انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 3070 جنيهًا    المؤتمر الدولي للنشر العربي يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشرية    رؤساء شركات التوزيع يستعرضون خطط القضاء على سرقة التيار باجتماعات القابضة    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    اسقاط 5 طائرات جوية بدون طيار فوق البحر الأحمر    الجيش الجزائري: القضاء على إرهابي في عملية عسكرية غربي العاصمة    شبانة: الزمالك يحتاج للتتويج ببطولة تشعر لاعبيه بجماهيرية النادي وحجم الانتصارات    السعودية تصدر بيانا بشأن حادث مطار الملك خالد الدولي    الجيش الأمريكي "يشتبك" مع 5 مسيرات فوق البحر الأحمر    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    مواعيد مباريات اليوم لمجموعة الصعود ببطولة دوري المحترفين    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    تكلف 3 ملايين دولار.. تفاصيل حفل زفاف الملياردير الهندي في الأهرامات    مواعيد مباريات اي سي ميلان المتبقية في الدوري الإيطالي 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب المسجد الحرام: الإسلام العالمي إلى ثبات وسيرة الرسول في انتشار
نشر في الشعب يوم 14 - 03 - 2009

أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس أن الإسلام العالمي إلى ثبات وخلود وانطلاق وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في انتشار وامتداد.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام: كل قضية إلى نسيان ودروس وكل أمر ملم إلى نحاء وطموس وكل اعتلاء إلى ارتداد ونقوص, ولكن دين الإسلام العالمي الرباني إلى ثبات وخلود وانطلاق وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في انتشار وامتداد السيرة النبوية المباركة هي المعين السلسال والنموذج المشرق والنور الوضاء لكل المجتمعات والأجيال وان التوارد على حكمها وآدابها وفقهها ولبابها والذب عن مقاصدها لمن دلائل النجاح والتوفيق والاهتداء إلى أقوم طريق.
يؤكد ذلك حينما يرى الغيور مواطن خلل في الأمة في فهم جوانب من السيرة النبوية تحتاج إلى مزيد تأمل وتأصيل وتجلية وتحليل عن الأطروحات العاطفية والنظرات الشكلية بيد أن من جوانب السيرة العطرة حدثا عظيما أثر على مجرى التاريخ إنه حدث يذهب بالألباب ويطيش بالحجا والصواب إنه رزء مفجع فادح وجلل مفزع قادح قد هز الأفاق وقرح الأحداق إذ لم يعرف التاريخ خطبا هز العالم مثله ولم تبل الأمة برزية أعظم منه ذلكم هو مصاب وفاته وفراقه ونبأ موته والتحاقه صلى الله عليه وسلم.
وأضاف يقول: التذكير بمصاب خير البشر إنما يرد لاستكناء العظات والعبر لا لاستجاشة الدموع الدرر فكما كانت حياته صلى الله عليه وسلم متدفقة دعوة وهداية وبناء فكذلك كانت وفاته عليه السلام نضاخة دروسا وعبرا وإقتداء تستخلص الأمة عبق ماضيها وتترسم شم معانيها إذ كيف لأمة الإتباع والهداية أن تحدث في أشراقة البداية وتغفل عن مواطن الاتكاء في النهاية بل كيف تذهل العقول عن فاجعة الوفاة في إعراض وانجفال وتيمم شطر المولد للإحداث والاحتفال فلله العجب كيف يكون الفرح بيوم حياته أولى من الحزن على يوم وفاته والله عز وجل يقول (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) والمصطفى صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك بقوله ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
وقال الشيخ السديس: وبعد أن أكمل الله الدين وأتم على البشرية النعمة وبلغ المصطفى صلى الله عليه وسلم الأمانة وأدى الرسالة وهدى البشرية من الضلالة وعلمها من الجهالة وانتحى بها إلى قمم المجد والعز والجلالة أنزل الحق عليه سورة النصر ناعيا إياه في أول مقدمات الوفاة فكل أمر اكتمل واستنم فالتسبيح والاستغفار عقبه خير مختتم وفيه أيضا أن الاستغفار ساعة الانتصار دليل الشكر والذل والانكسار وقد أومأ صلى الله عليه وسلم لأصحابه بدنو أجله وعرض باقتراب فراقه ففي حجة الوداع من السنة العاشرة خطب عليه الصلاة والسلام الناس وودعهم قائلا (فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام: ولما حضرت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الوفاة أخذه ألم في رأسه ثم ثقل عليه الوجع فكانت حمى شديدة تنتاب جسده الشريف صلى الله عليه وسلم فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وهو معصوب الرأس فقام على المنبر فقال إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة 0 فلم يفطن لها أحد من القوم إلا أبوبكر رضي الله عنه فقال بأبي وأمي بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا، فلم يفهم المراد غير حفيه ونجيه رضي الله عنه وأرضاه وأعلم الأمة بقاصد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولاغرو فهو ثاني اثنين آذهما في الغار فأكرم بصديق هذه الأمة صفي النبي المختار عليه الصلاة تترى والسلام المدرار.
