بحضور مدبولي.. تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    بالصور.. محافظ أسوان يتفقد مدارس فى كوم أمبو    وسط ترقب قرار الفيدرالي.. سعر الذهب يقفز للمرة الثانية خلال تعاملات اليوم    شعبة الدواجن تتوقع تراجع أسعار الفراخ ل55 جنيهاً خلال 3 أشهر لهذا السبب    السياحة: 22% زيادة في السياحة الوافدة لمصر "يناير - يوليو 2025"    الجيش الإسرائيلي: عملياتنا الهجومية الواسعة تزداد بمدينة غزة    إيران: الموافقة على بيان قمة الدوحة لا يعني الاعتراف بإسرائيل    إسبانيا تستدعى القائم بالأعمال الإسرائيلي للاحتجاج على تصريحات ساعر    "محجوز بالمستشفى".. شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور ونصيحة الأطباء له    موعد مباريات دوري أبطال أوروبا اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    قرار عاجل من القضاء بشأن اتهام بدرية طلبة بسبّ الشعب المصري    بالصور.. حادث مروري بين سيارة نقل وملاكي بالطريق السياحي دون إصابات    بيطبع الفلوس في بيته.. تفاصيل سقوط طالب ب23 ألف دولار و88 ألف جنيه مزيفة بالجيزة    بدء مؤتمر "الجونة السينمائي" بالسلام الجمهوري وعرض فيلم قصير يضم لقطات الدورات السابقة    "صيف قطاع المسرح" يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    نادية الجندي تستعيد ذكريات شبابها بصورة بالذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    وزير الصحة يبحث مع شركة "أليكسيون" تعزيز التعاون في مجال الأمراض النادرة    نائبة وزير الصحة: استراتيجية لدمج "القابلات" تدريجيًا في منظومة الولادة الطبيعية    الصحة: الخط الساخن "105" حل جميع الشكاوى خلال أغسطس    البيئة واللجنة المصرية الألمانية يعقدان اجتماعا تنسيقيا لتعزيز التعاون في العمل المناخي    دخول عشرات شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى كرم أبو سالم    تداول 13 آلاف طن و681 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    محافظ الدقهلية يوجه بتحسين المظهر الحضاري ورفع الأتربة من شوارع غرب وشرق المنصورة    غياب 5 لاعبين.. قائمة أتلتيكو مدريد لمواجهة ليفربول    وزير التعليم العالي ل«الشروق»: تدشين 3 جامعات متخصصة مع وزارات النقل والسياحة والشباب والرياضة    احذر.. انتحال صفة ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات يعرضك للحبس    صرف مكافأة مجزية لمديري طارق بن زياد الابتدائية بمرسى مطروح تقديرا لجهدهما    حملت سفاحا.. التحقيق مع طالبة ألقت رضيعتها أمام جامعة القاهرة    جيش الاحتلال: رئيس الأركان عقد اجتماعات مع القوات بشأن عدم الإضرار بالمحتجزين    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    ضبط 110.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مي فريد: المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات    مهرجان الإسكندرية المسرحي يكرّم عصام السيد ومحسن منصور وعددًا من المبدعين    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة بطريق «رأس غارب- المنيا»    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    نقل الأسرى فوق الأرض.. ترامب يتحدث من جديد عن قطر ويحذر حماس "فيديو"    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    خالد جلال وكشف حساب    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    نجم بيراميدز يكشف: تعرضت لحملة ممنهجة في الزمالك    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيرات المناخية أخطر علي البشر من أسلحة الدمار الشامل
نشر في القاهرة يوم 15 - 12 - 2009

هل قدر لإنسان القرن الحادي والعشرين أن يكون هو السبب الأول والمسبب الرئيسي في نهاية الحياة الإنسانية علي الكرة الأرضية؟
تساؤل مثير للجدل ويدفع للتفكير بعد أن بدأت تظهر في الأفق حصيلة حساب الحصاد الذي جاء موافقا تماما لحساب الحقل، فالبشرية اليوم تجني ما زرعته في تعاملاتها مع الطبيعة، وبات علي البشر أن يدفعوا ثمنا باهظا لما اقترفته أياديهم من جراء الاعتداء علي الطبيعة وتلويثها في طريق إدراك الثروة وتحقيق الغني ومد الهيمنة وبسط النفوذ، هذه المنظومة الأنانية الأحادية والتي مع الأسف سيدفع الجميع اليوم ثمنها ولا شك.. لماذا هذا الحديث الآن علي وجه التحديد؟
منذ عدة أسابيع نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا صادرا عن اللجنة الحكومية للتغير المناخي في الولايات المتحدة الأمريكية ويرأسها نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور يرتبط ارتباطا كارثيا جديا بما يحدث للتغير المناخي العالمي.
