فى منطقة متواضعة فى أعماق القاهرة.. فى مسكن متواضع فى أحد شوارعها.. وفى غرفة متواضعة فى هذا المنزل المتواضع فى المنطقة المتواضعة تجلس سيدة عجوز تتأمل فى فنجان تمسكه فى يدها.. وفى غمرة تركيزها فى قراءة الفنجان إذا بدقات خفيفة على بابها.. فقامت بتباطؤ وفتحت الباب وإذا بشخص متواضع رث الهندام يقف أمامها مبتسما ابتسامة خفيفة: -سلامو عليكو يا حجة «..-عليكم السلام يابنى، أى خدمة؟». -مش حضرتك الست أشجان اللى لا يغلب معاها إنس ولا جان؟..- أيوه يابنى.. أؤمر. -عايز حضرتك فى شغل.. فتفسح له الست أشجان الطريق ليدخل وتسأله مرحبة: -عينيا.. واسم الكريم إيه؟..-أنا اسمى محدود. -«محمود؟»..- «لأ يا ست.. اسمى محدود.. محدود معتمد على الله.. حضرتك ما بتسمعيش عنى واللا إيه؟». -فين؟!!..- «فى كل حتة.. فى التليفزيون فى الإذاعة.. دول حتى على طول بيكتبوا عنى فى الجرايد». -لا والنبى يابنى ماخدش بالى، طب انت طلعت فى أنهى مسلسل، مع يسرا مثلا؟ -لا يا حجة.. أنا محدود اللى كل ما وزير أو مسؤول بيتكلم بيقول انه بيحبنى ومش عايزنى أهج وأطفش بحرا أو برا لأنه بعيد عنى حياته عذاب وهباب، وأنه لو كان فى يوم ينسانى إيه يفتكر تانى.. واللى يقول إنى فى قلبه واللى يقول إنى فى عينه واللى يقول إنى فى معدته لما قرقشونى! - «طب والله دى حاجة تفرح»، وتصمت قليلا ثم تسأل: «طب وانت يابنى قاصدنى فى إيه؟». - كل خير إن شاء الله، أنا بصراحة كنت عايزك تعمليلى حجاب يخف المحبة شوية!.. أصلى استويت يا حجة.. أدينى قاعد أهو ومش باطفش لكن كل وزير فى الحكومة لما حبه لى بيشد علىّ بيروح رازعنى قانون فين يوجعك، ويقوم حالف بالعظيم انه بيعمل كده علشان مصلحتى ومن حبه فىّ، لما خلاص جتتى اتهرت.. سايق عليكى النبى يا حجة تعمليلى حجاب يخف المحبة خصوصا مع وزير الضرايب.. أهو ده بالذات خوازيق غرامه بتوجع قوى! ده حتى خط الفقر اللى مظلل علىّ، فرض عليه ضريبة وعايزنى أعزل من تحته! ثم يتلفت يمينا ويسارا فى حذر ويقترب منها ويهمس: بينى وبينك أنا سمعت إنه أمر موظفينه يسرحوا ع الإشارات يقطعوا على بياعين المناديل علشان مش راضيين يدفعوا ضرايب ع العلب، وفيه موظفين تانيين سرحهم ع الأرصفة علشان برضه يزنق على السياس، فالحمد لله انه لسه ماعملش معايا كده، باقولك بيحبنى يا حجة! - لأ ليك حق يابنى! دا فعلا مجنون بحبك!.. عموما أنا هاعمل لك الحجاب اللى انت عايزه، بس انت برضه محتاج تتبخر أحسن دا انتو كده هتتحسدوا من كتر حبكم! -ماشى، بس أمانة عليكى يا حجة تبقى تكتبى ع الحجاب «فأغشيناهم فهم لا يبصرون»!