وأضاف: ولما تفاقم المرض بالمصطفى صلى الله عليه وسلم استأذن زوجاته أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها وذلك من خلقه العظيم ووده المكين فخرج من بيت ميمونة يتوكأ بين الفضل بن عباس وعلي رضي الله عنهم أجمعين لا يستطيع مسيرا ومع اشتداد الألم بالمصطفى عليه الصلاة والسلام كانت زهرة حياته فاطمة رضي الله عنها تلتاع فتقول وا كرب أباه فيقول صلى الله عليه وسلم ليس على أبيك كرب بعد اليوم ، وفي ذلك عزاء لأهل المحن واصطبار وتسلية.
وأردف فضيلته قائلاً: وثقلت وطأت الداء بالجسد الطاهر الكريم حتى أنهكته دون الخروج فسال عن المسلمين وصلاتهم 0 وأمر أبي بكر ليصلي بالناس , وفي تلك الأيام الحزينة التي أذنت بانقطاع الوحي من السماء وغروب شمس النبوة كان المجتبى عليه الصلاة والسلام يحذر من قضية مهمة لا تزال الأمم تنؤ بكلكلها ذلكم هي الشرك بالله فقد كانت عليه خميصة إذا اغتم كشفها عن وجهه فقال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وذلك هو التأكيد الأكيد على دعوة التوحيد ونبذ الشرك 0 ومن معاقب الخير التي ارشد إليها وحث عليها وهو في شدة وعلة كائدة ما ورد عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم يغرغر بها صدره ، وما يكاد يفيض بها لسانه فيا امة الإسلام الله الله في حفظ عمود الإسلام فإنها وصية خير الأنام ومفتاح الخير والسعادة ومعراج الروح والإفادة وركن الإسلام الذي رحم الله به عبادة ، وأما ما ملكت أيمانكم فمن نساء وبنين وخدم ومأمورين فاجتهدوا في معاملتهم بالحسنى واللطف واحتسبوا الأجر فيهم بالرفق والعطف ، وصولا إلى المجتمع الإسلامي المتراحم المتلاحم.
وقال الشيخ الدكتور السديس: وعن أخر النظرات لسيد البريات التي تجهش باللوعات والزفرات يصف أنس بن مالك رضي الله عنه مشهدا مهيبا يقول رضي الله عنه : حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف أي الصحابة الكرام في الصلاة كشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائل كأن وجهه ورقة مصحف قصد في الحسن والاستنارة ثم تبسم يضحك فأمن أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم فتأخر أبوبكر رضي الله عنه ليصل الصف فأشار إلينا النبي صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم وأرخى الستر فتوفي من يومه عليه الصلاة والسلام فيا لله ما أعظمها من بلية وفاجعة وما أشدها من نازلة وواقعة ومدت أكف للوداع فصافحت وكادت عيون للفراق تسيل.
إثر ذلك حم القضاء وأبرمت الأرض ما قدره الله في السماء واشتدت بحبيبنا حماه واستباح الموت حماه قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكانت بين يديه صلى الله عليه وسلم ركوة فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ثم نصب يده فجعل يقول اللهم في الرفيق الأعلى اللهم في الرفيق الأعلى يرددها حتى قبض ومالت يده.
