«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجوم على بيع الغاز لإسرائيل بينما يحرم منه المواطن .. وتحميل الرئيس مبارك مسئولية تفشي الفساد في نظام الحكم .. وبدء فتح ملفات الفساد لرؤساء التحرير الراحلين ..وتحذير رؤساء التحرير الجدد من التحول لأبواق نفاق للحكومة
نشر في المصريون يوم 05 - 07 - 2005

بدأت صحافة القاهرة اليوم في فتح ملفات الفساد لرؤساء تحرير الصحف القومية ، الذين رحلوا عن مقاعدهم بالأمس فقط ، حيث نشرت صحيفة الوفد المعارضة مقالا مطولا تضمن العديد من أوجه الفساد والمحسوبية التي ترسخت في المؤسسات الصحفية خلال الأعوام الماضية ، وأدت لتراجع أرقام التوزيع فضلا عن تدهور أوضاعها المالية والمهنية . وفي المقابل ، فان البعض فضل إغلاق الصفحة القديمة ، ناصحا رؤساء التحرير الجدد بعدم التحول لأبواق نفاق للحكومة ، وأن يضعوا مصلحة القارئ والمواطن كبوصلة لتوجهاتهم ، وإن كان الامر لم يخل من غمز ولمز لسياسات القيادات السابقة . صحف اليوم ، تطرقت أيضا لقضايا الفساد التي نشرتها الصحف المستقلة والمعارضة في الآونة الأخيرة ، وشملت تقريبا جميع رموز النظام من أعلى رأسه لأدنى درجاته ، وقد ذهب البعض لتحميل الرئيس مبارك المسئولية الرئيسية عن تلك الاتهامات ، متسائلا : هل يعلم رئيس الدولة بما ينشر ويقال ؟ هل هناك من يقوم بحجب الحقائق والمعلومات عنه ؟ ، بالطبع لا أحد يملك اجابة قطعية عن تلك التساؤلات ، إلا ان ذلك لا يغير في الامر شيئا . ننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث عبر مجدي مهنا عن ذهوله من " هذا الذي ينشر عن نظام الحكم في مصر وعن رجاله وعن رموزه الكبيرة ، حجم مخيف من الأخبار والمعلومات المخلوطة أحيانا بالشائعات عن فساد الحكم وعن بلوغه مستويات عالية لم تعرفها البلاد من قبل ، لا قبل ثورة يوليو ولا بعدها . ولا أربد أن أبدو وكأنني طرف محايد ، فأتحدث عن الذين يكتبون وينقلون هذا الأخبار ، وعن الذين يتجاهلونها و "يطنشون" عليها ويغلقون عيونهم ويسدون أذانهم ولا يدافعون عن ذمتهم وكرامتهم شرفهم ، فلا خلاف على أن دعاوى الفساد في مصر وفي ظل نظام الحكم الحالي بلغ مستويات وأحجاما تكفي لإسقاط جميع حكومات وأنظمة الحكم في العالم وتدفع بالمسئولين فيها إلى السجن . يكفي مثلا أن تلقي نظرة على مانشيتات الصحف المستقلة ، وبعض المعارضة الصادرة هذا الأسبوع لكي تدرك عدد المتهمين والمتورطين في قضايا فساد ، ذات أشكال وألوان وأحجام مختلفة من كل لون وشكل والجميع في مستويات الحكم المختلفة تحيط بهم الشبهات .. ومع ذلك فالكثير منهم لا يرد ولا يهتم ولا يكترث بما ينشر عنه . وحذر مهنا من " أن الفساد انتشر وتغلغل في كل أنحاء الجسد ولم يعد يصلح معه شفاء أو إصلاح ، إلا بعملية جراحية كبري ، أما أسلوب وطريقة الإصلاح خطوة خطوة فهي التي كرست الفساد وزادت من شوكته بحيث أصبح حزب الفساد هو الأقوى حاليا بين مؤسسات الدولة . إن المسئولية في النهاية هي مسئولية نظام الحكم وتأتي في المقدمة مسئولية رئيس الدولة . هل يعلم رئيس الدولة بما ينشر ويقال ؟ هل هناك من يقوم بحجب الحقائق والمعلومات عنه ؟ هل هناك من له مصلحة في ذلك ؟ لأنه جزء من هذا الفساد أو لأنه يعلم أن رئيس الدولة لا يريد أن يزعجه أحد بمشاكل وأعباء الحكم ومسئولياته ، التي أصبحت مزعجة ومرهقة . إذا صحت أي من هذه الاحتمالات السابقة ، فإن الحكم يكون قد فقد أحد أهم شروطه وركنا أساسيا له ، وهو عدم القدرة على تحمل المسئولية ثم العجز عن اتخاذ القرار في الوقت المناسب " . نواصل اليوم ، نشر مقتطفات من مقالات " الوداع " التي يكتبها رؤساء تحرير الصحف القومية الذين غادروا مناصبهم أمس ، حيث قال جلال دويدار في صحيفة " الأخبار " الحكومية " بعد هذه السنين التي مرت تدٌعم إيماني بالآية الكريمة: "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا". لقد تدرجت في كل الوظائف والمواقع الصحفية في "جريدة الأخبار" أوسع الصحف اليومية انتشارا بالشرق الأوسط حتى شرفت برئاسة تحريرها عام 1991 لأبدأ مرحلة جديدة من التعاون الخلاق مع كل الزملاء والأبناء من أجل الحفاظ علي هذا الصرح العظيم. وعندما يمر شريط الأحداث أمام عيني وما قمنا بتقديمه خدمة للصحافة وللقراء.. قيما وأخلاقا ودفاعا عن مصالح الوطن والمواطنين يتملكني الشعور بالسعادة والاعتزاز. لم يكن طريقي مفروشا بالزهور ولكني سلكته بكدي وعرقي ودون أي وساطة. لم يكن لي من سند سوي الله والإخلاص والأمانة والشعور الوطني وحماس وانتماء الغالبية من أعضاء أسرة تحرير "الأخبار". وأضاف دويدار " اليوم وأنا أسلم راية رئاسة التحرير كعمل إداري وأتفرغ للكتابة في هذا العمود اليومي ككاتب صحفي لا يسعني سوي أن أهنيء المهندس عهدي فضلي أحد الذين ساهموا في الحفاظ علي الكيان الإداري والاقتصادي لمؤسسة "أخبار اليوم" بتولي مهمة رئاسة مجلس الادارة. كما أتمني من كل قلبي لممثلي أبناء الجيل الثالث من الصحفيين في المؤسسة.. محمد بركات ومحمد الشماع وممتاز القط كل النجاح والتوفيق في مهمة قيادة العمل التحريري في الأخبار وآخر ساعة وأخبار اليوم.. إن عليهم أن يدركوا أن خبرتنا وتجاربنا ستبقي دوما في خدمة هذه المؤسسة التي شهدت أحلي وأجمل سنوات عمرنا " . مع كتبه دويدار كان جانبا واحدا من الصورة ، أما الجانب الثاني فقد نشره محسن محمد ، رئيس تحرير صحيفة الجمهورية الأسبق ، في صحيفة " الوفد " المعارضة ، قائلا " إن الصحف القومية لم تعد تنشر كل الآراء، أو تتسع صفحاتها للمعارضين مثل المؤيدين، ومن هنا كان لابد أن يهرب أصحاب الآراء المخالفة إلي صحف جديدة تسمح بآراء معارضة. بل إن نشأة جماعات جديدة تطالب بالتغيير في كل المواقع إنما كان يرجع السبب في قيامها إلي الصحف القومية التي ضاقت بآراء تطالب بالتغيير. وهناك دليل يبين ذلك. بدأت تظهر في الصحف المعارضة والمستقلة مقالات تحت عنوان "المقال الممنوع" ، وهي المقالات التي ترفض الصحف القومية نشرها لكتابها فكانوا يلجأون إلي نشر هذه المقالات في الصحف الجديدة. ولا يمكن أن ننكر أن سماح الصحف القومية لكتابها بأن ينشروا ما ترفضه من مقالات في صحف أخري يمثل درجة كبيرة من الحرية ، ولكن في الوقت نفسه فإن نشر "المقال الممنوع" يؤكد أن الصحف القومية لا تنشر إلا ما يؤيد وجه نظر رئيس تحريرها ورئيس مجلس إدارتها! . وهذا المسئول الصحفي