لم يكن التقرير قصرا علي دولة بعينها فحسب بل تناول عدداً كبيراً من دول العالم المهددة بالغرق من جراء ذوبان ثلوج القطبين الشمالي والجنوبي بسبب ارتفاع حرارة كوكب الأرض.
في مقدمة تلك الأماكن دلتا مصر حيث يسكن ثلثي المصريين وتعتمد مصر علي 60% من غذائها عليها، تلك المنطقة الخضراء الخصبة، مرشحة للغرق والطمر تحت الماء وتاليا هجرة ملايين المصريين منها.
ورغم أن الأمر بالحسابات العلمية لن يحدث قبل ثلاثين أو أربعين عاما إلا أن الأمر في أوله وأخره وجه من وجوه كارثية عديدة لن تفلت منها دول العالم كافة، فمن لا يصيبه الغرق ستبقي الزلازل والأعاصير ولاحقا البراكين والجفاف والاحتباس الحراري مع تبعات ما تقدم علي الزراعة وانتشار ظاهرة التصحر، إضافة إلي قلة المعروض من المنتجات الزراعية كالقمح والذرة، ونقص المياه، ثم لاحقا الاضطرابات السياسية والحروب التي ستنشأ من جراء الصراع علي موارد الحياة، هذه كلها ستبقي مهددة للجنس البشري ومستقبله. . هل من المزيد من التفصيلات؟
الاحتباس الحراري
يعزي الأمر كله في واقع الأمر إلي ظاهرة الاحتباس الحراري والذي هو الأساس والقاعدة لغالبية التأثيرات السلبية لما يجري علي الكرة الأرضية.. ما الاحتباس الحراري في الأصل؟
يقول علماء الفيزياء والجيولوجيا انه لكي تحافظ الكرة الأرضية علي متوسط درجة حرارتها لابد لها من أن تشع إلي الفضاء الخارجي نفس كمية الطاقة التي تتلقاها من الشمس، وهي تفعل ذلك عن طريق إصدار إشعاع موجاته طويلة، والمفترض أن يكون المتوسط السنوي لدرجة حرارة الكرة الأرضية هو 15 درجة "سليزية" بسبب وجود غازات مختلفة بصورة طبيعية في الجزء الأدني من الغلاف الجوي مثل الأوزون والميثان وأحادي أكسيد الكربون وبخار الماء. وهذه الغازات المعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري تمتص بعضا من الإشعاع الصادر عن الأرض علي شكل موجات طويلة وتعيد إرساله.
وسطح الأرض يسخن بسبب الطاقة الناتجة من الأشعة التي يعيد الغلاف الجوي اشعاعها إلي الأرض ولا يسمح لها بالمرور خارجها وهذا ما يعرف بمفعول الاحتباس الحراري.
ومن شأن زيادة كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي زيادة مفعول الاحتباس الحراري.
