«الانقراض».. أزمة خطيرة يواجهها العالم حالياً وتهدد البيئة الطبيعية بل الجنس البشرى ذاته. فالحياة على وجه الأرض تعتمد على تعدد الأنواع والنظم الأيكولوجية والموارد الطبيعية، لكن الإنسان وبممارساته غير المسؤولة، يعمل على تدمير البنية التحتية الطبيعية وبمعدلات غير مسبوقة، الأمر الذى يلفت الانتباه لضرورة الحفاظ على توازن عناصر الحياة قبل فوات الأوان. ورغم أن «التنوع البيولوجى» يعد إحدى ركائز التنمية المستدامة، فقد شهد العالم فى السنوات الأخيرة فقداناً بالغ الخطورة لعدد من الأنواع الحيوانية والنباتية، مما دفع الأممالمتحدة لإعلان 2010 عاماً دولياً للتنوع البيولوجى. وانطلقت فعالياته رسمياً فى 11 يناير الماضى فى برلين، حيث تتولى ألمانيا حالياً رئاسة مؤتمر الأممالمتحدة بشأن التنوع الحيوى، وتسلمها إلى اليابان فى وقت لاحق من العام. وعقدت فى إطار عام «التنوع البيولوجى» سلسلة من الفعاليات تهدف لحماية الأنواع المختلفة من الانقراض، كما سينعقد اجتماع رفيع المستوى فى باريس بمقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومن المتوقع أن يحضره رؤساء دول وملوك وممثلوهم. من جانبه، قرر «الاتحاد الدولى للحفاظ على الطبيعة» - الذى يتخذ من سويسرا مقراً له - تكثيف حملته الدولية خلال العام الحالى لإنقاذ الحيوانات والطيور والنباتات والأسماك المعرضة لخطر الاختفاء، والبالغ عددها 365 نوعاً، وأشهرها الدببة القطبية، والسمندر العملاق، وأسماك القرش البيضاء العملاقة، والحيتان البيضاء، وأشجار جعبة فى ناميبيا، والتماسيح الكوبية. ويقوم الاتحاد من بداية شهر يناير الجارى بنشر قائمة يومية بالكائنات الحية المهددة بالإنقراض على موقعه الإلكترونى. وتشير أحدث «قائمة حمراء» أعدها الاتحاد حول الأنواع المهددة بالانقراض، إلى أن 22% من الثدييات المعروفة، و30% من البرمائيات، و12%من الطيور، و28% من الزواحف و37% من أسماك المياه العذبة، و70% من النباتات، و35% من اللافقاريات تواجه خطر الانقراض. ورجحت بعض التقديرات- وفقا لما جاء بموقع الاتحاد الإلكترونى - أن المعدل العالمى الحالى لإنقراض الأنواع بسبب النشاط البشرى أعلى بنحو ألف مرة من المعدل الطبيعى، وهو ما جعل كوكب الأرض يواجه أخطر موجة إنقراض منذ إنقراض الديناصورات قبل 65 مليون عام، بحسب علماء البيولوجيا. وبينما تشير إحصاءات للأمم المتحدة إلى أن 3 أنواع تختفى من العالم كل ساعة، نقل موقع إذاعة المنظمة الدولية عن الدكتور أحمد جاغلاف، الأمين التنفيذى لاتفاقية التنوع البيولوجى رؤيته عن خطورة الوضع، قائلاً «تتركز نسبة 80% من التنوع البيولوجى فى الغابات المدارية، وهناك حوالى 13 ألف هكتار من الغابات تختفى. وأضاف جاغلاف أن حوالى مليار و600مليون شخص يعتمدون فى معيشتهم على الغابات، كما أن 3 مليارات من البشر يكسبون قوت يومهم من الموارد البحرية والساحلية، وفقدان التنوع البيولوجى سيؤثر بلا شك على مصدر معيشة هؤلاء». ولفقدان التنوع البيولوجى تأثيرات خطيرة أيضاً على الصحة، حيث يوضح جاغلاف فى هذا الصدد «إن ما يقرب من 30 مرضاً ظهرت منذ عام 1962، ولم تكن معروفة لدى منظمة الصحة العالمية. وذلك بسبب ضعف النظام الأيكولوجى»، كما شدد على أن هناك علاقة وثيقة بين التنوع البيولوجى وتغير المناخ، وأضاف «إن تغير المناخ يعد مشكلة، ولكن التنوع البيولوجى هو جزء من الحل، فالغابات والمحيطات والبرك، والمستنقعات، تساهم بصورة كبيرة فى استقرار المناخ وامتصاص غاز ثانى أكسيد الكربون». وأشار الدكتور جاغلاف أيضاً إلى خطورة فقدان التنوع البيولوجى على مدى توفر الغذاء فى العالم، وذكر أن الجنس البشرى كان يستخدم حتى أواخر القرن الماضى ما يقرب من 12 ألف نوع مختلف من المحاصيل فى الغذاء اليومى، والآن نعتمد فقط على 3 أنواع وهى القمح والأرز والذرة». من ناحيته، يقول جاغلاف إن الجمعية العامة ستعقد فعالية خاصة فى 28سبتمبر 2010، لتكون تلك هى المرة الأولى فى تاريخ الأممالمتحدة منذ إنشائها التى يناقش فيها جميع قادة الدول المشاركين فى الدورة ال65 للجمعية العامة، موضوع التنوع البيولوجى، وسيحدث ذلك قبل 4 أسابيع من انعقاد قمة «ناجويا» فى شهر أكتوبر فى اليابان. ومن المقرر بحسب جاغلاف أن «تناقش الأطراف المشاركة فى القمة معاهدة جديدة، ونظاماً دولياً جديداً للمشاركة فى المعلومات، وسيتم تبنى هذا النظام أيضاً فى القمة، وهو ما يعد مساهمة كبيرة نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية»، لأن التنوع البيولوجى، بحسب جاغلاف، يعد أداة رئيسية للتنمية، وأداة رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك مكافحة الفقر».