يعلم أن رأياً معارضاً سيغضب الحكومة، ولذلك يمتنع عن نشره. وكانت نتيجة هذه السياسة أن تحولت الصحف القومية إلي صحف حكومية تنشر ما يطيب للحكومة فحسب " . وأرجع محسن تراجع أرقام الصحف القومية إلى عدة أسباب منها : " أن القانون الذي ينص علي مدة معينة لا تزيد علي أربع سنوات لرئيس مجلس الإدارة لم يعد يطبق. ورأي رؤساء مجالس الإدارة أن الذي يتجاهل تطبيق هذين النصين الحكومة، ومن ثم حرصوا علي إرضاء رجال الحكومة، ولا أقول إرضاء النظام، حتى يبقوا في مناصبهم. ولقد ظل البعض يشغل المناصب القيادية أكثر من ربع قرن.. ومن هنا عرف أن الحكومة تستطيع أن تفعل ما تشاء. والثمن الذي يدفعونه لرجال الحكومة مقابل ذلك أن تكون أقلامهم وما يكتبونه موافقاً لهوي ورغبة هؤلاء الرجال. الأمر الثاني أن هذه القيادات الصحفية وجدت أن البقاء في المنصب لا قيمة له إذا لم يحقق مصلحة مادية ضخمة. ومن هنا بدأنا نري مرتبات القيادات الصحفية ترتفع لتزيد عما يتقاضاه رؤساء البنوك. وعرفت الصحافة القومية، ولأول مرة، شيئاً اسمه عمولة الإعلانات. صارت قيادات الصحف تتقاضي عمولة عن الإعلانات التي تنشر في الصحف وارتفعت نسبة العمولة حتى بلغت عشرات ومئات الألوف من الجنيهات شهرياً. وتمادت القيادات في شرهها للاستيلاء علي أموال الصحف. المثال علي ذلك بدل السفر. كل قيادة حددت لنفسها بدل السفر في الخارج علي هواها. بعض الصحف تدفع لرئيس مجلس الإدارة أو رئيس التحرير فاتورة إقامته في الفندق كاملة، وتمنحه بالإضافة إلي ذلك "مصروف جيب" يتراوح بين 300 دولار يومياً وألف دولار كل يوم. وإذا أراد البعض تبرير ذلك بارتفاع الأسعار في الخارج فإن مصروف الجيب الذي يرتفع إلي هذا الحد يمثل مبالغة ما بعدها مبالغة. واعتبر محسن محمد أن " الأمر والأدهي أن هذه القيادات أصبحت "تسافر" بلا توقف. بعضهم كان يسافر في السنة مائة يوم تقريباً. وكان البعض يقرر الحصول علي بدل سفر 1500 دولار يومياً ويتحمل هو نفقات الإقامة في الفندق. والأمر الذي يثير العجب أن أحدهم كان يسافر للحج والعمرة 3 مرات في السنة، ويحصل علي 1500 دولار في كل يوم وهو يدعو الله في الأراضي المقدسة أن يغفر له ما يفعل بأموال المؤسسة الصحفية! . الأمر الثالث أنه مع طول مدة البقاء في المنصب أصبح المسئول في الصحيفة يري أنها صارت ملكاً شخصياً له. إنه مادام يرضي رجال الحكومة فيجب عليه أن يرضي نفسه أيضاً. ونشأت لدي هذه القيادات رغبة محمومة مجنونة في الأبهة. أصبحوا يركبون السيارات "المرسيدس" تشتريها لهم المؤسسات الصحفية. وصاروا يتسابقون في شراء "المرسيدس" الأحدث. وبعضهم لم يكن يملك سيارة، أية سيارة، قبل أن يشغل منصبه، فلما رأي نفسه يركب المرسيدس أصر مثل الوزراء علي أن تكون له سيارتان إحداهما له والأخرى لأسرته. ورأي أحدهم أن يفعل ما هو أغرب. أهديت له سيارة فوضعها لدي تاجر سيارات وأصر علي أن تشتري الصحيفة هذه السيارة بالذات. ومن سوء حظه أن السيارة انتهت المدة المسموح لها بالبقاء في مصر فشحنها إلي جدة ثم عادت لتشتريها له الصحيفة. ورأي في الوقت نفسه أن زوجته أحق بسيارة جديدة فاشترت لها المؤسسة سيارة "كرايزلر". واحتج أصغر أبنائه