بين جدران منزلها فى عزبة الهجانة جلست فاطمة عبدالعزيز وسط أبنائها وعدد من جيرانها الذين جاءوا لأداء واجب العزاء فى زوجها «حسين إسماعيل عبدالمجيد»، 60 عاماً، الذى وافته المنية ظهر أمس الأول، إثر اقتحام قوات من شرطة القاهرة منزله، لإزالته بحجة البناء دون ترخيص. صدمة رحيل الأب جعلت الجميع فى حالة من الذهول، خاصة أن وفاته جاءت مفاجئة، ولم يكن يعانى - حسب ما أكدوا - من أى أمراض مزمنة، إلا أنه أصيب بصدمة بعد اقتحام الشرطة منزله فجأة لإزالته. «جوزى ما عندوش سكر ولا حاجة، ده مات من حسرته على البيت، لما العساكر أكدوا له أنهم عندهم تعليمات بهدمه»، بهذه الكلمات بررت الحاجة فاطمة، والدموع تتساقط من عينها، سبب وفاة زوجها، الذى كان بمفرده وقت اقتحام الشرطة لمنزله، نافية كل ما رددته وسائل الإعلام، وبعض المسؤولين عن وفاة زوجها إثر غيبوبة من السكر. لأكثر من ثلاث مرات خلال شهر واحد هددت الشرطة أسرة الضحية بإزالة منزلهم، وهو ما كان يسبب للأب حالة من الحزن والاكتئاب، خاصة أنه المنزل الذى وضع فيه - حسب ما أكد ابنه الأصغر - عبدالعزيز - شقا عمره، حيث قرر الأب الانتقال بأسرته المكونة من 6 أفراد من الحجرة المتواضعة التى كانت تؤويهم فى منطقة الزاوية الحمراء إلى عزبة الهجانة، لبناء منزل متواضع يضم أفراد الأسرة، وذلك منذ ما يقرب من 37 عاماً، وقال: «والدى طول عمره كان يعمل سباكاً فى عدد من الدول العربية، وذاق مرارة الغربة من أجل إدخار مبلغ لتكملة بناء المنزل، وفجأة جاء مسؤولو الحى يطالبونه بإخلاء المنزل لإزالته، وفى كل مرة كان يقع تهديد الشرطة على قلبه كالصاعقة، التى لم يتحملها فى المرة الأخيرة حتى أودت بحياته». فيما جلست زوجته تروى فى صراخ تفاصيل آخر يوم فى حياة الضحية فأخذت تشير بإصبعها إلى أدوات السباكة، التى كانت تلازمه حتى اللحظات الأخيرة، حيث كان يقوم بإصلاح بعض المواسير التالفة فى شقة أحد الجيران، وبعد سماعه عن تجمهر أهالى العزبة احتجاجاً على إزالة الشرطة مساكنهم، ترك العمل وأسرع إلى منزله ووقف أمام الباب، لكنه فوجئ - حسب ما روته زوجته - باقتحام 4 ضباط ونحو 12 مجنداً المنزل، فأخذ يتفاوض معهم لإقناعهم بسلامة المبنى، وأظهر لهم جميع الأوراق والمستندات التى تثبت ملكيته للعقار وسلامة إنشائه، خاصة أن المسؤولين وافقوا على توصيل جميع المرافق له من ماء وكهرباء وصرف صحى، إلا أن مستندات وتوسلات الحاج حسين لم تشفع له، وأيقن أن إزالة وهدم شقا عمره أصبح أمراً واقعاً لا مجال للجدال فيه، فردد آخر كلماته «حرام عليكو تهدوا شقا عمرى» ثم سقط مغشياً عليه قبل أن يكتشف أبناؤه وفاته. أما ابنته زكية فقالت: «كان يتسم والدى بالصبر والحلم، وفى الفترة الأخيرة مع تكرار تهديد الشرطة بإزالة المنزل، قرر شراء قطعة أرض فى بلدته بالغربية، لبناء جبانة ليدفن فيها، وكأنه يشعر باقتراب نهايته، وبالفعل قمنا بشراء قطعة الأرض، التى تم بناؤها يوم وفاته، ليدفن فيها، حسب وصيته».