مدبولي: حماية حقوق مصر المائية أولوية قصوى ونتطلع لتحسن إيرادات قناة السويس    "كلكم على راسي".. محافظ كفر الشيخ يستوقف موكبه لمكافأة عاملة نظافة    افتتاح أحدث مصانع الأوتوبيسات بمدينة الصالحية بحضور الفريق كامل الوزير    عضو ب"الشيوخ": محاولات الإعلام الإسرائيلي لتشويه القادة العرب فاشلة ومكشوفة    ترامب: أمريكا اتخذت إجراءات ضد سفينة ثالثة من فنزويلا    "بعد مشاركته أمام مارسيليا".. لاعب ريال مدريد يسجل رقما تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    فرص لأمطار خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأربعاء (بيان بالدرجات)    أكاديميون ينعون د. صبري المتولي أستاذ علوم القرآن الكريم بجامعة القاهرة .. تعرف على إنتاجه العلمي    "داخل الأسانسير".. ياسمين رئيس تخطف الأنظار والجمهور يغازلها    وفد نقابة المهندسين يتابع أعمال المرحلة الثانية من النادي بأسيوط الجديدة    بالصور.. محافظ سوهاج يسلم 25 عقد عمل لذوي الإعاقة ويطلق مشروعين لدعمهم    وزير الخارجية يلتقى سكرتير عام منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    أحمد موسى: كل ما يفعله نتنياهو اليوم سيكون له رد فعل    فني صحي طنطا يتصدر قائمة تنسيق الثانوية الصناعية 3 سنوات بحد أدنى 99.5%.. النتيجة كاملة    غرفة عمليات وإشراف قضائي.. كل ما تريد معرفته عن اجتماع الجمعية العمومية    بتكلفة 65 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يفتتح 4 مشروعات جديدة غدًا    فى الأقصر .. الإعدام ل4 متهمين لاتهامهم بمقاومة السلطات وحيازة مخدرات    مدبولي: زيادة البنزين المقررة في أكتوبر قد تكون الأخيرة.. ودعم السولار مستمر    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للموظفين والأشهر المتبقية بعد بيان المالية    الجرائم الأسرية دخيلة على المجتمع المصرى    ماريا كاري تخطف الأنظار بإطلالتها ومجوهراتها الفاخرة في حفل أم أي 2025    ريهام عبد الحكيم: المنافسة صحية وأنغام أقرب الناس لقلبي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    كم يحتاج جسمك من البروتين يوميًا؟    بعد صعودها لأعلى مستوى في 14 عامًا.. كيف تستثمر في الفضة؟    فسحة تحولت لكارثة.. إصابة سيدتين في حادث دراجة مائية بشاطئ رأس البر    شن حملات تفتيشية على المستشفيات للوقوف على التخلص الآمن من المخلفات في مرسى مطروح    عمرو عبدالله يقدم ماستر كلاس عن فلسفة السينوغرافيا في مهرجان الإسكندرية المسرحي (صور)    لأول مرة.. رئيس الوزراء يكشف عن رؤية الدولة لتطوير وسط البلد    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    الرئيس الصومالي: علاقتنا مع إثيوبيا لا تؤثر على شراكتنا مع مصر    الصحة: توفير لقاح الإنفلونزا الموسمية مجانًا للفرق الطبية    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    الشيخ خالد الجندى: أبو هريرة كان أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية    جماهير مارسيليا ترفع علم فلسطين وتدعم غزة ضد حرب الإبادة قبل مباراة الريال    مراسل "القاهرة الإخبارية" من النصيرات: غزة تباد.. ونزوح جماعى وسط وضع كارثى    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    افتتاح المؤتمر السابع للشراكة من أجل المبادرات الدولية للقاحات (PIVI) فى القاهرة    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    أمل غريب تكتب: المخابرات العامة المصرية حصن الأمن القومي والعربى    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    حسام البدري: الأهلي يمر بمرحلة صعبة.. واستمرار الخطيب ضروري    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    «شوبير» حزين لجلوسه احتياطيًا في لقاءات الأهلي ويطلب من «النحاس» تحديد مصيره    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    وزيرة الخارجية البريطانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    محافظ بني سويف: 28% نسبة الإنجاز في مشروع كوبري الشاملة ونسير وفق الجدول الزمني    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أسامة الغزالى حرب يكتب: خطاب‏ إلى‏ الرئيس‏ أوباما‏


السيد‏ الرئيس- باراك‏ حسين‏ أوباما
رئيس‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية
أكتب‏ إليكم‏ هذا‏ الخطاب‏ بمناسبة‏ الزيارة‏ التى‏ تعتزمون‏ القيام‏ بها‏ إلى‏ بلدى‏-‏مصر‏- يوم‏ 4 يونيو‏ القادم‏، بصفتى‏-‏أولا‏- مواطنا‏ مصريا‏ عربيا‏ مسلما‏، وبصفتى‏-‏ثانيا‏- واحدا‏ ممن‏ يعتبرون‏ من‏ «‏النخبة‏ المثقفة» فى‏ مصر‏، وبصفتى‏-‏ثالثا‏- ممثلا‏ لأحد‏ الأحزاب‏ السياسية‏ المعارضة‏ المصرية‏.‏
ومع‏ أننى‏ أعلم‏ أن‏ زيارتكم‏ سوف‏ تكون‏ قصيرة‏ للغاية‏، أقل‏ من‏ يوم‏ واحد‏، فإننى‏ أدرك‏ جيدا‏ مغزاها‏ وأهميتها‏ بالنسبة‏ لعلاقات‏ الولايات‏ المتحدة‏ بالعالمين‏ الإسلامى‏ والعربى‏، وبالنسبة‏ لمصر‏ وأوضاعها‏ الداخلية‏ وعلاقاتها‏ الخارجية‏.‏
غير‏ أننى‏ فى‏ هذا‏ الخطاب‏ سوف‏ أتحدث‏ أساسا‏ من‏ منظور‏ العلاقات‏ المصرية‏- الأمريكية‏، لأنها‏ بالقطع‏ علاقة‏ «‏خاصة‏»، تتجاوز‏ بكثير‏ المصالح‏ المتبادلة‏ بينهما‏ فى‏ الوقت‏ الراهن‏.
فكما‏ قال‏ واحد‏ من‏ أكبر‏ علماء‏ الجغرافيا‏ المعاصرين‏ فى‏ مصر‏-‏جمال‏ حمدان‏- «‏لقد‏ كانت‏ مصر‏ سنة‏ 2000 قبل‏ الميلاد‏ هى‏ أمريكا‏ العالم‏، مثلما‏ أن‏ أمريكا‏ سنة‏ 2000 ميلادية‏ أصبحت‏ هى‏ مصر‏ العصر‏» إن‏ النقيض‏ الكامل‏ للولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏-‏سيدى‏ الرئيس‏- هى‏ مصر‏، والنقيض‏ الكامل‏ لمصر‏ هى‏ أمريكا‏. إن‏ مصر‏ هى‏ واحد‏ من‏ أقدم‏-‏إن‏ لم‏ تكن‏ أقدم‏- الكيانات‏ السياسية‏ فى‏ التاريخ‏، والولايات‏ المتحدة‏ أحدثها‏ (‏أو‏-‏بتعبير‏ أدق‏- أهم‏ الكيانات‏ الحديثة‏ على‏ الإطلاق‏).
مصر‏ كانت‏-‏كما‏ قال‏ حمدان‏- جزيرة‏ مجازية‏ كبرى‏ محصورة‏ نسبيا‏ بين‏ بحرين‏ شاسعين‏ من‏ الرمال‏، والولايات‏ المتحدة‏ جزيرة‏ قارية‏ عظمى‏ معزولة‏ جيدا‏ بين‏ محيطين‏ هائلين‏. مصر‏ نموذج‏ للسلطة‏ المركزية‏ الموغلة‏ فى‏ مركزيتها‏، المعرقلة‏ للتفرد‏ والإبداع‏، والولايات‏ المتحدة‏ نموذج‏ للامركزية‏ المفجرة‏ للطاقات‏ المحلية‏ والفردية‏.