الطالب الجامعي فاشترت له الصحيفة سيارة ستيشن. وأخذت الصحيفة تدفع أجر سائقي سيارتي الزوجة والابن واستهلاك البنزين والإصلاحات. ومن يعترض يمنع من الكتابة ويحرم من العلاوات. ومن لا يعجبه أي تصرف آخر للقيادة الصحفية تعاقبه بعقوبات شتي، فالقيادة الصحفية في يدها سلطات كثيرة، لقد تحولت إلي مراكز قوة ومراكز نفوذ. ولفت إلى أن " الأمر الرابع أن النشر أصبح رهناً بمزاج ورغبات رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة. أحدهم اكتشف في ابنه الطالب الجامعي مواهب كبري. قال: ولدي ورث الجينات العبقرية عني. وأخذ ابنه الطالب الجامعي ينشر أحاديث مع الوزراء. وقال وزير سابق وهو يستقبل الابن العبقري للصحفي العبقري: هذا الشبل من ذاك الأسد. وصار هذا التشبيه لا يطبق في حدائق الحيوان بل في مراعي الصحافة. ووجد أحدهم أن الصحيفة وصفحاتها كلها صارت ملكاً له شخصياً. منع نشر اسم عادل إمام الفنان الكبير من أن يكتب في الصحيفة. وعادل إمام ليس ضد النظام أو ضد رجال الحكومة ولكنه رفض أن يقوم بدور البطولة في فيلم كتب قصته رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة. وأشار محسن إلى أنه " حدث ما هو أغرب. قيادة صحفية بنت قصراً في "العين السخنة" ، والقصر احتاج إلي إصلاحات. أمر مجموعة من عمال الصحيفة بالسفر علي حساب المؤسسة من القاهرة إلي العين السخنة مع بدل سفر كامل. ثم أمرهم بالعودة بسرعة لإجراء إصلاحات في قصر آخر له في قريته. السائق في الطريق كان يقود السيارة بسرعة، وقع حادث تصادم فنقل ثلاثة من العمال ولم يذكر في محاضر التحقيق أنهم كانوا في مهمة خاصة، وبالتالي لم يقدم رئيس مجلس إدارة الصحيفة إلي محكمة الجنح أو الجنايات بتهمة التحريض أو الاشتراك في جريمة. قد يقال: هذه كلها حوادث فردية. ولكنها عندما تتكرر تصبح سلوكاً عاماً وسياسة عامة. وفي الوقت نفسه حرصت كل القيادات الصحفية علي حرمان الصحف من قيادات جديدة حتى لا ترثهم. وأوضح دليل يؤكد ذلك تلك الحيرة التي شملت المسئولين وهم يبحثون في تغيير القيادات الصحفية. لم يجدوا كثيرين يصلحون لتولي المناصب الكبرى. وفي وقت من الأوقات كانت مؤسسة صحفية تتولي تخريج رؤساء التحرير لأغلب صحف مصر. ولكن... لماذا يخرج رؤساء التحرير من يرثهم في مناصبهم ؟ ". ونبقى مع ردود فعل التغييرات الصحفية ، لكن نتحول إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث وجه رئيس تحريرها مجدي الجلاد ، رسالة لرؤساء تحرير الصحف القومية الجدد ، جاء فيها " أعلموا وانتم تدخلون مكاتبكم الجديدة أن التاريخ يضع هيكل وأحمد بهاء الدين وإحسان عبد القدوس ومصطفى وعلى أمين ومحسن محمد وصلاح منتصر في صفحات مختلف تمام عن صفحات أقل شأنا وأكثر اصفرارا ، تضم أسماء رؤساء تحرير خانوا الأمانة وباعوا " الحقيقة " من أجل مكاسب تحولت الآن إلى سجلات إدانة . أعلموا أن شرفكم المهني ليس في بقائكم على مقاعدكم سنوات وسنوات وإنما في دخولها محترمين ومغادرتها محترمين ، فما