وعليه يمكن توقع ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب تلك الزيادة، ولما كان نظام الكرة الأرضية معقدا جدا فان ارتفاع درجة حرارة سطحها يعتمد علي عدة عوامل مثل عمليات التغذية المرتدة والتأثيرات بين مختلف أقسام هذا النظام. ولذا فان أي تغير في التوازن الإشعاعي للأرض بما في ذلك التغير الذي تسببه الزيادة في غازات الاحتباس الحراري أو الهباء الجوي من شأنه أن يغير درجات حرارة كوكب الأرض، مما يؤثر علي أنماط الطقس والمناخ وبالتالي أشكال الحياة وفي المنطقة البيئية والمنظومة الاجتماعية الاقتصادية علي كوكبنا. .. كيف ذلك؟
موارد المياه في خطر
منذ فترة ليست بعيدة كان أهم إنذار يصدر في شأن التغيرات المناخية يرتبط بالماء، سائل الحياة، فقد دعا عالم مناخ بارز في الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة لتقديم دعمها من اجل الأبحاث التي تعني بتأثير تغير المناخ علي موارد المياه، أما العالم فهو " د. جوناثان اوفريييك " مدير معهد دراسات كوكب الأرض في جامعة أريزونا والذي قال أثناء شهادة له أمام لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة لمجلس النواب الأمريكي إننا " لا نعرف كيف يؤثر التغير المناخي علي موارد المياه؟.
وفي محاولة العالم الفائز بجائزة نوبل الجواب أشار إلي أن العلماء لا يعرفون كم ستتغير موارد المياه في المستقبل ويضيف إن للحرارة تأثيراً كبيرا علي موارد المياه، فمع ارتفاع الحرارة ترتفع الرطوبة في الأجواء التي تسحب المياه من الأرض والغابات والزراعة من النباتات ومن أي مورد مياه مفتوح.
وعلي الجانب الأخر تفيد الدراسات الخاصة بجليد القطب الجنوبي بان الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وصلت إلي أعلي مستوياتها في الغلاف الجوي مقارنة بأي فترة علي مدي ثمانمائة ألف سنة سابقة علي الأقل.
في هذا الصدد يضيف " توماس ستوكر " احد معدي الدراسة قائلا : "يمكننا القول بكل تأكيد أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون والميثان اليوم أعلي بنسبة 28% و 124% علي الترتيب من ذي قبل".
أما احدث الدراسات الصادرة عن البنك الدولي فتشير إلي أن التغيرات المناخية تؤثر بصورة مباشرة علي أسعار المواد الغذائية والمرتبات في كثير من الدول النامية وهو ما يدفع الفقراء من سكان المدن إلي مزيد من الفقر.
الأسواق المالية تتأثر سلبا
الأمر لا يتوقف علي المياه بل يمتد كذلك إلي الأموال ففي تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز كان التأكيد علي أن ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري سيؤثر سلبا وبصورة بالغة علي الشركات والأسواق المالية في وقت يقوم المستثمرون فيه بإعادة تقييم الشركات استنادا إلي حجم تعرض استثماراتها لمخاطر التغيرات المناخية.
ويقول التقرير الذي اعد بواسطة مجموعة من المؤسسات الاستثمارية التي تتولي الإشراف علي أصول قيمتها ما بين 4 و 5 تريليون دولار إن بعض تلك الشركات ربما تتهاوي قيمتها بنسبة كبيرة قد تصل إلي 40% بسبب ارتفاع معدلات انبعاث الكربون.
والخسائر المالية يستتبعها ولاشك أخطار أخري مثل خطر حدوث المجاعات وتلك هي الأشد فتكا بالبشرية وقد أكد علي ذلك المؤتمر الدولي الثاني عشر للتغيرات المناخية الذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي في الثاني من فبراير 2007 لمناقشة أسباب ارتفاع حرارة الأرض، حيث حذر من أن وصول درجة الحرارة إلي 3-4 فهرنهايت يعني أن إنتاجية الأرض الزراعية من الحبوب خاصة من الأرز والذرة ، ستنخفض بشدة بنسب تتراوح بين 25%- 35% بما يجعل مئات الملايين غير قادرين علي إنتاج أو شراء الحد الأدني من احتياجاتهم الغذائية، ليزيد عدد المعرضين للمجاعات والذين وصل عددهم إلي حوالي 800 مليون شخص علي مستوي العالم.
