نشبت الحرب السادسة بين الحوثيين والجيش اليمنى فى أغسطس الماضى، بعد أن استولت جماعة الحوثيين على مواقع تابعة للجيش اليمنى فى محافظة صعدة شمال البلاد، ثم اتهام السلطات اليمنية للحوثيين باختطاف أجانب، وبعد يومين وصفهم الرئيس على عبدالله صالح بأنهم مخربون ودعاة هدم وتدمير. وكان هذا التصريح بمثابة إعلان ببدء العملية العسكرية ضد الحوثيين. ولكن من اللافت أنه فى العام الذى اندلعت فيه الشرارة الأولى للحرب فى صعدة عام 2004، انطلقت أكبر حملة صحفية ضد توريث الرئاسة والمناصب العليا لأقرباء الرئيس فى اليمن، وتصدّر قيادة الحملة صحف وصحفيون اتهموا فيما بعد بموالاتهم للحوثيين بعد إعلان الحرب عليهم. ويغلّف التوريث الرئاسى ملف الحرب فى صعدة، إذ من المقرر أن تنتهى ولاية صالح فى عام 2013، ولائحة المرشحين المحتملين لخلافته تزداد، لا سيما داخل عائلته. ومن بين المرشحين الأساسيين ابنه أحمد، وأخوه غير الشقيق العميد على محسن الأحمر، قائد الجناح العسكرى الشمالى الشرقى الذى يُزعَم أنه يتعاطف مع السلفيين بحسب تقرير لمجلة لوموند دبلوماتيك الفرنسية. ورائحة التوريث تبدو ملحوظة بحسب دراسة أجراها مركز كارنيجى البحثى الأمريكى، الذى قال: «إن النظام اليمنى يسعى إلى إلقاء اللوم على الجيش، وتحميل أطرافٍ مُعَيَّنَةٍ من القيادات العسكرية نتائج الخسائر العسكرية والبشرية التى خَلَّفَتْها حرب صعدة، وعلى رأسهم الرجل العنيد على محسن الأحمر». وتتجه الأحداث وفق هذا السيناريو إلى إظهار اللواء الأحمر بمظهر الضعيف أمام الحوثيين حيث هُزم أمامهم 5 مرات، فيما يتدخل العقيد أحمد نجل الرئيس فى سير المعارك ليحول الهزيمة إلى نصر. وهكذا تحوّلت منطقة صعدة إلى مسرح حربٍ بالوساطة. ومع ذلك ينفى «أحمد» على عبدالله صالح ما تشيعه المعارضة عن خلافات بينه وبين اللواء «الأحمر». من جانبهم، يتهم الحوثيون الحكومة اليمنية بتهميشهم سياسيا واقتصاديا ودينيا، كما يتهمون الرياض بدعم صنعاء عسكريا وماديا، مؤكدين أن ذلك هو الدافع الأول لحملهم السلاح، وينظر مراقبون للمواجهات الدائرة بين السعودية والحوثيين على أنها حرب بالوكالة فى الشرق الأوسط بين إيران ذات الغالبية الشيعية والسعودية الدولة السنية، والحليف الرئيسى لواشنطن. وفى المقابل، يرى محللون أن استهداف الحكومة اليمنية للحوثيين يتأتى من مواقفهم السياسية؛ فهم أولاً لا يعترفون بشرعية النظام الجمهورى القائم فى اليمن، على اعتبار أنه أطاح بالحكم الإمامى الزيدى. كما يتهمون النظام اليمنى بأنه موال للولايات المتحدة، وهددوا مراراً بضرب المصالح الأمريكية فى اليمن، فضلاً عن مهاجمتهم ليهود صعدة. وكان الرئيس اليمنى على عبدالله صالح يدعم الحوثيين فى البداية لمواجهة التيار السلفى، قبل أن يستعين لاحقا بالتيار الأخير لمواجهة الحوثيين، متهما إيران بدعمهم كما صور جماعة «الشباب المؤمن» التى أسسها حسين الحوثى على أنها جماعة أصولية تهدف إلى تخريب الدولة وإعادة الإمامة الزيدية. وانطلقت شرارة الصراع بعد أن أحرج الحوثيون «صالح» عندما رددوا هتافات قالوا فيها «الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام» أثناء وجوده فى مسجد بصعدة عام 2003. أما السعودية فأُجبرت على الدخول على خط المواجهة بعد أن تسللت عناصر الحوثيين إلى حدودها وقتلت وأصابت العديد من الجنود السعوديين، وتخشى الرياض التورط فيما يطلق عليه بعض المحللين «الفخ الإيرانى»، فى إشارة إلى الحرب مع الحوثيين والدعم الإيرانى الواضح لهم. وتنبع مخاوف السعودية من سيناريو مشابه جرى للجيش المصرى حينما تورط بحرب اليمن خلال الستينيات، مما أرهق الجيش المصرى قبل حرب يونيو 1967. وترتكز الاستراتيجية السعودية فى مواجهة تسلل الحوثيين على 3 عناصر، هى القصف المكثف بجانب الحصار البحرى، ثم التمشيط. وأكدت السلطات السعودية أنها لم تقصف مواقع الحوثيين داخل اليمن، وأن القصف يرتكز على الشريط الحدودى، فيما قال مساعد وزير الدفاع السعودى الأمير خالد بن سلطان آل سعود ردا على سؤال عن توقيت انتهاء العملية العسكرية ضد الحوثيين: «إن المهمة هى تطهير الحدود بأقل الخسائر، والمملكة لن توقف الضربات الجوية حتى يعود الحوثيون عشرات الكيلو مترات من الحدود السعودية».