اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    كامل الوزير: القطار السريع سيغير وجه مصر    "هواوي كلاود" و"نايس دير" توقعان عقد شراكة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في قطاعي التكنولوجيا الصحية والتأمين في مصر    مديرية صحة الفيوم تنظم تدريبًا متخصصًا في التحول الرقمي والأمن السيبراني للموظفين.. صور    واشنطن: تصويت مجلس الأمن ضد مشروع القرار الأمريكي يعني العودة إلى حرب غزة    المندوب البريطاني بمجلس الأمن: يجب إحلال السلام في غزة والمنطقة    مجلس الأمن يعتمد القرار الأمريكي بشأن غزة    عاجل – حماس: تكليف القوة الدولية بنزع سلاح المقاومة يفقدها الحياد ويحوّلها لطرف في الصراع    مندوب بريطانيا: التصويت لصالح القرار محطة أساسية لتنفيذ خطة السلام    أمين عام حلف الناتو يشيد بالنهج الأمنى العملى لفنلندا ودورها فى الدفاع الأوروبى    ضبط 400 كجم لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي ضمن حملة رقابية على الأسواق بمدينة أوسيم    شاهين يصنع الحلم.. والنبوي يخلده.. قراءة جديدة في "المهاجر"    ندوة البحوث الإسلامية تسلط الضوء على مفهوم الحُرية ودورها في بناء الحضارة    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بالأردن تستقبل وفدًا من قادة كنائس أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة    عبد اللطيف: نهدف لإعداد جيل صانع للتكنولوجيا    أوقاف البحيرة تنظم ندوة حول مخاطر الذكاء الاصطناعي بمدرسة الطحان الثانوية    رئيس حي شرق شبرا الخيمة بعد نقل مكتبه بالشارع: أفضل التواجد الميداني    90.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة الإثنين    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة يعبد وتداهم عددًا من المنازل    فلسطين.. مستعمرون يطلقون الرصاص على أطراف بلدة سنجل    نتيجة وملخص أهداف مباراة ألمانيا ضد سلوفاكيا في تصفيات كأس العالم 2026    هولندا تسحق ليتوانيا في تصفيات كأس العالم    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية    حسام حسن يهاجم منتقديه: البهوات اللي في الاستديوهات اهدوا شوية    طولان: أشركنا 8 لاعبين جدد ضد الجزائر.. وعمر فايد لاعب رائع    أكرم توفيق: الأهلي بيتي.. وقضيت بداخله أفضل 10 سنوات    فرنسا تواجه كولومبيا وديا قبل مواجهة البرازيل    الكشف عن أول طائرة عمودية كهربائية في معرض دبي للطيران.. فيديو    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين بطلق ناري في ظروف غامضة بقنا    السيطرة على حريق داخل مستودع أنابيب غاز بقرية عرابي في الإسكندرية دون إصابات    القبض على عاطل سرق مليون جنيه ومشغولات ذهبية بعد اقتحام شقة بالشيخ زايد    ضبط التيك توكر دانا بتهمة نشر الفسق والفجور في القاهرة الجديدة    بالأسماء.. وفاة شخصان في حادث مرور بمنطقة القباري في الإسكندرية    "الزراعة": بدء الموسم التصديري الجديد للبرتقال المصري منتصف ديسمبر المقبل    الصحة ل ستوديو إكسترا: تنظيم المسئولية الطبية يخلق بيئة آمنة للفريق الصحي    شاهد.. برومو جديد ل ميد تيرم قبل عرضه على ON    صدور ديوان "طيور الغياب" للشاعر رجب الصاوي ضمن أحدث إصدارات المجلس الأعلى للثقافة    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    تطورات حالة الموسيقار عمر خيرت الصحية.. وموعد خروجه من المستشفى    «ملك مش مجرد لقب».. مصطفي حدوته يوجه رسالة للكينج محمد منير في أحدث ظهور له    مستشفى الشروق المركزي ينجح في عمليتين دقيقتين لإنقاذ مريض وفتاة من الإصابة والعجز    أفضل أطعمة لمحاربة الأنيميا والوقاية منها وبدون مكملات    توقيع الكشف الطبى على 1563 مريضا فى 6 قوافل طبية مجانية بالإسكندرية    عمرو أديب يستنكر صمت الأحزاب عن تجاوزات انتخابات النواب قبل تدوينة الرئيس السيسي: كنتم فين؟!    توقيع الكشف الطبي على 1563 مريضًا خلال 6 قوافل طبية بمديرية الصحة في الإسكندرية    شروط استحقاق حافز التدريس للمعلمين    ارتفاع تدريجي في الحرارة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء 18 نوفمبر 2025    تأجيل محاكمة 29 متهما بقضية خلية العملة لجلسة 3 فبراير    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    أحمد فوقي: تصريحات الرئيس السيسي تعكس استجابة لملاحظات رفعتها منظمات المتابعة    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    بث مباشر.. مصر الثاني يواجه الجزائر للمرة الثانية اليوم في ودية قوية استعدادًا لكأس العرب    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذى جرى للنخبة المصرية؟

النخبة هى عنوان المجتمع، وإذا نظرنا لحال النخبة المصرية سنعرف مشكلات المجتمع، وكيف أن أزمة النخبة وأزمة المجتمع عنوانان لأزمة واحدة، والنخبة فيها بالطبع نخبة الحكم، ولكن بها أيضا النخب المهنية والإعلامية والمثقفون والكتاب وغيرهم، الذين تنافسوا جميعا على إبراز «الأزمة المصرية» مع كل حدث أو كارثة.