كما أشار المؤتمر إلي انه بحلول عام 2080 قد تتراجع كمية المحاصيل المنتجة عالميا بنسبة 5% بما يعرض حوالي 70% من سكان إفريقيا للمجاعة.
كما أن التلوث البيئي الناتج عن التغيرات المناخية سيؤدي إلي نقص عمليات النمو والتكاثر بالنسبة للأحياء المائية في العالم بنسبة لا تقل عن 18% وترتفع هذه النسبة إلي حوالي 25% في المناطق التي تتعرض لتلوث اشد مشيرا إلي تقلص الأنواع التي تعيش في البر والبحر بنسبة 30% مقارنة بما كان عليه الحال قبل 30 عاما.
الحفاظ علي البيئة أو الدمار القادم
وحتي لا يضحي الحديث مجرد تنظيرات فكرية فحسب نلجأ إلي الأرقام التي لا تكذب ولا تضلل سيما إذا كانت صادرة عن جهات لها مصداقية مثل معهد الاقتصاد الألماني في برلين والذي أشار إلي أن العالم يحتاج بشكل ملح إلي سياسة للحفاظ علي البيئة خوفا من العواقب الوخيمة فالتغيرات المناخية سببت أثناء الثلاثين سنة الماضية خسائر اقتصادية فادحة وان موجة الحر التي عمت أوربا في 2003 ألحقت خسائر وصلت إلي 17 مليار دولار، ويتوقع خبراء الاقتصاد ارتفاع حجم الخسائر إلي البليون يورو إذا ارتفعت درجة حرارة الكرة الأرضية درجة واحدة مئوية. ولذا تصر دول الاتحاد الأوربي علي التزام جميع الدول باتفاقية كيوتو ولا سيما الدول الصناعية (أمريكا، والصين، والهند) حيث تشكل أمريكا نسبة 6% من سكان العالم، وتستهلك 30% من طاقة العالم، وهناك 3 جهات مسئولة عن ذلك الشعب الذي يبذر الطاقة بشكل مفرط والشركات والمصانع التي تلوث البيئة والحكومة التي ترضخ لضغوطات الشركات، وخاصة الشركات التي تعمل في مجال البترول والأسلحة والسيارات والفحم والغاز الطبيعي.
ويقدر خبراء الاقتصاد خسائر شركات التأمين بسبب الكوارث الطبيعية السنوية المحتملة علي المدي القريب بحوالي 115 مليار دولار منها 65 مليار دولار خسائر أمريكية، و35 مليار دولار خسائر أوروبية، وحوالي 15 مليار خسائر اليابان، وقد سجل عام 2004 رابع اشد الأعوام حرارة خلال هذا العقد، وقد تسبب في وقوع خسائر فادحة والتي تقدر بحوالي 35 مليار دولار أمريكي منها تعرض أمريكا وحدها إلي خسائر بسبب الأعاصير إلي حوالي 26 مليار دولار خلال عام 2004. الفقراء يزدادون فقرا
لماذا ستزداد أحوال الفقراء فقرا؟ ببساطة كما يقول " جيرارد وين " من شبكة "إنسان نت" الألمانية إن الإجراءات التي تتخذ لمواجهة التغيرات المناخية تؤدي إلي تضخم تكاليف الطاقة حيث يزيد هذا من أسعار الوقود الاحفوري ويشعل فواتير الغذاء من خلال استغلال الأراضي الزراعية لإنتاج وقود متجدد.
