القومي للإعاقة يطلق غرفة عمليات لمتابعة انتخابات النواب 2025    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    وزارة« التموين» تؤكد عدم تغيير سعر وجودة رغيف العيش المدعم للمستهلكين    المدير الإقليمي لليونسكو بالقاهرة: تعمل على إصدار توصيات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي    لو زوجتك مش على بطاقتك التموينية.. الحل فى 3 دقائق    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    الحكومة الإسرائيلية: لن تكون هناك قوات تركية في غزة    أردوغان: أكثر من 1.29 مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ 2016    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    عضو بالحزب الجمهوري: ترامب والديمقراطيون يتحملون مسؤولية الإغلاق والمحكمة العليا أصبحت سياسية    أشرف داري بعد التتويج بالسوبر: الأهلي دائمًا على قدر المسئولية    أب يكتشف وفاة طفليه أثناء إيقاظهما من النوم في الصف    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    حبس المتهمين في مشاجرة بالسلاح الناري في أسيوط    سمر فودة تُثير الجدل بسبب «الهوية المصرية».. أزمة «الجلابية» بين التأييد والرفض (تقرير)    محمود مسلم ل كلمة أخيرة: منافسة قوية على المقاعد الفردية بانتخابات النواب 2025    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    بث مباشر.. البابا تواضروس يشارك في احتفالية مرور 17 قرنًا على انعقاد مجمع نيقية    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    قراءة صورة    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    نهائي السوبر.. الأهلي والزمالك على موعد مع اللقب 23    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    طارق السعيد: أُفضّل شكرى عن كوكا فى تشكيل الأهلى وشخصية زيزو مثل السعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرة وعبور الوهن واكتشاف الذات
نشر في المصريون يوم 20 - 12 - 2009

تؤكد لنا هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أنه خرج لا لمجرد أن يبنى دولة وإنما ليبنى مجتمعا ومجتمعات إنسانية وإسلامية قائمة على المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والمسجد، ووثيقة المواطنة مع غير المسلمين الذين يحملون جنسية المدينة. بالإضافة إلى إقامة مجتمع زراعى صناعى يحقق الاكتفاء الذاتى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107) لا دخول مستعبد استغلالا يفرض الجهل والتخلف على الشعوب التى يحتلها.. وبهذا يتأصل معنى الهجرة النبوية الموصولة بهجرة النبى والصحابة والتابعين... فعلى كل هؤلاء الذين يريدون أن يكونوا على هدى الهجرة النبوية أن يعلموا أنها ليست هجرة من أرض ولا أهل إلى أرض وأهل آخرين بل هى هجرة من قيم ضيقة ضاغطة تكبل حركة الإيمان، وتفتعل الصدام المستمر، وترفض الحوار بين الأفكار والعقائد. لقد كانت هجرته المباركه روحاً جديدة، عبّر عنها أحد الصحابه الكرام (أنس بن مالك رضى الله عنه) فى قولته المعروفة التى ذكر فيها أنه عندما دخل الرسول صلى الله عله وسلم المدينة بعد نجاح هجرته: "أضاء منها كل شيء، وعندما مات صلى الله عله وسلم أظلم فيها كل شىء".
إن هذا المعنى للهجرة يجب أن يبقى فوق كل العصور؛ لأنه اتصل بنبيّ الرحمة فى كل العصور وكل الأمكنة، وأصبح -بالتالى- صالحاً لكل زمان ومكان، صلاحية كل حقائق الإسلام الثابتة. ولئن كنا نؤمن بأنه "لاَ هجرةَ بعد الفَتح" (متفق عليه) كما قال الرسول صلى الله عله وسلم، فإننا يجب أن نؤمن فى الوقت نفسه ببقية الحديث، وهو قول الرسول: "ولكن جهاد ونية".