وربما تكون مرحلة «ما بعد خطاب أوباما» فى جامعة القاهرة علامة أخرى على أزمات النخبة المصرية (أو هكذا تسمى)، خاصة بعد أن كان من المتوقع أن يثير هذا الخطاب جدلا فى أوساط السياسيين والمثقفين والخبراء، وأن ينقده البعض أو يتفق معه البعض الآخر، أو يختلف على إمكانية تحقيق ما جاء فيه أو جانب منه، أو لن يفعل أى شىء، هذا كله أو بعضه وارد، ولكن ما جرى كان عكس ذلك، حيث اهتمت النخبة بمعايير أخرى ليس لمعظمها أدنى علاقة بهذه القضايا.
ولعل الخلاف «الفكرى» والإعلامى والسياسى الأول الذى دار بين قطاع واسع من النخب المصرية كان بين مَنْ حضروا الخطاب وبين مَنْ لم يدعوا له، وبدا السبب الحقيقى وراء إدانة البعض الشديدة لمضمون ما قاله أوباما يرجع إلى أنهم لم يتقبلوا كيف أن بعض زملائهم فى الجامعة أو الإعلام أو السياسة دعوا إلى استماع الخطاب وهم لم يدعوا إليه،
بالمقابل فإن بعض من حضروا لم يصدقوا أنهم كانوا بين المدعوين فراحوا يصفون الرجل بأوصاف «مباركية» نادرة غابت عنها أى قراءة نقدية أو موضوعية لخطابه، رغم إقرارنا بكاريزما أوباما وموهبته وتعليمه الرفيع، ولكن فكرة «تأليه» الرئيس هى وضع مصرى خاص، لا يمكن سحبه على باقى الرؤساء فى المجتمعات الديمقراطية.
وتحولت التقديرات المختلفة حول حضور لقاء أوباما الضيق من عدمه إلى سجال لا معنى له حول التطبيع والمقاطعة، رغم معرفة الجميع بأن الموضوع لا علاقة له بالتطبيع، وأن مَنْ دعوا من الجانب المصرى لا يمكن التشكيك فى وطنيتهم ولا فى كفاءتهم المهنية، فى الوقت الذى تراجعت فيه أهمية التحفظ الموضوعى الذى ذكر حول مبررات دعوة صحفى إسرائيلى فى حوار موجه إلى العالم الإسلامى.
وتشكلت المواقف وكيلت الاتهامات على ضوء معارك شخصية صغيرة وحسابات ضيقة، وتحول خطاب أوباما إلى مجرد كلمات لم تجد من يتفاعل معها جديا من النخب العربية، لأنها انشغلت بمعاركها الصغيرة، ولم نجد زعيما عربيا واحدا اهتم بالتفاعل المؤثر وليس الكلام الباهت المكرر مع خطاب أوباما أو مع التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية،
فى حين رأينا كيف قدم رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتخب ديمقراطيا من شعبة خطابه، والطريقة التى وضعه فيها رغم عنصريته وتطرفه، إلا أنه قدمه داخل جامعة وأمام منصة مكتوب عليها اسم رئيس دولة عربية أى الرئيس السادات، ومعه اسم بيجين، وكأنه أراد أن يقدم ردا عبريا للعالم العربى على خطاب أوباما، ونحن بالطبع متفرجون.