‏السمة‏ المركزية‏ للدولة‏ المصرية‏، منذ‏ جذورها‏ الفرعونية‏ قبل‏ أكثر‏ من‏ أربعة‏ آلاف‏ عام‏، هى‏ الطغيان‏ والاستبداد‏، فى‏ حين‏ أن‏ الفكرة‏ المركزية‏ الأصيلة‏ التى‏ قامت‏ عليها‏ بلادكم‏ هى‏ «‏الحرية».‏
مصر‏ هى‏ قلب‏ «‏العالم‏ القديم‏» بامتياز‏! فهى‏ فى‏ إفريقيا‏، وهى‏ فى‏ أطراف‏ آسيا‏، وقريبة‏ جدا‏ من‏ أوروبا‏. وهى‏ كذلك‏-‏كما‏ تدركون‏ جيدا‏- قلب‏ العالمين‏ العربى‏ والإسلامى‏، ولكنها‏ أيضا‏ ركن‏ أساسى‏ للشرق‏ الأوسط‏، ولعالم‏ البحر‏ المتوسط‏. أما‏ الولايات‏ المتحدة‏ فقد‏ كانت‏-‏ولا‏ تزال‏ وبامتياز‏ أيضا‏- هى‏ العالم‏ الجديد‏ بكل‏ بمعنى‏ الكلمة‏.‏
وبسبب‏ هذا‏ التضاد‏ الفريد‏، لا‏ يماثل‏ احتياج‏ أمريكا‏ لمصر‏ إلا‏ احتياج‏ مصر‏ لأمريكا‏. «‏فعالمية» القوة‏ الأمريكية‏-‏التى‏ لا‏ ينازعها‏ أحد‏- تحتاج‏ بالضرورة‏ «‏لإقليمية» القوة‏ المصرية‏، التى‏ لا‏ يحل‏ محلها‏ أحد‏! ومثلما‏ تحتاج‏ أمريكا‏ لأن‏ تستلهم‏ من‏ مصر‏ حكمة‏ التاريخ‏ وعمق‏ الثقافة‏، تحتاج‏ مصر‏ لأن‏ تستلهم‏ من‏ أمريكا‏ إبداع‏ العلم‏ وقدسية‏ الحرية‏.‏
لذلك‏ كله‏-‏سيدى‏ الرئيس‏- فإننى‏ لا‏ أتصور‏ (‏ولا‏ أعتقد‏ أنكم‏ أيضا‏ تتصورن‏) أن‏ تكون‏ مصر‏ مجرد‏ «‏منصة‏» توجهون‏ منها‏ خطابكم‏ إلى‏ العالمين‏ العربى‏ والإسلامى‏، ولكنى‏ أتصور‏-‏على‏ العكس‏- أن‏ تكون‏ مصر‏ هى‏ أول‏ المعنيين‏ بذلك‏ الخطاب‏، وأول‏ المتلقين‏ له‏.‏
وفى‏ ضوء‏ هذا‏ كله‏، وأخذا‏ فى‏ الاعتبار‏ ، ما‏ فجره‏ توليكم‏ للرئاسة‏ الأمريكية‏ من‏ توقعات‏ عظيمة‏، فإننى‏ أرجو‏ وأنتظر‏ منكم‏ التأكيد‏ على‏ ثلاث‏ رسائل‏:‏
‏- الرسالة‏ الأولى‏: إن‏ الولايات‏ المتحدة‏، وإنكم‏ شخصيا‏، لن‏ تتراجعوا‏ أبدا‏ عن‏ الدعوة‏ إلى‏ نشر‏ وترسيخ‏ الحرية‏ والديمقراطية‏ فى‏ العالمين‏ العربى‏ والإسلامى‏. إننى‏ أوقن‏ تماما‏-‏مثل‏ كل‏ الديمقراطيين‏ المصريين‏ والعرب‏- بأن‏ النضال‏ من‏ أجل‏ الديمقراطية‏، والعمل‏ من‏ أجل‏ تحقيقها‏، هو‏ أولا‏-‏وقبل‏ كل‏ شىء- مهمة‏ النخب‏ والشعوب‏ الحالمة‏ بها‏ والمتعطشة‏ إليها‏، أى‏ مهمتنا‏ نحن‏ وواجبنا‏ نحن‏.‏
ولكننى‏ فى‏ الوقت‏ نفسه‏، لا‏ أشارك‏ كثيرين‏ فى‏ بلادى‏ يعلنون‏-‏اعتقادا‏، أو‏ نفاقا‏- أن‏ الدعم‏ الأمريكى‏ لقضايا‏ الحرية‏ الديمقراطية‏ فى‏ بلادنا‏ هو‏ نوع‏ من‏ التدخل‏ فى‏ الشؤون‏ الداخلية‏، بل‏ إننى‏ على‏ العكس‏ تماما‏ أؤمن‏ بأن‏ ذلك‏ أمر‏ ضرورى‏ وحتمى‏، بل‏ هو‏ واجب‏ على‏ الأمة‏ الأمريكية‏ إزاء‏ بلادنا‏.