والآن تتزامن الأسعار العالية مع أسعار الغذاء مع تباطؤ الاقتصاد مما أثار اضطرابات في عدة دول بالإضافة إلي مطالب بخفض الضرائب علي الوقود وتحرير الأراضي الزراعية من اجل الغذاء. في هذا الإطار يقول الاقتصادي الكبير " جوزيف ستيجليتز" الحائز علي جائزة نوبل في الاقتصاد إن هذا المكون المهم من الاقتصاد العالمي. . الغذاء والطاقة تعرض لتشويه بالغ بسبب تسعير المياه والهواء الخالي من الكربون بأسعار اقل من أسعارها الحقيقية ويمضي يقول إن مكافحة التغيرات المناخية جعلت ارتفاع أسعار الغذاء أمر لا مفر منه.
وتتصاعد تكلفة السلع الغذائية المهمة بشدة حيث اقتربت أسعار الأرز والذرة والقمح من ارتفاع قياسي وأدي هذا إلي احتجاجات وأعمال شغب في بعض الدول النامية حيث قد ينفق الناس أكثر من نصف دخلهم علي الغذاء.
وتؤثر التغيرات المناخية علي الغذاء بطريقتين إما مباشرة من خلال أحداث حالات الجفاف الاستثنائية أو من خلال رد فعل سياسي لتحويل المحاصيل الغذائية إلي وقود صوبي مثل الايثانول لان انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عنه اقل من تلك الناتجة عن البنزين وهذا هو الهدف من إنتاجه.
وعلي الجانب الأخر فان تقريرا صادراً عن منظمة " كرستيان أيد " أشار إلي إمكانية أن تؤدي التغيرات المناخية إلي موجات نزوح بشري قد تصل إلي مليار شخص بحلول عام 2050 وتتوقع المنظمة أن تفاقم التغيرات المناخية المستقبلية ظاهرة النزوح البشري التي بدأت فعلا ويقول التقرير الذي أصدرته المنظمة إن هناك خشية من أن تؤدي موجات النزوح إلي اشتعال نزاعات في المناطق ذات الموارد الشحيحة حسب تقرير للبي بي سي.
ويضيف التقرير إن البلدان الأكثر فقرا غير واعية للتطورات السيئة مثل النزوح، التهديد الأكثر إلحاحا الذي يواجه الشعوب الفقيرة في الدول النامية.
ويقول "جون ديفسون" احد الذين شاركوا في وضع التقرير " نسمع عن محاولات الهجرة إلي دول أوروبا الغنية ولكن الأزمة الحقيقية هي قيد التطور والكثيرون ليسوا واعين بها بعد ".
أخطر من أسلحة الدمار الشامل
وفي سياق التدهورات المناخية العالمية تبقي ظاهرة التصحر اخطر في واقع الأمر من أسلحة الدمار الشمل.. ما التصحر وما إشكالياته؟
تعريف ظاهرة التصحر أمر يقودنا إلي هلع حقيقي ما لم تتبين البشرية عادة أخطاره وتعمل علي تجنب تأثيراته الضارة أيما ضرر، فالتصحر وفقا لتلك الدراسة من اكبر الكوارث التي تهدد المجتمعات البشرية وهو عبارة عن درجة معينة من الاختلال في توازن العناصر المختلفة المكونة للنظم الايكولوجية وتدهور خصائصها الحيوية وانخفاض إنتاجيتها إلي الدرجة التي تصبح فيها هذه الأنظمة عاجزة عن توفير المتطلبات الحياتية الضرورية للإنسان والحيوان مما يضطره في النهاية إلي الهجرة أو قيامه باستيراد مصادر الطاقة اللازمة لاستثماره فيها من أنظمة أخري.
والتصحر كذلك نتيجة مباشرة لسوء استغلال الإنسان للموارد الطبيعية لهذه الأنظمة وبخاصة الموارد الحيوية بالإضافة إلي التأثيرات السلبية لعناصر البيئة وبخاصة الظروف المناخية الجافة إذ أن عناصر البيئة المختلفة في أي منظمة تتفاعل وتتكيف مع بعضها بعضا إلي أن تصل عبر التاريخ إلي نوع من التوازن الديناميكي.
