اعتماد 66 مدرسة جديدة في القاهرة ضمن منظومة الجودة التعليمية    السيسي: مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان يحظى بدعم سياسي وحكومي قوي    مخاطر جسيمة.. اللاجئون السودانيون فى إثيوبيا بين مطرقة الحرب وسندان الفقر    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    عماد المندوه يقود تدريب حراس الزمالك    التحفظ على السيارة المتسببة في مصرع شاب بطريق السويس    غادة إبراهيم تشن هجومًا لاذعًا على بوسي شلبي بعد نفي ابنائه استمرار زواجه منها    مسيرات أوكرانية تستهدف موسكو مع وصول زعماء أجانب للمشاركة في الاحتفالات بيوم النصر    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    مدير هيئة نظافة القاهرة: 20 ألف طن مخلفات تخرج من العاصمة يوميا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    المشدد 7 سنوات لشقيقين في اتهامهما بقتل جارهما بأسيوط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    إيهاب فهمي: محمد سامي موهبة كبيرة.. ولا يعامل مي عمر معاملة خاصة    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    غدًا.. قصر ثقافة روض الفرج يشهد انطلاق الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    ابتعدي عن هذه الأكلات لحماية طفلك من النزلات المعوية في الصيف    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    إغماءات وبكاء... جنازة مهيبة ل'أدهم' طالب كفر الشيخ ضحية الطلق الناري من زملائه الثلاثة (صور)    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الفلسطينى تميم البرغوتى : إجراء عمليات تغيير تجميلية للنظام المصرى لن تجدى.. لأن الشعب لم يعد يجد قوت يومه

خمسة أعوام مرت منذ أن صاغ الشاعر المصرى الفلسطينى تميم البرغوتى سؤاله الجدلى تجاه مصر «قالولى بتحب مصر؟ قلت مش عارف»، حصل خلالها على الدكتوراه من جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، تحمل رسالة الدكتوراه عنوان «الوطنية الأليفة»، يتناول فيها علاقة بناء الدولة الوطنية فى ظل الاستعمار.
تميم البرغوتى الذى يمثل أبرز صور العلاقة المرتبكة بين مصر وفلسطين، ليس فقط من خلال انتمائه لوالده الفلسطينى مريد البرغوتى ووالدته المصرية رضوى عاشور، بل لرصده، كأستاذ فى السياسة وشاعر بالفصحى والعامية، علاقته بالبلدين اللذين تتباين العلاقة بينهما كل حين، وتشهد حدودهما جداراً فولاذياً من ناحية وفتحاً للمعبر من ناحية أخرى.
بين دبلوماسية السياسة التى يدرّسها تميم، وفيض المشاعر والثورية الذى ينطق به شعره يدور هذا الحوار:
■ كيف ترى الوضع فى مصر حالياً؟
- يبدو لى الوضع فى مصر صعباً إلا أنه مرشح للتحسن، فالتغيير فى مصر يحدث وإن كان بشروط صعبة، وهو فى اعتقادى يستلزم أمرين: أولهما أن تنشق النخبة الحاكمة على نفسها، وثانيهما أن يحتضن عامة الناس هذا الجزء المنشق.
 لا توجد فى مصر قبائل أو طوائف أو أعراق متحصنة فى الصحارى أو الجبال كما هو الحال فى بعض دول المنطقة، وإن وجدت فهى أقل أعداداً من عموم الناس، وهذا يعجزها عن التمرد الفعال على الحكومة المركزية، ويجعل انشقاق النخبة الحاكمة على نفسها شرطاً ضرورياً من شروط التغيير. وهذا الانشقاق نادر فى التاريخ، لأن النخبة عادة ما تكون مستفيدة من نظم الحكم السائدة فى زمانها.
 أما اليوم، فإن سوء أداء هذه الحكومة، لم يُبق لها صاحباً، وقد بدأنا نرى شرائح اجتماعية غير معروفة عنها أى نزعة للتمرد، تعلن عن تمردها وغضبها من واقعها. وفى المائتى عام الأخيرة فى عمر مصر، هناك ما يؤكد ذلك، فثورة 1952 كانت ثورة الجيش على الحكومة لكن التنظمات الشعبية احتضنتها، فالضباط الأحرار كان منهم شيوعيون وإخوان مسلمون وأعضاء فى مصر الفتاة.. وثورة 1919 قادها رئيس الجمعية التشريعية، وساندها رئيس الوزراء.. والثورة العرابية كانت ثورة الجيش على الخديو، وثورة 1805 كانت حركة تُغلّب قائداً عثمانياً على قائد عثمانى آخر.