‏إن‏ قضايا‏ الديمقراطية‏ والحرية‏ واحترام‏ إرادة‏ الشعوب‏ أصبحت‏-‏تماما‏ مثل‏ حقوق‏ الإنسان‏- قضايا‏ تعلو‏ فوق‏ السيادة‏ الوطنية ، لا‏ يجوز‏ لأى‏ سلطة‏ أن‏ تنكرها‏ أو‏ تلتف‏ حولها‏ تحت‏ أى‏ حجة‏ كانت‏.‏
إن‏ دعمكم‏ السياسى‏ والمعنوى‏ والأخلاقى‏ للديمقراطية‏ وحقوق‏ الإنسان‏ فى‏ بلادنا‏ لا‏ يقل‏ أبدا‏ فى‏ أهميته‏-‏بل‏ هو‏ يفوق‏ فى‏ أهميته‏ كثيرا‏- دعمكم‏ الاقتصادى‏ والعسكرى‏.
بل‏ إننى‏ أزيد‏ على‏ هذا‏ كله‏ يا‏ سيادة‏ الرئيس‏ وأقول‏ إننى‏ أعتبر‏ دعمكم‏ هذا‏ للديمقراطية‏ فى‏ بلادنا‏ نوعا‏ من‏ التكفير‏ عن‏ الذنب‏، أو‏ الاعتذار‏ عن‏ مسؤولية‏ الولايات‏ المتحدة‏ فى‏ عقود‏ سابقة‏ عن‏ دعم‏ نظم‏ وحكومات‏ مستبدة‏ لا‏ ديمقراطية‏ أسهمت‏-‏بشكل‏ مباشر‏ أو‏ غير‏ مباشر‏- فى‏ تحقيق‏ المصالح‏ الأمريكية‏، على‏ حساب‏ شعوبنا‏، وخصما‏ من‏ مستقبلنا‏ ومستقبل‏ أولادنا‏.‏
‏- الرسالة‏ الثانية‏: إن‏ الولايات‏ المتحدة‏، وهى‏ تتوجه‏ إلى‏ المسلمين‏ بدعوة‏ للتصالح‏ والتعاون‏، على‏ استعداد‏ للإقرار‏ بمسؤوليتها‏ التاريخية‏ عن‏ تنمية‏ الاتجاهات‏ المحافظة‏ والمتعصبة‏ فى‏ العالم‏ الإسلامى‏.
وبعبارة‏ أخرى‏-‏وبصراحة‏- لا‏ نتصور‏ أن‏ يكون‏ خطابكم‏-‏بشأن‏ تلك‏ القضية‏- تكرارا‏ لخطابكم‏ الذى‏ ألقيتموه‏ فى‏ تركيا‏ فى‏ شهر‏ أبريل‏ الماضى‏، والذى‏ شددتم‏ فيه‏ على‏ أن‏ بلادكم‏ لا‏ يمكن‏ أن‏ تكون‏ فى‏ حرب‏ مع‏ الإسلام‏.
‏ففى‏ العالم‏ العربى‏، الذى‏ خرج‏ منه‏ أولئك‏ الذين‏ ارتكبوا‏ أحداث‏ 11 سبتمبر‏ 2001، لا‏ يمكن‏ تجاهل‏ الفترات‏ التى‏ عملت‏ فيها‏ الولايات‏ المتحدة‏ بدأب‏ ونشاط‏، والتى‏ حققت‏ فيها‏ نجاحات‏ كبيرة‏، من‏ أجل‏ دعم‏ وتشجيع‏ القوى‏ «‏الإسلامية‏» (‏أيا‏ كانت‏ درجة‏ محافظتها‏، ورجعيتها‏) لمواجهة‏ الشيوعية‏ الدولية‏، ثم‏ لمحاربة‏ الاتحاد‏ السوفيتى‏.
