الأستاذ الدكتور/ على جمعة مفتى الديار المصرية.. بعد السلام والتحية.. نكتب إليكم بصورة مشتركة، نحن ثلاثة من الشباب جمعتنا ظروف متشابهة ونهاية واحدة، فنرجو أن يتسع صدركم.. أبدأ بنفسى: أنا سمير عاصم من إحدى قرى الدقهلية، حلمت كمعظم أقرانى بالزواج، ولولا إخوتى، بارك الله فيهم، لتحول الحلم إلى سراب بسبب ظروف الحياة الصعبة.. ساعدونى فى بناء شقة صغيره فى منزل الأسرة، وأتممت زواجى قبل ستة أشهر.. كنت أشعر بواجبى فى رد الدين لإخوتى، ومساعدتهم فى مصاريف المعيشة، لكن ندرة فرص العمل الدائم حالت دون ذلك، بل ما زاد الطين بلة أننى خلال الشهر الماضى أصبحت مع زوجتى عالةً عليهم!.. تزايد لدىّ الإحساس بالإحراج فى أيام عيد الأضحى، كنت أعود يومياً إلى المنزل بعد رحلة بحث طويلة عن عمل، فأغلق علىَّ الباب وأبكى!.. ضاقت بى الدنيا وتملكنى شعور بأن زواجى كان خطأ كبيراً!.. كان صدرى يضيق أكثر حينما كنت أستمع إلى خطب قادة الحزب الوطنى حول مشاريع تشغيل الشباب.. أيقنت أنهم يتحدثون عن بلد آخر وشباب آخر.. فى لحظة معينة صنعت مشنقتى بيدى ونفذت قرارى بترك الحياة، فهل سأدخل النار؟ فضيلة المفتى: أنا الشاب الثانى، اسمى سعيد يوسف من كفر الشيخ.. عامل باليومية، أحصل شهرياً على 400 جنيه تقريبا، أدفع منها 300 جنيه إيجار الشقة، لذا اضطرت زوجتى للعمل فى السوق لتساعد فى المصاريف.. تعودنا من زمان على صعوبة المعيشة وارتفاع الأسعار، فكنا نكتفى بأقل القليل ونقول: ماشية والحمد لله!.. لكن الحياة أصبحت فى الفترة الأخيرة أكثر صعوبة، ولم يعد ما نكسبه أنا وزوجتى يكفى حتى لإطعام أطفالنا الثلاثة، وكما تعرف فضيلتك الجوع كافر، وهم صغار لا يعرفون معنى الفقر!.. هل تتخيل يا فضيلة المفتى أن يُحرم أولادك، لا قدر الله، من تذوق طعم اللحم فى عيد الأضحى؟!.. ذلك بالذات ما جعلنى أشعر بالعجز أمام أطفالى، ودفعنى لألقى بنفسى من الدور الرابع، وأفارق الدنيا.. فهل سأدخل النار؟ فضيلة المفتى: أنا الشاب الثالث.. اسمى محمد إبراهيم من الشرقية.. كنت أمرّ بحالة نفسية سيئة بعد أن هددنى أهل خطيبتى بفسخ الخطوبة.. أمهلونى شهراً واحداً لشراء شقة الزوجية وإلا..! لم تُفلح محاولاتى لإقناعهم بالصبر، كذلك لم أنجح فى تحسين دخلى.. كنت فى قرارة نفسى أعذرهم وأقول: من حقهم تأمين مستقبل ابنتهم.. لكن فى الوقت ذاته كنت أتساءل: أليس من حقى أيضا أن أتزوج؟.. أرهقنى السؤال يا فضيلة المفتى، وكنت أعلم أننى لو توجهت به إلى أحد المشايخ الأفاضل لنصحنى بالصوم!.. كما كنت على يقين بأن سؤالى لن يجد آذاناً صاغية لدى ولاة الأمر.. انشغل هؤلاء فى الأسابيع الأخيرة بأحداث مباراة المنتخب الوطنى مع الجزائر.. بصراحة تمنيت فى لحظة أن أكون لاعبا فى المنتخب.. كنت سأحصل حينها على مئات الآلاف من الجنيهات حتى فى حالة الهزيمة، وكنت سأشترى شقة واسعة وأتزوج وأنجب أطفالاً، أزرع فيهم منذ الصغر حب الوطن وكرة القدم!.. عندما أيقنت أن هذه الأمنية الغالية وكل الأمانى المتواضعة بعيدة المنال، اخترت مثل سمير طريقة الخروج من الدنيا.. لم أترك حتى رسالة لأطلب السماح من أهلى الذين فوجئوا بى مشنوقاً داخل غرفتى.. لذا أرجو أن تجيبنى فضيلتك على نفس سؤال سمير ومحمد.. هل سأدخل النار؟ ملحوظة: الرسالة تخيلية، لكن الواقعة حقيقية ونُشرت فى «المصرى اليوم» يوم الخميس الماضى تحت عنوان: «انتحار 3 شباب بسبب الفقر فى يوم واحد ب3 محافظات»! [email protected]