عم «رزق» ..32 عاما فى صناعة العرقسوس

وسط ميدان باب الشعرية يجلس «رزق النواوى» 58 عاماً، على كرسيه المتحرك، ليعد يومياً مشروباته للصائمين من تمر وعرقسوس وسوبيا، 32 عاماً قضاها «رزق» فى إعداد العرقسوس، باعتباره واحداً من المشروبات الأساسية للصائم، وهو المفهوم الذى ورثه عن والدته، التى كانت تحرص كل الحرص على إعداد مشروب العرقسوس لأولادها يومياً، كى يكون أول ما يغيرون عليه ريقهم، ليس هذا فحسب بل كانت تحرص والدة «رزق» على توزيعه على جيرانها طوال شهر رمضان، وهى العادة التى ورثتها عن أبويها، اللذين كانا يريان أنها أفضل وسيلة لكسب ثواب إفطار الصائم، ولمهاداة الجيران فى هذا الشهر الكريم.
يوم «رزق» يبدأ منذ التاسعة صباحاً حتى الثانية بعد منتصف الليل، وخلال تلك الفترة يقوم بتجهيز وتحضير كميات العرقسوس، التى اعتاد الأهالى أن يشتروها منه يومياً، حيث يقوم «رزق» - على حد قوله - بتنسيم العرقسوس الجاف ببعض قطرات المياه والكربناتو كى يعطى للعرقسوس «رغوة»، ثم يبدأ فى تدليك العرقسوس، كى تزداد درجة اسمراره، وبمجرد أن يكتسب شكل الحناء يتركه فى الهواء لمدة ساعتين، كى يضعه بعدها فى المنخل السلك، وبعدها يسكب الماء من فوقه كى يتحول إلى عرقسوس، وهى نفس الطريقة اليدوية التى تعلمها «رزق» من والدته، كما أنه يحرص على عدم إضافة الثلج إلى عصير العرقسوس، وأضاف قائلاً «أنا راجل عندى ذوق، ومش معقول أفرض على حد أن يشرب العرقسوس مثلج، كما أن الثلج بيقلل من مذاقه، وأنا فى ميدان عام، ولابد أن يكون هناك فرق بينى وبين الباعة المتجولين».
وأضاف «رزق»: رغم ارتفاع سعر أجولة العرقسوس إلا أننى أحرص على شراء أجودها، وهى المستوردة من سوريا، ويبلغ سعر الجوال منها نحو 600 جنيه، ورغم ضعف المكسب العائد من مهنة بيع العرقسوس خاصة لأب مثلى يعول أسرة مكونة من 10 أفراد إلا أننى لا أستطيع تغييرها بأى حال من الأحوال، ليس فقط لأنها عادة ورثتها عن والدى بل أيضاً لما فى هذا المشروب من فوائد للكلى والجسم.. بشكل عام أشعر بأننى سبب فى استنفاع الناس بها، ولذلك حاولت تعليمها لأبنائى كثيراً لكن الأجيال الجديدة صوتها من دماغها، ده غير أن المهنة دى مناسبة جداً لطبيعة جسدى، حيث يكثر ترددى على المستشفى لقياس نسبة السكر، الذى تسبب فى بتر إحدى قدمى».