إذا أحب الله عبدا أطال عمره وأحسن عمله والشيخ أبو العينين شعيشع( متعه الله بالصحة) يقطع آخر خطوتين في عقده التاسع. منذ سن السابعة عاش في رحاب القرآن يتلوه بصوت متيم. وأغرم بالشيخ محمد رفعت, وقلده, فمن الله عليه بمقابلته, واحتضنه الشيخ الجليل بحنو ضاف, وفرح به, وشجعه بالقراءة معه في مأتم وحيد. واقتادته فطرته السليمة بعيدا عن هيمنة صوت الشيخ رفعت, حتي لا يبقي ظلا له دون تحقيق مكانته الخاصة, فنحت صوته الذي يدل القلوب عليه إلي الآن, فبات من أعمدة المدرسة المصرية العظيمة في قراءة القرآن الكريم! قرأ في الروضة الشريفة, والحرم المكي, وأهم مساجد العالم, وفي ضيافة الملوك والرؤساء, فكرموه جميعا, ومنحوه الأوسمة, لكنه لم ينس لحظة أنه خادم للمصحف الشريف! قبل محاورته في وزارة الأوقاف, تابعته وهو يختبر قراء السورة بذهن يقظ, وخفة ظل, وحيوية تهيب بمن يراه أن يمسك الخشب ويتمني له بالعافية. المدهش أن أول من اكتشف حلاوة صوته كان جارا قبطيا, فدفع به إلي الكتاب ليحفظ القرآن, وأول من قدمه في إذاعة الشرق الأدني كان مذيعا مسيحيا, وأكثر من استضافه للقراءة في بيته بمدينة جرجا, الراحل الكبير فخري عبد النور القبطي الوطني, وأحد أعمدة حزب الوفد القديم, فبدت رحلته مع القرآن تجليا للوطنية المصرية في أسطع حالاتها. وكان أول نقيب للقراء يوافق علي انضمام المرأة للنقابة شرط أن تقرأ للنساء فقط. وهو أهلاوي صميم, اعتاد الذهاب إلي الاستاد, والجلوس في الدرجة الثالثة للاستمتاع بالتعليقات الحماسية, ومازال يتنطط حسب قوله للآن كلما سجل فريقه هدفا. حين سألته عن: معني كلمة شعيشع ؟, قال: من الشعشعة وضحك ببراءة. كان فهمي حنا المسيحي الثري أول من ألحقك بالكتاب في صغرك, والمذيع سامي داود المسيحي كان أول من قدمك في إذاعة الشرق الأدني, واختاره لك الدكتور طه حسين, وقرأت القرآن كثيرا في منزل أكبر مسيحي في وجه قبلي حسب وصفك وهو فخري عبدالنور أحد قيادات الوفد التاريخية, حيث كان يحرص علي إحياء المناسبات الوطنية في منزله, أليست هذه هي الروح الوطنية الطبيعية, أم أنه كان تأثير ثورة1919 ؟ الأقباط لعبوا دورا مهما جدا في حياتي, والمسيحيون والمسلمون كانوا شيئا واحدا, وهذه كانت روح مصر في ذلك الوقت, وتأثير ثورة1919 لاشك, وفهمي حنا كان جارنا وصديق والدي وذات مرة طلب مني أن أقرأ آيتين فأعجبه صوتي فقال مكان أبو العينين في الكتاب ليحفظ القرآن, فحفظته في سنتين, والمذيع سامي داود كان صحفيا كبيرا, ومذيعا والذي رشحه للسفر معي هو الدكتور طه حسين, ليقدمني في إذاعة الشرق الأدني, وكنت أول قارئ قرآن فيها, ومن فرط إعجابه بصوتي يأتي ويقبلني وأنا أقرأ علي الهواء, وكان ضليعا في اللغة العربية, أما الوفدي الكبير فخري عبد النور فكان يحضرني بالطائرة من يافا, لإحياء ذكري سعد باشا في جرجا, وكان يجلس هو وأولاده علي الأرض, ومعهم النائب المعروف منير فخري عبد النور, ويسمعون القرآن بحب واحترام كبير, وأذكر أنه كان لديه سجادة صلاة لم أرها في بيت مسلم, وكان يقيم وليمة لجميع الناس مسلمين ومسيحين ليأكلوا معا فيعم الود بينهم. قرأت القرآن وسط النوابغ كالشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ علي محمود والشيخ مصطفي إسماعيل وغيرهم, ووجدت متسعا, وترحيبا وحفاوة, فكيف كنتم ترون بعضكم, وكيف إتسعت القمة لكل هذه الأصوات الرائعة في وقت واحد ؟ كان صعبا أن يتقدم ولد صغير مثلي ويقرأ وسط هؤلاء الفطاحل, وكنت أذهب للصلاة في مسجد الشيخ فاضل لأسمع الشيخ رفعت, وكم تمنيت أن أسلم عليه لكني كنت أتهيبه, ولم يكن أحدا يعرفني وقتها, وكان من عادته بعدما ينهي القراءة أن ينزل ويجلس بجوار الدكة, وذات مرة وبالصدفة قال له أحد الحضور: يا عم الشيخ محمد فيه واحد بيقلدك طبق الأصل, فقال له الشيخ رفعت: أبو العينين شعيشع, وكنت وقتها أقرأ يومين في الأسبوع بالإذاعة ويبدو أنه سمعني, وحين سمعته ينطق إسمي لم أصدق نفسي وأسرعت إليه أقبل يديه ورأسه وهو يقول مالك يا ابني.. إنت مين؟, فقلت: أنا أبو العينين شعيشع, فقال: تعالي يا حبيبي وحضنني وأجلسني بجواره, وقال: أنا بحبك يابني وصوتك جميل, ولم أفارقه من وقتها إلي أن مات. كنت تقلده وقتها والتشابه بين صوتيكما كان مدهشا ؟ نعم.. كنت أقلده لدرجة أنني سجلت بصوتي بعض آيات سقطت من تسجيلاته الإذاعية ولم ينتبه أي أحد لهذا, لتطابق الصوتين, وهو كان يقول للناس كلما ألحوا عليه للقراءة في المآتم عندكم أبو العينين شعيشع. هل قرأت معه في مأتم واحد ؟ نعم.. مرة واحدة.. وفي مأتم في المدبح كان أصحابه أصدقائي, وطلبوا مني التوسط لديه ليقرأ لهم, ووافق, وفي المأتم طلب مني أن أقرأ قبله وشجعني بكلام جميل: سمعني كدة آيتين عشان أنسجم, فقرأت مرة واحدة لأستمتع بقراءته بقية اليوم, فلم يكن متاحا لي أن أسمعه بهذا الوضوح والقرب, وفي حياتي لم أر أحدا يقرأ القرآن بهذا الشكل, صوت وجمال, وعينيه بتسح دموع, يبكي بلا توقف, شوف الإحساس بالقرآن, وهذه كانت طريقتنا جميعا في الإحساس بالقرآن, ولم أسمع أحدا يقرأ سورة يوسف بهذه العظمة, يا سلام عليه حين يقول: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك, في منتهي الجمال, يستحيل أن يقولها أحد مثله. تحب سماعه في سورة يوسف أكثر من غيرها ؟ أنا بحبه في كل شئ حتي لو كان بيتنحنح بدأت بتقليده وصوته العظيم يهيمن علي ذهنك, فمتي وجدت صوتك الخاص, وكيف غالبت تأثيره عليك ؟ الله يفتح عليك.. سؤال جميل.. لأني لو استمررت في تقليده فلن أكون الشيخ رفعت, ولا أبو العينين شعيشع, ولم يكن أحدا سيلومني, لكن صوتي بما فيه من لين وطراوة ساعدني علي التوصل إلي طريقتي الخاصة التي لا يشبهني فيها أحد, وجدتها كما يقولون, بالفطرة وحب معاني القرآن. وسط هذا الزحام من المواهب, كيف كانت المنافسة بينكم, وما الشروط التي تجعلها شريفة وإيجابية ؟ الفترة التي بدأت فيها كان فيها الشيخ رفعت, والشيخ علي محمود, والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي, كانوا في منتهي الحنان والحب, ومن أتوا بعدي الشيخ مصطفي إسماعيل وعبد الباسط كانوا يحترموني جدا, وكنا نحب بعضنا البعض, وإذا قرأنا في سهرة مشتركة نذهب بعدها للعشاء معا. ما الشروط التي يجب توافرها في قارئ القرآن الكريم, ليصبح صوتا عظيما مثل مؤسسي مدرسة القراءة المصرية ؟ الأصوات العظيمة كانت قبل انتشار الأجهزة الحديثة, فكنا نقرأ في المآتم الضخمة جدا بصوت عال, وبلا مكبرات, وكانت أعداد المعزين تتجاوز الآلاف في بعض المآتم, ولابد أن يسمعنا الجميع, فتربت أصواتنا بشكل صحيح, أما الأصوات الحالية فتعتمد علي الأجهزة. هل حب القارئ للقرآن والإلتزام بأحكامه في حياته الخاصة شرط, وهل طهارة قلبه حتمية, أم تكفيه حلاوة صوته, وإتقان المقامات ؟ طبعا الأخلاق والاستقامة ضرورية, فالقارئ يجب ألا يستهتر بالقرآن, ولا ينتظر تحيات الناس, وأذكر حين قرأت في مأتم صلاح دسوقي وكان من شهداء الوفد, كان الناس يلقون طرابيشهم علي.. كأنك نجم غناء ؟ كأني أغني( يضحك).. لأني أذوب حبا في القرآن من صغري, وملأ علي حياتي وقلبي منذ طفولتي المبكرة, فكنت أجمع الأولاد وأقرأ لهم القرآن, وحلاوة الصوت أيضا ضرورة, وأول من علمني المقامات في البداية كان الشيخ سالم السبع تاجر غلال من شربين, وهو أول من دربني والتقطت منه تفاصيل المقامات, وكنت أحيي رمضان عنده مع الشيخ مصطفي إسماعيل, وقرأت بالمقامات حسب معني الآيات لأول مرة. أي يمكنك التنقل بين أكثر من مقام في السورة الواحدة ؟ طبعا.. حسب المعاني.. فالآية التي تبشر غير الآية التي تتوعد بالعذاب, فحين أقرأ: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات يكون مقام حجاز.. والوعيد بالعذاب ؟ سيكا ورمل.. وهذه الفطرة من عند الله التي جعلتني ألتقط المقامات الموسيقية بدون تعليم منظم, لدرجة أن الفنان محمد عبد الوهاب سأل أكثر من مرة, فذات مرة قابلني الأستاذ جليل البنداري وكان صحفيا مرموقا, وأخبرني أن الفنان عبد الوهاب يريد أن يراني, فذهبت إليه, وكان ساعتها يجري بروفة لأغنية الجندول, وهي من أحسن أغانيه, وكان يعجبني لأنه كان أسطي قراءات. ختمت القرآن في التاسعة من عمرك, واشتهرت كقارئ في الرابعة عشرة, والتحقت بالإذاعة في السابعة عشر, وملأ عليك القرآن وجدانك فحرمت لهو الأطفال, وتحملت مسؤولية أسرتك الكبيرة برجولة مبكرة فلم تعش مراهقتك أيضا, ألم تتحسر علي هذين المرحلتين, أو تحس أنهما خطفتا منك ؟ أبدا أبدا.. أنا كنت رجلا من صغري, والقرآن في دمي من البداية, والأولاد كانوا يدعونني للعب فلا أذهب معهم, والحمد لله.. هذا من فضل ربي. كيف يمكن للشيخ أن ينشط ذاكرته لتظل حاضرة, فلا ينسي القرآن الكريم, خاصة وهو يقرأ, وهل حدث أن نسيت آية أو التبست عليك أثناء القراءة ؟ حصلت لغيري.. الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.. كنا في مأتم.. إبن طلعت باشا رئيس الديوان الملكي, وكان يقرأ في سورة إبراهيم وعند آية: وما لنا لا نتوكل علي الله وقد هدانا سبلنا.. ونسي.. والناس كلهم حزاني وفي صمت تام, وكرر الآية أكثر من مرة, فنظرت إليه لعله يحتاج لشئ, ورأيته مائلا برقبته ناحيتي فتملكني الضحك, وكدت أنفجر, فتنحنح وكتم ضحكه, ثم فتح الله عليه بالآية التالية قبل أن أساعده. هل يجب علي القارئ أن يعرف تفسير القرآن ؟ يستحسن, أنا عندي كتب تفاسير كثيرة في البيت وأعود إليها دائما, فلابد أن يعرف القارئ معاني الكلمات والآيات. وهل يحق له الإفتاء بحكم معرفته بالقرآن ؟ لا يحق له ذلك.. الإفتاء للعلماء فقط, القارئ يكون عنده خلفية بالإفتاء لكن لا يفتي. ما الفارق بتقديرك بين القراءة المصرية للقرآن الكريم والقراءات الخليجية الجديدة, ألا تسبب لهجات القبائل العربية القديمة ربكة لمستمعي القرآن ؟ قراءتنا في مصر هي النموذجية, لكني سمعت قراءة إسمها العتابة في العراق زمان وأعجبتني, وهي ترتيل أكثر منها تلاوة, وهنا للأسف أصبحوا الآن يهتمون بالترتيل فقط, لكن يظل معروفا أن القرآن نزل في مكة, وطبع في استانبول, وقرئ في مصر, وليس هناك قراء في الدنيا كلها مثل المصريين, فالأداء الفني للقارئ مهم جدا, أي التعبير بالصوت عن معاني القرآن, ونحن برعنا فيه إلي حد كبير. كنت أصغر من دخل الإذاعة في سن السابعة عشر, وامتحنتك لجنة من كبار المتخصصين وانبهروا بصوتك, فكيف تري الفروق بين شروط الإجازة للإذاعة زمان والآن, وهل تنفع الواسطة في اختيار قراء القرآن ؟ أنا عضو لجنة اختبار القراء في الإذاعة الآن, والشروط ما زالت كما هي, فلابد أن يكون الصوت جميلا, وأن يكون القارئ حافظا للقرآن كاملا, وعلي معرفة بأصول المقامات الموسيقية. هل هناك أصوات جذبت انتباهك الآن ؟ الشيخ محمد الطنطاوي, والشيخ محمد ضيف, كل واحد له لون, والطنطاوي يحاول أداء القراءات القديمة, لكن الذين يقلدون بعضهم لا ينفعون. دعوت الرئيس جمال عبد الناصر إلي بلدك بيلا فلبي دعوتك, وأوصلك الرئيس السوري شكري القوتلي بنفسه إلي المطار ذات مرة, ومنحك ملك العراق وسام الرافدين من الدرجة الأولي, وكذلك فعل ملوك وأمراء ورؤساء دول شتي, فهل مثل هذه التكريمات تشعر المقرئ بنجومية كممثلي السينما وأعلام المجتمع ؟ أبدا أبدا.. ليس عندي مثل هذه الأشياء.. حتي لو ضعفت مثلا وفكرت فيها مرة فالقرآن يجرني إليه ثانية.. لا أنسي أبدا أنني قارئ قرآن. كنت أول قارئ مصري يقرأ في المسجد الأقصي قبل الاحتلال الإسرائيلي, وعشت لعدة شهور في يافا, فهل يمكن أن تذهب للقراءة هناك مرة أخري إذا تحرر الأقصي, وكيف تري ما يفعله الإسرائيليون في أهل القدس واخواننا في أنحاء فلسطين ؟ والله يضيق صدري ولا ينطلق لساني.. وأتمني لو أضحي بحياتي لأجل فلسطين, في سبيل الكرامة, لكن للأسف السياسة تفسد أشياء مهمة كثيرة, وربنا يصلح الحال. قرأت في الحرم المكي والروضة الشريفة والمسجد الأموي وأهم المساجد في أنحاء العالم, فهل للأماكن تأثيرات علي القارئ, وهل تختلف انفعالاته من مسجد إلي آخر ؟ طبعا التأثير يختلف من مكان لآخر, بجوار الروضة الشريفة كنت أرتجف, وقلت: أستأذنك يا رسول الله.. هل أقرأ القرآن وعليك أنزل ؟.. وفي مكة تمنيت دخول الكعبة, وحدثت لي معجزة, فقد قلت لمرافقي رشاد الغمراوي أتمني حضور غسل الكعبة المشرفة, لكنه لم يأت في اليوم الثاني, لم أجد أحدا من المرافقين في الفندق, فانتحيت جانبا وبكيت بحرقة, وقلت يارب: أنا ضيف عليك.. وأتمني دخول بيتك.. أتحرمني ؟, ففوجئت بشخص يضع يده علي كتفه, وقال: أنت الشيخ أبو العينين شعيشع, قلت نعم, فأعطاني ورقة مثل التذكرة, ثم إختفي من أمامي فجأة, فأسرعت إلي الكعبة ودخلتها وتمرغت فيها بالجبة والكاكولا, وأنا غير مصدق أنني في بيت الله, كان يوما مباركا, وخرجت قبل أن يجئ الوفد الملكي بدقائق, وكان القذافي معهم يؤدي فريضة الحج في ذلك العام. بدأت سنة1950 تسجيل القرآن الكريم علي أشرطة وإسطوانات, فهل تظن أن الأجهزة الحديثة تضيف للأصوات, بخلاف زمانكم الذي كان يعتمد علي حلاوة الصوت وقوته وحسب ؟ التسجيل الجيد مهم جدا, عبد الوهاب الله يرحمه كان يحضر تسجيلاته بنفسه لعله يعيد كلمة أو شئ, وأنا عمري ما كررت تسجيل أبدا, وللأسف قراء هذه الأيام يعتمدون علي قوة الأجهزة الحديثة بعكس زماننا كما أسلفت, والأجهزة لا تضيف لجمال الصوت, فهو موهبة من الله تعالي. كنت أول نقيب لقراء القرآن الكريم يوافق علي إنضمام المرأة للنقابة, فتعرضت لهجوم من شيوخ الأزهر, فما أسباب إجازتك لقراءتها القرآن الكريم, ولماذا كانت موافقتك مرهونة بمحاذير معينة, وهل صحيح أن هناك ثلاثون فتاة وسيدة يتمتعن بعضوية النقابة الآن ؟ المرأة تقرأ القرآن قبل أن أولد, كانت هناك الشيخة كريمة العدلية والشيخة منيرة عبده, والشيخة سكينة, وكن مشهورات ويقرأن للنساء, وأنا وافقت لأني أريد انتشار القرآن, واشترطت قراءتهن للسيدات فقط, والأطفال. حضرت بروفات أغنية الجندول للفنان محمد عبد الوهاب كما ذكرت, فهل طربت للموسيقي, أو رددت الأغنية ولو بينك وبين نفسك, وهل سمعت بقية أغنياته ؟ عبد الوهاب حاول يخليني أغني فلم أوافق, لكني أحب سماعه, لأنه كان أستاذا, أسطي كبير, ومن هاجموه لاستفادته بالألحان الغربية لا يفهمونه جيدا, فهذا كان لصالحه ولصالح الفن, ومن يسمع ألحانه يحس إنها شرقية كلها. كنت أحد اثنين اختارتهما أم كلثوم ليقرءا في مأتم أمها, ومن بعدها نشأت بينكما صداقة, وتدخلت هي لاحقا لرفع أجرك في الإذاعة, فهل يعجبك غناءها كما أعجبتها تلاوتك ؟ رفعت راتبي من خمسين قرش لغاية300 جنيه, وكنت أحب غناءها, وما زلت, وإذا صادفت أغنية لها أسمعها كاملة, خاصة الغناء الديني, فهي تعرف طريقتنا في القراءة مثلنا تماما, والأغاني التي تبهر الناس بجمالها للآن كلها مشايخي, فهي بدأت حياتها بقراءة القرآن. أنت أهلاوي صميم وكنت دائما تذهب للاستاد لمتابعة مباريات كرة القدم وتجلس وسط جمهور الدرجة الثالثة لحبك سماع تعليقاته الحماسية, فهل كنت تهلل وتقفز معهم حين يفوز الأهلي, وهل لا يتعارض هذا مع وقار قارئ القرآن الكريم ؟ من قال لك الحكاية دي ؟.. كان لي صديق من قيادات النادي وكان يصطحبني إلي الاستاد, ونجلس في الدرجة التالتة وسط الناس لأسمع تعليقاتهم, وكانت زمان في منتهي الجمال وكنت تتنطط لما الأهلي يسجل هدف ؟ ولغاية الوقتي بتنطط.. بالذات لما تكون مصر بتلعب, لأن جيلنا كله مصر في دمه.. إذن جمهور الزمالك لا يسمع تلاوتك ؟ ( يضحك).. لا.. القرآن لا دخل له كنت أول من قرأ القرءان الكريم علي شاشة التليفزيون سنة1960, فما تفاصيل تلك الذكري, ومن الذي اختارك لها ؟ حتي البث التجريبي كان بصوتي, وكنا نتنقل بين أماكن متفرقة لضبط زوايا البث الصحيحة, وكنت أول من قرأ القرآن في التلفزيون عند الافتتاع الرسمي. ما معني إسم شعيشع, وهل له علاقة بمقولة مشعشعة معاه التي يوصف بها من يتجلي صوته ؟ من الشعشعة يعني إنت بتشعشع حين تقرأ ؟ ( يضحك).. طبعا.. والناس بتشعشع معي!!