمر جهود الإدارة الأمريكية» فى إحياء عملية السلام؟ مع أن أبسط قواعد العقل تؤكد أن الخصم.. يستحيل أن يكون حكماً! وعلى رأى قصة إحسان عبدالقدوس: أين عقلى؟!