أحلى أن يعيش الصحفي بعد التفاعد – حتى لو كان مبكرا – مرفوع الرأس ، شاهق القيمة وما أقسى أن يخرج من مكتبه في أرذل العمر مصحوبا باللعنات . ساعدوا النظام دون أن يزينوا له عثراته أو تسوقوا له أخطاءه على أنها فتح مبين لا تطلقوا على مبارك ألقابا هو – حتما – يبغضها لأنها تستفز الناس ولا تنبروا للدفاع عن تجاوزات المسئولين مهما تكن درجة اقترابهم من القيادة " . وأضاف الجلاد " ساعدوا الرئيس – ونحن معكم – بإنارة الطريق أمامه وتجسيد نبض الشارع له ، بدلا من خداع المواطنين ب " كبسولات " ومقالات النفاق ، ليس عيبا أن تقولوا له كل صباح نحن معك ولكننا لسنا ضد القارئ ، حقلك أن نحمي الأمن القومي للبلاد وحق القارئ أن نمنحه الحقيقة ، لا تحجبوا خبرا عن واقعة حدثت في مصر ولا تكونوا " ملكيين أكثر من الملك " وأسالوا أنفسكم : هل حدث مكروه لأنس الفقي وزير الإعلام حين بث صورا في نشرة الأخبار الرئيسية بالتلفزيون المصري عن مظاهرة أمام مقر وزارة الداخلية بلاظوغلي ؟ ، لم يحدث ، ولن يحدث لكم مكروه حين تنتصروا للحقيقة . لا ترتموا في أحضان أنصاف الموهوبين ومحترفي النفاق ، نقبوا عن الأقلام المحترمة التي آثرت الانزواء والصمت في زمن المانشيتات الرئيسية " مبارك .. رجل لهذا الزمان " .. و " الشمس تزداد إشراقا في عيد ميلادك " ، فالزمان له رجال كثيرون والشمس تشرق كل يوم بإذن ربها . أيها الزملاء : أعلموا أن المؤسسات القومية على شفا من الانهيار ، فمشاكلها الاقتصادية أكبر من قدرتكم على الحل ، وديوانها أضخم من حلول الجدولة والتأجيل ودعم الدولة ، لذا فالخلاص في إيجاد حلول هيكلية وتبني أساليب الادارة الحديثة وتغيير نظام الملكية ولان القرار ليس بأيديكم ، فليس اقل من العمل المشترك مع جموع الصحفيين لإنقاذها من مصيرها المحتوم " . نتحول إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث عاد فهمي هويدي للكتابة في الشأن الخارجي المفضل لديه ، بعيدا عن حساسيات ومشاكل الكتابة في قضايا الداخل مثل الإصلاح والتغيير ، لكن هويدي حاول هذه المرة الدمج ما بين الداخل والخارجي ، قائلا " هي مفارقة لا ريب‏,‏ ومصادفة لا تسر بحال‏,‏ أن تتجمع السحب القاتمة في الأفق الفلسطيني حتى يتواتر الحديث عن انتفاضة ثالثة‏,‏ في حين تتقدم العلاقات الإسرائيلية مع مصر بشكل مطرد‏,‏ حتى توقع معها اتفاقية لتصدير الغاز‏,‏ الأمر الذي يجعل من الدهشة عنوانا للمشهد‏,‏ ويضعنا بإزاء لغز يستعصي علي الفهم فضلا عن الحل "‏.‏ وبعد أن استعرض هويدي عددا من ملامح التعنت والتصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ، علق قائلا " إذا استحضرنا تلك الخلفية الشائكة ،‏ فان المرء لا يسعه إلا أن يستغرب أجواء التفاؤل غير المبرر التي يشيعها البعض في أجواء العلاقات العربية الإسرائيلية ،‏ ويقترن الاستغراب بالدهشة حين نجد أن ثمة مراهنة علي مسألة الانسحاب من غزة‏ ، الذي يصوره البعض وكأنه قفزة نوعية متقدمة علي طريق التسوية‏ ،‏ تسوغ المزيد من مد الجسور وتبادل الزيارات‏ ، وتبرر غض الطرف عما يجري علي الأرض‏.‏ الخلفية ذاتها تستدعي العديد من التساؤلات حول مدي الملاءمة وطبيعة المصلحة في عقد اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل‏ ،‏ وهي تساؤلات أكثرها متعلق بالجانب السياسي الذي أوضحنا ابرز معالمه ،‏ وبعضها متعلق بالجوانب الاقتصادية والفنية التي لا يمكن تجاهلها‏.