فى المقابل، بدا المشهد فى مصر فارغا إلا من المعارك والأحقاد الشخصية، لأن الجانب السياسى الذى خرج للتعليق على مضمون الخطاب، كان أفضل له ألا يخرج وتمثل فى نمطين من التعليقات هما تعليقات النخب الحكومية والإخوانية،
فالمؤكد أن حالة التهليل والطبل والزمر التى مارستها الحكومة بخصوص زيارة أوباما أدت إلى استفزاز جانب كبير من الناس، بصورة غيبت السؤال الرئيسى حول مدى التغير فى السياسات أو فى النوايا الأمريكية،
وهل ذلك يستلزم بالضرورة تقديم أى شىء جديد يكون قادرا على التفاعل معها؟ نخبة جديدة، انتخابات جديدة ولو نصف حرة فيحتج عليها الناس كما جرى فى إيران، أى شىء نقدمه إلى العالم غير السبات العميق أو معاركنا الصغيرة.
اما التعليق «الفكرى» الثانى فجاء فى بيان الإخوان، الذين تحدثوا فيه عن المكر والعدوان والخديعة فى خطاب أوباما وكيف أن هذا المكر لن ينطوى على المسلمين، «ليتحفونا» بلغة بعيدة عن السياسة والدين معا، فخرج فى صورة مسخ لا معنى لها.
والمفارقة أن معظم القوى السياسية فى مصر، بمن فيها بالطبع الإخوان، انتقدوا موقف أوباما «المقتضب والسطحى من الديمقراطية»، وسقطوا جميعا فى تناقض فكرى ونفسى عجيب، فما بين القول بأننا لا نرغب فى أن يتدخل أحد فى شؤوننا الداخلية وأننا وحدنا القادرون على جلب الديمقراطية لأنفسنا (وهو كلام صحيح إذا أردنا حقا أن تكون ديمقراطية) وبين إدانة أوباما لأنه تجاهل النظم القائمة، فالمبدأ لا يتجزأ فإما أن يتدخل أو لا يتدخل.
والحقيقة أن أفضل ما فعله أوباما أنه قرر ألا يتدخل، وركز على قيم عامة ولم يقل إنه سيغير النظم القائمة أو يدعم قوى بعينها سبق أن دعمها بوش من أجل الكلام حول الديمقراطية لا الوصول فعلا إليها.
المدهش أن كثيرا ممن شنوا حملات الهجوم على أوباما ينتمون إلى جيل الوسط (تقريبا جيل أوباما) وكل واحد فيهم كان يمكن أن يكون أوباما آخر فى بلده، لو كنا نعيش فى ظل نظام ديمقراطى أو حتى فيه حد أدنى من التنافس السياسى.
إن هذا التعاطف الذى أبداه قلب المجتمع تجاه أوباما رغم أنف جانب كبير من نخبته التى كتبت من الغث ما يزكم الأنوف، لا يعود إلى أمركة مفاجئة ولا حبًا فى الحكومة المصرية التى استقبلته، إنما حبًا فى قيم العدالة والمساواة والكفاءة التى جعلت أوباما رئيسا،
وهى بالتالى رسالة لكل شاب مصرى يشعر بالقهر والتمييز بأنه يمكن أن يرى فى يوم ما «أوباما مصريًا» فى بلد عرف منذ عام 1923 دستورا يساوى بين مواطنيه، إلى أن وصل به الحال الآن أن ألغى هؤلاء المواطنين من كل حساب.
أوباما أصبح رئيسا فى بلد كان حتى عام 1964 يمنع والده من ركوب أى حافلة مع مواطن أبيض، وعلينا أن نتأمل بثقة فى النفس كيف كنا وكيف أصبحنا، ونتجاوز هذا الخوف المرضى من التفاعل النقدى مع العالم.
من المؤكد أن أوباما ليس مسيحا مخلّصا، ولا مهديا منتظرا ولا يتوقع أحد أن يحرر لنا القدس ويجلب لنا الديمقراطية ويأكلنا ويشربنا، فأوباما قدم جديدا بلا أدنى شك فى خطابه بجامعة القاهرة، ويمثل فرصة ذهبية لنا، إذا استثمرناها نستطيع أن ننتزع فعلا دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس،
رغم أنف نتنياهو، ولكن بشرط أن نفعل نحن شيئا: يوقف الفلسطينيون صراعهم الدموى، تنجز مصر تجربة تحول ديمقراطى حقيقية ولو «بدعاء الوالدين»، ولكن إذا بقينا نحن فى سباتنا العميق وطالبنا أوباما بأن يفعل ويفعل، فإننا نكون قد أهنَّا أنفسنا وتنطعنا على العالم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.