وأوضح فضيلته أنه بتلك الكلمات من درر الخلود وبتلك المعاني من نفحات النور والقدس التحق حبيب القلوب ورسول علام الغيوب بالرفيق الأعلى وسرى خبر الفاجعة بين الجموع وانحدرت العبرات والدموع وغدت المحاجر في إنهمال واستحكم الذهول بالعقول وانفتل أبو بكر رضي الله عنه متجها شطر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده مسجياً بثوب حبرة فقبله وبكى وقال بآبي أنت وأمي طبت حيا وميتا وخرج على الناس وعمر رضي الله مأخوذ بهول الخطب وحال الصحب الكرام في هذه الرزية كالغم المطيرة في الليلة الشاتية لا تهتدي سبيلا فقال أبوبكر قولته الشهيرة من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وتلي قوله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) وفي هذا الموقف الحاسم دليل على شجاعة الصديق رضي الله ورباطة جأشه عند حلول المصائب.
وبين الشيخ السديس أن سيد الأنام عليه الصلاة والسلام توفي في الحادية عشر من الهجرة عن 63 عاما قضاها في الدعوة والبلاغ والهداية والإصلاح وغسل في ثيابه كرامة له وصلي عليه إرسالا الرجال ثم النساء ثم الصبيان دون أن يؤمهم أحد ودفن حيث قبض صلوات رب البرية تترى عليه بكرة وعشية .
وقالت فاطمة رضي الله عنها يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه ثم قالت يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم ولكن إلى الرفيق الأعلى حيث المآب الكريم والثواب العظيم.
وقال فضيلته: هذه شذرات من حادثة وفاة سيد البشر خذوا منها الدروس والعظات والعبر فاتقوا الموت وهجمته والقبر وضجعته واحذروا غرور الدنيا وفتنها ومصائبها ملتزمين سنة خير البرية غير مغيرين ولا مبدلين متدرعين بالصبر عند كل محنة وبلية.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: لقد التحق المجتبى صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وإن حبه حي في قلوبنا مغروس وسيرته تعطر الأرجاء والنفوس وقد أورثنا شريعة خالدة وبرهانا وأمة خير الأمم برهانا وإنه لمن العزة والنصر والثبات في الأمر أن نأخذ أنفسنا وأجيالنا بدروس السيرة النبوية والوصايا المحمدية وأن تكون مرفأ لانطلاقنا عقيدة وعلما وخلقا وسلوكا وأن نطبع أنفسنا وقيمنا على غرارها وحياتنا على هديها لأنها للعالمين الأولين والآخرين النور الوهاج والهدى البهاج.
وأكد الشيخ عبدالرحمن السديس أنه وعلى الرغم من المؤتمرات الحوارية العالمية العارفة يتكرر التطاول الكفور والبهت الغدور على جناب نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وأخيه عيسى عليهما الصلاة والسلام من قبل قنوات صهيونية أفاكة وهؤلاء البهتت ما كفاهم إجرامهم في غزة العزة حتى امتد إلى الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام وهل تلك إلا سجيتهم في قديم الدهر وحديثه ألا شاهت وجوه المعتدين الظالمين .
وقال في ختام خطبته: مقتضى محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم ونصرته محبة آل بيته الأطهار وصحابته الأبرار فحبهم جواز على الصراط وبرهان المؤمن فنشهد الله والملائكة والناس أجمعين على حبه عليه الصلاة والسلام وحب آل بيته الطيبين الطاهرين وحب جميع صحابته الغر الميامين، واعلموا أن من دلائل الحب والإقتداء والنصرة دوام الصلاة والسلام على إمام الحنفاء فمن داوم على الصلاة والسلام عليه كشف الله عنه هموما لا تحصى ونفس عنه كروبا فيا فوز من صلى عليه .
وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين بتقوى الله والحذر من المعاصي والذنوب والقول على الله بغير علم.