‏ أكثر من واحد منهم قال إن مصر تستورد الغاز والنفط في الوقت الحاضر‏,‏ من حصة الشريك الأجنبي في الحقول المصرية‏ ،‏ ولذلك يبدون دهشتهم من إبرام عقود طويلة الأجل للتصدير‏ ،‏ كما أن لديهم تساؤلات عدة حول عدم إعلان السعر الذي يباع به الغاز ،‏ في حين أن سعر الزيت معروف ومعلن‏.‏ وأوضح هويدي أن " تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية المصرية‏ ،الصادر عن مركز دراسات الأهرام‏ ، تبني موقف التحفظ علي بيع الغاز ،‏ والتحذير من المخاطر المترتبة علي إبرام عقود طويلة الأجل في هذا الصدد‏ ،‏ حيث تظل المفارقة أن المجتمع المصري لم تكتمل بعد شبكة الغاز فيه‏,‏ الأمر الذي أبقي بعض القطاعات محرومة منه‏ ،‏ في حين يصدر الغاز النقي والنظيف إلي إسرائيل ،‏ تستثمره في مختلف أنشطتها ومشروعاتها الصناعية والعسكرية وتستفيد منه في حماية بيئتها من التلوث‏.‏ أرجح أن يكون الذين ابرموا عقد بيع الغاز لديهم حجج يدافعون بها عن هذه الخطوة‏ ،‏ كما أنني أتصور أن موضوع الملاءمة السياسية لم يكن مغفلا في القرار ،‏ ولأن الأمر أثار التباسات عدة فقد تمنيت أن تكون مناقشته وإحاطة الرأي العام بملابساته وموازناته قد جرت قبل التوقيع وليس بعده‏ ، حتى لا يتكرر مع ما جري في موضوع اتفاق الانضمام إلي الكويز‏,‏ الذي فوجيء به الجميع ذات صباح‏,‏ وأثار ما أثاره من بلبلة ولغط لا يزال مستمرين إلي الآن‏.‏ تري متي يمكن أن يقتنع أهل القرار بأن ثمة رأيا عاما في البلد من حقه أن يفهم ما يجري من خلال بعض الشفافية‏ ،‏ علي الأقل لكي يطمئن الناس إلي صواب الخطي التي تتخذ‏ ،‏ وتؤثر علي المصير في الحاضر والمستقبل "‏. هويدي طالب بحق المواطنين في معرفة ما يجري ، لكن حسين حلمي في صحيفة " الوفد " المعارضة كان أقل تواضعا في مطالبه ، معتبرا أنه " لا يجوز تعذيب المجرمين مهما كانت جرائمهم، وكيفما كانت عقوبتها، فالكرامة الآدمية يجب أن تظل مصانة حتى للمجرم، ومن باب أولي لا يجوز أن ينتزع أي اعتراف بناء علي وسيلة من وسائل الإكراه، وحمل الشخص علي الاعتراف بجريمة بالإكراه باطل، لأن إنسانية الفرد في المجتمع لها اعتبارها، الذي يجب علي الحاكم صونها والمحافظة عليها، وصون هذه الإنسانية هو حماية للمجتمع كله، لأن الشخص إذا اكره علي الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، يشعر بأنه مضطهد ومظلوم ويلجأ إلي الثأر لنفسه، ويتحول إلي مجرم حقيقي يهدد امن المجتمع كله، ويتردد الآن الحديث بقوة من خلال تقارير حقوق الإنسان سواء المصرية منها أو العالمية، عن سوء معاملة المواطنين في بعض أقسام الشرطة، وعندما ترد عليها وزارة الداخلية بالإعلان عن إحالة بعض الضباط إلي المحاكم الجنائية، فان هذا لا يكفي، ومن حقنا أن نعلم حقيقة ما يجري في أقسام الشرطة المصرية، لان أقسام الشرطة تتصل بشئون حياتنا العامة، وتساهم بقدر ليس بقليل في إحساس الفرد بأمنه الشخصي، ومن حق كل فرد مضطهد أو مظلوم أن يلجأ إليها، حيث يأمن في نطاق هذه الأقسام علي عرضه وأمواله ونفسه. إن ما يقال عن التعذيب والنيل من شخصية المواطن المصري قولا فيه