‏لقد‏ بدا‏ هذا‏ السلوك‏ فى‏ حينه‏ أقل‏ تكلفة‏، وأكثر‏ فاعلية‏ فى‏ محاصرة‏ الشيوعية‏ ومحاربة‏ الاتحاد‏ السوفيتى‏، من‏ دعم‏ الاتجاهات‏ الديمقراطية‏ والتحررية‏ فى‏ العالم‏ الإسلامى‏.
غير‏ أن‏ أحداث‏ 11 سبتمبر‏ أظهرت‏ أن‏ التكلفة‏ كانت‏ فقط‏ مؤجلة‏. وفى‏ الواقع‏، فإن‏ سقوط‏ برجى‏ مركز‏ التجارة‏ العالمى‏ فى‏ نيويورك‏، فى‏ 2001، كان‏ بمثابة‏ الثمن‏ الذى‏ دفعته‏ أمريكا‏ لسقوط‏ حائط‏ برلين‏ فى‏ 1989.‏
لذلك‏ كله‏ سيدى‏ الرئيس‏، نود‏ ألا‏ يكون‏ خطابكم‏ من‏ القاهرة‏ إلى‏ العالم‏ الإسلامى‏ خطابا‏ باسم‏ أمريكا‏ المسيحية‏، ولا‏ خطابا‏ باسم‏ أمريكا‏ المجسدة‏ للحضارة‏ الغربية‏، ولكننا‏ نريده‏ خطابا‏ باسم‏ أمريكا‏ الديمقراطية‏، وأمريكا‏ حقوق‏ الإنسان‏.
ولا‏ يكفى‏ أن‏ تقول‏ إن‏ أمريكا‏ ليست‏ لها‏ مشكلة‏ مع‏ الإسلام‏، بل‏ يجب‏ أن‏ تقول‏ أيضا‏ إن‏ لها‏ بالفعل‏ مشكلة‏ مع‏ قوى‏ التعصب‏ والاستبداد‏ واللاديمقراطية‏ (‏والإرهاب‏ طبعا‏) فى‏ العالم‏ الإسلامى‏! وإنها‏ أيضا‏ على‏ استعداد‏-‏مرة‏ ثانية‏- للتكفير‏ عن‏ ذنوبها‏ وتصحيح‏ أخطائها‏.‏
‏- الرسالة‏ الثالثة‏: أن‏ تعلنوا‏-‏كرئيس‏ للولايات‏ المتحدة‏- من‏ القاهرة‏، التى‏ بادرت‏ وغامرت‏ بالصلح‏ والسلام‏ مع‏ إسرائيل‏ منذ‏ أكثر‏ من‏ ثلاثين‏ عاما‏، أن‏ الوقت‏ قد‏ حان‏ للتوصل‏ إلى‏ تسوية‏ نهائية‏ وعادلة‏ للصراع‏ العربى‏- الإسرائيلى‏، بعد‏ طول‏ انتظار‏ وتسويف‏. إننى‏ أعلم‏-‏كما‏ تعلمون‏- أن‏ الأوضاع‏ فى‏ إسرائيل‏ وفى‏ فلسطين‏ صعبة‏ ومحبطة‏.
‏وتطرف‏ وتعنت‏ اليمين‏ الإسرائيلى‏، الحاكم‏ اليوم‏، لا‏ يناظره‏ إلا‏ ضعف‏ وانقسام‏ القوى‏ الفلسطينية‏! ولكن‏ يظل‏ من‏ المستحيل‏، بل‏ من‏ غير‏ المنطقى‏ على‏ الإطلاق‏، ألا‏ تتضمن‏ كلمتكم‏ إلى‏ العالم‏ الإسلامى‏ مبادرة‏ أمريكية‏ جادة‏ وجديدة‏، لحل‏ ذلك‏ الصراع‏ المزمن‏ الذى‏ طال‏ أمده‏، والذى‏ كان‏-‏وسوف‏ يظل‏- على‏ رأس‏ اهتمامات‏ العالم‏ الإسلامى‏، وأقوى‏ ما‏ يستقطب‏ مشاعره‏، ويلهب‏ عواطفه‏.‏
إن‏ مصر‏-‏سيدى‏ الرئيس‏- كانت‏-‏من‏ ناحية‏- أول‏ وأكبر‏ من‏ عانى‏ من‏ الصراع‏ العربى‏- الإسرائيلى‏، وتحمل‏ عبء‏ إدارته‏: حربا‏ وسلما‏. وكانت‏ الولايات‏ المتحدة‏-‏من‏ ناحية‏ أخرى‏- أكبر‏ من‏ انغمس‏ فى‏ هذا‏ الصراع‏ أيضا‏: حربا‏ وسلما‏.
