اليوم يبدأ دورى جديد فى مصر.. ومعه تعود مصر كلها تمارس كعادتها منذ 62 سنة غرام وانتقام وفوضى وجنون كرة القدم.. ومن المؤكد أن الجميع استعدوا لاستقبال هذا الدورى الجديد الذى يحمل رقم 56.. اتحاد الكرة عاش فى دور أم العروسة ليلة الفرح فاجتمع ألف مرة وفض اجتماعاته وقام بألف مشوار وتشاجر مع من حوله ألف مرة دون أن يقوم بأى شىء حقيقى باستثناء مواد جديدة فى لوائح مهترئة وقديمة ورئيس جديد للجنة الانضباط دون أى تفسير ودون لائحة ودور واضح ومعلن.. الأندية دفعت 86 مليون جنيه لشراء لاعبين جدد تضمهم إلى صفوفها وحوالى 100 مليون جنيه أخرى كمستحقات وعقود للاعبين قدامى ورواتب مدربين وفنيين وإداريين وأطباء وعمال ولا أحد يعرف من أين جاءت الأندية بكل هذا المال ولا أحد بالطبع سيحاسبها لاحقا إن ثبت سوء الاختيار والقرار والإنفاق.. التليفزيون والقنوات الفضائية اشترت الحقوق واستعدت استوديوهات التحليل بالنجوم والمعلقين ومعامل صناعة التعصب بالخبراء والمشجعين ومعهم أساتذة اصطياد أخطاء الحكام.. الشركات الكبرى ووكالات الإعلانات استعدت برجالها وموظفيها الذين احترفوا بيع الكرة لمن يتعاطونها بديلا عن الحياة والأحلام والنجاح والسياسة والوظيفة والمال والبيت والمستقبل.. كل ذلك وجمهور الكرة فى مصر لايزال يجهل أنه صاحب الحق الوحيد فى كل ذلك.. هو وحده صاحب هذا الفرح وضيف الشرف الحقيقى فى هذا المهرجان.. هو الوحيد الذى يدفع وسط كل الآخرين الذين يتظاهرون بعشق كرة القدم، بينما هم فى الحقيقة يقبضون ثمن هذا العشق، سواء كانوا مسؤولين أو لاعبين أو مدربين أو حكاماً أو إعلاميين أو إداريين وموظفين فى الاتحاد والأندية ووراء الشاشات.. وإذا كانت الأرقام والدلائل تؤكد أن الذى سيبدأ اليوم هو الدورى الأغلى فى تاريخ مصر منذ انطلاقه عام 1948.. فلا أحد رأيته أو سمعته يوجه ولو كلمة شكر واحدة للناس التى دفعت الكثير جدا من أموالها القليلة، سواء على هيئة سلع تشتريها فتمنح شركاتها الملايين للاتحاد والأندية كرعاية وإعلانات أو لشراء تذاكر دخول أو عبر ألف وسيلة أخرى فقط ليبقى كل هذا المال متاحا.. وبدلا من كلمة الشكر الغائبة.. تجد الجميع لايزالون يعايرون الناس ويُمنون عليهم.. التليفزيون يقول لهم إنه يحارب الحقوق الحصرية من أجلهم.. الفضائيات تزعم أنها تجتهد فى الإبداع والمؤامرات من أجلهم.. اتحاد الكرة يتظاهر بأنه يحمل همومهم . الأندية لاتزال تطلب من جماهيرها مزيدا من الدعم.. ولهذا أنا بالنيابة عن الجميع وعن كل المنتفعين والرابحين من صناعة كرة القدم وتجارتها.. أبدأ هذا اليوم الأول فى الدورى الجديد بكلمة شكر وكل معانى التقدير والامتنان للناس الطيبة فى بلادى التى تدفع رواتب الجميع، سواء كانت ملايين أو ملاليم.. الناس التى تجعل الكرة فى كل مكان وعلى كل لسان وداخل كل قلب.. الناس التى فى البيوت والشوارع والملاعب والمقاهى.. الناس التى لولاها ما كان الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمصرى والاتحاد وكل الأندية والاتحاد والإعلانات والشاشات.. ولابد من أجل هؤلاء الناس أن تتغير أشياء كثيرة.. لابد أن يفيق الواهمون من فكرة أن الدورى يقام من أجل المنتخب ولخدمة المنتخب.. فهذا خطأ كروى وإعلامى فاضح وفادح.. والحقيقة هى أن هذا الدورى للناس.. من أجلهم وحدهم.. لمداواة جروحهم وتجسيد أفراحهم ومساعدتهم على حمل هموم الأيام ومواجعها ونسيان كل الأحلام التى أبدا لا تتحقق. [email protected]