وعندما يستقّر هذا المعنى فى النفس نستطيع أن نطمئن إلى أن أبطال الدعوة والبلاغ سينشئون فى كل مكان يحلّون فيه حديقة جديدة للإيمان، وتاريخاً جديداً يبدأ كأشعّة الشمس فى الصباح، ثم ينساب عبر كل زمان منطلقا إلى مساحة جديدة فى الأرض. وعلى المسلمين إذن -عندما يكونون فى أرض المهجر- أن يسارعوا إلى الالتحام ببعضهم، وتكوين مجتمع إيمانى يقوم على "المؤاخاة" التى ترتفع فوق الأخوّة، وهى مستوى خاص فوق أخوّة الإيمان التى هى مستوى عام، وأن يتكافلوا مع بعضهم تكافلاً مادياً ومعنوياً، تحقيقاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة:2) وقوله أيضاً: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر:3). والتكافل "المادى" يعنى التعاون على ضمان الحد الأدنى المطلوب للحياة لكل أخ مسلم، طعاماً أو شراباً أو علاجاً أو تعليماً أو كساءً. والتكافل "المعنوى" هو التعاون على ضمان التزام "الأخوة" فى الإسلام بأداء "الفرائض" والبعد عن "المآثم"، وتفعيل وظيفة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى إطار البيئة التى يعيشون فيها وبالأساليب المناسبة لها. وعليهم أيضاً أن يبنوا "مسجداً" يضم الرجال والنساء والأطفال، مهما يكن مستواه متواضعاً. لأن "المسجد" سيكون محور لقاءاتهم وتعارفهم وتكافلهم المادى والمعنوى. ومن المسجد ينطلقون إلى صور من التكامل فيما بينهم تأخذ طابعاً علمياً ومؤسساتياً يجعل لهم قيمة وتأثيرا وإشعاعاً فى مهجرهم الجديد. وأخيراً وكما يقول أديب إبراهيم الدباغ عن المهاجرين المبدعين المطلوبين فى عصرنا الحديث يجب أن يكون هؤلاء المُقلعين عن صور الهوان والوهن... والسقوط... إنهم شباب أطهار ذوو قلوب فتية نابضة بالإيمان، وإرادات شماء، وعزائم لا تعرف المستحيل. إنهم بداية المستقبل القادم يقود خطاهم إلى فجاج الأرض شوق مبرح، ويلهب حماسهم فكر دعوى إبداعى، ورؤية فياضة بالوضوح، وحدة فى البصر والبصيرة.. أخذوا كتاب الله بقوة، وضموه إلى صدورهم وكأنه عليهم يتنزل، وعليهم أن يوقنوا أن القرآن خطاب من الله إليهم، يحرصون عليه حرصهم على عيونهم، ويرومون إيصال رسالته إلى أى إنسان فى أى مكان من العالم، حتى لو خاضوا إليه أشد البحار نأيا واستيحاشاً، أو جابوا إليه الكون، أو غاصوا إليه فى طبقات الأرض، أو اعتلوا إليه أطباق السماء.
ولتكوين ذاتنا المسلمة علينا بالعمل الدعوى الجاد ولا نقتصر على أنماط تقليدية واحدة بل نحاول التجديد فيه دائماً؟! وكما يهاجر هؤلاء الفتية والشباب دائما . ولكى تحقق الهجرة مضمونها النبوى المعاصر.. لابد أن نعى كليات القرآن والسنة ومقاصد لشريعة وتجربتها الحضارىة حتى اليوم. أن القراءة الإسلامية للتاريخ- كما يقول الدكتور قاسم عبده قاسم- تختلف بشكل جذرى عن كل من (القراءة اليهودية) و(القراءة المسيحية) لتأريخ البشرية، ذلك أن فكرة التاريخ، كما يجسدها القرآن الكريم، تجسيد للتصور الإنسانى عن رسالة الإنسان فى الحياة ودوره فى الكون. فالإنسان هو خليفة الله فى الأرض وفقاً للتصور الإسلامى، وقد تحمَّل أمانة إعمار الأرض وبناء الحضارة ونشر الحق والعدل فى ربوعها وفق سنة الله، ويلفت الكاتب النظر هنا إلى أن فكرة التاريخ فى القرآن الكريم تقوم على أساس أن التاريخ فعل إنسانى فى التحليل الأخير. وقد أدت فكرة التاريخ الإسلامية إلى تطور مهم فى (قراءة) المؤرخين المسلمين لتاريخ الإنسانية، إذ راحوا يفتشون فى قصة الإنسان على الأرض باعتبار أن التاريخ أحداث وضعية من صنع البشر وهم مسئولون عنها. ومن خلال المادة التاريخية الواردة فى القرآن الكريم يمكن الخروج بنتائج من دراسة التاريخ الإنسانى، فالقرآن يصور فى وضوح شديد أن ثمة قوة كامنة فى الحق، وأن الفشل مصير الباطل فى النهاية، فما يناله الإنسان يكون نتيجة طبيعية للدور الذى مارسه، كما أن التغير التاريخى لا يحدث فجأة، وإنما ينتج عن تراكم بطىء عبر الزمان للأسباب التى تؤدى إلى هذا التغير التاريخي.