ويظل كل نظام محافظا علي خصائصه المميزة له طالما بقيت التغيرات ضمن حدود القدرات الطبيعية إلا أن هذا التوازن يبدأ في الاضطراب بسبب الإفراط في استغلال عنصر أو أكثر بمعدل يفوق قدرته الكامنة علي التعويض أو بسبب عدم ملائمة أساليب الإدارة لطبيعة النظام القائم.
دور المناخ وتأثيراته السلبية
والمؤكد انه حدثت تغيرات مناخية كبيرة تعاقبت فيها عصور رطبة وأخري جافة عبر الأزمنة الجيولوجية أدت إلي نشوء الصحاري الطبيعية التي تغطي جزءا كبيرا من منطقتنا العربية وبالرغم من أن هذه العصور تلاشت إلا أنها لا تزال تؤثر بشكل فعال في نشوء البيئات الهشة من خلال الظروف القاسية التي تتميز بها الصحاري والتي تؤثر في المناطق المجاورة لها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان طبيعة المناخ في الوطن العربي منذ أكثر من خمسة ألاف سنة كان جافاً بطبيعته ودورات الجفاف الطويلة والقصيرة دائمة الحدوث ولم يحصل فيه أي تغيير ملموس حتي يومنا هذا حيث يمتاز بالانخفاض الشديد في معدلات الهطول المطري وعدم انتظامه وحصول الأمطار العاصفة إضافة إلي الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة وشدة الرياح وسيادة الرياح القارية ومن هنا فان الجفاف إلي جانب كونه احد أهم ميزات البيئات الجافة وشبه الجافة فهو يعمل إلي جانب تأثير الصحاري في اتساع رقعة البيئات الهشة وأحيانا تدهورها ونشوء بيئات أكثر حساسية واهم صفات هذه البيئات هي ضعف الغطاء النباتي وسيادة التربة غير المتطورة وندرة المصادر المائية.
مما سبق يتضح أن المناخ الجاف الذي يغطي معظم مساحة الوطن العربي قد أدي إلي وجود العديد من الأنظمة البيئية الايكولوجية الهشة والحساسة وقد بقيت هذه الأنظمة رغم ذلك في توازن حرج مع الظروف القائمة عبر التاريخ الطويل حيث كان عدد السكان قليلا ونشاطهم محدودا وإمكاناتهم التكنولوجية بسيطة وحينما زاد عدد السكان وزادت إمكانياتهم التكنولوجية واتسع مجال نشاطهم وزاد معدل استغلالهم للموارد الطبيعية فقد أدي كل ذلك متضافرا مع سوء الإدارة إلي الإخلال بالأنظمة الايكولوجية وتوازنها مما هيأ الفرصة للآثار السيئة للعوامل المناخية الجافة أن يزداد تأثيرها وفاعليتها في امتداد ظاهرة التصحر إلي معظم أنحاء الوطن العربي.
لذلك فان اعتقاد كثير من الباحثين أن الظروف المناخية التي تتميز بالجفاف فقط هي الأسباب الكامنة وراء عمليات التصحر هو اعتقاد خاطئ لان الظروف المناخية في الوقت الحاضر هي عامل مساعد ومنشط يتضح تأثيره بشكل كبير بعد اختلال التوازن في عناصر النظام الايكولوجي الناتجة أساساً عن النشاطات البشرية غير الملائمة.
والمؤكد أن ظاهرة التصحر في الوطن العربي ستؤثر سلبا مع مضي الزمن علي جميع أوجه الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها وبخاصة إذا استمرت ظروف الضغط علي الموارد الطبيعية واستنزافها بقدرة اكبر من طاقتها علي التجديد.. كيف المواجهة؟ لنا عودة لاحقا للجواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.