■ وما الجماعات التى من المفترض أن تؤيد السلطة ولكنها تعارضها الآن؟
- أرى ذلك فى عدة مواضع: أولها إضراب العاملين بالقانون، فالقضاة كانوا قد أضربوا منذ بضع سنوات، والمحامون أضربوا هذه السنة، كما أن أعداداً من الموظفين الحكوميين ما برحوا يضربون من وقت إلى آخر. ثم هناك جمعية التغيير بزعامة محمد البرادعى، هؤلاء ليسوا فقراء البلاد ولا المهمشين، هؤلاء أفراد النخبة وهم غاضبون.
 فى المقابل، ترى عموم الناس رازحين تحت ضغط وقهر شديدين. لا توجد مؤسسة فى البلد تعمل كما ينبغى لها أن تعمل، فلا التعليم تعليم ولا الصحة صحة، ولا المرور مرور، ولا أجد فى مصر أحداً شريفاً سعيداً، سواء كان سائق أجرة أو أستاذاً بالجامعة، قاضياً أو عاطلاً عن العمل.
■ لكن أغلب الانشقاقات كانت تصاحبها القوة مثلما حدث فى ثورة 1952.. وباقى الثورات كان هناك التفاف شعبى لأنها كانت ضد المحتل.. وهو ما يختلف عن الوضع الحالى فى عدم وجود قوة داعمة أو غياب الالتفاف الشعبى لعدم وجود محتل؟
- ثورة 1952 كانت ثورة ضد الملك، وضد النفوذ الأجنبى، لأن مصر كانت قد حصلت على استقلالها الرسمى منذ عام 1936. وثورة 1882 كانت ضد الخديو وضد النفوذ الأجنبى ولم تكن مصر تحت الاحتلال، إنما وقع الاحتلال بعد الثورة لا قبلها، وبعد أن شكل أحمد عرابى ومحمود سامى البارودى الحكومة. وثورة 1805، لم تكن ضد الاحتلال، فلم يكن فى مصر آنذاك محتل، وكان أهل مصر لا يرون فى الدولة العثمانية استعماراً، وكما قلت هم فضّلوا عثمانياً على آخر.
واليوم، يوجد من النفوذ الأجنبى فى مصر مثلما كان موجوداً أيام الخديو توفيق وأيام الملك فاروق. أما من حيث القوة، فلا وجود لقوة الحاكم إلا فى خيال المحكوم، ورغبة مجموعة من الناس فى الطاعة.. لا يملك الحكام إلا قوتهم العضلية، وكل ما زاد على ذلك إنما ينتج من استعداد الناس لأن يطيعوهم. فإذا قام الناس من النوم يوماً وقرروا أن الشرطى ضعيف، فإنه سيصبح ضعيفاً فعلاً.
والجندى الذى يضربك فى المظاهرة، لا عدواة له معك، إنما يضربك خوفاً من أن يكون هو المضروب، ولكن ذلك لن يكون إلا إذا ضربه جندى مثله، فلو أدرك الاثنان أن الأمر لا يخرج عنهما ولم يطيعا الأمر بالضرب لأصبح من يأمرهما بلا حول ولا قوة.
■ هل يمكن أن يكون النظام ذكيا كفاية، وأن يمتص التغيير بتغيير داخلى وظاهرى للوجوه الحاكمة من داخل نفس النظام مثل أن يتولى جمال مبارك أو عمر سليمان أو غيرهما من الأسماء المرشحة لتولى النظام؟
- إذا كان غضب الناس سببه شخص، فحركة تغيير الأشخاص يمكن أن ترضيهم، لكن الناس غاضبة من أحوالها، من الفقر والبطالة والفساد. سيهدأ الناس إذا ضمنت الحكومة حقوقهم من مأكل ومشرب وكرامة، وعدم تعذيبهم فى السجون والشوارع. فإذا كانت الحكومة الحالية قادرة على تغيير كهذا فخير، ولكن أشك أنهم راغبون فيه، فضلاً عن أن يكونوا قادرين عليه. ولو كان فيهم خير لظهر، فهم يحكمون منذ زمن طويل.
■ فى الاستعراض التاريخى لثورات مصر خلال مائتى عام، وجدنا أن التفاف الشعب لابد أن يكون حول زعيم يقود هذا الغضب مثل الضباط الأحرار فى 1952 والوفد فى 19 وعرابى وشيوخ الأزهر قبل ذلك.. فمن المرشح لقيادة الغضب الموجود حاليا؟
- هناك حركات بعضها محظور وبعضها مسموح به، بعض هؤلاء قوى، والتحالف بينهم من أجل التغيير قائم، مثلا ترى التقارب بين البرادعى والإخوان. وأظن نجاحهم يعتمد على إرادة الطرفين والتفاف الناس.