- وهنا نلاحظ أن الفكرة القرآنية تقول:- كما يقول الدكتور قاسم عبده قاسم إن التاريخ لا يجرى اعتباطاً، كما أن حركته ليست حركة عشوائية، وإنما هى محكومة بسنن وقوانين منذ الأزل وإلى يوم القيامة، بيد أن هذه السنن والقوانين التى وضعها الله لا تمنع الإنسان من أداء دوره التاريخى، وإنما تجعله مسئولاً عنه لأن الله ميّزه بالعقل والحرية. وهناك حقيقة يؤكدها القرآن تقول: إن الفعل الإنسانى فى التاريخ سبب له نتائجه التى يتحدد بها مصير الجماعة الإنسانية. هذه الرؤية التربوية الأخلاقية للتاريخ فرضت نفسها على المؤرخين المسلمين وجاءت (قراءة التاريخ الإسلامية) تجسيداً لها، ولما كانت الخلفية الثقافية للمؤرخين المسلمين قائمة بالضرورة على أساس من المفهوم القرآنى، فقد كان من الطبيعى أن يتألق فهمهم للجدوى الأخلاقية/ التعليمية للتاريخ من هذه الخلفية. وبالنسبة لعصور الاستقلال يقول الدكتور قاسم عبده قاسم: إن أخطر ما تمخض عنه النصف الثانى من القرن العشرين هو حالة التخلف المزرى الذى تعانيه الأمة العربية، التى رضيت حكوماتها بأن تقبع فى الركن المظلم من العالم. ففى مواجهة الديمقراطية سادت مقولات كاذبة تتمسح بالتاريخ وبالتراث بين الحكومات والشعوب العربية، وصرنا نستورد غذاءنا، ونظامنا الاقتصادى، وهياكلنا السياسية؛ انظر إلى فجوة النقص فى إنتاج الغذاء على اتساع العالم العربى وانظر إلى تعليمات البنك الدولى وصندوق النقد المذلة والمحققة لأهداف العولمة الاقتصادية الصهيونية. هناك نوع من النظام التمثيلى الذى تناسب مع ذلك الزمان. فقد كان الحاكم يستعين بالفقهاء وأصحاب الأقلام واسطة فى التعامل مع الناس.
***
- كما كان الناس من ناحية أخرى يستعينون بهؤلاء الفقهاء لكى يكونوا واسطتهم فى حمل مطالبهم إلى الحكام. كذلك كان رؤساء الطوائف، التى كانت بمنزلة تنظيمات نقابية هى الواسطة بين الحاكم والرعايا لتبادل الحقوق والواجبات. وظل هذا النظام ساريا حتى قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر وبعدها. فقد حاول الغزاة الفرنسيون استغلال هذا النظام فى التعامل مع المصريين. وقد بقى هذا النظام التمثيلى سائداً فى معظم أنحاء العالم العربى حتى قدوم الاستعمارالأوروبى الذى أحدث هزة كبيرة فى الهياكل السياسية العربية من ناحية، كما فرض المفاهيم الجزئية وكرّس النماذج السياسية التى توافق أهدافه وتحقق أطماعه فى المنطقة العربية من ناحية أخرى.
