يحلو لكثير من الدعاة أن يتشدقوا بعلوم السلف مهما تعاظمت مخالفاتها الشرعية والعقلية، ومن بينها الاحتفال بليلة النصف من شعبان، التى أفردوا لها طقوسا وأدعية خاصة، فهم يهيمون شوقا للحصول على مغفرة الله فيها، حيث ينطلق زعمهم إلى أن الله ينزل فيها للسماء الدنيا منذ غروب شمسها ويقول «ألا من تائب.. ألا من مستغفر»، وهناك من يقول إنه يغفر للناس جميعهم إلا المشرك أو المشاحن.. (ابن ماجه)، ولم يذكر الشيخان البخارى ومسلم شيئًا لفضلٍ عن تلك الليلة، بل أقول لهؤلاء المخالفين للسوية الشرعية والعقلية، إن مغرب شمس أى ليلة يمتد لمدة أربع وعشرين ساعة فى اليوم على مدار الكرة الأرضية، فهل سينزل الله هنا ثم يتركنا لينزل هناك، إن ذلك الأسلوب يكرس الجهل بدين الله، وذاته العلية، بل يتضاد مع قوله تعالى: {.. وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} «الحديد: 4»؛ وقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} «البقرة: 186»؛ فالله قريب دوما سواء أكانت ليلة النصف من شعبان أو غيرها، فالله قريب فى كل الليالى والأيام.. فقد آن الأوان لنا أن نعلم أن الله يتقبل كل صالح أعمالنا ليلا ونهارا وكل الأيام وعلى مدار الساعة، طالما لا نبتغى بها سوى رضوانه، بل هو يقيل عثراتنا بواسع مغفرته.. ولقد آن الأوان للأزهر أن يجدد شباب دعاته وأفكارهم، فليس هناك للعبادة مواسم. مستشار/ أحمد عبده ماهر محام بالنقض وباحث إسلامى