فالمخبران اللذان ضربا خالد سعيد وقتلاه ليسا من المليونيرات ولا يصيفان فى باريس كل سنة لكى يقتلا عباد الله دفاعاً عن ثرائهما، ولا هما معصومان من بطش الحكومة إن أرادت أن تبطش بهما، ولابد أن يدركا أنهما السبب فى فقر أسرتيهما، وهما السبب فى الحياة المرّة التى يعيشانها ويعيشها الناس.. طاعتهما هى السبب.
ولابد أن يدركا أن الدور سيأتى عليهما، أيظنان أن من أمرهما بالقتل سيرعاهما حين يصبحان على المعاش مثلاً؟!.. أيظنان أنهما، وقد أطاعا الحكومة وقتلا الولد ظلماً، سيسيران فى شوارع نظيفة بينما يسير الناس فى شوارع أخرى؟!.. إن الذين يظلموننا إنما يظلمون أنفسهم وما يشعرون، فإذا أدركوا ذلك، أمكن التغيير، وإذا لم يدركوا واستمروا فى الطاعة فستضر بهم طاعتهم أكثر من عصيانهم لو عصوا.
■ وهل ترى أن الحل التصادمى هو الحل الوحيد، وأن الأحزاب الموجودة، مثل حزب الوفد، يمكنها أن تصنع فارقا أو تستمر فى دور قامت به مسبقا فى مواجهة الاحتلال، وتكوين صيغة توافقية داخلية وخارجية تضمن لها تولى السلطة، وهو ما أطلقت عليه فى كتابك اسم «الوطنية الأليفة»؟
- تعريف «الوطنية الأليفة» هو وطنية لا تؤذى الاستعمار، وأحد شروط الاستقلال الذى وضعه الاستعمار أن ينشئ فى تلك البلاد نظاما اقتصاديا وسياسياً يجعلك تابعا له، فلو انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية مثلاً سيكون شغلها الشاغل هو تولية حكومة فلسطينية تؤمِّن حدود إسرائيل وتقوم مقام الاحتلال، ثم تسمى ذلك مشروعاً وطنياً فلسطينياً ودفاعاً عن المصلحة الفلسطينية العليا.
 وقد عقدت اتفاقيات كثيرة مع دول الاستعمار فى العالم العربى فى فترة ما بين الحربين العالميتين، كانت التبعية فيها شرط الاستقلال. فاتفاقية سنة 1936 فى مصر مثلاً كانت اتفاقية تضمن استقلال مصر، ولكنها تشرطه بكون مصر حليفة لبريطانيا وتلبى مصالحها. وأزعم أن هذه الوطنية الأليفة تفشل لا محالة، لأن الحركات التى توقع مثل هذه الاتفاقيات تخسر شرعيتها لصالح حركات أكثر ثورية، فلا هى ترضى شعبها، ولا هى تستطيع السيطرة عليه بما يرضى الاستعمار.
وفكرة تغيير صورى فى مصر يأتى بعهد جديد يريد أن يستمر حليفا لأمريكا وإسرائيل داخل المنطقة ثم أن يحصل على شرعية داخل مصر، مستحيلة. لقد فشل ذلك عندما عقدت اتفاقية 1936 وتحول كثير من كوادر الحركة الوطنية المصرية إلى حركات أكثر راديكالية ك«مصر الفتاة والإخوان المسلمين» وقوى أخرى، إلى أن قامت بثورة 1952، ولا أرى سبباً يؤدى إلى نجاحه اليوم.
■ لكن هذه الرؤية تثير سؤالا حول الرضا الأمريكى عن النظام الحالى والمقبل.. وهل يمكن أن تسمح بوجود قوى سياسية جديدة لا تحالفها فى المنطقة؟
- جزء من استراتيجية أمريكا فى مصر أن تظل ضعيفة أياً كان من يحكمها. لأنهم لا يأتمنون أن ينقلب المصريون على الولايات المتحدة. وعلاقة إسرائيل بقضية دول حوض النيل جزء من إضعاف مصر وهو ليس بعيداً عن أمريكا، وقد رأيتم موقف هذه الأخيرة من تقسيم السودان. لقد تعلمت الولايات المتحدة مما حدث فى تجربة إيران منذ ثلاثين سنة، وتتعلم الآن مما يحدث فى تركيا.. إيران كانت دولة حليفة أيام الشاه فلما انقلبت ضد الأمريكيين أدركوا أن قوتها أيام الشاه أضرت بهم بعد زواله. وتركيا كانت إلى الأمس القريب حليفة، وأمريكا تشعر الآن أن قوة تركيا خطر على مصالحها وعلى إسرائيل. أمريكا تخاف من حلفائها ربما أكثر من أعدائها سواء كانوا عرباً أو مسلمين، وتحب أن تبقى الدولة كلها ضعيفة حتى وإن كان حاكمها صديقاً لأمريكا. الحكومة المصرية ليست فاشلة لأنها لا تمتاز بالكفاءة، بل لقد أُملى عليها ألا تمتاز بالكفاءة، هى خيبة متعمدة، خيبة استراتيجية.
