كل القلاع تصدعت وتهدمت، لم يبق شىء شامخاً ممتنعا! لو كانت هناك خطة محكمة لتدمير كل مؤسسات وهيئات ورموز مصر، ما استطاعت أن تحقق هذا بكل النجاح كما حدث لنا. تأملوا ما حدث للمعلمين، أساتذة الجامعة، المحامين، العلماء، الأطباء، الموظفين، رجال الأعمال، ضباط الشرطة و.. و.. وبالتالى تأملوا حال المؤسسات والجهات التى ينتمى إليها كل هؤلاء. كل شىء فى بلادى مهان، ممسوخ، ومستباح.. لم يعد لنا قيمة ولا رمز.. من الذى يفعل هذا، من الذى يفرغ الوطن من معناه ومن محتواه؟ ولماذا نشارك جميعاً حتى بالصمت فى هذه العملية التى تبدو عشوائية وإن كنت أشك فى ذلك! كلما تحدثنا قلنا إن الخراب وصل إلى كل شىء إلا القضاء، تلك القلعة التى نحتمى بها، لكن هذه القلعة فى السنوات الأخيرة وُضعت فى مرمى النيران، وشارك فى التدمير بعض القضاة، سواء كانوا مع أو ضد، النتيجة واحدة. استبيح القضاة، فأصبح من حق أى مدان أن يسب المحكمة ويتهمها بالفساد.. زمان فين أيام زمان لو مر القاضى فى ممر المحكمة لوقف الجميع احتراماً، اليوم يصدر القاضى حكمه ويفر إلى قاعته فى حماية الأمن، خوفاً من رد فعل الحضور وأهالى المتهمين أو المحكوم عليهم. زمان كان أهالى المحكوم عليهم ينتقدون المحامين لفشلهم فى الحصول على البراءة، اليوم الأهالى والمحامون يتهمون القضاة ويطاردونهم بأقذع الاتهامات عبر وسائل الإعلام. أرجوكم تأملوا ما حدث مع هيئة محكمة الجنايات برئاسة المستشار المحمدى قنصوة، والتى أمرت بإحالة أوراق السكرى وهشام طلعت مصطفى إلى المفتى، خرج المحامون الذين فشلوا فى الحصول على حكم يرضيهم، على الفضائيات وإلى الصحف، يهاجمون هيئة المحكمة ويشككون فى عملها ويؤثرون على الرأى العام، قبضوا الملايين وفشلوا فى تقديم أى أدلة للبراءة بعد أن تحدثوا شهوراً طويلة فى قاعة المحكمة، وبدلاً من احترام المحكمة بقراراتها وأحكامها، انقضوا عليها كأنها فريسة بلا حماية.. أى قانون هذا الذى يفشل فى حماية حراسه؟.. أى قانون هذا الذى يبيح للجميع أن يضع الحكم والقاضى العدل على مائدة التشريح والتشكيك والإهانة، لأنه لم يصدر الحكم الذى يرضى متهمين ومحامين يتقاضون الملايين ويدافعون عن أكل عيشهم؟ كيف لقاض عادل أن يصدر حكماً يرتضيه فى مثل هذه الأجواء؟.. ما هذه الفوضى وما هذا التجاوز والعدوان على أصحاب الحصانة فى مواجهة القتلة واللصوص؟ أضعنا بصمتنا وخوفنا قيماً ورموزاً عديدة فى مصر، ولكن يا ويلنا لو صمتنا واستكنا وقبلنا ضياع القضاء والقضاة لحساب أصحاب الثروة والسلطة والصوت العالى. سيدى المستشار قنصوة، لا تصمت على التجاوز فى حقك حتى نثق فى أنك وأمثالك ستحمون حقوقنا؟ أنقذوا القضاء والقضاة حتى لا تتحول حياتنا إلى غابة يستفيد منها الأسد وحاشيته فقط. [email protected]