وقال في خطبة الجمعة : أخطر المعاصي وأشد الذنوب القول على الله جل وعلا بغير علم وبيان ، والخوض في الشريعة بغير حجة ولا برهان ، فربنا جل وعلا يقول ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .
وأوضح فضيلته أن التصدر للفتوى أمر عظيم وشأن كبير لا يجوز الإقدام عليه إلا لمن كان ذا علم ضليع وعقل سديد جثى بالركب أمام العلماء الربانيين وسهر الليالي لتحصيل أدلة الوحيين والبصر بقواعد ومقاصد الدين ، وعلى هذا المنهج تربى السلف الصالح وتواصى عليه العلماء الربانيون. قال أبو بكر رضي الله عنه ( أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ) ، ويقول عبدالرحمن بن أبي ليلى رحمه الله ( أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث ولا مفتي إلا ود أن أخاه كفاه الفتوى ) .
وشدد الشيخ حسين آل الشيخ على أن الفتوى مجال عظيم الخطر كبير القدر وضرورة إحكام قواعدها الشرعية وضوابطها الدينية خاصة في نوازل الأمة وأيام الفتن ، قال سبحانه ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتاً من جهنم ومن أُفتي له بغير علم كان إثمه على من أفتاه ). يقول سحنون بن سعيد رحمه الله (أجرأ الناس على الفتوى أقلهم علماً ) .
وبين فضيلته أن منصب الفتوى مداره على العلم الحقيقي والدراية التامة بنصوص الوحيين وأقوال العلماء السابقين ومقاصد الشريعة وأهدافها العظيمة وأن الويلات لتنزل والمصائب تحل حينما يتصدر من فيه جراءة على الفتوى بغير بحث عميق ولا علم دقيق ودراية وافية ، فرسولنا صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
وحذر فضيلته من السقطات موصياً بتذكر العرض على رب الأرض والسماوات وقال ( لنتذكر قول الخطيب البغدادي رحمه الله ( قل من حرص على الفتوى وسابق إليها وثابر عليها إلا قل توفيقه واضطرب في أمره وإذا كان كارهاً لذلك غير مختار له وما وجد مندوحة عنه ولم يقدر أن يحيل الأمر فيه على غيره كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في فتاويه وجوابه الأغلب ) . يا من يطالع العالم في الفضائيات والشبكات فما سأله أحد إلا وجدته متصدراً للفتوى مسارعاً تذكروا أنكم ستقفون أمام رب العالمين فاحذروا من التسرع في الفتوى وتجنبوا تعجل القول في كل صغيرة وكبيرة وفي كل شأن. يقول بن مسعود رضي الله عنه ( إن الذي يُفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون ) .
واستعرض جانبا من منهج السلف الصالحين وأقوال العلماء العاملين ، فقال ( قال علي رضي الله عنه ( وأبردها على كبدي ثلاث مرات أن تسأل الرجل عما لا يعلم فيقول : الله أعلم ) ، ويقول بن عباس رضي الله عنهما ( إذا غفل العالم عن لا أدري أصيبت مقاتله ) ، وعن عقبة بن مسلم قال ( صحبت بن عمر رضي الله أربعة وثلاثين شهراً فكثيراً ما كان يُسأل فيقول لا أدري ثم يلتفت إلىّ فيقول تدري ما يريد هؤلاء يريدون أن يجعلوا ظهورنا جراً إلى جهنم ، وأقوال التابعين في ذلك مشهورة متواترة ، قال أبو حصين ( إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر ) وقال أبو عثمان الحداد ( من تأنى وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة ) ، ومكث سحنون متحيراً في فتوى ثلاثة أيام ولما قيل له قال ( مسألة مفصلة ) قال المستفتي أنت لكل معضلة قال ( هيهات يا بن أخي ليس بقولك هذا أبذل لكل لحمي ودمي إلى النار ) .