■ لكن النظام الحاكم يروج دائما للغرب بأنه النظام الأضمن لبقاء مصالحهم ويروج للداخل ببقاء الوضع مستقرا تحت مظلة السلام؟
- لا مفر من إغضاب الولايات المتحدة الأمريكية إن أردنا أن نعيش، لم أسمع عن ثورة قامت ضد مستعمر فرضى عنها، ونحن من نعطى للولايات المتحدة هذه القوة الظاهرية، فأمريكا لا تستطيع السيطرة على الوضع فى العراق وأفغانستان وهى تحتلهما بعشرات الآلاف من الجنود، فما بالك بمصر وهى غير محتلة عسكريا، إيران عندما قامت فيها ثورة وتركيا عندما انتخبت فيها حكومة لا ترضى عنها الولايات المتحدة لم تتمكن الإدارة الأمريكية من فعل شىء يذكر. ما يمنعنا أن نكون مثلهما؟ ثم إن الولايات المتحدة بخروجها المرتقب من العراق تكون قد خسرت معظم المشرق، إيران وتركيا وسوريا ولبنان، والعراق غير بعيد عن هذه الكتلة لأسباب ديموغرافية وسياسية معروفة فى شماله وجنوبه، فالجبهة الشرقية المواجهة لإسرائيل تنضم تدريجياً لفضاء سياسى واستراتيجى واحد، وليس بيد الأمريكان شىء.
■ وهل ترى أن طموح إيران وتوسعها فى المنطقة طموح سياسى أم شيعى؟
- ليست للسياسة أسباب تبشيرية، فأى دولة ستقوى بالقرب من إسرائيل ولو كانت بوذية ستثير ذعر الولايات المتحدة وحلفائها، وأنا مع أى دولة تقوى فى المنطقة وتواجه إسرائيل والاستعمار الأمريكى، هم جيراننا أما إسرائيل فعدو ولا جار لها.
■ لكن الخطاب الدينى فى مصر دائما ما يخيف الشارع المصرى من المد الشيعى.. ودائما ما يضربون مثلاً بحروب السنة والشيعة فى العراق؟
- هناك خطابان دينيان فى مصر: خطاب معارض للحكومة كخطاب الإخوان المسلمين مثلاً، وهم يرون أن العدو إسرائيل لا غيرها، وخطاب حكومى يزعم أن المشكلة هى بين سنة وشيعة بينما هى بين أهل المنطقة والاحتلال الأجنبى. لاحظ أن أمريكا كانت تحارب شيعة فى لبنان وسنة فى العراق، فالعبرة بالموقف من المحتل لا المذهب.
■ وكيف ترى الوضع فى فلسطين؟
- الوضع فى فلسطين أيضا صعب جدا لكنه مرشح للتحسن، ففلسطين بها مشروعان هما مقاومة إسرائيل أو مهادنة إسرائيل، أما مشروع مقاومة إسرائيل فمشكلته أنه محاصر، وإذا انفك عنه الحصار فهو قادر على إرهاقها، أما مشروع مسالمة إسرائيل فمشكلته هو مسالمة إسرائيل. إسرائيل دولة لا تسالم، ومصالحها الاستراتيجية من حيث الطبيعة الجغرافية والديموغرافية للمنطقة تفرض عليها كما قلت أن يكون كل من حولها ضعفاء، حتى وإن كانوا حلفاءها.
كان المفترض من عملية السلام أن تؤدى إلى انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وغزة نظير تكوين دولتين تعيشان جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وذلك يعنى وجود تعاون اقتصادى وأمنى بينهما. كان ثمن استقلال الدولة الفلسطينية هو أن تكون متعاونة مع إسرائيل، ولكن، حتى ذلك لم ترض به إسرائيل، لأن إنشاء دولة فلسطينية فى الضفة الغربية، حتى وإن كانت حكومتها معتدلة، مهدد لإسرائيل، فالحكومات تتغير.. وعليه فأنا لا أرى أن إسرائيل مستعدة لأى نوع من السلام معنا.