- وبعد الاستقلال لم تحاول الحكومات العربية تجديد النظم التمثيلىة القائمة على مؤسسات المجتمع المدنى وفق تراث الشعوب العربية السياسي، وإنما اندفعت صوب نموذج الدولة الأوروبية الحديثة، دون أن تكون لها تجربتها التاريخية، ودون أن تكون لها مقوماتها، وكان الحصاد المرُّ لتجارب هذه الحكومات مزيداً من الاستبداد ومزيداً من تراجع الدور العربى فى العالم الحديث. وبدلاً من الاستناد التقليدى إلى شرعية سياسية تقوم على الداخل وعلاقات الحكومات بشعوبها، رضيت الحكومات بشرعية مزيفة استمدت من رضاء القوى الاستعمارية عنها. وكانت النتيجة الحتمية لهذا الموقف أن ازدادت وطأة استبداد هذه الحكومات بشعوبها كما زادادت ارتباطاً بالقوى الاستعمارية، وخضوعاً لها. بيد أنه كانت هناك نتيجة أخرى تمثلت على الصعيد الثقافى فى ذلك الارتباط الذى شاب وعى العرب بتاريخهم، أو وعيهم بذاتهم نتيجة فقدان الثقة فى الذات من ناحية، وتوالى الهزائم عليهم من ناحية أخرى. وهكذا تمكنا الرؤية القرآنية والنبوية التى ارتبطت بتجربتنا التاريخية والحضارية من اكتشاف ذاتنا فى ضوء القواعد التأصيلية للهجرة النبوية الشريفة، الهجرة النبوية المعاصرة الموصولة بثوابت الهجرة الدائمة. العبور من عوامل التمزق وصولاً إلى التضامن الإسلامى لابد من دراسة تجربتنا الحضارية بإيجابياتها وسلبياتها لمعرفة كيف ننطلق ونتجاوز السلبيات ونؤكد الإيجابيات
- وللأسف فإن إسرائيل كانت أسبق منا فى درس تجربتنا الحضارية، ولهذا قامت بدراسة أسباب سقوط الأندلس وأسباب نجاح المسلمين فى معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبى، وقد جعلت من نتائج الدراستين مقررات سرية يمنع تداولها..فهل نطمع أن يقوم الحكام والمفكرون المسلمون بدراسة نتائج دروس تاريخهم مثلما فعلت إسرائيل؟!! وجدير بالذكر أن السقوط له أسباب كثيرة لا سبب واحدا: ونستطيع أن نقول: إن هناك أسباباً أساسية جوهرية وأخرى مساعدة فى السقوط. كما أننا نستطيع القول إن هناك أسبابا عامة وأسباباً خاصة، فالأسباب العامة هى التى تتصل بسنن الله الكونىة والاجتماعية ويتساوى فيها كل البشر صعوداً أو هبوطاً، والأسباب الخاصة هى التى تتصل بالقسمات المميزة لكل أمة، وبطبيعتها الحضارية وثراثها الخاص وبمستوى التحديات البيئية والنفسية والفكرية التى تحيط بها، والتى توجب عليها التكيف الخاص الذى يؤهلها للاستجابة الملائمة للتحدى!!