إخلال بأمن المجتمع كله، إننا نتكلم هنا عن المواطن العادي البسيط الذي يسمي الشرطة ب "الحكومة" وهؤلاء يجب المحافظة علي عرضهم والوقوف ضد محاولات النيل من شخصيتهم وكيانهم الأدبي، شأنهم شأن الآخرين من علية القوم، ولا أتكلم هنا عن المعتقلين السياسيين الذين أري أن مجرد حبسهم دون جريرة، هو جريمة في حد ذاته، واعتقالهم نيل منهم وإكراه علي السكوت وعدم المعارضة " . هذا القهر الذي يتعرض له المواطن المصري ، ربما يقدم تفسيرا لملاحظة نبيل عمر في صحيفة " الأهرام" الحكومية " ، والذي تساءل في حزن " هل تفرستم في الوجوه في الشارع أو النادي أو مكاتب العمل أو في أي مكان؟‏‏ . ما هي أول ملاحظة يمكن أن تنطق بها تلك الملامح جهرا دون أي محاولة لتفسيرها؟‏ . ملامح متجهمة خالية من الحلم‏,‏ مثل زهرة ذابلة مهملة علي عود منثن يكاد يتكسر من شدة جفافه‏‏ . وجوه يسكنها الهم والقلق والخوف من المجهول علي حياتها وحياة أولادها‏,‏ وجوه فزعة يشل حركتها تفكير مرتبك‏,‏ ويقبض علي أنفاسها إحساس طاغ بالعجز عن التغيير‏,‏ عجز نفسي وهو أخطر من العجز الجسدي‏ . وجوه لا تحلم إلا قليلا‏..‏ إذا كان الجمال والخير والعدل ومازالت هي أهم القيم الدافعة إلي تطور المعارف الإنسانية وأساليب الحياة علي كوكب الأرض‏..‏ فالحلم كان دوما هو جسر البشر من واقع لا يرضون عنه إلي واقع جديد يسعون إليه ويتصورونه أحسن حالا‏‏ . ولو راجعنا تاريخ الحضارات الإنسانية من مصر القديمة إلي الصين إلي اليونان إلي روما إلي الجزيرة العربية إلي فارس إلي فلورنسا فلندن فواشنطن‏..‏ فسنجد أن الشعوب التي لا تحلم تفقد بوصلة الطريق إلي حياة أفضل‏,‏ وتتخبط في الدروب والتجارب والمحاولات ولا تعثر علي مفتاح التحديث لنفسها‏ ،‏ وتظل أسيرة لماضيها معلقة فيه بسلاسل ثقافية أشد قسوة وصلابة من قيود الصلب‏ " . وأوضح عمر أن " الشعوب غير الحالمة يحتل عقلها صغائر الأشياء ويشدها تافه الأمور ويلهيها لغو الثرثرة وتشغلها مواضع أقدامها‏‏ . صحيح أن العقل بقدراته هو العنصر الفاعل في التطور‏,‏ لكن أيضا البشر جميعا يتمتعون بهذا العقل مهما كان نصيبهم منه وافرا أو شحيحا‏,‏ فكيف صنع بعضهم حضارات عظيمة واستحدث أنماطا من السلوك والعادات وقيم العمل والعلم‏,‏ وبقي بعضهم علي حاله يجري في مكانه أو مس الحضارة مسا خفيفا دون استحداث تلك الأنماط؟‏ . الفارق هو الحلم الذي يغير النظم ويطور الأساليب‏ ،‏ والإرادة التي تسعي خلفه‏!. وقد عاش مصريون ومفكرون عظام علي مدي القرنين الماضيين زمنا من الحلم‏,‏ حاولوا خلاله أن يبددوا ظلاما جاثما علي العقول‏,‏ لكن دون أن يتخلصوا من كل الظلام أو يكشفوا عن كل النور‏,‏ فلم يكن أغلب المصريين من الحالمين بأن يشقوا لأنفسهم طاقة نور إلي مشارف عصرهم الحديث . فهل يمكن أن نستعيد حاضرنا وندافع عن غدنا دون أن تعاودنا أحلام النهضة وتدفع في عروقنا دماء نقية؟ . هل يمكن أن تتقد أرواحنا بالهمة وتزيح كسلنا وصدأنا ورتابة عقولنا دون أحلام قومية وشخصية نطاردها ونعمل علي الإمساك بها بأيدينا؟‏ لا أظن‏,‏ ولا أتصور أن نخرج من مأزقنا دون أن نحلم‏‏ " .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.