ثم إن استراتيجية التفاوض العربية والفلسطينية تتمثل فى الضغط غير المباشر على إسرائيل عبر الولايات المتحدة، وهو ما يجعل أغلب الطلبات تتوه فى متاهة السياسة الداخلية الأمريكية.
ويمكنك أن ترى المفارقة فى فلسطين اليوم. فى رام الله، حكومة تنبذ العنف وتتبنى المفاوضات، ومع ذلك فالمستوطنات تبنى هناك، والأراضى تصادر، والشباب يعتقلون ويقتلون. وفى غزة، حكومة لا تنبذ العنف ولا تتبنى المفاوضات، وليست بها مستوطنات أو أراض تُصادر. نعم إن فى غزة فقراً، إلا أنه ناتج عن الحصار، ونصفه عربى.
منظمة التحرير تفاوض إسرائيل منذ أكتوبر 1991 أى منذ 19 عاما.. إسحق شامير قال سنفاوضهم 20 عاما، وقد مرت.. كل ما جنيناه أن أعداد المستوطنات تضاعفت 3 مرات، الشهداء راحوا جماعات فى حملتين كبيرتين فى الانتفاضة الثانية وحرب غزة، ويتساقطون فرادى فى الأيام العادية. وانشق الأخ على أخيه، لذلك أرى أن عملية السلام قد فشلت تماماً ولا فائدة ترجى منها، أو على الأقل لابد لنا أن نحضر أنفسنا للبديل، واحتمال الحرب أقرب مما يظن معظم الناس.
■ يعيدنا هذا السؤال إلى دور مصر تجاه غزة وموقفها منها؟
- إن الحصار البرى عمل من أعمال الحرب. ولا أرى لماذا تريد حكومة عربية أن تعلن الحرب على شعب غزة المحاصر.
■ هل يمكن اعتبار فتح المعبر لما يقرب من شهر فتحا صوريا؟
- كل ما أعرفه أن هناك قافلة مصرية ذهبت إلى هناك ولم تدخل، بالإضافة أن الحكومة تقول إنه مفتوح للحالات الإنسانية والأفراد والمعدات الطبية، وأنا أدعو لفتحه أمام السلع كافة، لأن اتفاقية المعابر لعام 2005 لا يعتد بها، فإسرائيل دولة محتلة فى غزة ولا يصح أن توقع إسرائيل اتفاقيات مع أحد بشأن غزة لأن الاحتلال باطل محض، والدولة القائمة بالاحتلال ليست لها حقوق على الأرض المحتلة ولا يصح أن تعقد اتفاقات بشأنها.
■ هل ترى أن الحكومة المصرية استطاعت إضعاف التعاطف المصرى مع القضية بسبب ما تذيعه من أنباء قتل مجندين برصاص فلسطينى، وإذاعة تقارير عن أهالى العريش يشتكون من فتح المعبر بسبب غلاء الأسعار وغيرهما؟
- هجوم وسائل الإعلام على أناس تجوعهم إسرائيل يومياً وتقصفهم بين الحين والآخر ولا يملكون شيئاً يردون به عن أنفسهم، لن يضر سوى وسائل الإعلام.
■ لكن مشروع الجدار الفولاذى المصرى لقى تأييدا من بعض المصريين فى الشارع المصرى.
- أخالفك فى الرأى، لم يجر أحد استفتاء لمعرفة نسب المؤيدين والمعارضين، ولا أظن أن مصرياً عاقلاً يرى أن أهل غزة هم العدو وأن إسرائيل هى الصديق.
■ وكيف أضعف عدم الاتفاق الفلسطينى موقفهم فى الشارع المصرى.. وترديد الحكومة أنها لن تتدخل قبل اتفاق الفلسطينيين؟
- العكس هو الصحيح، إغلاق المعبر تدخُّل يضعف طرفاً لصالح طرف، ومشروعاً لصالح مشروع آخر.
■ وهل ترى أن معاهدة السلام تحتاج إعادة نظر؟
- تحتاج إلى إلغاء، ويمكن لمصر إلغاؤها من جانب واحد، ومن خاف من إسرائيل فليتذكر أنها لم تحقق نصراً عسكرياً حاسماً فى أى مواجهة منذ ثلاثة وأربعين عاماً، فلا هى انتصرت فى مصر ولا فى لبنان ولا حتى فى غزة.
■ علاقة تميم بمصر شعرياً.. لماذا لم تظهر فى دواوين جديدة بالعامية المصرية؟
- ديوانى القادم بالعامية المصرية يسمى «علاقة ناجحة» ويصدر عن دار الشروق قريباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.