وأبدى فضيلته أسفه لما ظهر عن الكتاب والمثقفين في الإعلام الإسلامي ممن نصب نفسه مفتياً في علوم الدين والإفتاء بما يخالف قواعد الدين مثل تلك الدعوات التي تدعو لبدعة المولد النبوي وأنها لا بأس بها مع تقرر أقوال العلماء في أنها بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ومثل الدعاوى التي تتضمن تحرير المرأة المسلمة من حجابها وعفتها وغيرها من الدعوات التي تخالف ثوابت الدين وقواطع الوحيين محذراً فضيلته كل الحذر من مثل هذه الكتابات السخيفة والأقوال الممجوجة وقديماً قال ربيعة شيخ مالك ( وبعض من يُفتي هنا أحق بالسجن من السراق ) .
وشرح إمام وخطيب المسجد النبوي منهج الصحابة والتابعين في الفتوى وقال: إن الفتوى تتطلب تصوراً صحيحاً للمسألة النازلة تصوراً يحيط بجوانبها ويكشف ملابساتها ويتضمن في ظاهرها وباطنها مع تنزيل ذلك على الأدلة الشرعية الصحيحة والقواعد القرآنية العامة والنصوص النبوية وفق تقوى للرب جل وعلا وهمة منهم وحسن قصد وتجرد للحق وفق منهجية سليمة في إحكام قواعد الاستدلال وضوابط النظر التي سطرها العلماء وقرروها وليتذكر من أبتلي بالفتوى وجوب التثبت والتأني ومراعاة المشورة وتقليب أوجه النظر وعدم التسرع والتعجل فبذلك يقع المفتي في الزلل ويجانب الصواب كما ترى ذلك في أرض الواقع. قال مالك ( العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق ) ، وقال ابن القيم ( وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى ) ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول ( أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثاً زلة عالم.. وهذا إنما يحصل بالفتوى ، وجدل منافق في القرآن ودنيا تقطع رقابكم فاتهموها على أنفسكم) ، وصح عن عمر أنه قال ( يهدم الإسلام زلة عالم وجدال المنافق في الكتاب وحكم الأئمة المضلين).
وأضاف قائلاً ( إن أعظم الضمانات لصحة الفتوى واستقامتها على طريقة الشريعة الإسلامية الحرص على مراعاة التورع عن الفتوى ما أمكن ، قال عطاء رحمه الله ( أدركت أقواماً إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم وأنه ليرعد ) وكان بن المسيب لا يكاد يفتي إلا قال ( اللهم سلمني وسلم مني ) وقال سفيان الثوري ( أعلم الناس في الفتوى أسكتهم عنها وأجهلهم بها أنطقهم ) ، وقال مالك رحمة الله على الجميع ( ما أفتيت حتى شهد لي سبعون من أهل المدينة أني أهل لذلك ، ثم قال أدركت أهل العلم والفقه في بلدنا إذا سئل كأن الموت أشرف عليه ، ويقول أيضاً عن سائل ويحك تريد أن تجعلني حجة بينك وبين الله فأحتاج أنا أولاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلصك ) ، ويقول الشافعي رحمه الله ( ما رأيت أحداً جمع الله جل وعلا فيه من آلة الفتوى ما جمع في ابن عيينه أسكت منه على الفتوى ) ، وعن سحنون أنه قال يوماً ( إنا لله ما أشقى المفتي والحاكم ثم قال هأنذا يُتعلم مني تضرب به الرقاب وتوطأ به الهروج وتؤخذ به الحقوق أما كنت عن هذا غنياً ) . ومع هذا فلا بد للناس من يجيبهم في مسائل دينهم ويُبين لهم أحكام ربهم ولكن هذا يجب ألا يقول به إلا العلماء المؤهلون الذين بلغوا في العلم أعمقه وفي العقل أرجحه وفي الحكمة أتمها وفي التروي أشده وفي الخبرة أعظمها ) .
وأهاب فضيلته بطلبة العلم الحرص على مراعاة مقاصد الشريعة في الفتاوى فلا يبلغ طالب العلم درجة الاجتهاد حتى يتمكن من ذلك كما قال الشاطبي ( لا يتمكن طالب العلم من الاجتهاد حق الاجتهاد حتى يفهم هذه المقاصد على كمالها ثم يتمكن من الاستنباط بناءً على الفهم فيها ولهذا من الخطأ الإفتاء بالأدلة الجزئية دون ربطها بالكليات العامة للتشريع والمقاصد العامة للشريعة ) ، ويقول الشاطبي أيضاً ( فزلة العالم أكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشرع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه ) .