فمن أسباب سقوطنا بعامة وفى الأندلس بخاصة: 1- ضعف العقيدة الإسلامية فى النفوس والضمائر وتطويعها لخدمة القومية والعنصرية والوطنية. 2- غلبة العوامل العنصرية من قبلية وقومية على وشيجة الإسلام والأخوة الإسلامية. والمصالح الشخصية على العامة. (كان ابن حزم يقسِم بأن ملوك الطوائف هؤلاء لو علموا أن فى عبادة الصلبان تمشية لأمورهم لعبدوها)!!. 3- تخلى جمهرة من العلماء والدعاة عن رسالتهم، وخيانتهم للإسلام عقيدة وحضارة وانغماسهم فى متابعة الظالمين. 4- التكاثر المادى وتبديد طاقة الأمة فى بناء القصور المترفة والمساجد المتحَفية ووسائل الزينة والراحة والدعة. 5- فساد القلوب والضمائر وانتشار الأمراض القلبية من حقد وبغضاء وآفات اللسان من غيبة ونميمة، وكل ذلك نتيجة لضعف العقيدة وذيوع الهوى والتكالب المادى وعبودية الدنيا والزهد فى الآخرة وانتشار اللهو وصنوف الترف والانحلال والاستهانة بالدماء. 6- فساد النظام السياسى وقيامه على الحكم المطلق البعيد عن الشورى، وعن العدل مما أصاب الأمة بالظلم وعدم الولاء وهما بداية خراب المماليك مع إبطاله فريضة الجهاد. 7- كان للنساء نصيب فى سقوط الأندلس وقد تدخل بعضهن فى شئون الحكم فنشرن البغضاء والصراعات من وراء (الكواليس). 8- كما أن المعاهدات السرية التى كانت تبرم مع النصارى بعيداً عن الشعب، وفيها من صور الخيانة الكثير، وكثيراً ما تضمنت تنازلاً عن ثغور أو قلاع وتعاونا مع النصارى ضد المسلمين. تعويق حركة الدعوة بالوسائل المعروفة والاعتماد على الحروب من أجل الدولة لا الدعوة. وخيانة بعض الحكام، وكان من أبرز جرائم ابن الأحمر أمير غرناطة فى الأندلس مساعدته للنصارى بكتيبة من كتائب جيشه عند استيلائهم على إشبيلية، وقد سقطت حول إشبيلية عشرات المدن والقرى الصغيرة دون قتال بفضل تدخل ابن الأحمر ومنعه هذه المدن والقرى من القتال بدعوى عبث المقاومة!! 9- اختراق اليهود والنصارى للقلب الإسلامى وسيطرتهم على كثير من مواقع التأثير. 10- وقد ترك المسلمون الإعداد للجهاد، ولوسائله المادية والمعنوية، وتحولوا إلى جيوش نظامية متخلفة هدفها: الحفاظ على الأسرة الحاكمة. إنها فوضى أخلاقية، وخيانة للقيم الإسلامية فكيف لا يكون السقوط نتيجة طبيعية ونتيجة هذه الظروف تقع الفوضى. وفى ظل هذه الفوضى جنحت الأمور إلى التكثيف فى جانب على حساب جانب، وضاع التوافق والتكامل الذى حققه الإسلام بين الوحى والعقل والفرد والمجتمع والذاتية والغيرية، وضاع ترتيب الأولويات، وقد حورب العقل فى كثير من الفترات كما صودر حق الاجتهاد وأحرقت الكتب تملقاً للعامة، وتعرض الإسلام لتأملات منحرفة تخرجه عن جوهره.
وبين يدى حديثى عن تحقيق التضامن الإسلامى لا سيما بين طوائف أهل السنة وطوائف الشيعة أصدر الكاتب الشيعى العراقى الأستاذ (أحمد الكاتب) كتابه الرائع: التشيع السياسى والتشيع الدينى (عن مؤسسة الانتشار العربى)، والكتاب دراسة شاملة لكل جوانب الخلاف بين السنة والشيعة.. وهو يقع فى 466 صفحة من القطع الكبير. وفى نهايته دراسته الموضوعية المانعة أصدر الكتاب ما يسمى: البيان الشيعى الجديد 1- بعد الإيمان بأركان الإيمان والإسلام والالتزام بعقيدة الإسلام المأخوذة من القرآن والسنة الصحيحة نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. 2- نؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين جميعاً. 3- نلتزم بالإسلام عقيدة ومنهاجاً وقيما وعبادات وأحكاما وأخلاقاً. 4- نؤمن بخاتمية نبوة النبى محمد [ كما جاء فى القرآن الكريم {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} (الأحزاب: 40) وأن الرسالة الإسلامية قد ختمت بمحمد [، كما أن الوحى قد انقطع من بعده، وأن الناس مكلفون باتباع القرآن والسنة الصحيحة والعقل السليم. 5- نؤكد سلامة القرآن الكريم من التحريف والتلاعب والزيادة والنقصان. وأن الله تعالى قد تكفل بحفظه حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9). 6- نجل صحابة رسول الله الطيبين من المهاجرين والأنصار، وأهل البيت، ونترضى على عنهم وهم هؤلاء الذين مات الرسول [ وهو عنهم راض، ولكن لا نعتقد بعصمتهم، ونحرم الإساءة إليهم أو سبهم، وخصوصا الإساءة إلى السيدة عائشة أم المؤمنين، ونؤمن ببراءتها من قضية الإفك لأن الله برأها من ذلك فى آيات محكمات إلى يوم القيامة. 7- نعتقد أن الإسلام دين يوجه الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية، على أسس أخلاقية سليمة، ولكنه لا ينص على نظام سياسى معين، فقد أوصى بمبدأ الشوى ومبدأ العدل وترك للمسلمين حرية اختيار نظامهم السياسى حسب الظروف الزمانىة والمكانية. 8- لا نعتقد بأن الإمامة جزء ملحق بالنبوة أو أنها تشكل امتداداً لها. ولا نعتبرها أصلاً من أصول الدين، ولا ركنا من أركانه. 9- كما لا نعتقد بضرورة وجوب كون الإمام أى رئيس الدولة معصوماً كالأنبياء، أو أنه يتلقى الوحى من الله مثلهم، أو أن له الحق بالتصرف فى الناس. أو أن أوامره كأوامر الرسول [ ونواهيه. 10- ونعتقد أن أهل البيت كانوا يؤمنون بنظام الشوري والعدل ولم يعرفوا نظرية "الإمامة الإلهية" القائمة على الوراثة العمودية فى سلالة معينة، ولم يدّعوا العصمة لأنفسهم، ولا العلم بالغيب. وليسوا معينين ولا منصوبين من الله تعالي، ولا يعلمون الغيب، وليست لهم أية ولاية تشريعية أو تكوينية، كما يدعى الغلاة. 11- وأن القول بوجود النص الجلى على الإمام علىّ بالخلافة من رسول الله [ نشأ فى القرآن الثانى الهجرى، ولم يكن له وجود سابقاً، وأن الجدل حوله عقيم لا يقدم ولا يؤخر. 12- وأن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه ترك الأمر شورى بعده، كما فعل رسول الله [، ولم يعين ابنه الحسن وليا للعهد، وإنما اختاره المسلمون طواعية إماما لهم. 13-نؤمن بأن الإمام الحسن العسكرى توفى سنة 260 للهجرة دون ولد، ودون أن يوصى إلى أحد من بعده بالإمامة، أو يشير إلى وجود ولد مخفى لديه، كما هو الظاهر من حياته. 14- ومن هنا لا نعتقد بوجود "إمام ثانى عشر" غائب اسمه (محمد بن الحسن العسكرى) وعمره اليوم أكثر من ألف ومائة وخمسين عاما، لأن هذا قول وهمى لم يقم عليه دليل شرعى أو تاريخى. 15- ولا نؤمن بالحكومة العالمية للمؤمنين، فالدنيا دار لجمع الإنسانية وقد عينها الله تعالى مستقراً ومتاعاً للمؤمنين والكفار على السواء. 