«فى مجال العمل السياسى هناك حدود معينة ما ينفعش نخطيها وساعتها يكون الصمت هو الحل» تلك الكلمات جاءت على لسان الدكتورة هالة مصطفى عضو لجنة السياسات ورئيس تحرير جريدة «الديمقراطية لنا»، وذلك بعد أن أكدت فى حوارها ل«المصرى اليوم» أن أزمتها الأخيرة داخل الحزب علمتها الصلابة وأن تستغنى عن أشياء كثيرة اعتادت عليها كما علمتها أيضاً أن الصمت فى بعض الأحيان مريح للأطراف الأخرى، ووصفت أداء جمال مبارك داخل الحزب ب«الممتاز»، مشيرة إلى أن الأحزاب الأخرى لن تكون منافستها حقيقية على الرئاسة، وقالت إنه لا يوجد قيادات سياسية نسائية فى الحياة العامة فى مصر وإن تولى الوظائف العامة ليس له معيار واضح وإنه يعتمد على حسابات الولاء السياسى بشكل كبير وفى الحوار اعترافات أكثر سخونة. ■ هل تعتمدين على المصارحة فى عملك داخل الحزب؟ أنا شخصيتى تتسم بالصراحة بغض النظر داخل الحزب أو خارجه، يعنى جانب الصراحة فيّه عالى ومقدرش أقول غير اللى أنا مؤمنة ومقتنعة بيه. ■ وهل تطبقين هذا داخل الحزب؟ ممكن الواحد يكون صريح لكن ما يقولش كل حاجة، لكن لو قال حاجة ما يبقاش منافق. ■ هل يعنى هذا أنك تضطرين فى بعض الأحيان إلى السكوت حتى تسير الأمور؟ أنا كاتبة سياسية، وفى مجال العمل السياسى بيبقى فيه حدود معينة ما ينفعش تخطيها، وفى كمان كلام يفهم دون أن يقال، وفى لحظات أو مراحل الصمت عن شىء بيكون أفضل من الكلام عنه، ولكن هذا لا يعنى أن السياسى يجب أن يكون غير صريحاً أو منافقاً، والحل الدبلوماسى وقتها أن يصمت حتى لا يصطدم. ■ معنى هذا أنك فى بداية انضمامك للحزب كنت صريحة وعندما اصطدمت قررت الصمت؟ فى مراحل معينة على مدى السبع سنوات لى فى الحزب كان فى فترات ينظر لأى رأى مخالف بأنه ضد الولاء للحزب أو خارج الالتزام الحزبى، ومع ذلك كنت بحاول أعبر عن رأيى بصراحة. ■ كنت؟ بعد تجربة صعبة لمدة 5 سنوات أعتقد أننى تعلمت أن أحافظ على معتقداتى وآرائى، ولكنى تعلمت أن الصمت فى بعض الأحيان مريح للأطراف الأخرى. ■ لماذا لم ينجح الحزب الوطنى فى تصعيد قيادات نسائية؟ مش الحزب الوطنى بس اللى معملش كده، إحنا فى مصر معندناش قيادات سياسية نسائية. ■ ولكنى أتحدث عن الحزب الحاكم؟ الحزب الحاكم جزء من التركيبة الثقافية والمجتمعية وهو نتاج لمرحلة تاريخية فى حياة مصر، لذا فإنه ليس منفصلاً عما يدور فى مصر، وإحنا للأسف فى مصر على مدى ال50 سنة السابقة لم يحدث تطور نوعى فى مسألة التمثيل السياسى للمرأة، طبعاً كان فى محاولات وتم إنشاء المجلس القومى للمرأة ومؤخراً الحديث عن كوتة المرأة وزيادة تمثيلها النيابى فى البرلمان، لكن هذا لا يعنى أنه تم تغيير الثقافة السياسية السائدة عن المرأة، وأنا أعتقد أن التمثيل البرلمانى شىء والتمثيل فى الحياة السياسية شىء مختلف تماماً. ■ لماذا لا نرى قيادات سياسية من الرجال داخل الحزب الوطنى؟ مفهوم رجل السياسة فى مصر اختلف منذ فترة طويلة، نقص القيادات السياسية فى الرجال مشكلة تعم مصر كلها، وذلك لأن فترة ال50 سنة الماضية برز دور التكنوقراط والفنيين لكن صورة رجل السياسة السائدة فى بعض الدول الغربية ذات الباع الطويل فى الديمقراطية غير موجودة، لكن هناك أسماء فى المكتب السياسى بالحزب والأمانة العامة لهم دور قيادى ولكن ليس بالصورة الكلاسيكية عن رجل السياسة المعروف. ■ وما السبب فى ذلك؟ السبب اعتماد النظام على الرجال التكنوقراط ووضعهم فى الصفوف الأولى، فأغلب من جاءوا فى الحياة السياسية والحزبية بالتعيين والترقى وبحكم خلفياتهم المهنية كأساتذة جامعة وأعضاء فى الجهاز البيروقراطى المتضخم فى مصر، وكخلفيات من كليات الشرطة وغيرها، وتلك مسائل لها علاقة بطريقة تركيب النخبة، وبالتالى من هم فى الصفوف الأولى فى الحزب الوطنى من التكنوقراط أو من قيادات الجهاز البيروقراطى فى الدولة. ■ لماذا لا يضع الحزب نظام كادر يمكن من خلاله للمواطن أن يتنبأ بتصعيد عضو بعينه؟ إذا كنت تقصدين أن تولى الوظائف العامة لا يوجد لها معيار واضح فى الاختيار فهذا لأن بعض المناصب السياسية لا يشترط فيها أن تتم بطريقة الترقى الطبيعى، فهذا يتعلق بأكثر من عنصر فى الاختيار، جزء منه للتأهيل المهنى وآخر للإنجاز الذى قدمه، وآخر بثقل هذه الشخصية فى الداخل أوالخارج، بالإضافة إلى الموهبة الذاتية للفرد، ولكننا نرى فيه ناس كتير تولوا مناصب عامة أغلبهم من لجنة السياسات بالحزب الوطنى كما حدث مع أغلب رؤساء التحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية، وآخرهم الدكتور عبدالمنعم سعيد فى الأهرام، وأغلب القيادات التى تلعب دوراً الآن هى فى المكان نفسه، أعلم أنه لا يوجد معيار واضح وذلك لأن هناك حسابات لدرجة الولاء، فالنظام السياسى الذى لديه جهاز بيروقراطى يلعب دوراً كبيراً، جعل فى فترات معينة مسألة الاختيار لا تقوم فقط على الاستحقاق أو ما يستطيع أن يقدمه الشخص، ولكن الولاء السياسى تحدده أجهزة فى الدولة، الاختيار فى مصر مازال يعتمد على الولاء لأجهزة بيروقراطية فى الدولة. ■ كيف ترين أداء أعضاء الحزب الوطنى فى الدورة البرلمانية السابقة؟ أداء معتاد، لم يختلف كثيراً عن أدائه فى الدورات السابقة، لا يوجد فيه أى جديد، فى تشريعات الدولة هى اللى متبنياها، أنا فاكرة إن فى حدة بين أعضاء الحزب وغيرهم من الأعضاء، كان فى مشادات أو خروج عن الإطار اللائق للمناقشات السياسية. ■ عامان فقط أمامنا على الانتخابات الرئاسية القادمة، فهل يمكن أن يظهر على الساحة مرشح جديد للرئاسة؟ هذا خارج إطار التجربة المصرية والواقع السياسى فى مصر الآن، أعتقد أن الحزب الوطنى سيكون له مرشحه، وهذا سهل قراءته، فجمال مبارك سيكون مرشح الحزب، أما الأحزاب الأخرى القديمة أعتقد أنها هتنزل مرشحيها، الوفد هينزل، التجمع إن لم يقاطع الغد هيكون له مرشحه، ولكن العبرة هل مرشحو تلك الأحزاب سيكونون مؤهلين لخوض معركة سياسية حقيقية فى الانتخابات القادمة. ■ هل ترين أنه يمكن لها المنافسة؟ الأحزاب الأخرى الأسماء المسيطرة عليها معروفة من بداية تجربة التعددية الحزبية فى مصر، وبالتالى لا نتوقع أن يكون تنافسها على منصب الرئاسة حقيقياً، فهى مازالت مقارنة بالحزب الوطنى أقل بكثير والأسماء الموجودة التى يمكن أن ترشح نفسها من الأحزاب القديمة ستكون محدودة التأثير. ■ هذا يجعلنى أسألك عن مرشح الحزب الوطنى السيد جمال مبارك، كيف ترين أداءه خاصة أنك تعاملت معه عن قرب داخل أروقة الحزب؟ أنا مش فى موضع تقييم لجمال مبارك، لكن هو أداؤه الحزبى ممتاز داخل الحزب، ولديه شخصية قيادية واضحة جداً، الشخصية القيادية تحتاج نوعاً من الصبر ورحابة الصدر لسماع آراء مختلفة وهذا يحدث داخل اللجنة، وأعتقد أنه من أكثر القيادات داخل الحزب الذى يعطينى فرصة للتعبير عن آرائى ولكن هذا داخل اللجنة. ■ إذا كنت تقولين إن جمال مبارك من أكثر الشخصيات التى تسمح لك بالتعبير عن آرائك، فكيف تعامل مع أزمتك الأخيرة مع الحزب؟ لم نتحدث فيها أبداً. ■ أزمتك الأخيرة جعلتك أحد الأعضاء المشاغبين داخل الحزب وتوقعنا بعدها أن يتم استبعادك فى التغييرات التى تمت مؤخراً، فلماذا تم استثناؤك منها؟ أنا إنسانة عاقلة فى آرائى السياسية، فبالتالى فكرة الشغب والشوشرة ليست فى طباعى، ولكن ربما لم أكن فرداً من مجموعة، كنت دائماً فرداً له وجهة نظر، وربما لأنى أعبر عن آرائى دون الرجوع إلى أحد القيادات لأعرف ما يجب أن أقوله وما لا يجب، وهذا لم يطلب منى أبداً، لكن البعض وجد أن ما أقوله وأصرح به هو غير متوافق مع ما يجب أن يقال ومن هنا كانت الأزمة. ■ لماذا تم الاستثناء؟ لأننى أصررت إلى اللحظة الأخيرة على وجهة نظرى وأنًّ ما أفعله هو الصواب، ولم يثبت أى شىء يمس ولائى الوطنى، فى آرائى تلك، ولم أقدم استقالتى للحظة الأخيرة. ■ لماذا رفض جمال مبارك الرد على أسئلة التوريث فى حواره الألكترونى مع الشباب؟ السيد جمال مبارك لا يستطيع أن يقدم نفسه الآن بشكل مباشر كمرشح للرئاسة طالما أن الرئيس مبارك لم يعلن بشكل رسمى إن كان سيرشح نفسه للانتخابات القادمة فى 2011 أم لا، خاصة أن الدستور لا يمنع ذلك، أعتقد أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية إذا تم هذا، فإنه طبيعى أن من سيرشح نفسه أن يعلن ذلك مباشرة. ■ الأزمة التى واجهتها مؤخراً ومنعتك من الكتابة.. هل جعلتك تتراجعين عن آرائك؟ لا يوجد مواقف أو أفكار تراجعت عنها، فليس لدى خصومة مع أى شخص، ربما انتقدت سلوكاً سياسياً بعينه داخل الحزب، لكن على المستوى الإنسانى لم يكن هناك خلاف معهم. ■ وما الذى تعلمته من تلك الأزمة؟ من الناحية الشخصية والمهنية أثرت فيا كثيراً، لأن عمرى فى حياتى ما تعرضت لحملة شرسة مثلها، خاصة التقييد فى الكتابة والنشر، وشعرت بالظلم والإحباط والخوف لأول مرة فى حياتى، ولكن على الجانب الآخر تعلمت الصلابة، وتعلمت أن أستعنى عن أشياء كثيرة فى حياتى، فإذا كنت قد اعتدت على الشهرة والإعلام فتعلمت كيف أستطيع أن أستغنى عنه وماأزعلش، وإذا كان الطموح المهنى السياسى شيئاً أساسياً فى عمر حياتى المهنية منذ تخرجت فى الجامعة، فقد تعلمت كيف أستغنى عن هذا كله لا أفكر فى شىء بعينه وليس لدى طموح فى منصب أو وظيفة بعينها. ■ وما سبب كل تلك الأزمة؟ الإقصاء كان بسبب آراء أو كتابات لى فى الداخل أو الخارج خاصة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ■ لماذا الاقصاء؟ أنا لست الحالة الوحيدة، فمن الممكن أن من يطرح فكراً للتغيير يرغب أن يتم فى أقصر وقت ممكن، وهذا خلق صداماً فى البداية، هذا إلى جانب أنى أعتقد أن تلك الفترة كانت صعبة لأنه كان هناك تداخل بين الداخل والخارج، وأمريكا كانت تتبنى فكرة التغيير والديمقراطية والإصلاح فى المنطقة، فتم التعامل مع كثير من قيادات الحزب الأقدم، وبعض الأجهزة البيروقراطية فى الدولة على أساس أن كل من يتحدث عن التغيير أو الإصلاح فهو مرتبط بأجندة خارجية أمريكية على وجه التحديد، الفكر الليبرالى يتم التشكيك فيه دائماً. ■ كيف رأيت أداء الإخوان فى الدورة البرلمانية السابقة؟ كما هو متوقع، لم يكن أداء لافتاً، لم أشعر أنه كانت هناك قضية عامة كبيرة تم الضغط عليها، كل ما أتذكره ناس بتتكلم بصوت عال فى الفضائيات وشوشرة.