وأكد أن الاضطراب والتخبط في الفتاوى ما يقع إلا حينما تصدر الفتاوى بمنأى عن هذا المنهج ذلكم أن القواعد الكبرى والمقاصد العامة أداة لإنضاج الاجتهاد وتقويمه وأداة لتوسيعه وتمكينه من استيعاب نوازل الحياة بكل تقلباتها وتشعباتها ولكن الشأن أين العلماء الربانيون ؟ .
وشدد الشيخ حسين آل الشيخ على أن الواجب حمل الناس على المعهود الوسط فلا يرهق بالناس مذهب الشدة ولا يحال بهم إلى درجة الأغلال والرخص التي تخالف صريح القرآن والسنة ، وإن ما يجب أن يُراعى في الفتاوى النظر في مآلات الفتاوى وأن يقدر العالم عواقب فتواه وما يترتب عليها في الحاضر والمستقبل ، يقول ابن القيم رحمه الله في كلام بديع ( فإذا كان في المسألة نص أو إجماع فعليه تبليغه بحسب الإمكان فمن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى فإن لم يأمن من غائلتها وخاف من ترتب شر أكبر أمسك عنها ترجيحاً لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما إلى أن قال وكذلك إذا كان عقل السائل لا يحتمل الجواب لما سأل عنه وخاف المسئول أن يكون فتنة لو أمسك عن جوابه ) .
وأكد أن الواجب الحذر من الوقوع في الزلل في الفتاوى أيام الفتن والمحن فقد حذر من ذلك العلماء فمن قواعدهم التي برهنوا عليها في نصوص الوحيين ومنهج الصحابة قولهم مما لا يطلب نشره ما يؤدي إعلانه إلى مفسدة مما لا يطلب نشره أي من العلماء والمفتين ما يؤدي إعلانه إلى مفسدة أو ضرر أو إثارة فتنة أو ضوضاء أو ما يؤدي إلى تأثير في المنهج العام للأمة أو يؤدي إلى الحيرة والفساد في دنيا الناس ودينهم ، ومثلوا لذلك بالفتاوى بالأقوال الشاذة والخلافات الضعيفة واستجلاب الرخص المخالفة للنصوص.
وناشد فضيلته شباب المسلمين الحذر من فتاوى لا مصدر لها أو من فتاوى لا يتبناها علماء الأمة ولا تجتمع عليها كلمتهم خاصة في المسائل العامة والنوازل التي تنزل بالأمة الإسلامية اليوم ، وأن الواجب الحذر من الفتاوى التي تتقمص الرخص خاصة ما يقع اليوم في المعاملات الاقتصادية من فتاوى مبناها على مجرد دعوة التيسير ومع هذا تبنى على بعض القواعد الفقهية عند الفقهاء التي هي مجرد اجتهادات يحتج لها ولا يحتج بها وقديماً قال العلماء المحققون القاعدة الفقهية المجردة التي تؤخذ من أقوال الفقهاء ليست حجة في نفسها وإنما الحجة في الدليل الشرعي.
وخاطب إمام وخطيب المسجد النبوي المفتين قائلاً ( أيها المفتون احرصوا على وضوح العبارة في الفتوى وألا تحمل عبارة غامضة ولا مصطلحاً غريباً ولا كلاماً مجملاً لا يحصل به المقصود أو تختلف به الأنظار والأفهام وحينئذ الضحية من هو المجتمع فمن مقررات العلماء عدم جواز الإفتاء بما يحير السائل ويلقيه في الإشكال بل لا بد من بيان متضمن لفصل الخطاب كاف في حصول المقصود ، ثم لا بد من الانبساط للناس ورحابة الصدر لهم وتحمل سماع مسائلهم ومشاكلهم بطيب نفس وسعة بال ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.