16- وتبعاً لذلك: لا نؤمن بالنيابة الخاصة (للسفراء الأربعة) ولا النيابة العامة (للفقهاء) عن "الإمام المهدى الغائب" الذى لم يولد أبداً حتى يغيب. ونعتقد أنها فرضيات ظنية ادعاها بعض الناس بلا دليل شرعى. 17- ولا نؤمن أن فى الإسلام مؤسسات دينية (مرجعية) تشبه الكنيسة، بل علماء يرجع إليهم عند الضرورة، ولذلك لا نؤمن بوجوب التقليد للفقهاء مدى الحياة، أو الاقتصار على فقيه واحد فى كل شىء. 18- كما ندعو "المجتهدين" إلى عدم الاقتصار فى دراساتهم على الفقه والأصول، بل دراسة العقيدة الإسلامية والتاريخ وخاصة سلبيات نظرية "الإمامة الإلهية" وما تفرع منها كفرضية وجود الإمام الثانى عشر. 19- نعتقد بضرورة مراقبة "العلماء" ومحاسبتهم ونقدهم، فليس كل ما يفتون به صحيحا ومطابقا للشرع دائماً. والإيمان بأن فتواهم غير ملزمة إلا أذا اتحدت. 20- ومن هنا نرى أن فتاوى العلماء غىر ملزمة شرعا ولا قانونا، إلا إذا اتخذت صبغة دستورية مجمعا عليها فى مجالس الشورى المنتخبة من الأمة. 21- نقدر "المدرسة الأصولية" التى فتحت باب الاجتهاد، وأعادت إلى التشيع توازنه واعتداله، ورفضت الكثير من خرافات الأخباريين وأساطيرهم، ونطالب الفقهاء بممارسة مزيد من الاجتهاد فى الأصول والفروع والرجال والحديث. 22- وفى الوقت الذى نُحيى فيه جهود علماء الشيعة، وخاصة الأصوليين الذين قاموا بدراسة الحديث وعلم الرجال، وتضعيف أربعة أخماس ؛الكافى" ندعوهم إلى مواصلة البحث والتحقيق فيما تبقى منه من أحاديث، وإعادة النظر فى كثير ممن يوثقه السابقون. 23- لا نؤمن بحكومة "رجال الدين" ولا بنظرية "ولاية الفقيه" القائمة عل فرضية "النيابة العامة عن الإمام المهدى الغائب" وليس فى الإسلام رجال دينه بل علماء في الدنيا والفتوى. ونؤمن بالانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى واحترام اجتهاداتها، وندعو إلى مزيد من عمليات الاجتهاد المشتركة بين السنة والشيعة، والعودة إلى القرآن الكريم، واعتباره المصدر التشريعى الأول والأعلى من جميع المصادر التشريعية الأخرى. 25- نحترم جميع المصادر الحديثية للشيعة والسنة، ونطالب بتنقية المصادر من الأحاديث الضعيفة المنسوبة للنبى الأكرم وخاصة المخالفة للقرآن والعقل والعلم. 26- ندعو إلى دمج المعاهد الدينية والحوزات العلمية السنية والشيعية، من ناحىة البرامج والطلاب والأساتذة، وخلق بيئة وحدوية للحوار والمقارنة والتفكير الحر. 27- كما ندعو إلى الانفتاح الثقافى على الآخر وتوفير الحرية الإعلامية للجميع، وعدم فرض الرقابة على أى منتج ثقافى مخالف. 28- نؤمن بوحدة العالم الإسلامى، ونرف التمييز الطائفى. 29- نؤمن بأن حل المشكلة الطائفية جذريا يكمن فى قيام المؤسسات الدستورية والأنظمة الديموقراطية والتداول السلمى للسلطة، التى نعتقد أنها تحول دون انفجار الصراع بشكل عنيف، ولا تسمح باستيلاء العسكريين على السلطة بالقوة. 30- ندعو إلى وقف الجدل الطائفى العقيم، والامتناع عن القيام باستفزاز الآخرين من خلال التهجم على رموزهم،وخاصة من الصحابة وأهل البيت، وأئمة المذاهب. 31- ونحيى فى هذه المناسبة "مؤتمر النجف الأشرف" التاريخى الذى عقد فى شوال من عام 1156ه الموافق لكانون الأول عام 1743م وضم مجموعة من كبار العلماء الشيعة والسنة من العرب والفرس والترك والأفغان. 