ولذلك‏، فإن‏ شراكتنا‏ فى‏ حله‏ أمر‏ حتمى‏ وبدهى‏. ومصر‏ الرسمية‏ والشعبية‏ تقوم‏ بلا‏ كلل‏ ولا‏ ملل‏ بدورها‏ فى‏ رعاية‏ القوى‏ الفلسطينية‏، والتأليف‏ بينها‏، وترشيد‏ أدائها‏! لأن‏ أمن‏ الشعب‏ الفلسطينى‏، واستقراره‏، وتحقيق‏ آماله‏ فى‏ دولة‏ مستقلة‏، هو‏ جزء‏ لا‏ يتجزأ‏ من‏ أمن‏ مصر‏ واستقرارها‏.‏
ويتبقى‏ على‏ الولايات‏ المتحدة‏-‏فى‏ ظل‏ رئاستكم‏- أن‏ تقوم‏ بدورها‏ على‏ الطرف‏ الآخر‏، أى‏ محاصرة‏ وكبح‏ القوى‏ اليمينية‏ والمتعصبة‏ التى‏ تحكم‏ اليوم‏ إسرائيل‏، والتى‏ تهدد‏-‏كما‏ تدركون‏ جيدا‏- ليس‏ فقط‏ مستقبل‏ التسوية‏ السلمية‏، ولكنها‏ أيضا‏ تسعى‏ لأن‏ تخرب‏ ما‏ تحقق‏ منها‏، بشق‏ الأنفس‏، فى‏ العقود‏ الثلاثة‏ الماضية‏.‏
إنكم‏-‏سيدى‏ الرئيس‏- لابد‏ تدركون‏ أن‏ مشاعر‏ السخط‏ والإحباط‏ التى‏ كانت‏-‏ولا‏ تزال‏- تغذى‏ القوى‏ الإسلامية‏ الغاضبة‏ والمتطرفة‏، والتى‏ لجأت‏ للإرهاب‏ ليس‏ فقط‏ فى‏ الولايات‏ المتحدة‏ فى‏ 11 سبتمبر‏ 2001، وإنما‏ على‏ امتداد‏ العالم‏ كله‏، إنما‏ وجدت‏ مصدر‏ إلهامها‏ ودعمها‏ والتعاطف‏ معها‏-‏أولا‏، وقبل‏ أى‏ شىء‏- فى‏ الظلم‏ التاريخى‏ الذى‏ وقع‏ على‏ الشعب‏ الفلسطينى‏.
‏ولا‏ تزال‏ هذه‏ الحقيقة‏ قائمة‏ حتى‏ هذه‏ اللحظة‏. لذلك‏، فإننا‏ ننتظر‏ منكم‏-‏سيدى‏ الرئيس‏- كلمة‏ واضحة‏ قاطعة‏ إلى‏ الإسرائيليين‏، وتقولون‏ لهم‏: إن‏ أمن‏ العالم‏ وسلامه‏ أكبر‏ وأهم‏ من‏ أن‏ يكون‏ رهينة‏ لمشاعر‏ وسلوكيات‏ وشطحات‏ حفنة‏ من‏ الساسة‏ المتعصبين‏، قصيرى‏ الأفق‏، يمسكون‏ الآن‏ بزمام‏ الحكم‏ فى‏ إسرائيل‏.‏
ذلك‏ هو‏ ما‏ ننتظره‏ منكم‏ سيادة‏ رئيس‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏، فى‏ نهاية‏ العقد‏ الأول‏ من‏ القرن‏ الحادى‏ والعشرين‏، باراك‏ حسين‏ أوباما‏، ونأمل‏ ألا‏ تخيب‏ آمالنا‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.