تخلو شوارع مصر من المارة قبل آذان المغرب إلا من بعض الميادين التي يكتظ فيها الناس من هنا وهناك، وبجانب مسجد السيدة زينب يقف عم محمود عبدالسميع الذي يلفت انتباهك حاملا لاناء كبير للعرقسوس والذي لا يهتم "بكسر صيامه" علي حد قوله أو الإفطار ليحاول إفطار كل المحيطين حوله في اللحظات الأولي لرفع صوت اذان المغرب. مهنته ورثها عن جده وابيه وهو لا يجيد عملا سواه بعدما خرج من المدرسة بعد الابتدائية ويحترف تحضير وبيع العرقسوس 35 عاما تنقل فيها ما بين الشرقية والجيزة ليستقر أخيرا 19 عاما في السيدة زينب مستمتعا بجيرة "الست الطاهرة" والرزق المرضي أما شهر رمضان فهو ينتظره بفارع الصبر فهو شهر الخير والبركات ينهال فيه الجميع علي احتساء العصائر خاصة العرقسوس ولنختصر عدد ساعات عمله ولكن يزيد رزقه. يستيقظ عم محمود في السابعة صباحا ولكنه يتوجه للميدان في الثانية ظهراً لتحضير العصير والوقوف ثانيا في مكانه بجامع المسجد انتظاراً للصائمين بعد إنطلاق مدفع الإفطار. يشكو عم محمود من أنه لم يفطر يوماً مع عائلته الكبري أو حتي مع ابنائه الصغار فرزقه كله ساعة الإفطار ليستمر عمله حتي العاشرة مساء. وبكل ثقة يتحدي محمود بعصيره المحلات التي تتجسس علي الباعة المتخصصين لعمر طويل ويحضرون عصير العرقسوس والسوبيا مؤكدا انتقاص خبرتهم وعلي الرغم من ذلك فمبيعات عم محمود لا تتجاوز ال 3 كيلو من العرقسوس يوميا ولكنها كافية ومرضية. - حالة الرضا والسعادة التي تملأ عم محمود تمنحك جرعة ايمانية وحيوية افضل من احتساء أي كوب عصير وتصدق المقولة العرقسوس شفا وخمير.