32- نعتقد أن النقد والسب واللعن والتكفير والاتهام بالردة والنفاق، كان- مع الأسف الشديد افرازات الفتنة الكبرى التى عصفت بالمسلمين. ولابد من إغلاق ذلك الملف، إذ لا يحق أن يبقى ذلك التاريخ السيىء جرحا مفتوحا إلى يوم القيامة. 33- ولابد من طى صفحة الماضى وعدم الغوص كثيرا فى أحداث التاريخ السحيق إلا من أجل أخذ العبرة فقط. 34- نعتقد أن التشيع يحمل مبادئ إيجابية كثيرة كمبدأ العدل، وروح الدفاع عن الإسلام والعمل فى سبيل الله والثورة على الظالمين. 35- نعتقد بوجوب الزكاة، وندعو إلى العمل بها، وإلى عدم التفريق بين السنى والشيعى فى دفع الزكاة لأن الله تعالى لم يحدد دفعها لأهل دين معين بل فرضها لمصلحة الفقراء من البشر. 36- نؤمن بوجوب صلاة الجمعة عينا على كل قادر تتوافر فيه الشروطونقدر قيام الشيعة بأداء صلاة الجمعة وبتداول الخطابة (سنى وشيعى). 37- ولا نعتقد بوجوب الخمس الذى لم يرد إلا فى غنائم الحرب، ولم يعمل به الإمام على بن أبى طالب خلال حكمه. بل إن روايات الشيعة الصحيحة وفتاوى العلماء السابقين تؤكد إباحته فىما يسمى بعصر الغيبة. 38- نرفض زيادة ما يسمى بالشهادة الثالثة فى الأذان وهى: "أشهد أن عليا ولى الله" ونعتقد أن هذه الزيادة من فعل الغلاة المفوضة. 39- نرفض ممارس التقيّة بتلك الصورة المشوهة، كما نرفض التصديق بما اشتهر عن الإمام الصادق من أن : التقية دينى ودين آبائى، ولا دين لمن لا تقيه له. 40- ولا نؤمن بكثير من الأدعية والزيارات الموضوعة من قبل الغلاة والمتطرفين، وندعو العلماء إلى تنقيحها وتهذيبها. ونرفض الزيارات المنسوبة لأئمة أهل البيت، مثل الزيارة الجامعة وزيارة عاشوراء وحديث الكساء وغيرها من الزيارات والأدعية التى تحتوى على مواقف سلبية من الصحابة وأفكار مغالية بعيدة عن روح الإسلام ومذهب أهل البيت. 41- لا نؤمن بشفاعة الأئمة يوم القيامة التى تقف وراء الكثير من الطقوس والعادات الدخيلة، كزيارة قبور الأئمة، والبكاء على الحسين والتطبير واللطم على الصدور. 42- نرفض الاستغاثة بالأئمة أو دعائهم، أو النذر لهم، ونعتبر ذلك نوعاً من الشرك بالله تعالى وهو على أى حال عمل لا يقوم به إلا الجهلة والبسطاء من الناس. 43- ندعو إخواننا إلى عدم التطرف فى مراسم عاشوراء وتجنب الطقوس المبتدعة التى تشوه صورة الشيعة فى العالم والتى لم ينزل بها من الله سلطان. 44- ونرفض بشدة أقوال الغلاة الذين زعموا بأن الله تعالى خلق الكون من أجل الخمسة "أصحاب الكساء" وإنما خلق الخلق ليرحمهم ويبلوهم. 45- كما ندعو إخواننا إلى رفض أسطورة الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء، وما يقال عن كبس بيت (الإمام على) من قبل (عمر) من أجل إجباره على بيعة أبى بكر، وما رافق ذلك من تهديد بحرق بيت فاطمة على من فيه أو قيامه بحرق باب البيت وضرب الزهراء وعصرها وراء الباب. 46- كما ندعو إخواننا من أهل السنة وسائر الطوائف الإسلامية إلى الانفتاح على إخوانهم الشيعة، والتعرف عليهم أكثر، والتمييز بين المعتدلين منهم وهم عامة الشيعة والغلاة والمتطرفين، وعدم الحكم عليهم بناء على أقوال الشواذ والسابقين، والنظر إلى واقعهم الجديد. والله ولى التوفيق
* أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية
رئيس تحرير مجلة التبيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.